ابتلاع الزجاج هل هو سحر .. أم كرامة !!
المفتي الشيخ / عيسى بن علي أبو العيد
رقم الفتوى 22968
تاريخ الفتوى 30/10/1428 هـ -- 2007-11-11
تصنيف الفتوى العقيدة-> فرق ومذاهب وأديان-> كتاب فرق منتسبة-> باب طائفة الصوفية
السؤال ما هي حقيقة الأعمال التي يقوم بها بعض الصوفية مثل ابتلاع الزجاج، وابتلاع النار وإدخال سكين في البطن وما يلي ذلك؟ هل هذا سحر أم تعامل مع الجن أم ماذا ؟
جزاكم الله خيرا .
الجواب الحمد لله. أما بعد :
فقد سئل علماء اللجنة الدائمة السؤال التالي :
كثر في زمننا هذا أصحاب الطرق الصوفية ، وهم يقومون بأعمال مشكوك فيها، منها الضرب بالشيش، أكل الزجاج، الضرب بالخنجر، ما حكم الشرع في هذه الأعمال حيث إنهم يدعون بأنهم أولياء لله ويعدون هذه الأعمال كرامات؟
فأجابوا بما نصه :
هذه الأعمال شعوذة أو سحر وتلبيس على الناس، وهي محرمة، فيجب على ولاة الأمور من العلماء والحكام إنكارها والقضاء عليها، وليست تلك الظواهر الغريبة من الكرامات التي يظهرها الله تعالى على يد أوليائه المؤمنين تكريما لهم ولا علامة على صلاح من ظهرت على يده؛ لأن أولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى المعروفون بطاعة الله ورسوله، كما قال الله سبحانه: ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) . وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
فتاوى اللجنة الدائمة (الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 642)
وسئلوا أيضا السؤال التالي :
عندنا طريقة الدراويش ويوجد معهم رجل من أقربائنا شرب شربة ماء من السيد صاحب الطريقة وهو رجل أمي وليس لديه خفة ولا معرفة ليتسنى له إظهار الدجل والشعوذة أمام الناس ومع هذا يضرب بطنه بكل آلة جارحة من خنجر وسيف وخشبة وطلقة رصاص.. إلخ. علما بأنه لا يتمسك بالإسلام ولا يؤدي الفرائض التي فرضها ربنا سبحانه وتعالى من صلاة وصوم وغيرها. ونرجو تفضلكم ببيان رأي الإسلام في ذلك، وما هو السر في الضرب؟ نرجو الجواب كتابة لوجوده في بلادنا وبلاد عربية وإسلامية أخرى.
فأجابوا :
ختم الله الرسل بمحمد صلى الله عليه وسلم بالنص والإجماع؛ لقوله تعالى: ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) وتواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينة أنه خاتم النبيين، وأجمع المسلمون على ذلك. والأولياء قسمان: أولياء الرحمن، وأولياء الشيطان
وقد بين الله سبحانه وتعالى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن لله أولياء من الناس وللشياطين أولياء ففرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، فقال تعالى: ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ سورة يونس * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) وقال تعالى: ( اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)
وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يقول الله: من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة -أو- فقد آذنته بالحرب) الحديث، فبين النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه من عادى أولياء الله فقد بارز الله بالمحاربة، وذكر الله سبحانه أولياء الشيطان، فقال تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) وقال تعالى: ( وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا )
وقال تعالى: ( إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا) إلى قوله تعالى: ( إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) وقال تعالى: ( وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) وقال الخليل عليه السلام: ( يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا) وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) الآيات، إلى قوله: ( إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
وثبت في الصحيحين عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول جهارا من غير سر: (إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء - يعني: طائفة من أقاربه - إنما وليي الله وصالح المؤمنين) .
فالفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان: أن أولياء الرحمن:
هم المؤمنون المتقون، كما قال تعالى: ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) وأولياء الشيطان: هم المعادون لله التاركون للعمل بشرعه.
وأفضل أولياء الله هم رسله، والله جل وعلا يجعل على يد رسله المعجزات والكرامات أو يجعل على يد أوليائه الكرامات، وما يقع على يد أولياء الشيطان فهو من الأحوال الشيطانية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وإن كان اسم المعجزة يعم كل خارق للعادة في اللغة، وعرف الأئمة المتقدمين كالإمام أحمد بن حنبل وغيره، ويسمونها: الآيات، لكن كثيرا من المتأخرين يفرق في اللفظ بينهما فيجعل المعجزة للنبي والكرامة للولي، وجماعهما الأمر الخارق للعادة). انتهى.
إذا علم هذا فالشخص المذكور هو من أولياء الشيطان والأعمال المذكورة من الأحوال الشيطانية ومن الخداع والتلبيس على أعين الناس ولا شيء في الحقيقة وإنما هو التلبيس على أعين الناس بواسطة الشياطين. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم. فتاوى اللجنة الدائمة (الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 637) . والله تعالى أعلم
وهذا رابط الفتوى :
http://www.islamlight.net/index.php?...=1401&id=22968
أخوكم المحب لكم : المشفق