اكتشف العلماء في خمسينات القرن الماضي أن شعب الاسكيمو تقل بينهم نسبة الاصابة بأمراض القلب مقارنة بشعوب العالم الأخرى، وقد وجد أن الفرق بينهم وبين باقي سكان العالم هو اعتمادهم على الغذاء البحري. ومنذ ذلك الحين والعلماء يبحثون في هذا الشأن ويظهرون الفوائد تلو الأخرى للأسماك وباقي المنتجات البحرية على كافة اعضاء الجسم من العين حتى الأظافر، كما وصل الأمر بالبعض أن قال: كفى لقد اقتنعنا بخير طعام البحر.
ماهر محمد الأعرج صيدلي
وبالرغم من قوة دلالات الدراسات العلمية حول تأثيره المفيد للقلب، فلا توجد حتى اليوم إجابة واحدة تبرر جدوى تناول “اوميجا -3” المادة الأساسية في حبوب زيت السمك أو الاسماك بشكل مباشر، إلا أنها مفيدة عبر عدة جوانب حيث انها تسهم في:
* تقليل نسبة حصول اضطرابات ايقاع النبض من النوع عالي الخطورة، وهو الأهم، وإليه يعزى تدني معدل الوفيات لدى الأصحاء ومن مرضى القلب، خاصة من متناولي زيت السمك أو الأسماك أو الأحياء البحرية الأخرى كالروبيان.
* ثبات ضيق الشريان الذي يحدث في حال التصلب كالشرايين التاجية في القلب وشرايين الدماغ، إذ بدل أن يكون الضيق هش التراكيب، قابلاً للتفتت في الدم، فإنه يغدو أكثر ثباتاً وأقل تأثيراً على الجسم.
كما ان هذا الثبات في ضيق الشرايين يعمل على تقليل عمليات الالتهاب حول الشريان الضيق، فلا تتسرب الصفائح الدموية فوقه، وبالتالي تقل نسبة ضيق الشريان المفاجئ الذي هو بالحقيقة سبب جلطات القلب أو الدماغ أو غيرها من اعضاء الجسم.
* تقليل قابلية الدم للتجلط، لدى تناول كميات عالية نسبياً منها، إلى أن لها مفعولاً اشبه بالاسبرين.
* تريح عضلات الشرايين بما يؤدي إلى ارتخائها وتوسع مجراها.
* تأثير طفيف لخفض ضغط الدم، فلا يتوقع مريض ضغط الدم خفضاً واضحاً لمعدله نتيجة تناول الأسماك أو زيتها.
* تقليل نسبة الدهون الثلاثية في الدم عند تناول كميات عالية من زيت السمك.
وتنقسم الدهون في الطبيعة إلى نوعين رئيسيين هما الكوليسترول والدهون الثلاثية، فالكوليسترول مركب يوجد في الانسان والحيوان دون النبات، وهو شكل واحد اينما وجد.
أما الدهون الثلاثية فتسمى بهذا لأنها مكونة من ثلاثة أحماض متصلة بمركب الجليسرين، وهناك العديد منها في الانسان والحيوان والنبات، منها ما هو أساس لا يستطيع الجسم صنعه، ومنها غير ذلك يصنعه الجسم، وأحد أنواع احماض الأساس يدعى “أوميجا -3” لذا فعلى الانسان ان يستمده من الغذاء.
ومن الأغذية التي يوجد فيها حمض “اوميجا -3” بنسبة عالية زيت السمك وبنسبة أقل في زيوت بعض النباتات، والأسماك نفسها لا تصنعه، بل تستمده هي الأخرى مما تأكله من كائنات بحرية أخرى، فنجده متوفراً في شحومها، كسمك التونا والسردين والسلمون والربيان، فحينما يقال زيت السمك فإننا نعني “أوميجا -3”.
وقد حددت رابطة القلب الأمريكية حديثا بعض النصائح الطبية حول زيت السمك.
أهمها:
أولاً: ينصح الاشخاص غير المصابين بأمراض شرايين القلب بتناول أنواع مختلفة من الأسماك عالية الدهن بمعدل وجبتين اسبوعياً على أقل تقدير.
ثانياً: ينصح الاشخاص المصابين بأمراض شرايين القلب بتناول جرام واحد يومياً من “اوميجا -3” وذلك من الاسماك مباشرة، أما من لا يرغبون في هذا ويفضلون تناول زيت السمك فلهم ذلك تحت اشراف الطبيب فقط.
ثالثاً: من لديهم ارتفاع في نسبة الدهون الثلاثية في الدم يمكنهم تناول كميات عالية من زيت السمك ولكنه تحت اشراف الطبيب ومن أهم الحقائق التي ينبغي معرفتها عن الاسماك وزيتها في الغذاء ما يلي:
* أن الاسماك الدهنية هي التي يجلب اغلبيتها من المياه العميقة الباردة للمحيطات، وكذلك المخلوقات البحرية التي تعيش قريباً من الشواطئ، وهي تشمل التونا والسردين والسلمون والروبيان، وهي مفضلة على غير الدهنية.
* تتحقق كمية جرام من “اوميجا -3” بتناول 100 جرام من السردين أو التونا البيضاء أو السلمون، أو 300 جرام من الروبيان أو “اللوبستر”.
* يراعى أمر تلوث الأسماك بالزئبق وغيره لدى تناول كميات عالية من الأسماك وخصوصاً السيدات الحوامل أو المرضعات أو من هن في سن الانجاب أو الأطفال، وهو ما صدرت حوله توصية إدارة الغذاء والدواء الأمريكية سنة 2004.
أما زيت السمك فلم يثبت تلوثه بالزئبق.
وأخيراً هناك مثل شائع يقول “العافية من شبكة الصياد”.
المصدر : الصحة والطب .