بسم الله الرحمن الرحيم
تعريف العين
لغة
عان فلاناً يعينه إذا أصابه بعينه، فهو معين، ومعيون؛ ورجل عائن، ومعيان، وعيون.
اصطلاحاً
نظر باستحسان، مشوب بحسد، من خبيث الطبع، يحصل للمنظور منه ضرر.1
تأثير العائن على المعيون
ما من شيء يحدث في هذا الكون إلا بإرادة الله وتدبيره، ولحكمة يعلمها هو، ولهذا لا يستطيع أحد أن يؤثر أويتصرف في أحد، لا عائناً، ولا حاسداً، ولا ساحراً، ونحوهم، إلا إذا أراد الله ذلك: "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون"2، وقال صلى الله عليه وسلم: "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفت الصحف" الحديث.3
حقيقة وكيفية تأثير العائن على المعيون من الكيفيات التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، وعلينا أن نؤمن ونقر بآثار ذلك، وإن لم ندر كيفية حدوث ذلك، تصديقاً لما صح عن الشارع الحكيم: "العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين".
سبب وجهة تأثير العين
ذهب الناس في سبب تأثير العين على المعيون مذاهب، هي:
1. يحدث ذلك بعد إرادة الله نتيجة لانبعاث قوة سمية من عين العائن ذي النفس الخبيثة تتصل بالمعين فتضره.
2. يحدث ذلك نتيجة انبعاث جواهر لطيفة من عين العائن تتصل بالمعين وتتخلل مسام جسمه فيتأذى من ذلك.
3. يحدث ضرر العائن على المعين بقدرة الله من غير سبب ولا تأثير، وهذا مذهب منكري الأسباب غير المرئية والمحسوسة، وهذا مذهب مرجوح.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: (والتأثير غير موقوف على الاتصالات الجسمية كما يظن من قلَّ علمه ومعرفته بالطبيعة والشريعة، بل التأثير يكون تارة بالاتصال، وتارة بالمقابلة، وتارة بالرؤية، وتارة بتوجه الروح نحو من يؤثر فيه، وتارة بالأدعية والرقي والتعوذات، وتارة بالوهم والتخيل.
ونفس العين لا يتوقف تأثيرها على الرؤية، بل قد يكون أعمى فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه فيه، وإن لم يره، وكثير من العائنين يؤثر في المعين بالوصف من غير رؤية، وقد قال تعالى لنبيه: "وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر" ، وقال: "قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد".
وقال: أبطلت طائفة ممن قل نصيبهم من السمع والعقل أمر العين، وقالوا: إنما ذلك أوهام لا حقيقة لها، وهؤلاء من أجهل الناس بالسمع والعقل، ومن أغلظهم حجاباً، وأكثفهم طباعاً، وأبعدهم من معرفة الأرواح والنفوس وصفاتها، وأفعالها، وتأثيراتها.
وعقلاء الأمم على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع أمر العين ولا تنكره، وإن اختلفوا في سببه).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (وقد أشكل ذلك على بعض الناس، فقال: كيف تعمل العين من بُعد حتى يحصل الضرر على المعيون؟ والجواب أن طبائع الناس تختلف، فقد يكون ذلك من سم يصل من عين العائن في الهواء إلى بدن المعيون، وقد نقل عن بعض من كان معنياً أنه قال: إذا رأيتُ شيئاً يعجبني وجدتُ حرارة تخرج من عيني، ويقرب ذلك بالمرأة الحائض تضع يدها في إناء اللبن فيفسد، ولو وضعتها بعد طهرها لم يفسد، وكذا تدخل البستان فتضر بكثير من الغروس من غير أن تمسها يدها، ومن ذلك أن الصحيح قد ينظر إلى العين الرمداء فيرمد، ويتثاءب واحد بحضرته فيتثاءب هو، أشار إلى ذلك ابن بطال، وقال الخطابي: في الحديث أن للعين تأثيراً في النفوس، وإبطال قول الطبائعيين أنه لا شيء إلا ما تدرك الحواس الخمس، وما عدا ذلك لا حقيقة له، وقال المازري: زعم بعض الطبائعيين أن العائن ينبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعين فيهلك، أويفسد، وهو كإصابة السم من نظر الأفعى، وأشار إلى منع الحصر في ذلك مع تجويزه، وأن الذي يتمشى على طريقة أهل السنة أن العين إنما تضر عند نظر العائن بعادة أجراها الله تعالى أن يحدث الضرر عن مقابلة شخص لآخر، وهل ثم جواهر خفية أولا؟ هو أمر محتمل لا يقطع بإثباته ولا نفيه).9
