كانوا يقولون :
هو تألق وإبـــــــــداع .......... وانطـــــــلاق في مساحات رحبة ........ في الوجود وفي الخيال....
وهو تميز وذكاء يسبق الكلمات والنظرات.....
وكنت أواسي بهذه الكلمات وحدتي .....
واعزي بها شعور الاختلاف المرير في اعماقي.....
شعور الغربة المؤلم....
برك الماء والضباب وظلال الصبح الرمادي .....وصوت عواء ابن آوى في ليالي الصقيع والبرد.......
احساس بمرارة رحيل الاشياء الجميلة قبل وصولها ............وانزلاقها السريع في قلب الذاكرة.....
قـــالب من ثــلج .............................هي الوحدة..
شعور مؤلم قاتل.........................هو الاختلاف..
جرح يدمي الروح بالأحزان والكآبة............................
يعذبني..................ان اتمنى.................منذ وعيت على الحيــــــــــــــاة.........
أن أحمل ميول الاخرين ورغباتهم ، واحاسيسهم........
وأن اصغي الى تفاهاتهم وحماقاتهم المتنوعة .................
وأن أقلد نظراتهم الفضولية كالكهارب....................
وأن أحمل اهتماماتهم ، وأمنياتهم السخيفة...............
لعل اصطخاب أمواج الأفكار في ذهني ...............يبرأ! ..
لعل نمو الأشواك في ذاكرتي..........................يهدأ! ..
وفي أحيان كثيرة...........................
كنت أقرر ان لاجدوى من الحياة ...........اذا كان الدرب فيها نهرا من الكذب والزيف والخداع .........
نجتازه بقارب من نفاق...............!
كنت أعلن قرفي من الحياة وعبثها................!
ويأسي من الآخرين....... وحقاراتهم الكبيرة والصغيرة.................!
ومللي من نظراتهم التي تزداد تحديقا ..... وضراوة....وهيجانا.....وشررا.....ووعيدا..!
وكنت أقول...................
أنه لا يمكن لعملية ترميم أشلاء الروح ............ ان تنجح كعملية ترميم دمار الابنية.....................!
وقبل أن يسري سم التخلص من الحيـــــــــــــــــــــاة في عروقي.....
كنت أخدر نفسي............................بالكتابة عن أشياء مثالية.....................!!
ترى......................!!
كيف لعقل أن يتمكن من الانتقال بهذه الخفة والرشاقة...؟ من عالم الجنون...الى عالم الحكمة والمثالية....؟!
وكيف له ان يقود تفاصيل هذه الطرق المتناقضة .......بدقة وحكمة......؟!
هل هذا جنون عقل...........................أم هو عقل الجنون..................؟؟
كنت أشعر أن الشعرة التي كانت تتأرجح بين الواقع والخيال......تنقطع شيئا فشيئا......
وأرى بوضوح أنني أركض في دروب الجنون النهائي....وأقطع منه كل يوم .....شوطا كبيرا....
ترى.........................!!
ما الذي كان يفجر جنوني......................!؟
أم تراها .... ألغام أحزاني وكآبتي.....وخيالاتي وأفكاري..... طيلة سنوات عمري ......قد نضجت ؟!
شيء ما.....................................كان يمنع هذا اللغم من الانفجار.....................
شيء ما.....................................في داخلي كان يمنعني من الانتحار.................
ليس الخوف من الموت.......................
فالموت كان بنظري ، الوسيلة الوحيدة لتوقف نمو الأشواك في ذاكرتي.......
وتوقف الانحطاطات النفسية والانهيارات التي تتقاذفني ...............................
أنما شيء آخر كان يوقفني .....................
بذرة خلقت معي........... ولم أكترث لها يوما.........
ولم أمد لها يد الحنان والعناية والسقاية......
لماذا ؟
بسبب انشغالي بالاستياء والقرف من مستنقع الحقائق المروعة ، التي نغوص في قذاراتها.........................!!
قلوب تنزف برذائل الاخلاق......................
فما نرى الا اشباه بشر..... فقدوا بنية الانسانية الاساسية وهي الصدق....
وهم اذ لا يعترفون بالجرائم الكبرى ..........
جريمة قتل الانسانية ................قتل الاخلاق التي تميز الانسان
جريمة دماء الضحايا التي غطت بحر الوجود العربي الملوث بالخزي والعار...ولا زالوا يمارسون باحتراف فن التزلج فوق بحر الدم...!!
جريمة شرف جسد الوطن المستباح ....... والامة المغتصبة...........
الا انهم...... يتخدرون عن هذه الجرائم الكبرى..... باختراع احاديث وفضائح كاذبة يخوضون فيها بأسرار الناس ويلوثون أعراضهم....!
وغير ذلك من الرذائل.................
صوت من أعمق اعماقي يناديني ............... أن تعالي : ليست هذه النهاية..........
ليس هؤلاء هم رموز الايمان والاسلام ، بل هؤلاء هم من يحاولون تزييف حقيقته ، وتزوير مبادئه.
ووعيت ..........
انه وكما أن الأخلاق هي جوهر الإسلام.......
إلا أن أخلاقي ومثالياتي وعملي... إن لم يكن الهدف منها التقرب من الله...............
وان لم تلتزم بأوامر الله...
وان لم تنعكس على الشكل العام ... بالمظهر وعمل الاعضاء والجوارح بالعبادات ..
فلا معنى لها.................
وإن علمي إذا كان بلا إيمان..................فهو كالوعاء بلا غطاء....
سرعان ما ستهاجمه االملوثات وتهلك صاحبه.....
ذاك هو الإسلام ..........
قالب العلم والعمل والسلوك..... قالب الاخلاق والمشاعر والاحاسيس.
وتوصلت الى ..............
ان كل النجاحات التي أحرزتها في حياتي....
لا تساوي شيئا.................الى جانب أكبر انجاز حققته .......
وهو تصحيح هويتي الاسلامية...................
ولو أني أعلم تماما...........................
أنني انما وضعت قدمي على اول الطريق وأنه لا زال أمامي الكثير الكثير.................
ذاك درب الله..................
قد لا أتمكن من التخلص من وحدتي وهمومي ، كآبتي وحزني وعذابي...........
لكنني فهمت ... أنه يوجد ما بعد ذلك.......
يوجد رحمة الله الواسعة........................وعدله المطلق..................
وان هذه الابتلاءات هي ...............دعوة للصبر............فهل بعد ذلك كرامة وعزة ونعمة من الله؟!
وأن التفكير بالتخلص من الحياة..... هو كفر بهذه النعمة ، ويأس من رحمة الله وعدله.
واعطاء حجم للحياة الفانية ............... لا تستحقه...........
وأعود للبداية........................................... ........................
بــــــــلا إيمــــــــــــان...................
ليس هناك شخصا .........
متألقا !
أو مبدعا !
أو مميزا !
بـــــــــــــلا إيمــــــــــــــــان.................
هناك فقط حيوان ........
متألق بجمال شكله !
مبدع بخفة حركته !
متميز بذكاء نظراته !
قال تعالى :
قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا(103)الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا "(104) سورة الكهف