موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

تم غلق التسجيل والمشاركة في منتدى الرقية الشرعية وذلك لاعمال الصيانة والمنتدى حاليا للتصفح فقط

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > منبر السيرة النبوية والأسوة المحمدية

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 25-04-2023, 12:30 AM   #1
معلومات العضو
الماحى3

افتراضي سيرة الصحابي : سيدنا سيرة الصحابي عبد الله بن سلام لفضيلة الأستاذ محمد راتب النابلسي.

الدرس 24\50 سيرة الصحابي : سيدنا سيرة الصحابي عبد الله بن سلام لفضيلة الأستاذ محمد راتب النابلسي.
التاريخ : الاثنين مساءً 22/03/1993
تفريغ : م المهندس عرفان نابلسي .
التدقيق اللغوي : الأستاذ غازي القدسي
التنقيح النهائي : المهندس غسان السراقبي .

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علما ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة الأكارم ؛ مع بداية الدرس الرابع والعشرين من دروس سيرة صحابة رسول الله رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، وصحابي اليوم سيدنا عبد الله بن سلام ، ولهذا الصحابي قصة مؤثرة ، لكن قبل أن نمضي بالحديث عن تفاصيلها لا بد من مقدمة نوضح فيها جوانب هذه الشخصية الفذّة .
مما يطرح في العصور الحديثة أن الإنسان ابن بيئته ، ابن ثقافته ، ابن مورثاته ، ابن عاداته وتقاليده ، وهذا الطرح يصور الإنسان منفعلاً وليس فاعلاً ، فالإنسان مسلمٌ لأنه كان من أبوين مسلمين ، فلو وُلد من أبوين غير مسلمين لما كان مسلماً ، نشأ في بيت فيه علم وصلاح ، وأبوه ربَّاه هكذا ، ولو نشأ في بيت آخر لما كان كذلك هذا الطرح يمهد لإلغاء المسؤولية ، ويقرر أن الإنسان منفعل ، وهو ابن المعطيات الكبرى في حياته .
لذلك هذا الصحابي الجليل سوف يثبت لنا أن الإنسان أكبر من أي شيء حولنا ، أكبر من بيئته ، أكبر من محيطه ، أكبر من وراثته ، وألصق شيء في الإنسان دينه ، وهذا الصحابي كان يهودياً ، ليس مسلماً انتقل من دين إلى دين ، فكل إنسان يرى أنه مستحيل أن ينتقل من دين إلى دين لأنه هكذا نشأ ، لكنْ ليعلمْ أنّ أقرباءه ووراثته ومحيطه والعادات والتقاليد والضغط الاجتماعي ، هذا كله كلام لا قيمة له إطلاقاً في حقل الإيمان .
اسمه الحصين بن سلام ، واسمه له ضبطان ؛ سلاَم أو سلاّم ، وكان حبراً من أحبار اليهود ، أيْ أحد كبار رجال الدين اليهودي ، وكلكم يعلم أن الأحبار والرهبان يأكلون أموال الناس بالباطل ، ويصدون عن سبيل الله ، ويرفضون أي دين آخر لِمَا يتمتعون به ، ومن ميزات كبيرة ، ومن منزلة بين قومهم .
فكان هذا الرجل الحصين بن سلام حبراً من أحبار اليهود في يثرب (في المدينة) ، وكان أهل المدينة على اختلاف مللهم ونحلهم يجلُّونه ويعظِّمونه ، وهذا مصداق قول النبي عليه الصلاة والسلام ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَيَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ *
(متفق عليه)
الناسُ معادن ، ولدينا حلقات دينية كثيرة في البلد ، وفي كل حلقة أناس مستواهم الأخلاقي رفيع ، وأناس مستواهم الأخلاقي وضيع ، ومِن الخطأ أن تعمِّم ، الذهب ذهب في أي مكان ، وغير الذهب ليس ذهباً في أيِّ مكان ، هذا من أحبار اليهود ، ويبدو أنه يتمتع بأخلاق رفيعة ، هي التي حملته على أن يسلم ، فمن الممكن أن تعتقد ، وأنت مصيب في اعتقادك أنّ الإنسان الأخلاقي أخلاقياته لا بد أن تسوقه في النهاية إلى الإيمان ، إن رأيت إنسانًا أخلاقه عالية جداً فتفاءل له بالخير ، أخلاقه الرضية لا بد أن تقوده في وقت ما إلى أن يكون في صف المؤمنين ، هل عندكم برهان قرآني على هذه الفكرة ؟ قال تعالى :

