موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

تم غلق التسجيل والمشاركة في منتدى الرقية الشرعية وذلك لاعمال الصيانة والمنتدى حاليا للتصفح فقط

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > منبر التزكية والرقائق والأخلاق الإسلامية

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 11-02-2023, 01:53 PM   #1
معلومات العضو
الماحى3

افتراضي الحساب الإيمان اليوم الآخر محمد بن إبراهيم حسان

الحساب
الإيمان
اليوم الآخر
محمد بن إبراهيم حسان
المنصورة
غير محدد
_________
ملخص الخطبة
_________
1- قواعد العدل الإلهي يوم القيامة 2- أول الأمم حساباً 3- أول من يقضي بينهم الله يوم
القيامة 4- أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة
_________
الخطبة الأولى
_________
أحبتى فى الله:
هذا هو لقاءنا الرابع عشر من لقاءات هذه السلسلة الكريمة المباركة.
وكنا قد توقفنا فى اللقاء الماضى مع مشهد الحساب الرهيب المهيب فلقد تركنا العباد فى أرض المحشر وقفوا صفوفاً، ينتظر كل واحد منهم أن ينادى عليه للعرض على الرب جل فى علاه، ليحاسب الله عباده وفقاً لقواعد العدل التى ذكرناها وهى:
ألا تزر وازرةُُ وِزْرَ أُخرى.
العدل التام الذى لا يشوبه شائبة ظلم.
إعذار الله جلا وعلا لخلقه.
إقامة الشهود.
مضاعفة الحسنات.
تبديل السيئات إلى حسنات.
وبعدها يبدأ الحساب، فيا ترى من هى أول أمة سيحاسبها الله؟.. ومن هم أول من يقضى بينهم يوم القيامة ؟.. وما هو أول ما يحاسب عليه العبد؟.
والجواب على هذه الأسئلة هو ذات الموضوع الذى نحن بصدده، فأعيرونى القلوب والأسماع والله أسأل أن يسترنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض إنه حليم كريم رحيم.
أولاً: من هى أول أمة سيحاسبها الله جل علاه؟
أيها الأحبة الكرام إن ذل القيام بين يدى الله فى أرض المحشر لعظيم، فالشمس فوق الرؤوس بمقدار ميل... تكاد الرؤوس أن تنصهر من حرارتها‍‍... والبشرية كلها من لدن آدم إلى آخر رجل قامت عليه الساعة فى صعيد واحد.. يكاد الزحام وحده يخنق الأنفاس، والأعظم من ذلك هول ورهبة جهنم التى قد أُتِىَ بها فى أرض المحشر لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها، إذا رأت جهنم الخلائق زفرت وزمجرت غضبا منها لغضب الله جل وعلا فعند ذلك تجثوا جميع الأمم على الركب ذعراً وفزعاً منها.
قال تعالى: وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الجاثية: 28 ].
فى هذه اللحظات الرهيبة المهيبة التى تخلع القلوب من الصدور ينادى الله جل جلاله على أمة الحبيب المحبوب محمد من بين سبعين أمة كلها واقفة فى أرض المحشر فى ذل وانكسار للملك الجبار.
ففى الحديث الصحيح الذى رواه ابن ماجة بسند صحيح من حديث ابن عباس أن النبى قال: ((نحن آخِرُ الأمم وأول الأمم حساباً يوم القيامة يقال: أين الأمة الأمية بنبيها؟ فنحن الآخرون الأولون)) ( [1] ).
أمة النبى محمد أُمّةُُ مرحومة ينادى عليها الله أول الأمم ليرحمها من ذل القيام بين يديه من هذا الموقف الرهيب فى أرض المحشر، بل وليكرمها على جميع الأمم.
ففى الحديث الذى رواه أحمد فى مسنده والحاكم فى مستدركه وصححه الحاكم على شرط الشيخين وأقره الذهبى ورواه الإمام الترمذى وقال: حديث حسن أن النبى قال: ((أنتم موفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله جل وعلا)) ( [2] ).
فأمة النبى هى أشرف وأطهر وأكرم أمة على الله سبحانه، ولم لا؟ ولم لا ؟! والرجل وحده فى أمة النبى محمد قد يزن أمة بأسرها.