كل عائن حاسد وليس كل حاسد عائناًليس كل وصَّاف عائناً، لكن الوصف الذي قد يضر ويؤثر في النفوس والأبدان وغيرها هو الوصف الصادر من نفس خبيثة وقلب حسود حقود، ولهذا قالوا: كل عائن حاسد، وليس كل حاسد عائناً؛ فالحسد أعم من العين والنظرة، ولهذا أمرنا بالاستعاذة من شر حاسد إذا حسد لأنها شاملة ومتضمنة للاستعاذة من العين.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: (وتأثير الحاسد في أذى المحسود أمر لا ينكره إلا من هو خارج عن حقيقة الإنسانية، وهو أصل الإصابة بالعين، فإن النفس الخبيثة الحاسدة تتكيف بكيفية خبيثة، وتقابل المحسود، فتأثر بتلك الخاصية، وأشبه الأشياء بهذا الأفعى، فإن السم كامن فيها بالقوة، فإذا قابلت عدوها انبعث منها قوة غضبية، وتكيفت نفسُها بكيفية خبيثة مؤذية، فمنها ما تشتد كيفيتتها، وتقوى حتى تؤثر في إسقاط الجنين، ومنها ما يؤثر في طمس البصر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الأبتر وذي الطُّفَيَّتين10 من الحيات: "إنهما يلتمسان البصر، ويسقطان الحَبَل"، ومنها ما تؤثر في الإنسان كيفيتها بمجرد الرؤية، من غير اتصال به، لشدة خبث تلك النفس وكيفيتها الخبيثة المؤثرة.
إلى أن قال:
فكل عائن حاسد، وليس كل حاسد عائناً، فلما كان الحاسد أعم من العائن، كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن، وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين، تصيبه تارة وتخطئه تارة).
الأدلة على تأثير العين على المعيونالأدلة النقلية من الكتاب والسنة على تأثير العين بعد إرادة الله على المعيون، وعلى التوقي والاسترقاء منها ما يأتي:
من القرآن
1. قوله تعالى: " قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد" ، حيث أمر الله بالاستعاذة من شر الحاسد والعائن.
2. قوله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام موصياً بنيه: "وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلتُ وعليه فليتوكل المتوكلون".
قال القرطبي رحمه الله في تفسيرها: (لما عزموا على الخروج خشي عليهم العين، فأمرهم ألا يدخلوا مصر من باب، وكانت مصر لها أربعة أبواب، وإنما خاف عليهم العين لكونهم أحد عشر رجلاً لرجل واحد، وكانوا أهل جمال وبسطة، قاله ابن عباس، والضحاك، وقتادة، وغيرهم).14
3. وقوله: "ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله".
قال أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من رأى شيئاً فأعجبه فقال ما شاء الله لا قوة إلا بالله، لم يضرَّه عين".
وقال القرطبي: (وروي أن من قال أربعاً أمِن من أربع: من قال هذه أمِن العين؛ وقال أشهب: قال مالك: ينبغي لكل من دخل منزله أن يقول هذا؛ وقال ابن وهب: قال لي حفص بن ميسرة: رأيتُ على باب وهب بن منبه مكتوباً: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله").17
4. وقوله: "وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون".
قال القرطبي في تفسيرها: (أخبر بشدة عداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وأرادوا أن يصيبوه بالعين، فنظر إليه قوم من قريش وقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حجته، وقيل: كانت العين في بني أسد حتى إن البقرة السمينة أوالناقة السمينة تمر بأحدهم فيعاينها، ثم يقول: يا جارية خذي المكتل والدرهم فأتينا بلحم هذه الناقة؛ فما تبرح حتى تقع للموت فتنحر، وقال الكلبي: كان رجل من العرب يمكث لا يأكل شيئاً يومين أوثلاثة، ثم يرفع جانب الخباء، فتمر به الإبل أوالغنم، فيقول: لم أر كاليوم إبلاً ولا غنماً أحسن من هذه! فما تذهب إلا قليلاً حتى تسقط منها طائفة هالكة، فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالعين فأجابهم، فلما مر النبي صلى الله عليه وسلم أنشد:
قد كان قومك يحسبونك سيداً وإخـال إنك سيـد معيون
فعصم الله النبي صلى الله عليه وسلم، ونزلت: "وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك"، وذكر نحوه الماوردي، وأن العرب كانت إذا أراد أحدهم أن يصيب أحداً ـ يعني في نفسه وماله ـ تجوع ثلاثة أيام، ثم يتعرض لنفسه وماله فيقول: تالله ما رأيت أقوى منه ولا أشجع ولا أكثرمنه ولا أحسن، فيصيبه بعينه، فيهلك هو وماله، فأنزل الله تعالى هذه الآية).