(سورة الأعراف )
الصالح يتولاه الله ، فقد كان الحصين بن سلام معروفاً بين الناس بالتُّقَى والصلاح ، موصوفاً بالاستقامة والصدق ، وكان يحيا حياةً هادئةً وديعة ، ولكنها كانت في الوقت نفسه جادةً نافعة ، فقد قسم وقته أقساماً ثلاثة ؛ شطرًا في الكنيس للوعظ والعبادة ، وشطرًا في بستان له يتعهد نخله بالتشذيب والتأبير ، وشطرًا مع التوراة للتفقه في الدين ، هكذا وصفوه ، وكان كلما قرأ التوراة وقف طويلاً عند الأخبار التي تبشر بظهور نبي في مكة ، يتمم رسالات الأنبياء السابقين ، ويختمها .
الإيمان أيها الإخوة أنْ تأخذ كل ما في القرآن ، أما إذا اخترت ما يعجبك ، وأغفلت ما لا يعجبك فلست مؤمناً ، و ما الذي أهلك اليهود ؟ إنهم اختاروا من توراتهم ما يعجبهم ، والذي لم يعجبهم رفضوه ، فالآيات التي تتحدث عن مجيء نبي في العرب اسمه أحمد ، هذه الآيات أغفلوها ، وأنكروها ، وألغوها إلا ما جاء في بعض الأناجيل ، كما قال تعالى على لسان السيد المسيح عيسى بن مريم :

(سورة الصف )
إذاً المؤمن يأخذ كل ما في القرآن ، أما أن يختار فليس مؤمناً ، هذا له دين خاص ، يختار ما يعجبه من النصوص ليؤكد رأيه ، وأخطر فئة في المجتمع هم أصحاب الرأي ؛ دينهم رأيهم ، أما النصوص فيأخذون منها ما يعجبهم ، ويدعون ما لا يعجبهم ، إذاً هم لم يحتكموا إلى النص ، ولكن تحكَّموا به .
فكان هذا الصحابي الجليل يوم كان حبراً من أحبار اليهود كان يقرأ في التوراة ، ويصدق أن الله سبحانه وتعالى سيبعث نبياً في العرب يتمم الرسالات ، ويختمها ، فكان ينتظر ، فإذا كنت تعبد الله ، واللهُ سبحانه وتعالى أرسل لك رسولاً ، فينبغي أن تتبعه ، أما أن تصرّ على اتِّباع النبي السابق فأنت إذاً لا تعبد الله ، هذا معنى قول الله عز وجل :

(سورة آل عمران )

وقال تعالى :

(سورة آل عمران )
أنت مأمور ، جاءك الأمر باتباع سيدنا عيسى فاتبعته ، جاء أمر آخر باتباع سيدنا محمد، فإذا رفضت هذا الأمر فأنت لست عبداً لله ، بل أنت عبد لنزواتك ، لذلك قال الله عز وجل :