وفى الحديث عن الحبيب النبى والحديث رواه الإمام أحمد فى مسنده والطبرانى فى الصغير والأوسط وقال الإمام الهيثمى فى مجمع الزوائد ورجال أحمد رجال الصحيح من حديث أبى الدرداء أن النبى قال: إن الله عز وجل يقول: ((ياعيسى إنى باعث من بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون حمدوا الله وشكروا، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا، ولا حلم ولا علم، قال: يارب كيف هذا لهم ولا حلم ولا علم. فقال الله جلا وعلا: أعطيتهم من حلمى وعلمى)) ( [3] ).
فأمة النبى تتجلى كرامتها يوم القيامة بين يدى الرب العلى حينما ينادى عليها من بين سبعين أمة فلتتقدم..لماذا ؟!!
لتشهد على جميع الأمم لتشهد للأنبياء والمرسلين.
وفى صحيح البخارى من حديث أبى سعيد الخدرى أن النبى قال: ((يدعى نوح يوم القيامة فيقال له: يانوح. فيقول لبيك وسعديك، فيقول الله: هل بلغت قومك ؟! فيقول: نعم.. فيدعى قومه ويقال لهم: هل بلغكم نوح؟ فيقولون: لا ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد، فيقول الله جل وعلا من يشهد لك يانوح، فيقول نوح: يشهد لى محمد وأمته.. يقول المصطفى فتدعون فتشهدون بأنه بلغ قومه وأشهد عليكم فذلك قول الله تعالى وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا )) ( [4] ).
إن أمة الحبيب أمة مكرمة فمن أثنت عليه خيرا نجى ووجبت له الجنة، ومن أثنت عليه الأمة شراً هلك ووجبت له النار.
ففى صحيح مسلم وسنن أبى داود من حديث أنس أن النبى مَرَّ بجنازة فَأُثنى عليها خيراً فقال النبى : ((وجبت وجبت وجبت)). ومر بجنازة، فَأُثنى عليها شرا فقال النبى : ((وجبت وجبت وجبت))، فقال عمر: فدى لك أبى وأمى. مر بجنازة فأُثنى عليها خيراً فقلت: وجبت وجبت وجبت. ومر بجنازة أخرى فأُثنى عليها شراً فقلت: وجبت وجبت وجبت؟ فقال رسول الله : ((من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنة , ومن أثنيتم عليه شراً وجبت له النار، فأنتم شهداء الله فى الأرض، أنتم شهداء الله فى الأرض)) ( [5] ).
فوالله لقد وعد الله النبى أن يعطيه لأمته حتى يرضى، ألا إن وعد الله صدق وحق.
ففى الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو أن النبى ((قرأ يوماً قول الله فى إبراهيم رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [ إبراهيم: 36 ] وتلى قول الله فى عيسى إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [ المائدة: 118 ]. ثم رفع النبى يديه إلى السماء وبكى، فقال الله جل وعلا لجبريل عليه السلام : ياجبريل سل محمداً ما الذى يبكيه وهو أعلم؟ فنزل جبريل للمصطفى.. ما الذى يبكيك يارسول الله؟ قال: أمتى يا جبريل. فصعد إلى الله وأخبر الحق تبارك وتعالى وهو أعلم. فقال الله لجبريل: انزل إلى محمد وقل له: إنا سنرضيك فى أمتك ولا نسوؤك)) ( [6] ).
فأمة النبى أمة ميمونة.. أمة مبروكة.. أمة محمودة
وكدت بأخمصى أطأ الثُّريَّا
ومما زادنى فخراً وتيها
وأَنْ أرسلت أحمدَ لى نبيا
دخولى تحت قولك ياعبادى
قال الله تعالى كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت للِنَّاسِ [ آل عمران :110].
ثانياً: من هم أول من يقضى الله بينهم يوم القيامة ؟!
والجواب من رسول الله كما فى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة أنه قال: ((إن أول من يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فَأُتِىَ به، فَعَرَّفَهُ نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، فقال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: جرئ، فقد قيل، ثم أُمِرَ به فَسُحِبَ على وجهه، حتى أُلقِىَ فى النار، ورجلُُ تَعَلَّمَ العلم وعلَّمه وقرأ القرآن، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ. فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه، حتى ألقى فى النار. ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال: جواد، فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقى فى النار)) ( [7] ).