من السنة
الأدلة من السنة على حقيقة العين وتأثيرها وكيفية التوقي والاسترقاء منها كثيرة جداً، نذكر منها ما يأتي:
1. قوله صلى الله عليه وسلم: "العين حق".
2. وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا اسْتُغسِلتم فاغسلوا".
3. وعن جابر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالأنفس".
4. عن عائشة رضي الله عنها قالت: "أمرني النبي صلى الله عليه وسلم ـ أوأمر ـ أن يسترقى من العين".
5. وعن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة، فقال: "استرقوا لها فإن بها النظرة، والنظرة هي العين، وقيل هي المس من الشيطان.
6. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان إذا اشتكى رسول الله صلى رقاه جبريل، قال: "باسم الله يبريك، ومن كل داء يشفيك، ومن شر حاسد إذا حسد وشر كل ذي عين".
7. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية من العين، والحُمَة، والنملة".26
8. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت عميس: "مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة ، تصيبهم الحاجة؟ قالت: لا، ولكن العين تسرع إليهم؛ قال: ارقيهم".
9. وعن أبي أمامة سهل بن حُنيف قال: "رأى عامر بن ربيعة سهل بن حُنيف يغتسل، فقال: والله ما رأيتُ كاليوم ولا جلد مخبأةٍ عذراء؛ قال: فلبط سهل، فأتى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عامراً، فتغيظ عليه، وقال: علام يقتل أحدُكم أخاه؟ ألا برَّكتَ، اغتسل له؛ فغسل له عامر وجهه، ويديه، ومرفقيه، وركبتيه، وأطراف رجليه، وداخلة إزاره في قدح، ثم صبّ عليه، فراح مع الناس".
10. وروي عن الحسن مرفوعاً: "إن العين لتدخل الرجل القبر، والجمل القدر".
11. وعن أبي سعيـد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الجان، ومن عين الإنسان".
العين عينان 1. عين إنسية.
2. وعين جنية، وهي التي يعبَّر عنها بالنظرة.
ولهذا أمرنا بالتعوذ من شياطين الإنس والجن.
والدليل على العين الجنية ما صحَّ عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة، فقال: "استرقوا لها، فإن بها النظرة".
قال ابن القيم: (قال الحسين بن مسعود الفراء: وقوله "سفعة" أي نظرة، يعني من الجن، يقول بها عين أصابتها من نظر الجن، أنفذ من أسنة الرِّماح).32
صنفا العائن
العائنون صنفان:
1. عائن بإرادته.
2. وعائن بطبعه من غير إرادة، وهذا أخسّ وأردأ من الصنف الأول، وهو الذي يمكن أن يعين نفسه، أوولده، أوأهله، أوماله، من غير إرادة منه، نتيجة لما غرز في قلبه من الحسد.
العين تسرع إلى الأطفال ولبعض الناس أكثر من غيرهم
الدليل على أن العين تسرع إلى الأطفال وإلى بعض الناس الحسان دون بعض قول أسماء بنت عميس رضي الله عنها عن أبناء جعفر رضي الله عنه عندما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة؟ أتصيبهم الحاجة؟"، قالت: "لا، ولكن تسرع إليهم العين"، وإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لها بقوله: "ارقيهم".
قال القرطبي: (ويقال إن العين أسرع إلى الصغار منها إلى الكبار، والله أعلم).33
التحرز من أضرار العين
كما علمنا فإن العين حق، ولو كان شيء يسبق القدر لسبقته العين، كما أخبر الصادق المصدوق، وأن العين لها آثار جانبية وأضرار بليغة على الأنفس والأموال، كل ذلك يحدث بقضاء الله وقدره وتدبيره، لحكمة يعلمها هو، وقد أمرنا الشارع الحكيم بالتحرز منها، وبالأخذ بالأسباب التي يمكن أن تكفَّ شرَّ العائن بإذن الله.
هذه التحرزات والتحفظات منها ما يتعلق بالعائن ومنها ما يتعلق بالمعيون.