(سورة آل عمران)
إنك رفضت آخر كتاب ، إنسان قيادي يرسل أمرًا إلى موظف عنده ؛ أنْ كن في اليوم الفلاني في المكان الفلاني ، فأخذ هذا الأمر ونفّذه ، ثم جاء أمر آخر فقال له : أنا لا أنفِّذ هذا الأمر الثاني ، فهذا ليس موظفاً مخلصًا ، هذا ليس عبداً لله عز وجل ، فقد تمسك بأمر ورفض أمراً آخر .
سيدنا عبد الله بن سلام كان عبداً لله عز وجل ، نفذ أمر الله كله ، فكان كلما قرأ التوراة وقف طويلاً عند الأخبار التي تبشر بظهور نبي في مكة ، يتمم رسالات الأنبياء السابقين ، ويختمها ، وكان يستقصي أوصاف هذا النبي المرتقب وعلاماته ، ويهتز فرحاً ، لأنه سيهجر بلده الذي بُعِث فيه ، وسيتخذ من يثرب مَهْجراً له ومقاماً .
أنت عبد لله عز وجل أينما كنت ، فإذا أَمَرَكَ فعليك أنْ تنفذ أي أمر جديد ، وعليك أن تدع القديم ، وتأخذ الجديد .
وكان كلما قرأ هذه الأخبار ، أو مرّتْ بخاطره يتمنى على الله أن يفسح له في عمره حتى يشهد ظهور هذا النبي المرتقب ، ويسعد بلقائه ، ويكون أول المؤمنين به .
العجيب أيها الإخوة أن أهل الإيمان متقاربون ، فقد تلتقي بإنسان على مستوى عالٍ من الإيمان ، وببساطة تتعارفان ، وببساطة تأتلفان ، ويحب كل منكما الآخر ، وببساطة تتوافقان في الأفكار ، فما سر هذا ؟ الإيمان يصبغ الناسَ صبغةً واحدة ، فأنت تأنس بمن يشبهك ، تأنس بمن تتوافق معه في أفكاره وفي قيمه وفي منطلقاته .
وقد استجاب الله جل جلاله دعاء الحصين بن سلام ، فنسأ له في أجله ، ومدّ في حياته حتى بُعث نبي الهدى والرحمة ، وكُتِبَ له أن يحظى بلقائه وصحبته ، وأن يؤمن بالحق الذي أنزل عليه ، فلنترك الآن كما هي العادة لعبد الله بن سلام الكلام ليسوق لنا قصة إسلامه ، فهو لها أروى وعلى حسن عرضها أقدر .
قال الحصين بن سلام : لما سمعت بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذت أتحرى عن اسمه وعن نسبه وصفاته وزمانه ومكانه ، وبين ما هو مسطور عندنا في الكتب حتى استيقنت من نبوته ، معنى ذلك بحسب هذا النص أنّ هناك أوصافًا ثانوية كثيرة وردت في التوراة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : حتى استيقنت من نبوته ، لذلك فالعقل مهمته قبل النقل التحقُّقُ من صحة النقل ، ومهمته بعد النقل فهمُ النقل ، أما أن يحلَّ العقلُ محلَّ النقل فهذا انحراف خطير .
قال : إلى أن كان اليوم الذي خرج منه رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قاصداً المدينة ، فلما بلغ يثرب ، ونزل بقباء أقبل رجل علينا ، وجعل ينادي بالناس معلماً قدومه ، وكنت ساعتئذ في رأس نخلة لي أعمل فيها ، وكانت عمتي خالدة بنت الحارث جالسةً تحت الشجرة ، فما إن سمعتُ الخبر حتى هتفتُ : الله أكبر الله أكبر ، وأنا على رأس النخلة ، فقالت لي عمتي حينما سمعت التكبير : خيّبك الله ، واللهِ لو كنت سمعتَ بموسى بن عمران قادماً ما فعلت شيئاً فوق ذلك .
أنت يهودي ، ما هذا التكبير ، فقلت لها : أيْ عمة ، إنه واللهِ أخو موسى بن عمران ، وعلى دينه ، وقد بُعث بما بُعث به ، الرسالات واحدة ، والمشكاة واحدة ، والنور واحد ، والمصدر واحد ، والهدف واحد ، قال تعالى :

