فالله سبحانه وتعالى لا يُحاط به، فالله أعظم من كل شيء سبحانه وتعالى (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً) [طه: 110] ، فالله سبحانه يُعلم ولكن لا يُحاط به، فالله أعظم من كل شيء، فلا يتخيله الفكر، ولا يجوز لإنسان أن يقول في الله إلا ما قاله سبحانه عن نفسه، أو قاله عنه رسوله عليه الصلاة والسلام.
هذه مثل العبارة التي مضت، ولا شيء مثله، والأنام معناه: الخلق، فالله سبحانه وتعالى منزه عن مشابهة الخلق: (ليس كمثله شيءٌ وهو السميع البصير) [الشورى: 11] ، (ولم يكن له كفواً أحداً) [الإخلاص: 4] فهو سبحانه منزه عن مشابهة خلقه، وإن كان له أسماء وصفات تشترك مع أسماء وصفات الخلق في اللفظ والمعنى، لكن في الحقيقة والكيفية لا تشابه بينهما.
حياته كاملة لا يعتريها نقص ولا نوم (الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم) [البقرة: 255] ، (وتوكل على الحي الذي لا يموت) [الفرقان: 58] فنفي عن نفسه السِّنة، وهي النوم الخفيف والنوم
المستغرق (1) ، ونفى عن نفسه الموت لكمال حياته سبحانه (2) . والنوم والنعاس والموت نقص في الحياة، وهذه من صفة المخلوق، وحياة المخلوق ناقصة فهو ينام ويموت.
فالنوم كمال في حق المخلوق، نقص في حق الخالق؛ لأن المخلوق الذي لا ينام معتل الصحة، فهذا يدل على الفرق بين صفات الخالق وصفات المخلوق، والحي والقيوم: هاتان الصفتان مأخوذتان من قوله تعالى: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) الحي الذي له الحياة الكاملة، والقيوم صيغة مبالغة.
القيوم هو: القائم بنفسه والمقيم لغيره، القائم بنفسه فلا يحتاج إلى شيء، وغني عن كل شيء، المقيم لغيره، كل شيء فقير إليه يحتاج إلى إقامته له سبحانه وتعالى، فلولا إقامة الله للسموات
والأرض والمخلوقات لتدمرت وفنيت، ولكن الله يقيمها ويحفظها ويمدها بما يصلحها