أ. ما يتعلق بالعائن
لقد أمر رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم العائنين خاصة وجميع المسلمين بالتبريك إذا رأوا شيئاً أعجبهم، سواء كان هذا الشيء لهم أو لغيرهم من إخوانهم المسلمين، وسواء الذين عرفوا بالعين والذين لم يعرفوا بها، وسواء كان المرئي المُعْجِب نَفْساً أومالاً، فما هو التبريك؟ وما حكمه؟
كيفية التبريك
لقد وردت صيغ عدة للتبريك، وهي:
1. تبارك الله أحسن الخالقين، اللهم بارك فيه.
2. ما شاء الله، لا قوة إلا بالله.
3. بارك الله فيه.
4. اللهم بارك عليه.
حكم التبريك
التبريك واجب، خاصة لمن عرف بالعين واشتهر بها.
دليل التبريك
قوله صلى الله عليه وسلم لعامر بن ربيعة رضي الله عنه عندما عان سهل بن حنيف رضي الله عنه: "علام يقتل أحدُكم أخاه؟ ألا بركتَ" الحديث.
أقوال العلماء في ذلك
قال القرطبي رحمه الله: (واجب على كل مسلم أعجبه شيء أن يبرِّك، فإنه إذا دعا بالبركة صُرف المحذور لا محالة، ألا ترى قوله عليه السلام: "ألا بركتَ"، فدل على أن العين لا تضر ولا تعدو إذا برَّك العائن، وأنها تعدو إذا لم يبرِّك، والتبريك أن يقول: تبارك الله أحسن الخالقين، اللهم بارك فيه).34
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: (وإذا كان العائن يخشى ضرر عينه، وإصابتها للمعين، فليدفع شرها بقوله: اللهم بارك عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعامر بن ربيعة لما عان سهل بن حُنيف: "ألا بركت؟"، أي قلت: اللهم بارك عليه.
ومما يدفع إصابة العين قول "ما شاء الله لا قوة إلا بالله"، روى هشام بن عروة عن أبيه أنه كان إذا رأى شيئاً يعجبه أودخل حائطاً من حيطانه قال: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله").36
ب. ما يتعلق بالمعيون أو من يخشى عليه العينأما التحرز والتحفظ من ضرر العين من الجانب الآخر، وهو جانب المعيون أومن يخشى عليهم من العين بصفة خاصة، وغيرهم بصفة عامة، لأن كل ذي نعمة محسود، فيكون بالآتي:
1. المحافظة على أذكار الصباح والمساء
ونعني بذلك الأذكار والأوراد السنية التي أثرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليست الأوراد التي ألفها بعض المشايخ وألزم بها مريديهم.
2. الإكثار من قراءة فاتحة الكتاب، وآية الكرسي، والمعوذتين
3. التعاويذ النبوية، خاصة:
"أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق".
و"أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة".
و"أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن برٌّ ولا فاجر، من شر ما خلق، وذرأ، وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل والنهار، إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن".
و"أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه، وعقابه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون".قال العلامة ابن القيم بعد أن ذكر عدداً من التعاويذ النبوية: (ومن جرَّب هذه الدعوات والعُوذ، عرف مقدار منفعتها، وشدة الحاجة إليها، وهي تمنع وصول أثر العائن وتدفعه بعد وصوله، بحسب قوة إيمان قائلها، وقوة نفسه واستعداده، وقوة توكله وثبات قلبه، فإنها سلاح والسلاح بضاربه).37
4. عدم التعري والتكشفيجب على المسلم أن يستـر جسمه وأن يحـرص على عدم التكشف والتعري أمام الآخرين، فسهل بن حُنيف رضي الله عنه لولا أنه نزع جبة كانت عليه، وعامر بن ربيعة ينظر، وكان سهل رجلاً أبيض حسن الجلد، فقال عامر: "ما رأيتُ كاليوم ولا جلد عذراء"، ما تمكن عامر من النظر إلى محاسنه ومن ثم إصابته بعينه، فالسبب الرئيس في ذلك تكشف سهل أمامه.
وكذلك عندما ركب سعد بن وقاص يوماً فانكشف بطنه، فنظرت إليه امرأة فقالت: إن أميركم هذا ليعلم أنه أهضم الكشحين؛ فرجع إلى منزله فسقط.
ومن المؤسف حقاً تفشي العري والتفسخ والتزيي بالأزياء الضيقة والقصيرة والواصفة التي تصف العورة وتكشف المحاسن، سيما لدى النساء والبنين والبنات، فعلى هؤلاء أن يتقين الله في أنفسهن، وفي أولادهن، وليعلمن أن في ذلك ضرر بليغ في الدين والبدن، فإن كن لا يخفن الله فعليهن أن يتقين عين العائنين وحسد الحاسدين.