(سورة البقرة )
هذا هو الإيمان ، فسكتت ، وقالت : أهو النبي الذي كنتم تخبروننا أنه يبعث مصدقاً لما قبله، ومتمماً لرسالات ربه ؟ فقلت : نعم ، قالت : فذلك إذاً ، ثم مضيت من توِّي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرأيت الناس يزدحمون على بابه ، فزاحمتهم حتى صرت قريباً منه ، فكان أول ما سمعته وهو قول : أيها الناس أفشوا السلام ، سلم وأنت على الهاتف ، وفي الطريق ، فقد كان الرجلانِ من أصحاب النبي إذا فرقت بينهما نخلة فحين يلتقيان يقول أحدهما : السلام عليكم ، هذا شيء جميل جداً ، أفشوا السلام ، شيء جميل ، دخلت البيت : السلام عليكم ، عود أولادك الصغار ، روى لي أحد إخواننا الخطباء قصةَ فتاةٍ صغيرة ، عمرها أربع سنين ، وضعها في دار حضانة ، فمرة استيقظوا متأخرين ، فهيأ لها شطيرة لتأكلها في الطريق ، فقالت له : يا أبت قال عليه الصلاة والسلام : الأكل في الطريق دناءة .
فخجل أبوها منها ، الطفل إذا تعلم العلم فهذا شيء جميل جداً ، وهو في صحائف والديه، وشيء رائع جداً ، فعلِّمْ ابنك السلام حتى وهو على الهاتف ، وإذا دخل إلى البيت ، أو التقى معك، أو مع والدته ، وإن التقى بصديقه فليقلْ : السلام عليكم .
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ : لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ وَقِيلَ : قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ، ثَلَاثًا فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ ، فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ ، فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصِلُوا الْأَرْحَامَ وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ *
(رواه الترمذي)
هذا أول حديث سمعه عبد الله بن سلام من رسول الله ، قال فجعلت أتفرس فيه و أتملى منه، فأيقنت أن وجهه ليس بوجه كذاب ، و من تكريم الله لك يا أخي أنه زودك بحاسة سادسة ، تشعر أن هذا صادق ، وتشعر أن ذاك كذاب ، مخادع .
رجل أحب أن يذهب إلى الحج ، ومعه مبلغ ضخم ، فأراد أن يودعه أمانة عند رجل صالح، فدخل إلى المسجد ، فرأى شخصًا صلاته فيها خشوع ، وتفرس فيه خيراً ، فقال له : أحببت أن أضع عندك بعض مالي ، فقال له : أنا صائم أيضاً ، فقال له : صيامك لم يعجبني.
قال : فجعلت أتفرس فيه ، وأتملى منه ، فأيقنت أن وجهه ليس بوجه كذاب ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ ثُمَّ قَرَأَ ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) *
(رواه الترمذي)
ويقال : إن سيدنا عثمان ، وهو على المنبر دخل رجل بعد أن جلس فترة طويلة ، قال : أيدخل أحدكم وأثر الزنا بين عينيه ، فقالوا : أَوَحْيٌ بعد رسول الله قال : لا ، ولكنها فراسة صادقة .
ثم دنوت منه وشهدت أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، فالتفت النبي عليه الصلاة والسلام وقال : ما اسمك فقلت : الحصين بن سلام ، فقال عليه الصلاة والسلام : بل عبد الله بن سلام ، ومِن الناس مَن اسمه حرب ، وذاك اسمه عدوان ، آخر جعيفص ... فغيِّروا الأسماء ، إنْ كانت تعيب صاحبها ، فلا مانع ، إذا كنت معلمًا ، أو كنت مدير مؤسسة، أو عندك موظف اسمه يثير الضحك فغيِّر له اسمه ، ولا مانع من تغييره ، بل هو من السنة .
قال رسول الله : من أنت قال : أنا زيد الخيل ، فقال له : بل زيد الخير ، غيَّر له اسمه، فمن عادة النبي صلى الله عليه وسلم أنه يغيِّر أسماء أصحابه إن لم ترق له ، ومن السنة أيضاً أن تنادي أخاك بأحب الأسماء إليه ؛ محمد عربش ، فقل له : السيد محمد ؛ لا تقل : عربش ؛ قل له: محمد ، وهذا أجمل ، فنادِ إخوانك وأحبابك بأحب الأسماء إليهم ، هناك أسماء غير مقبولة ، فاختر له اسمه الأول أو الثاني ، مثلاً : "عدوان كامل" ، قل له : السيد كامل ، واترك (عدوان) ، وخذ الكنية ؛ اسمه سعيد سَرْكَنْهَا ، خذ سعيد فهو أجمل وأعذب ، واترك الباقي .
فالنبي كان ينادي أصحابه بأحب الأسماء إليهم ، وإذا كان في الاسم مشكلة غيَّره ، فقد يكون بين أطفال المدارس مَن له اسم يثير بعض السخرية ، فالمعلمون المؤمنون يغيِّرون هذا الاسم طوال العام الدراسي ، لكن في دفاتر التفقدات ، ويوم الامتحانات ، وفي الشهادة يكتب الاسم الحقيقي ، فأنت تريحه وتهدِّئه ، وسمعت أنّ من حق الإنسان في النظام المدني أن يغيِّر اسمه .
