س 332: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى- ما هي مواقيت الحج المكانية؟
فأجاب فضيلته بقوله: المواقيت المكانية خمسة وهي: ذو الحليفة، والجحفة، ويلملم، وقرن المنازل، وذات عرق، أما ذو الحليفة فهي المكان المسمى الآن بأبيار علي، وهي قريبة من المدينة، وتبعد عن مكة بنحو عشر مراحل، وهي أبعد المواقيت عن مكة، هي لأهل المدينة ولمن مر به من غير أهل المدينة، وأما الجحفة فهي قرية قديمة في طريق أهل الشام إلى مكة وبينها وبين مكة نحو ثلاث مراحل، وقد خربت القرية وصار الناس يحرمون بدلا منها من رابغ، وأما يلملم فهو جبل أو مكان في طريق أهل اليمن إلى مكة، ويسمى اليوم السعدية، وبينه وبين مكة نحو مرحلتين، وأما قرن المنازل فهو جبل في طريق أهل نجد إلى مكة ويسمى الآن السيل الكبير، وبينه وبين مكة نحو مرحلتين، وأما
ذات عرق فهي مكان في طريق أهل العراق إلى مكة وبينه وبين مكة نحو مرحلتين أيضاً.
أما الأربعة الأولى وهي ذو الحليفة والجحفة، ويلملم، وقرن المنازل، فقد وقتها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما ذات عرق فقد وقتها النبي - صلى الله عليه وسلم - كما رواه أهل السنن عن عائشة- رضي الله عنها- (1) وصح عن عمر- رضي الله عنه- أنه وقتها لأهل الكوفة والبصرة
حين جاءوا إليه فقالوا: يا أمير المؤمنين إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت لأهل نجد قرن وإنها جور عن طريقنا. فقال عمر- رضي الله عنه-: انظروا إلى حذوها من طريقكم (1) . وعلى كل حال فإن ثبت ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالأمر ظاهر، وإن لم يثبت فإن ذلك ثبت بسنة عمر- رضي الله عنه- وهو أحد الخلفاء الراشدين المهديين الذين أمرنا باتباعهم، والذي جرت موافقاته لحكم الله عز وجل في عدة مواضع ومنها هذا إذا صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه وقتها، وهو أيضاً مقتضى القياس فإن من أراد الحج أو العمرة إذا مر بميقات لزمه الإحرام منه فإذا حاذاه صار كالمار به، وفي أثر عمر- رضي الله عنه- فائدة عظيمة في وقتنا هذا وأنه إن كان الإنسان قادمًا إلى مكة بالطائرة يريد الحج أو العمرة فإنه يلزمه إذا حاذى الميقات من فوقه أن يحرم منه عند محاذاته، ولا يحل له تأخير الإحرام إلى أن يصل إلى جدة كما يفعل كثير من الناس، فإن المحاذاة لا فرق بين أن تكون في البر، أو في الجو، أو في البحر، ولهذا يحرم أهل البواخر التي تمر من طريق البحر فتحاذي يلملم أو رابغ.