الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،
تبين معنا في موضوع سابق في الحديث عن ( حد الساحر ) أن الراجح من أقوال أهل العلم هو قتله وإراحة الناس من شره ، لأنه قد جمع أطراف الشر كلها فقد جمع بين الكفر والإفساد في الأرض ، فكيف إن كان الأمر قد تعدى ذلك إلى قتل نفس مؤمنة بغير حق ، والحق تبارك وتعالى يقول في محكم كتابه : ( أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ) ( سورة المائدة – الآية 32 ) فعليه لا بد من تطبيق الحد الشرعي على الساحر إن ثبت تعاطيه بأعمال السحر والشعوذة والكهانة ، سواء قتل أو لم يقتل لأن ذلك هو القصاص العادل في حقه 0
قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( وإذا قتل بسحره رجلا فإنه يقتل قصاصا إذا كان سحره من الأقسام غير المكفرة ، وأما إذا كان من الأقسام المكفرة فقد تقدم أنه يقتل ردة ) ( فتح الباري - 10 / 224 )
ذكر في الموسوعة الفقهية : ( ذهب الجمهور خلافا للحنفية إلى أن القتل بالسحر يمكن أن يكون عمدا ، وفيه القصاص 0 ويثبت ذلك عند المالكية بالبينة أو الإقرار 0
وذهب الشافعية إلى أن الساحر إن قتل بسحره من هو مكافئ له ففيه القصاص إن تعمد قتله به ، وذلك بأن يثبت ذلك بإقرار الساحر به حقيقة أو حكما ، كقوله : قتلته بسحري ، أو قوله : قتلته بنوع كذا ، ويشهد عدلان يعرفان ذلك ، وقد كانا تابا ، بأن ذلك النوع يقتل غالبا ) ( الموسوعة الفقهية – 24 / 268 ) 0
قال القرطبي : ( وقال ابن المنذر : فإن كان أحدث في المسحور جناية توجب القصاص اقتص منه إن كان عمد ذلك ، وإن كان مما لا قصاص فيه ففيه دية ذلك ) ( الجامع لأحكام القرآن – 2 / 34 ) 0
سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن حكم الساحر الذي سحر إنساناً فقتله أو أضر به ؟؟؟
فأجاب – حفظه الله - : ( لا شك أن عمل السحر محرم ، وأن الساحر يقتل إذا تعلم السحر أو عمل به ، وإن لم يقتل به أحد ، لتعاطيه ما هو كفر وشرك ، وقد ورد في الحديث عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه قال : قال رسول الله : " 000 ومن سحر فقد أشرك " ( ضعيف الجامع 5702 ) رواه النسائي وحسنه ابن مفلح ، والمشرك حده القتل كالمرتد ، ولا يستتاب ، فإذا قتل بسحره إنساناً معصوماً تعين قتله بعمل السحر ، لحديث " حد الساحر ضربة بالسيف " ( ضعيف الجامع 2698 ) ولقتله الإنسان المعصوم ، وقتله قول الأئمة الثلاث لأول مرة ، وقال أبو حنيفة : لا يقتل حتى يتكرر منه ذلك أو يقر بذلك في حق شخص معين ؛ وإذا قتل فإنه يقتل حداً لحديث جندب " حد الساحر ضربة بالسيف " ، وقال الشافعي : يقتل والحالة هذه قصاص ، وحيث حكم بكفره فإنه يعامل ككافر ؛ فلا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ، ولا يدفن مع المسلمين ولا يرثه أقاربه المسلمون ، وقبل ذلك يفرق بينه وبين امرأته المسلمة ، وقبل موته لا يعاد إذا مرض ، ولا يسعى في علاجه ، ويعامل معاملة الكفار ، فلا يبدأ بالسلام ولا يحترم ولا يصدّر في المجلس ولا يكرم إن نزل ضيفاً ، ويلزم إشهاره والتحذير من مجالسته والأخذ عنه والسعي في رفع أمره إلى ولاة الأمور لإقامة الحد عليه ، فإن بقاءه وتمكينه ليسعى في الأرض فسادا فيه مضرة على المسلمين ، والله أعلم ) ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة ) 0
هذا ما تيسر بخصوص هذه المسألة سائلاً المولى عز وجل أن يقينا شر السحر والسحرة والمشعوذين ، وأن يحفظنا بحفظه ، وأن يرعانا برعابته ، وأن يخلص لنا القول والعمل ، مع تمنياتي للجميع بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0