لا تشمت بأخيك
قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ** [الحجرات: 10]، وقال تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ** [النور: 19]، وقال تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ** [الحجرات: 13]، وفي الحديث: «لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك»؛ (أخرجه الترمذي من حديث واثلة بن الأسقع وقال: حديث حسن غريب)، قال أهل اللغة: معنى (الشماتة): فرحُ العدُوِّ ببليةٍ تنزلُ بمعاديهِ.
في هذا الحديث التحذير من الشماتة بالإخوان، وأن ذلك خطر عظيم قد يُفضي إلى أن يُبتلى الشامت بما وصف به غيره، والمؤمن أخو المؤمن يسُرُّه ما يسُرُّه، ويحزنه ما يحزنه، فلا يليق به أن يشمت بأخيه؛ يعني يُظهِر الفرح بعيبه ونقصه، ويتلذَّذ بذلك انتقامًا أو تبجُّحًا؛ بل يسأل الله له العافية والستر والتوفيق والهداية -سواء كانت شماتة بنقص في دينه من الفسق والمعاصي أو عيبًا في خلقه من عور أو عمى أو غير ذلك- ومن هذا الباب تحريم الغيبة والنميمة والسخرية واللمز.
(فيرحمه الله)؛ أيْ: فإنك إنْ فعلت ذلك يرحمه الله رغمًا لأنفك.
(ويبْتليك) حيث زكيْت نفسك، ورفعت منْزلتك عليه.
فمن تعاطى الذنب -وهو إظهار الشماتة بالمسلم- كان عرضة لتلك العقوبة؛ وهي أن يبتليه الله ويعافي من شمت به.
ولهذا جاء في حديث آخر في صحَّتِه نظر لكنه موافق لهذا الحديث «من عيَّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله» فإياك وتعيير المسلمين والشماتة فيهم، فربَّما يرتفع عنهم ما شمتهم به ويحل فيك.
روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ»؛ (رواه مسلم).
قال البغوي في شرح السنة: إِنِّي لأرى الشَّيْء، فأكره أَن أعيبه مَخَافَة أَن أُبْتلَى بِهِ.
ومن أقوال الفلاسفة: إيَّاك أنْ تشمت، فليس بينكَ وبين المُبتلى سِوى رَحْمَة الله.
ومن الشِّعْر:
وقل للشامتين بنا رويدًا ** سيلقى الشامتون كما لقينا
منقول