قال : ما اسمك قال : الحصين بن سلام قال له : بل عبد الله بن سلام ، قلت : نعم ، عبد الله بن سلام ، والذي بعثك بالحق ما أحبُّ أن لي اسماً آخر بعد اليوم ، المؤمن مطواع ، ثم انصرفت من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيتي ، ودعوت زوجتي وأولادي إلى الإسلام فأسلموا جميعاً ، وأسلمتْ معهم عمتي خالدة ، وكانت شيخةً كبيرة ، ثم إني قلت لهم : اكتموا إسلامي وإسلامكم عن اليهود حتى آذن لكم ، فقد رسم خطة ، فقالوا : نعم ، ثم رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقلت له : يا رسول الله إن اليهود قوم بُهْتان وباطل ، فهو يعرفهم ، وإني أحب أن تدعو وجوههم إليك ، وأن تسترني عندك في حجرة من حجراتك ، ثم تسألهم عن منزلتي عندهم قبل أن يعلموا بإسلامي ، ثم تدعوهم إلى الإسلام ، أيضاً هو عاقل ، أن تدعو وجوههم إليك ، وأن تسترني عندك في حجرة من حجراتك ، ثم تسألهم عن منزلتي عندهم قبل أن يعلموا بإسلامي، ثم تدعوهم إلى الإسلام .
قال : فإنهم إنْ علموا أنني أسلمت عابوني ، ورموني بكل ناقصة ، وبهتوني ، يعني هو خابزهم وعاجنهم ، ويعرفهم ، فأدخلني النبي عليه الصلاة والسلام في بعض حجراته ، ثم دعاهم إليه ، وأخذ يحضُّهم على الإسلام ، ويحبب إليهم الإيمان ، ويذكرهم بما عرفوه في كتبهم من أمره ، فجعلوا يجادلونه بالباطل ، ويمارونه بالحق ، وأنا أسمع ، فلما يئس من إيمانهم قال لهم : ما منزلة الحصين بن سلام فيكم ؟ قالوا : الحصين سيدنا وابن سيدنا ، وحبرنا وابن حبرنا ، وعالمنا وابن عالمنا ، فقال عليه الصلاة السلام : أرأيتم إن أسلم ، أفتسلمون ؟ قالوا : حاشا لله ، ما كان له أن يسلم ، أعاذه الله من أن يسلم ، قال : فخرجت إليهم ، وقلت لهم : يا معشر اليهود اتقوا الله ، واقبلوا ما جاءكم به محمد ، فوالله إنكم لتعلمون أنه لرسول الله ، وتجدونه مكتوبًا عندكم في التوراة باسمه وصفته ، وإني أشهد إنه لرسول الله ، وقد آمنت به وصدقته ، وأنا أعرفه ، فبهتوا وقالوا : كذبت ، والله إنك لشرُّنا وابن شرنا ، وجاهلنا وابن جاهلنا ، ولم يتركوا عيباً إلا عابوني به ، ليسوا أهل إنصاف ، ومعظم الناس الآن كذلك ، ليس لديهم إنصاف ، ويظن أحدهم أنك على سجيته ، وعلى مذهبه، وعلى خطته في الحياة ، أكل المال الحرام ، والاختلاط، ويثني على ذكائك ، وفصاحتك ، وأنك حكيم ، وما شاء الله ، فلما امتنعتَ أن تصافح زوجته ، وامتنعتَ أن تأكل المال الحرام يقول عنكَ : هذا مجنون ، قبل قليل كان ذكياً حصيفاً ولبقاً ومهذباً وحكيماً ، فلما عرف أنك متمسك بدينك اتهمك بالجنون ، وهذه القصة تعاد دائماً .
فقالوا لابن سلام : كذبت والله ، إنك لشرنا وابن شرنا ، وجاهلنا وابن جاهلنا ، ولم يتركوا عيباً إلا عابوني به ، فقلت للنبي عليه الصلاة والسلام : ألم أقل لك يا رسول الله إن اليهود قوم بهتان وباطل ، وإنهم أهل غدر وفجور ، معنى هذا أنه يعرفهم ، و يعرف خبث نفوسهم .
وقد روى البخاري قصته العجيبة هذه عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ بَلَغَهُ مَقْدَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَأَتَاهُ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ فَقَالَ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَمَا بَالُ الْوَلَدِ يَنْزِعُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي بِهِ جِبْرِيلُ آنِفًا قَالَ ابْنُ سَلَامٍ ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ قَالَ أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُهُمْ مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ الْحُوتِ وَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ نَزَعَتْ الْوَلَدَ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي فَجَاءَتْ الْيَهُودُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فِيكُمْ قَالُوا خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا وَأَفْضَلُنَا وَابْنُ أَفْضَلِنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ قَالُوا أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَأَعَادَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالُوا شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا وَتَنَقَّصُوهُ قَالَ هَذَا كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ*
(رواه البخاري)
أقبل عبد الله بن سلام على الإسلام إقبال الظامئ الذي شاقه المورد ، وأولع بالقرآن ، فكان لسانه لا يفتأ رطباً بآياته البينات ، وتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى غدا ألزم له من ظله ، ونذر نفسه للعمل للجنة حتى بشَّره بها النبي صلى الله عليه وسلم بشارة ذاعت بين الصحابة وشاعت .
وليس من السهل أن تنتقل من دين إلى دين ، لكن الإسلام أقوى من كل شيء ، والإيمان أقوى من كل شيء ، والإنسان ليس منفعلاً ، بل فاعلاً ، ليس ابن بيئته ، ولا ابن وراثته ، ليس ابن أبويه ، ولا ابن محيطه ، ولا ابن معطياته ، ولكنَّه ابن نفسه ، وابن قناعته ، قال تعالى :

