ما حكم إرضاع الرجل البالغ ؟؟؟
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، ثم أما بعد ،،،
لقد كثر في الآونة الأخيرة إثارة الشبهات حول هذا الدين وأهله من قبل بعض الحاقدين والحاسدين كالنصارى والرافضة ونحوهم ، وآخر ما أثير من شبهات في ساحات وغرف الإنترنت مسألة ( إرضاع الرجل البالغ ) ، ورأيت لزاماً أن أبين الحق في هذه المسألة ، كي يعلم كافة القراء الأعزاء أن عقول هؤلاء هي المختلة ، وأن الدين هو دين الله سبحانه وتعالى وهو محفوظ إلى أن يرفع من الصدور ، والذي دفعني للكتابة في هذا الموضوع هو سؤال من أحد الإخوة حيث اتصل بي على هاتفي النقال يبين تلك الشبهة وما يدور في الساحات والمنتديات من قبل النصارى والرافضة الحاقدين الحاسدين على هذا الدين وأهله 0
وأبدأ بعرض للأحاديث الخاصة بذلك :
الحديث الأول : عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها - قَالَتْ : جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ وَهُوَ حَلِيفُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرْضِعِيهِ ، قَالَتْ : وَكَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ ، زَادَ عَمْرٌو فِي حَدِيثِهِ وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ( صحيح مسلم – كتاب الرضاع – رضاع البالغ – 26 / 1453 ) 0
الحديث الثاني : عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها - أَنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ مَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِمْ فَأَتَتْ تَعْنِي ابْنَةَ سُهَيْلٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنَّ سَالِمًا قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا وَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا وَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ وَيَذْهَبِ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ ، فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ : إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُهُ فَذَهَبَ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ ) ( صحيح مسلم – كتاب الرضاع – رضاع البالغ – 27 / 1453 ) 0
الحديث الثالث : عن عَائِشَةَ – رضي الله عنها - أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ سَالِمًا لِسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ مَعَنَا فِي بَيْتِنَا وَقَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ وَعَلِمَ مَا يَعْلَمُ الرِّجَالُ ، قَالَ : أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ ، قَالَ فَمَكَثْتُ سَنَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا لَا أُحَدِّثُ بِهِ وَهِبْتُهُ ثُمَّ لَقِيتُ الْقَاسِمَ فَقُلْتُ لَهُ لَقَدْ حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا مَا حَدَّثْتُهُ بَعْدُ قَالَ فَمَا هُوَ فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ فَحَدِّثْهُ عَنِّي أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْنِيهِ ) ( صحيح مسلم – كتاب الرضاع – رضاع البالغ – 28 / 1453 ) 0
الحديث الرابع : عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ – رضي الله عنهما - قَالَتْ : قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ : إِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْكِ الْغُلَامُ الْأَيْفَعُ الَّذِي مَا أُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : أَمَا لَكِ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْوَةٌ قَالَتْ : إِنَّ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ سَالِمًا يَدْخُلُ عَلَيَّ وَهُوَ رَجُلٌ وَفِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ شَيْءٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضِعِيهِ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْكِ ) ( صحيح مسلم – كتاب الرضاع – رضاع البالغ – 29 / 1453 ) 0
تلك بعض نقولات الإمام مسلم عن عائشة وأم سلمة – رضي الله عنهما – بخصوص هذه المسألة وأنقل الرد والإجابة على هذه الشبهة على النحو التالي :
1)- ذكر مسلم ( سهلة بنت سهيل ) امرأة أبي حذيفة وإرضاعها سالماً وهو رجل ، اختلف فيها أهل العلم ، فقالت عائشة وداود : ( تثبت حرمة الرضاع برضاع البالغ كما تثبت برضاع الطفل لهذا الحديث ) ، وقال سائر العلماء من الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار إلى الآن : ( لا يثبت إلا بإرضاع من له دون سنتين ، إلا أبا حنيفة فقال : سنتين ونصف ، وقال زفر : ثلاث سنين ، وعن مالك رواية سنتين وأيام ، واحتج الجمهور بقوله تعالى : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) ( سورة – الآية ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 10 ، 11 ، 12 / 26 ) 0
والصحيح أن يؤخذ بنص الآية الكريمة دون الحديث لاعتبارات سوف تذكر لاحقاً 0
