،،،،،،
بارك الله فيكم أخي الحبيب ( سليمان ) ، أما القول بأن ذلك بدعة فهو مجانب للصواب ، وقد اختلف العلماء في المسألة فالبعض أجاز والعض لم يجز ، وقد أفردت بحثاً مطولاً حول حكم القراءة على الماء والزيت ونحوه في كتابي الموسوم ( فتح الحق المبيبن في أحكام رقى الصرع والسحر والعين ) والذي يترجح لي في المسألة الجواز وأنا أفعل ذلك في طريقة علاجي ، عموماً قلت في البحث :
وكيفية ذلك أنه يؤتى بماء في إناء ونحوه ثم يقرأ عليه بالرقية المشروعة وينفث أو يتفل فيه ، أو أن يقرأ بالرقية الشرعية ثم ينفث أو يتفل في الماء ، وقد أفاد العلماء الأجلاء بمشروعية ذلك ، حيث قالوا :
قال محمد بن مفلح : ( وقال صالح بن الإمام أحمد : ربما اعتللت فيأخذ أبي قدحا فيه ماء فيقرأ عليه ويقول لي : اشرب منه ، واغسل وجهك ويديك 0
ونقل عبدالله أنه رأى أباه يعوذ في الماء ويقرأ عليه ويشربه ، ويصب على نفسه منه 0
قال عبدالله : ورأيته قد أخذ قصعة النبي صلى الله عليه وسلم فغسلها في جب الماء ثم شرب فيها 0 ورأيته غير مرة يشرب ماء زمزم ، فيستشفي به ويمسح به يديه ووجهه 0
وقال يوسف بن موسى : أن أبا عبدالله كان يؤتى بالكوز ونحن بالمسجد فيقرأ عليه ويعوذ ) ( الآداب الشرعية – 2 / 441 ) 0
سئل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - عن النفث في الماء فأجاب : ( لا بأس بذلك فهو جائز ، بل قد صرح العلماء باستحبابه 0
وبيان حكم هذه المسألة مدلول عليه بالنصوص النبوية ، وكلام محققي الأئمة ) ( مجموع فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - 1 / 92 - جزء من فتوى صادرة عن مكتبه برقم ( 12 ) في 5 / 9 / 1374 هـ ) 0
وقد أفاد سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله - بفتوى تجيز القراءة على الماء والشرب منه ، والفتوى مدونه في كتابي الموسوم ( الأصول الندية في علاقة الطب بمعالجي الصرع والسحر والعين بالرقية ) تحت عنوان ( الاستحمام بالماء المقروء ) 0
يقول فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله - : ( وكذا كنت أقرأ في بعض الماء وأنفث فيه مع القراءة فيشربه المريض ويجد له أثراً بيناً والله أعلم ) ( فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع والسحر والعين ) 0
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن حكم النفث في الماء ؟؟؟
فأجاب – حفظه الله - : ( النفث في الماء على قسمين :
القسم الأول : أن يراد بهذا النفث التبرك بريق النافث فهذا لا شك أنه حرام ونوع من الشرك ، لأن ريق الإنسان ليس سببا للبركة والشفاء ولا أحد يتبرك بآثاره إلا محمد صلى الله عليه وسلم أما غيره فلا يتبرك بآثاره ، فالنبي صلى الله عليه وسلم يتبرك بآثاره في حياته ، وكذلك بعد مماته إذا بقيت تلك الآثار كما كان عند أم سلمة – رضي الله عنها – جلجل من فضة فيه شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم يستشفى بها المرضى ، فإذا جاء مريض صبت على هذه الشعرات ماء ثم حركته ثم اعطته الماء ، لكن غير النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز لأحد أن يتبرك بريقه ، أو بعرقه ، أو بثوبه ، أو بغير ذلك ، بل هذا حرام ونوع من الشرك ، فإذا كان النفث في الماء من أجل التبرك بريق النافث فإنه حرام ونوع من الشرك ، وذلك لأن كل ما أثبت لشيء سببا غير شرعي ولا حسي فإنه قد أتى نوعا من الشرك ، لأنه جعل نفسه مسببا مع الله وثبوت الأسباب لمسبباتها إنما يتلقى من قبل الشرع فلذلك كل من تمسك بسبب لم يجعله الله سببا لا حسا ولا شرعا فإنه قد أتى نوعا من الشرك 0