أول من يقضى يوم القيامة عليه: رجل استشهد، رجل سقط شهيداً فى ميدان القتال، فى ساحة البطولة والوغى فى ميدان تصمت فيه الألسنة الطويلة، وتخطب فيه الرماح والسيوف على منابر الرقاب، يقع شهيداً فى ميدان القتال، هو من أمة النبى ولكنه ما أراد وجه الله ولكنه أراد الثناء من العباد !! فكانت النتيجة! بل قاتلت ليقال جرئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى فى النار.
ورجل تعلم العلم وقرأ القرآن، عالم ملأ المساجد علما وسوَّد صفحات الجرائد والمجلات!! عالم تعلم العلم وعلّم الأنام ولكن أراد الشهرة، أراد النجومية، أراد المكانة، أراد الكرسى الزائل والمنصب الفانى، أراد الوجاهة!!! ما ابتغى بعلمه وجه الرحمن !! فكانت النتيجة: بل تعلمت ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: قارئ فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى فى النار.
الله أكبر !! عالم تُسعَّر به النار! قارئ تسعر به النار. ولم لا ؟! وهو قد فقد شرطاً هاماً مهماً من شروط قبول العمل، وهو الإخلاص.
وأما الثالث ممن تسعر به النار أيضاً: رجل أتاه الله أصناف المال، مَنَّ الله عليه بالأموال فأعطاه وأجزل له العطاء، ولكن تصدق ليقال: جواد. ليقال: المحسن الكبير!! ليقال: المنفق الكبير!! السخى الباذل، وقد قيل. ثم أمر به فكانت النتيجة أن سحب على وجهه حتى ألقي فى النار.
سحبوا جميعاً فكبوا فى جهنم، لأنهم مراؤون بأعمالهم.
اعلم أن الرياء لغة: مشتق من الرؤية، والرياء شرعاً مشتق من معناه اللغوى، فمعنى الرياء اصطلاحا أن يبطن العبد خلاف ما يظهر.
حَدُّ الرياء: هو إرادة العباد بطاعة رب العباد جل وعلا.
يامن تعملون ابتغاء مرضاة الله، اسجدوا لله شكراً على هذه النعمة وسلوه التثبيت، ويامن تعملون العمل لا تبتغوا به مرضاة الله ولا تريدون به إلا السمعة والشهرة والمكانة بين الناس، فاعلموا علم اليقين أن عملكم غير مقبول لأن الله لا يقبل إلا العمل الخالص الصواب.
فقد قال المولى وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [ البينة - 5 ].
وقال تعالى فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [ الكهف: 110 ].
وفى الحديث الصحيح الذى رواه مسلم من حديث أبى هريرة أن النبى قال: ((قال الله تعالى: أنا أغنى الأغنياء عن الشرك)) وفى لفظ ابن ماجة ((أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عَمِلَ عَمَلاً أشرك فيه معى غيرى تركته وشركه)) ( [8] ).
وفى لفظ ((فهو للذى أشرك وأنا منه برئ)).
فالرياء هو الشرك الخفى، الرياء هو الشرك الأصغر، الرياء هو الذى يحبط الأعمال ويدمرها ولذلك روى الإمام أحمد فى مسنده بسند حسنه شيخنا الألباني فى صحيح الترغيب والترهيب من حديث أبى سعيد الخدري قال: خرج علينا رسول الله ونحن نتذاكر المسيح الدجال فقال: ((ألا أخبركم بما هو أَخْوَف عليكم عندى من المسيح الدجال؟)) فقلنا: بلى يارسول الله! قال: ((الشرك الخفي: أن يقوم الرجل فيصلى فَيُزِيِّنُ صلاته لما يري من نظر رَجُلٍ)) ( [9] ).
وفى الحديث الذى رواه أحمد وصححه شيخنا الألباني في صحيح الترغيب والترهيب من حديث محمود بن لبيد رضى الله عنه أنه قال: (( إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر)) قالوا: وما الشرك الأصغر يارسول الله؟ قال: ((الرياء. يقول الله عز وجل إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون فى الدنيا فهل تجدون عندهم جزاءً؟)) ( [10] ).
فالرياء أيها الأحباب خطر عظيم جسيم يدمر الأعمال ويحبطها. أسال الله العلى العظيم أن يستر علينا وعليكم فى الدنيا والآخرة، ويرزقنا وإياكم الإخلاص فى القول والعمل، والسر والعلن، وأن يجعل سرنا أنقى من علننا وأن يغفر ذنوبنا، ويصحح نوايانا إنه ولى ذلك والقادر عليه.