(سورة لقمان )

(سورة المائدة )
وكان لهذه البشارة قصة رواها قيس بن عبادة وغيره قال الراوي : كنت جالساً في حلقة من حلقات العلم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة ، وبالمناسبة يقولون : محلّق ، فما معنى محلق ؟ صوابها الحلْقة ، ويقال : الحلَقة ، قال لي أحدهم : هذا المحلق الجنوبي خط ممتاز ، قلت له : إنْ حلقت في الجو فأنت المحلق ، قال : المحلق الجنوبي ، هذا غلط ، لأنّه حلّق يحلِّق يعني هذا أنه طريق جوي ، لكن الصواب المتحلق الجنوبي ، فهناك دقة في اللغة .
وكان في الحلقة شيخ تأنس به النفس ، ويستروح به القلب ، فجعل يحدث الناس حديثاً حلواً مؤثراً ، فلما قام قال القوم : من سرَّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا، قلت من هذا ؟ فقالوا : عبد الله بن سلام فقلت في نفسي : والله لأتبعنه ، فتبعته ، فانطلق حتى كاد أن يخرج من المدينة ، ثم دخل منزله ، فاستأذنت عليه فأذن لي ، قال : ما حاجتك يا بن أخي ؟ قلت: سمعت القوم يقولون عنك لما خرجت من المسجد : من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا ، فمضيت في إثرك لأقف على خبرك ، ولأعلم كيف عرف الناس أنك من أهل الجنة ؟
قلت هاته ، وجزاك الله خيراً ، قال : بينما أنا نائم ذات ليلة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني رجل فقال لي : قم ، فقمت ، فأخذ بيدي فإذا أنا بطريق عن شمالي ، فهممت أن أسلك فيها - الطريق يُؤنّث ويُذكّر ، فلك أن تقول : هذا الطريق ، وهذه الطريق ، وهذا الحال ، وهذه الحال - فإذا أنا بطريق عن شمالي فهممتُ أن أسلك فيها ، فقال لي : دعها فإنها ليس لك ، فنظرت فإذا أنا بطريق واضحة عن يميني ، فقال لي : اسلك هذه ، المؤمن مسدد ، والدليل القرآني قال :