2)- الحديث الذي ذكره مسلم إنما هو الرضاعة من المجاعة ( صحيح مسلم بشرح النووي – 10 ، 11 ، 12 / 26 ) ، لما ثبت من حديث عَائِشَةُ – رضي الله عنها - دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي رَجُلٌ قَاعِدٌ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ قَالَتْ فَقَالَ انْظُرْنَ إِخْوَتَكُنَّ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ ) ( صحيح مسلم – كتاب الرضاع – رضاع البالغ – 32 / 1453 ) 0
3)- وقد حمل الجمهور حديث سهلة على أنه مختص بها وبسالم ، وقد روى مسلم عن أم سلمة وسائر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهن خالفن عائشة في هذا والله أعلم ( صحيح مسلم بشرح النووي – 10 ، 11 ، 12 / 26 ) ، وخصوصية ذلك ما ثبت من حديث أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ أَنَّ أُمَّهُ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّهَا أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ تَقُولُ : أَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ أَحَدًا بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ ، وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ : وَاللَّهِ مَا نَرَى هَذَا إِلَّا رُخْصَةً أَرْخَصَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَالِمٍ خَاصَّةً فَمَا هُوَ بِدَاخِلٍ عَلَيْنَا أَحَدٌ بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ وَلَا رَائِينَا ) ( صحيح مسلم – كتاب الرضاع – رضاع البالغ – 31 / 1453 ) 0
4)- قال بعض أهل العلم في قوله : " أرضعيه " لعلها حلبته ثم شربه من غير أن يمس ثديها ولا التقت بشرتاهما ، وهو الذي قاله القاضي حسن ويحتمل أنه عفى عن مسه للحاجة كما خصّ بالرضاعة مع الكبر والله أعلم ( صحيح مسلم بشرح النووي – 10 ، 11 ، 12 / 26 ) 0
ولو ثبت هذا الأمر فعلاً وكانت الرضاعة بالمعهود ، فهذا خاص بهذه الحالة ( سهلة وسالم ) كم ذكر آنفاً ، ولا يجوز مطلقاً الاعتراض على حكم الله ورسوله ، فالله سبحانه وتعالى ورسوله أعلم بهذه الحادثة والحكمة من ذلك ، يقول تعالى في محكم كتابه : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً ) ( سورة الأحزاب - الآية 36 ) 0
ولا بد أن يعلم الرافضة الحاقدين أن علماء السنة والجماعة يتحرون صحة النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك من خلال دراسة الرجال والحكم على الحديث سنداً ومتناً ، ولذلك كان علم دراسة الرجال ، وقُننت السنوة النبيوية المطهرة وقيض الله سبحانه وتعالى رجال أعلام ميزوا بين صحيح الحديث من ضعيفه وموضوعه ، لا كما يفعل هؤلاء الجهلة فلا رجال ولا متن ولا سند ، إنما جعفر الصادق ، والعباس ، ووالله الذي لا إله إلا هو إنهم منهم لبراء 0
وخلاصة بحث هذه المسألة من الناحية الشرعية أن العلماء من الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار إلى الآن أنه لا يثبت الرضاع إلا بإرضاع من له دون سنتين ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " أرضعيه " فهذا له وجهان : الوجه الأول أن هذا الأمر خاص بسهلة وسالم مولى حذيفة ، أما الوجه الآخر فلا يعني ذلك مطلقاً أن ترضعه بالصفة المعهودة ، إنما المقصود أن تحلبه ثم يشربه من غير أن يمس ثديها ولا التقت بشرتاهما ، وهو الذي قاله القاضي حسن ، أما قول أنه يحتمل أنه عفى عن مسه للحاجة كما خصّ بالرضاعة مع الكبر فهو قول مرجوح ، والله أعلم 0
وتحت هذا العنوان لا بد من إيضاح مسألة مهمة جداً تتعلق بإيضاح منهج البحث العلمي الواجب اتباعه في الرد على تلك الشبهات التي تثار من قبل الحاقدين الحاسدين على هذا الدين وأهله ، وألخصها بالنقاط الهامة التالية :
أولاُ : لا بد من العودة إلى الكتاب والسنة ومعرفة أقوال الصحابة والتابعين وسلف الأمة والوقوف على رأيهم في تلك المسائل 0
ثانياً : البحث في القول الراجح لجماهير أهل العلم والوقوف على الاستدلال في المسألة 0
ثالثاً : الوقوف على الناسخ والمنسوخ لمعرفة القول الحق في تلك المسائل 0
رابعا : إذا تعارض قول رسول الله صلى الله عليه وسلم مع فعله ، فيؤخذ بقوله عن فعله ، حيث أن الفعل قد يكون من خصوصياته عليه الصلاة والسلام ، أما قوله فهو عام للأمة 0
تلك بعض الأمور الهامة التي تهم الباحث في تقرير المسائل الشرعية ، والرد على تلك الشبهات 0
وبالجملة فذلك بعض ما ذكره أهل العلم في الرد على تلك الشبهة والتي خرج بها علينا النصارى الذين اتخذوا مع الله إله آخر ، وكافة ما ذكر في إنجيلهم المزعوم هو هرطقات وخزعبلات مما خطته أيديهم ، وكذلك الرافضة قاتلهم الله أنى يؤفكون الذين ما تركوا أمراً من أمور هذا الدين إلا وحرفوه ، فحرفوا العقيدة وأشركوا بالله في كثير من مواطن العبادة ، وقالوا بالمتعة وبمفاخذة الرضيعة ، وكانوا دائماً شوكة في حلق الإسلام والمسلمين ، وأكبر شاهد ودليل موقفهم المخزي من الدولة الإسلامية في أفغانستان ( طالبان ) ، ومن أراد أن يعرف حقيقتهم فليقرأ كتاب ( لله ثم للتاريخ ) لحسين موسوي ، فقد فضحهم مما جعلهم يستبيحون دمه ، وقتل بناء على فتوى لأحد ضلالهم ، فنسأل الله العلي القدير أن يرد كيدهم إلى نحورهم وأن يكفينا شرورهم وأن يأخذهم أخذ عزيز مقتدر 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0