ولذا أحب أن نعرج سوياً على أهم الأدوية لعلاج هذا الداء العضال ألا وهو الشرك الخفي ( الرياء ) فإن الأمر من الأهمية بمكان.
الدواء الأول: الاستعانة بالله عز وجل أن يرزقنا الإخلاص فى القول والعمل فى السر والعلن فى الليل والنهار، ولنا فى خليل الله إبراهيم الأسوة الحسنة - إمام الموحدين وقدوة المحققين - يتضرع إلى الله رب العالمين أن يجنبه وبنيه الشرك فيقول الله تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ ءَامِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ [ إبراهيم: 35].
فلا بد أن تسأل الله وتستعين به على إخلاص العمل له وحده، واعلم يقيناً أنه وحده القادر على أن يمنحك الإخلاص لأن الإخلاص لا يضعه الله إلا فى قلب من يحب من عباده. وعليك أن تعرف عاقبة الرياء فى الدنيا والآخرة.
إن المرء المرائي يأتى يوم القيامة فتنشر له صحيفته على مد بصره، ولكن يومها لا يجد له عند الله جزاء..
اللهم سلم سلم !! لقد باء بالخسران الكبير، ولم لا ؟! وهو منافق، والمنافقون فى الدرك الأسفل من النار مع فرعون وهامان وقارون.
لقد أظهر عملاً وقولاً وسمتاً وسلوكاً غير ما يبطنه، والله تعالى يعلم حقيقته، قال تعالى: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [ البقرة: 284 ].
وقال تعالى: إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [ الأحزاب: 54 ].
وقال تعالى: وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى [ طه: 7 ]
فإن كان الرياء فى أصل الدين أن يبطن الكفر، ويظهر الإيمان فهذا هو أغلظ أبواب الرياء وصاحبه مخلد فى النار، فقد قال الله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ [ البقرة: 204 - 206 ].
وقال تعالى: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [ المنافقون: 1].
أما إذا كان استقر فى قلبه أصل الدين وأصل الإيمان وهو يرائى الناس بالأعمال فقط، فهذا هو الشرك الأصغر، ويخشى على هذا أن يختم له بسوء الخاتمة والعياذ بالله. فالمرائي لاجزاء له فى الآخرة.
يامن تعملون العمل لإرضاء الناس. اعلموا أنه مامن أحد يرضى عنه كلُ الناس ،ولم يستطيع مخلوق البتة أن يُرضى كلَّ الناس، بل قد لا يستطيع الأب فى مملكته الصغيرة أن يرضي كل أبناءه، وقد لا يستطيع الشيخُ فى مجلس علم أن يُرضي كلَّ طلابه، هذه قاعدة من جهلها فهو جاهل.
أخي الحبيب اجعل قلبك معلقاً بالله، وابتغِ بقولك وعملك وجه الله، فلو اجتمع أهل الأرض بالثناء عليك فلن يقربك ثناؤهم زلفى من الله إن كنت بعيداً عن الله.
ولو اجتمع أهل الأرض بالذم فيك فلن يبعدك ذمهم عن الله إن كنت قريباً من الله، فما الذى ينفعك من مدح الآنام وأنت مذموم عند رب الآنام ؟‍‍! وما الذى يضرك من ذم الآنام وثناءهم بالشر وأنت مقرب ممدوح من رب الآنام.
فلا ترض الناس بسخط الله عليك، بل أطع الله فيهم، واتق الله فيهم فإن النبى قال: ((من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله الناس، ومن أسخط الله برضا الناس وكله الله إلى الناس)) ( [11] ).
فقد قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّاً [ مريم: 96 ].
وداً: أى محبة فى قلوب عباده المؤمنين المخلصين.
فإذا رأيت رجلاً يبغض مؤمناً صالحاً فاعلم بأن قلبه قلب خبيث مريض، والعياذ بالله فإن المنافق لا يحب مؤمناً على ظهر الأرض لأنه لا يحب إلا منْ على شاكلته ومعدنه.
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله ((الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم فى الجاهلية خيارهم فى الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنودُُ مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف)) ( [12] ).
قال الخطابي رحمه الله: فالخَيِّر يحن إلى الأخيار، والشرير يحن إلى الأشرار.
