إن برَّ الوالدين – بعد توفيق الله – سر الفلاح في الحياة، والنجاة من كثير من الكروب، به تسعد النفوس، وتنشرح الصدور، ويرى البار بوالديه السعادة بأم عينيه، بركة في صحته وماله وذريته .
أرعِ لهذا الحديث سمعك، والتفت إليه بقلبك، وتأمل فيها صنائع البر والمعروف، وكيف كان جناها :
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «بينما ثلاثة نفر يتمشون أخذهم المطر، فأووا إلى غار في جبل، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل، فانطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض : انظروا أعمالاً عملتموها صالحة لله فادعوا الله تعالى بها لعل الله يفرجها عنكم، فقال أحدهم : اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران وامرأتي ولي صبية صغار أرعى عليهم، فإذا أرحت عليهم حلبت، فبدأت بوالدي فسقيتهما قبل بني، وأنه نأى بي ذات يوم الشجر، فلم آت حتى أمسيت فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب، فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أسقي الصبية قبلهما، والصبية يتضاغون عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة نرى منها السماء , ففرَّجَ اللهُ منها فرجةً فرأوا منها السماء». [رواه مسلم]، وهكذا صار كل واحد من الثلاثة يدعو الله بعمل صالح تقرب به إلى الله حتى فرج الله عنهم كربهم وخرجوا من هذا الغار .