83ج : وردت ألفاظ الأذان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاث كيفيات.
الأولى: خمس عشرة جملة (تربيع التكبير، وتثنية بقية الألفاظ، ما عدا كلمة التوحيد الأخيرة فإنها). منفردة):
ودليل هذه الكيفية : حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس ليضرب به للناس في الجمع للصلاة أطاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسًا في يده فقلت له: يا عبد الله أتبيع الناقوس فقال: وما تصنع به؟ قال: قلت: ندعو به للصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ قلت: بلى، قال: تقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدًا رسول الله أشهد أن محمدًا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. قال: ثم استأخر غير بعيد، قال: ثم تقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. فلما أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت، فقال: إن هذا رؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألقِ عليه ما رأيت فليؤذن به، فإنه أندى صوتًا منك. فقمت مع بلال فجعلت ألقنه عنه ويؤذن به، قال: فسمع بذلك عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وهو في بيته فخرج يجر رداءه يقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل الذي أُرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلله الحمد.
وبهذه الكيفية أخذ أبو حنيفة وأحمد في المشهور عنه.
الثانية: تسع عشرة جملة (كالسابقة مع زيادة الترجيع في الشهادتين.
والمراد بالترجيع : هو أن يخفض صوته بالشهادتين مع إسماعه الحاضرين ثم يعود فيرفع صوته بهما.
ودليل هـــــذه الكيفيــــة : حديث أبي محذورة أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان: (الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدًا رسول الله أشهد أن محمدًا رسول الله) ثم قال: (ارجع فامدد من صوتك) ثم قال: (قل: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدًا رسول الله أشهد أن محمدًا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ...) الحديث.
وفي رواية عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّمه الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة.
وبهذه الكيفية أخذ الشافعي.
وبهذه الكيفية أخذ الشافعي.
الثالثة: سبع عشرة جملة (كالسابقة لكن بتثنية التكبير في أوله لا تربيعه.
وهي رواية أخرى لحديث أبي محذورة السابق.
«أن نبي الله علمه هذا الأذان: الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدًا رسول الله أشهد أن محمدًا رسول الله، ثم يعود فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدًا رسول الله أشهد أن محمدًا رسول الله حي على الصلاة مرتين حي على الفلاح مرتين الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله) . لكن هذه الرواية معلولة لا تصح، إنما الصحيح تربيع التكبير كما تقدم.
وبهذه الكيفية أخذ مالك وصَاحَبا أبي حنيفة.
وقد رجَّح بعض العلماء تربيع التكبير (الكيفية الثالثة) في حديث أبي محذورة بأنها زيادة مقبولة لعدم منافاتها وصحة مخرجها، ولموافقتها لرواية «علمَّه الأذان تسع عشرة كلمة.
ثم رجَّحوها على الكيفية الأولى (التي ليس فيها الترجيع) بأن حديث أبي محذورة سنة ثمان من الهجرة بعد حنين، وحديث ابن زيد في أول الأمر، وبأن عمل أهل مكة والمدينة على الترجيع.
بينما ذهب آخرون إلى أن هذه الكيفيات كلها مباحة يخيَّر بين فعل أيٍّ منها، وهو قول أحمد (وإن اختار الأولى) وإسحاق، وبه قال شيخ الإسلام ابن تيمية ، ولعلَّه أولى من الترجيح لأن القاعدة أن العبادات الواردة على وجوه متنوعة فالأولى فعلها على هذه الوجوه. والله أعلم.