وأحب أن أنوه وأحذر من أمر خطير جداً وهو:
أن الله يعاقب المرائي فى الدنيا بضد قصده ونيته، والعقوبة بضد قصد النية ثابت شرعاً وقدراً.
ففى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم من حديث ابن عباس أن النبى قال: ((من سَمّعَ سمع الله به، ومن يرائى يرائى الله به)) ( [13] ).
قال الحافظ ابن حجر فى فتح البارى: قال الخطابي: " من عمل عملاً من أعمال الخير، والطاعة يبتغى أن يراه الناس وأن يسمعوه، عاقبه الله بضد قصده ونيته ففضحه الله جل وعلا وأظهر باطنه".
اللهم استرنا ولا تفضحنا.. اللهم استرنا ولا تفضحنا.. الله استرنا ولا تفضحنا.
أما إن زلت قدمه بمعصية فبكى وارتعد قلبه وخاف من الله جل وعلا، فهذا هو المؤمن التقي، ونرجو الله أن يختم لنا وله بخاتمة التوحيد والإيمان.
فإن الله قد ذكر المتقين فى قرآنه وذكر من صفاتهم أنهم قد يقعون فى الفاحشة قال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران: 133 - 135 ].
وأحب أن أنوه على أمر آخر: إن عمل العبد عملاً يبتغى به وجه الله وتضرع فيه إلى الله أن يرزقه فيه الإخلاص ثم أثنى الناس عليه خيراً وجعل الله له الثناء الحسن على ألسنة الصادقين من عباده، وجعل الله له المكانة الطيبة فى قلوب المخلصين من عباده وأوليائه فليستبشر خيراً.
ففي صحيح مسلم عن أبي ذر رضى الله عنه قال: قلت يارسول الله: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس؟ فقال : ((تلك عاجل بشرى المسلم)) ( [14] ).
واسمع لهذا الحديث الرقراق الرقيق الذى رواه البزار وصححه شيخنا الألباني فى صحيح الجامع أنه قال: ((مامن عبد إلا وله صيت فى السماء، فإن كان صيته فى السماء حسناً وُضع فى الأرض، وإن كان صيته فى السماء سيئاً وُضع فى الأرض)) ( [15] ).
أى أنه إن كان صيته فى السماء حسناً كان كذلك فى الأرض والعكس ولم لا؟!! وقد قال النبى كما فى الصحيحين من حديث أبى هريرة: ((أن الله إذا أحب عبداً دعا ياجبريل، فقال: إنى أحب فلاناً فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادى فى السماء فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء. ثم يوضع له القبول فى الأرض. وإذا أبغض عبداً دعا جبريل عليه السلام فيقول: إنى أبغض فلاناً فأبغضه، قال: فيبغضه جبريل ثم ينادى أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه. ثم توضع له البغضاء فى الأرض)) ( [16] ).
أسأل الله أن يسترنا بستره الجميل ويرحمنا إنه على كل شىء قدير.
أيها الأحبة الكرام: هؤلاء هم أول من يقضى بينهم يوم القيامة، فما هو أول ما يحاسب العبد عليه يوم القيامة ؟!! هذا ما سوف نتعرف عليه بعد جلسة الاستراحة.
وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم...
( [1] ) صححه شيخنا الألباني في الصحيحة رقم (2374) وهو في صحيح الجامع حديث رقم (6749).
( [2] ) رواه أحمد في المسند رقم (1900،19908) وقال محققه: إسناده صحيح ، ورواه الترمذي رقم (3001) في تفسير آل عمران وحسنه ، وابن ماجة رقم (4288) في الزهد ، والدرامي (2760) ، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
( [3] ) رواه أحمد في المسند رقم (27416) وقال الهيثمي (10/67): رجاله رجال الصحيح غير الحسن بن سوار وأبى حلبس يزيد بن ميسرة وهما ثقتان.
( [4] ) رواه البخاري (8/130) في التفسير ، باب قوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمة وسطاً - والترمذي رقم (2965) في التفسير ، باب ومن سورة البقرة - والطبرى رقم (2165).
( [5] ) رواه البخاري (3/181) في الجنائز ، باب ثناء الناس على الميت - ومسلم رقم (949) في الجنائز ، باب فيمن يثنى عليه خيراً وشراً من الموتى واللفظ له - والترمذي رقم (1058) في الجنائز ، باب ماجاء في الثناء على الميت ، والنسائي (4/49، 50) فى الجنائز ، باب الثناء.