القسم الثاني : أن ينفث الإنسان بريق تلا فيه القرآن الكريم مثل أن يقرأ الفاتحة ، والفاتحة رقية ، وهي من أعظم ما يرقى به المريض ، فيقرأ الفاتحة وينفث في الماء فإن هذا لا بأس به ، وقد فعله بعض السلف ، وهو مجرب ونافع بإذن الله ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينفث في يديه عند نومه بقل هو الله أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس فيمسح بهما وجهه وما استطاع من جسده صلوات الله وسلامه عليه ، والله الموفق ) ( مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين – 1 / 70 – 71 – برقم 35 ) 0
يقول فضيلة الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - : ( الأولى أن يقرأ المسلم على أخيه بأن ينفث على جسمه بعدما يقرأ الآيات أو على موضع الألم منه وهذه هي الرقية الشرعية وإن قرأ له في ماء وشربه فكذلك أيضا ) ( المنتقى – 1 / 72 – برقم 131 ) 0
وقال - حفظه الله - : ( رقية المريض بالقرآن الكريم إذا كانت على الطريقة الواردة بأن يقرأ وينفث على المريض أو على موضع الألم أو في ماء يشربه المريض فهذا العمل جائز ومشروع ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رقى ورقي وأمر بالرقية وأجازها ) ( المنتقى – 2 / 141 ) 0
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ : ( المقصود أن إيصال الرقية والقراءة بالنفخ " النفس " أو النفخ في الماء ثم يسقاه المريض أو يصب عليه فهذا لا بأس به لفعل السلف له ولا ينكر لأنه له أصل في السنة 0
ولكن كلما كانت الرقية مباشرة بدون وسائط كثيرة كلما كانت أفضل لهذا قال الجد الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – ورفع درجته في الجنة : كلما قرب الوقت كان أنفع وكلما كانت الوسائط أقل كان أنفع ) ( مجلة الدعوة – صفحة 22 – العدد 1683 من ذي القعدة 1419 هـ ) 0
وقد ذكرت نحو من ذلك في كتابي الموسوم ( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) قلت فيه :
يقوم المعالِج بعد ذلك بالنفث أو التفل في الماء والزيت ، ولا بأس أن يقوم بالنفث أو التفل في العسل والحبة السوداء ، ويجوز ذلك في سائر الطعام والشراب والدواء ونحوه ، لمباشرة الرقية الشرعية له والانتفاع به بإذن الله سبحانه وتعالى ، كما بين ذلك بعض أهل العلم - حفظهم الله - والله تعالى أعلم 0
قال فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله - : ( وهكذا القراءة في زيت أو دهن أو طعام ثم شربه أو الادهان به أو الاغتسال به فإن ذلك كله استعمال لهذه القراءة المباحة التي هي كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ) ( الفتاوى الذهبية – جزء من فتوى – ص 40 ) 0
وكذلك يجوز قراءة أكثر من معالج في الماء والزيت ونحوه 0
كما أشار لذلك فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين حيث قال : ( لا مانع من قراءة آيات وأدعية في ماء كماء زمزم ، أو في زيت الزيتون ، ثم يدهن به المريض ، ولا مانع من قراءة أكثر من قارئ في تلك القارورة ) ( اللؤلؤ المكين من فتاوى ابن جبرين – ص 16 ، 17 ) 0
هذا ما تيسر لي أخي الحبيب ( سليمان ) بخصوص هذه المسألة ، زادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0