(سورة الكهف )
الهدى الأول : الهدى العام ، هدى الحواس ، والقدرات التي أودعها الله بالإنسان .
الهدى الثاني : هدى الوحي .
الهدى الثالث : هدى التوفيق .
الهدى الرابع : الدخول إلى الجنة .

(سورة محمد )
عَنْ قَيْسِ ابْنِ عُبَادٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى وَجْهِهِ أَثَرُ الْخُشُوعِ فَقَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزَ فِيهِمَا ثُمَّ خَرَجَ وَتَبِعْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّكَ حِينَ دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ قَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ وَاللَّهِ مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ وَسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَاكَ رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ وَرَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ ذَكَرَ مِنْ سَعَتِهَا وَخُضْرَتِهَا وَسْطَهَا عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ أَسْفَلُهُ فِي الْأَرْضِ وَأَعْلَاهُ فِي السَّمَاءِ فِي أَعْلَاهُ عُرْوَةٌ فَقِيلَ لِي ارْقَ قُلْتُ لَا أَسْتَطِيعُ فَأَتَانِي مِنْصَفٌ فَرَفَعَ ثِيَابِي مِنْ خَلْفِي فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَاهَا فَأَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ فَقِيلَ لَهُ اسْتَمْسِكْ فَاسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تِلْكَ الرَّوْضَةُ الْإِسْلَامُ وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الْإِسْلَامِ وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى فَأَنْتَ عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوتَ وَذَاكَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ *
(متفق عليه)
قال : اسلكها ، فسلكتها ، حتى أتيت روضة غناء واسعة الأرجاء ، كثيرة الخضرة ، رائعة النضرة ، وفي وسطها عمود من حديد ، أصله في الأرض ، ونهايته في السماء ، وفي أعلاه حلقة من ذهب، فقال لي : ارقَ عليَّ ، قلت : لا أستطيع ، فجاءني وصيف فرفعني ، فرقيت حتى صرت في أعلى العمود ، وأخذت بالحلقة بيدي كلتيهما ، وبقيت متعلقًا بها حتى أصبحت ، فلما كانت الغداة أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقصصت عليه رؤياي .
إنّ الإنسان إذا اقترب من الله سبحانه وتعالى قرباً شديداً يريه رؤيا مثل فلق الصبح ، وأعرف رجلاً دعا ربه دعاءً من كل قلبه ، وبإخلاص شديد ، وحضور قلب ، أن يرزقه زوجة صالحة ، فأقسم بالله أنه رأى في المنام أن اذهبْ إلى المكان الفلاني ، والشارع الفلاني، والحارة الفلانية ، والبناء الفلاني ، والطابق الفلاني ، والبيت الفلاني ، في المنام ، فدل أمه على هذا البيت، فذهبت وخطبت له فتاة صالحةً هي الآن زوجته .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ *
(متفق عليه)
وبقيت متعلقًا بها حتى أصبحت ، فلما كانت الغداة أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقصصت عليه رؤياي فقال : أما الطريق التي رأيتها عن شمالك فهي طريق أصحاب الشمال ، أهل النار ، وأما الطريق التي رأيتها عن يمينك فهي طريق أصحاب اليمين ، من أهل الجنة ، وأما الروضة التي شاقتك بخضرتها ونضرتها فهي الإسلام ، وأما العمود الذي في وسطها فهو عمود الدين ، وأما الحلقة التي في آخره فهي العروة الوثقى ، ولا تزال مستمسكًا بها حتى تموت قال تعالى :