( [6] ) رواه مسلم رقم (301) في الإيمان.
( [7] ) رواه مسلم رقم (1905) في الإمارة ، باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار - والترمذي رقم (3383) في الزهد ، باب ما جاء في الرياء والسمعة ، والنسائي (6/23-24) في الجهاد ، باب من قاتل ليقال : فلان جرئ.
( [8] ) رواه مسلم رقم (2985) في الزهد ، باب من أشرك في عمله غير الله.
( [9] ) حسنه شيخنا الألباني في صحيح الترغيب رقم (27) وقال رواه ابن ماجة والبيهقي.
( [10] ) رواه أحمد في المسند رقم (23521) وصححه شيخنا الألباني في صحيح الترغيب حديث رقم (29) وقال: رواه أحمد بإسناد جيد وابن أبى الدنيا والبيهقي في(الزهد) وغيره.
( [11] ) قال الشيخ مصطفى العدوي : أخرجه عبد بن حميد فى المنتخب رقم (1522) وإسناده صحيح.
( [12] ) رواه مسلم رقم (2638) في البر والصلة ، باب الأرواح جنود مجندة ، وأبو داود رقم (4834) في الأدب ، باب من يؤمر أن يجالس.
( [13] ) رواه البخاري (6499) في الرقاق ، باب الرياء والسمعة ، ومسلم رقم (2987) في الزهد باب من أشرك في عمله غير الله.
( [14] ) رواه مسلم رقم (2642) في البر والصلة ، باب إذا أثنى على الصالح فهي بشرى ولا تضره.
( [15] ) صححه شيخنا الألباني في الصحيحة (2275) وهو فى صحيح الجامع رقم (5732).
( [16] ) رواه البخاري رقم (7485) في التوحيد ، باب كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة ، ومسلم رقم (2637) في البر والصلة ، باب إذا أحب الله عبداً حببه إلى عباده ، والموطأ (2/953) في الشعر ، والترمذي رقم (3160) في التفسير ، باب ومن سورة مريم.
_________
الخطبة الثانية
_________
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد:
ثالثاً: ما هو أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة؟
والجواب فى الحديث الصحيح الذى رواه أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة وغيرهم وصحح الحديث شيخنا الألباني فى صحيح الجامع من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى قال: ((إن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر)) ( [1] ).
والله إن القلب ليبكي وإن العين لتدمع وإنا لما حل بأمة الإسلام لمحزونون، فوالله إن فى هذه الأمة من لا يدخل بيت الله جل وعلا إلا فى كل جمعة فقط !! ومن لا يدخل إلى بيت الله إلا فى العيدين فقط!!
ومن لا يدخل بيت الله إلا مرة واحدة لامن أجل أن يُصلِّي، ولكن من أجل أن يُصلَّىَ عليه!!
الصلاة.. الصلاة.. الصلاة.. آخر وصية لرسول الله.
الصلاة ضيعتها الأمة إلا من رحم الله. معظم المصلين إلا من رحم الله يضيعون الصلاة بعدم الاطمئنان فيها، ولقد روى البخاري من حديث حذيفة بن اليمان أنه رأى رجلاً يصلي لا يُتِمُّ ركوعه ولا سجوده فلما قضى صلاته قال له حذيفة ما صليت ولو مُتَّ مُتَّ على غير سنة محمد ( [2] ).
فهذا صلى ولكن لم يحسن الركوع والسجود والقيام. فما بالك بمن ضيع الصلاة ؟!! فما ظنك بمن ترك الصلاة؟!!
قال جل فى علاه فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّاً [ مريم: 59 ].
فما هو الغي؟ قال ابن عباس وعائشة: الغي نهر فى جهنم بعيد قعره خبيث طعمه.
وقال جل وعلا: كَلا وَالْقَمَرِ وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ إِنَّهَا لاحْدَى الْكُبَرِ نَذِيرًا لِلْبَشَرِ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلا أَصْحَابَ الْيَمِين فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً كَلا بَلْ لا يَخَافُونَ الآخِرَةَ كَلا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ [المدثر: 32-55].
يا من ضيعت الصلاة !! لماذا أعرضت عن الله ورسوله؟!
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يحسن خاتمتنا. إنه ولى ذلك والقادر عليه.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 09:26 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com