فلا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسمح لزوجه ولبناته ولمن يعول، سواء كن بلغن أوتحت البلوغ أن يخرجن غير متسترات متحجبات، وإلا فليعلم أنه ديوث يقرُّ الفاحشة في أهله، وقد حرمَّ الله الجنة على الديوث، وهؤلاء عليهن أن يبشرن إن لم يرجعن بأنهن من عمَّار نار جهنم بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما"، وذكر من هذين الصنفين: "نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات.." إلخ.
واعلمي أختي المسلمة أنه لا يحل لك أن تخرجي من بيتك إلا لحاجة ماسة، ولا تخرجي إلا وأنت متحجبة تفلة، غير متطيبة ولا متزينة، واعلمي أن خروجك من بيتك بما يعرف بـ"الإسكيرت والبلوزة" لا يحل لك، لأنه كاشف لعورتك واصف لها، وهو زينة في نفسه.
أما الأطفال والصغار فمسؤوليتهم على أوليائهم، وعليهم أن لا يتركوا اختيار ملابسهم للنساء، وعليهم أن يتولوا ذلك بأنفسهم، وليتذكروا قول الناصح الأمين: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، سواء كانت هذه الولاية خاصة أوعامة.
اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد.
فستر البدن عند الاستحمام، وعند قضاء الحاجة، وعند ممارسة الألعاب الرياضية واجب، وعورة الرجل من السرة إلى الركبة، والمرأة كلها عورة بما في ذلك الوجه واليدان.
وقد أخبرني من أثق به أن رجلاً كان جالساً لقضاء حاجته، فرأى رجل عائن طرفاً من إليته ـ وهو في هذا الوضع ـ فشبه هذا الطرف بجزء من أجزاء الساقية حسب بيئته، فلم يتحرك هذا الرجل من مكانه إلا بعد أن لدغته عقرب، فانتبهوا يا أولي الأبصار، واحذروا العري والتكشف ولو كنتم خالين بأنفسكم، فكيف بين الناس؟ فالوقاية خير من العلاج.
5. ستر محاسن من يخاف عليه العينمن وسائل التحرز التي أمر بها الشارع لرد كيد العائنين ودفع ضررهم ستر محاسن من يخشى عليه من العين، سواء كان صغيراً أم كبيراً، فالعين تسرع إلى الحسان أكثر من غيرهم، وإلى الصغار أكثر منها إلى الكبار.
ذكر الإمام البغوي في شرح السنة له: (عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه رأى صبياً مليحاً، فقال: دسِّموا نونته.
فقال أبو عمر: سألتُ أحمد بن يحيى عنه، فقال: أراد بالنونة النُّقرَة التي في ذقنه، والتدسيم التسويد، أراد سوِّدوا ذلك الموضع من ذقنه ليرد العين).
وكان المقنع الكندي واسمه محمد بن عمير بن أبي شمر الكندي من أجمل أهل زمانه، وأحسنهم وجهاً، وأتمهم قامة، فكان إذا كشف وجهه يُؤذى، فكان يتقنع دهره، فسمي لذلك بالمقنع).39
6. عدم تجمع الإخوة والأبناء والأهل في مكان واحد ملفت للنظر
من التحوطات التي تدفع ضرر العين عدم تجمع الأبناء أو الإخوان إذا كانوا جماعة في مكان واحد، وعدم خروجهم ودخولهم مجتمعين، صرفاً لأذى العائنين، ولهذا وصى يعقوب نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله أبناءه ـ وكانوا ذوي حسن وعدد ـ بعدم دخول مصر من باب واحد، وكان لها أربعة أبواب، فأمرهم أن يدخلوا متفرقين على أبوابها الأربعة، حيث قال: "يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء" الآية.
قال ابن القيم: (ومن علاج ذلك ـ دفع ضرر العين ـ أيضاً والاحتراز منه: ستر محاسن من يخاف عليه من العين بما يردها عنه).41
وقال ابن مفلح رحمه الله: (وليحترز الحَسَن من العين والحسد بتوحيش حسنه).42
وفي الجملة على جميع الخلق الاحتراز من العين، سيما الأطفال، وحسان الخلقة، والعرسان، والمرأة في حال الوضوع، والأولاد والبنات عند الختان، وعند شهود الاحتفالات الجامعة.
منقول / موقع اسلام أدفايس