(سورة البقرة )
موضوع الإيمان أكبر بكثير من أن يهتز ، ترى في بعض المركبات التي لها مقطورة وقاطرة عروةً ، وهناك معامل متخصصة في صنعها ، لأنها تجر ثلاثون طنًا ، من سبائك معينةئ ، ومن خلائط معينة موصولة بـ (شاسيه) السيارة ، ولو أنها تفلتت لحدثت كارثة كبيرة جداً ، فهي عروة متينة حقًّا ، قال تعالى :

(سورة البقرة )
المؤمن ارتباطه بالدين ارتباط مصيري ، ولا شيء في الأرض يزعزعه ، ولا شيء يثنيه عن خط سيره ، والنبي عليه الصلاة والسلام قال : والله يا عمّ لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه.
فهذه القصة تروي كيف كان هذا الصحابي الجليل ؟ كان يهودياً ، وكان حبراً من أحبار اليهود ، وكيف أن انتقال الإنسان من دين إلى دين شيء صعب جداً ، وسوف يلاقي عِداءً وحقداً ، وربما قتالاً ، ومع ذلك فإيمانه كان أكبر ، والهدى الذي عرفه كان أقوى من كل معطيات البيئة ، فهذا الذي يزعم أن بيئته صعبة ، وهو ناشئ في بيئة معينة ، وظروفه صعبة وقاسية ، وأهله فيهم شدّة وغلظة ، هذا الكلام مرفوض تماماً ، والإنسان إذا عرف الله عز وجل حقًّا يهون أمام هذه المعرفة كلُّ شيء ، وأمام طاعة الله لا يعبأ بشيء ، وإليكم هذا الدليل ، قال تعالى :

(سورة طه )
كانوا موعودين ، وكانوا بمناصب رفيعة جداً ، قال تعالى :

(سورة الأعراف )
وعندما آمنوا قالوا له :

(سورة طه )
فهذا الصحابي الجليل حجة على كل من يزعم أن بيئته صعبة ، ويقول : معطياتي صعبة ، ونشأت في بيئة معينة ، وأنا على دين كذا ، فهذا مرفوض .
وأنا أعرف رجلاً ترك طريق الدين وانحرف ، لأن مصلحته فيها معصية ، فآثر مهنته ومصلحته على دينه ، ولو أنه غيرها لرزقه الله من فوقه ومن تحت رجليه ، ولكنَّه ما عرف الله عز وجل في حياته فهوى .
الحمد لله رب العالمين
الكتاب: سيرة خمسين صحابي
المؤلف: الدكتور محمد راتب النابسلي
المصدر: الشاملة الذهبية

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 10:51 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com