،،،،،،
بارك الله فيكم أخيتي الفاضلة ( أم غادة ) ، اضافة إلى أهمية الرابط الذي ذكره الأخ الحبيب ( كريمن ) فأذكر لكِ ما ذكرته في كتابي الموسوم ( الأصول الندية في علاقة الطب بمعالجي الصرع والسحر والعين بالرقية ) المبحث الثالث - تحت عنوان ( الصرع العضوي- تعريفه - كيفية حدوثه – أسبابه - أنواعه ) وكتابي الموسوم ( منهج الشرع في اثبات المس والصرع - المبحث الثالث - تحت عنوان ( أنواع الصرع بشكل عام ) :
1- الصرع العضوي ( الطبي - صرع الأخلاط ) :
يقول الحافظ في الفتح : ( انحباس الريح قد يكون سبباً للصرع وهي علة تمنع الأعضاء الرئيسية من انفعالها منعاً غير تام 0 وسببه ريح غليظة تنحبس في منافذ الدماغ أو بخار رديء يرتفع إليه من بعض الأعضاء وقد يتبعه تشنج في الأعضاء فلا يبقى الشخص معه منتصباً بل يسقط ، ويقذف بالزبد لغلظ الرطوبة )( فتح الباري – 10 / 100 ) 0
يقول الدكتور حسني مؤذن الأستاذ بجامعة أم القرى : ( الصرع العضوي ينتج عن وجود بؤرات صرعية في المخ ، في أغلب الأحوال نشأت بسبب التهاب في الدماغ في السابق أو بسبب خبطة شديدة تعرض لها الدماغ 0 وتسبب هذه البؤرات نشاطا كهربيا زائدا في المخ ، ويمكن الكشف عن هذا النوع من الصرع بواسطة جهاز رسم المخ الكهربائي ، ويكون لهذا النوع مقدمات كالصداع أو القلق أو زغللة في العين أو صفير في الأذن 0 وتأخذ النوبة الصرعية شكلا مميزا ، فتبدأ بصرخة من المريض يعقبهـا وقوعه فجأة على الأرض ، مع تيبس وتخشب كامل في كل جسمه ، ثم تبدأ عضلاته في الاختلاج بشدة ، ويعض أثناءها على لسانه ، أو يتبول على نفسه ، ويزرق لونه ، ثم يبدأ بعد ذلك في التنفس بشدة ، مع ظهور رغاو على الفم وتستمر هذه النوبة لعدة دقائق ، ثم يفيق المصروع ، وقد يستمر في غيبوبته لفترة معينة )( جريدة المسلمون - العدد 641 - 10 محرم 1418 هـ ) 0
1)- تعريف الصرع العضوي :
* قال ابن القيم : ( وأما صرع الأخلاط فهو علة تمنع الأعضاء النفسية عن الانفعال والحركة والانتصاب منعا غير تام 0
وسببه : خلط غليظ لزج ، يسد منافذ بطون الدماغ سدة غير تامة ، فيمتنع نفوذ الحس والحركة فيه وفي الأعضاء نفوذا ما ، من غير انقطاع بالكلية ، وقد يكون لأسباب أُخر : كريح غليظ يحتبس في منافذ الروح ، أو بخار رديء يرتفع إليه من بعض الأعضاء ، أو كيفية لاذعة ، فينقبض الدماغ لدفع المؤذي ، فيتبعه تشنج في جميع الأعضاء ، ولا يمكن أن يبقى الإنسان معه منتصبا ، بل يسقط ، ويظهر في فيه الزبد غالبا 0
وهذه العلة تعد من جملة الأمراض الحادثة ، باعتبار وقت وجوده المؤلم خاصة ، وقد تعد من جملة الأمراض المزمنة ، باعتبار طول مكثها وعسر برئها ، لا سيما إن جاوز في السن خمسا وعشرين سنة ، وهذه العلة في دماغه ، وخاصة في جوهره ، فإن صرع هؤلاء يكون لازما ، قال أبقراط : إن الصرع يبقى في هؤلاء حتى يموتوا )( الطب النبوي - ص 70 ) 0
* قال لطفي الشربيني صاحب كتاب ( مرض الصرع : الأسباب ، المشكلة ، العلاج ) عن تعريف الصرع في الطب الحديث :
( نوبات تصيب بعض الناس نتيجة خلل مؤقت في وظيفة الجهاز العصبي ، وما يظهر على مريض الصرع ليس سوى النتيجة النهائية لهذا الاضطراب ، فقد يفقد الوعي بما حوله ، أو يسقط بصورة مفاجئة في أي مكان ، أو تظهر عليه أي علامات غريبة ، أو يقوم ببعض الحركات دون أن يدري في الوقت الذي يكون فيه تحت تأثير النوبة )( مرض الصرع : الأسباب ، المشكلة ، العلاج - ص 9 ) 0
* يقول الدكتور نبيل بن سليم ماء البارد استشاري جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري في تعريف الصرع : ( إن الصرع أو الداء التشنجي هو عبارة عن حالة تشنجية مع حركات لا إرادية قد تصيب كل أطراف الجسم مع الوجه وقد تكون موضوعة في طرف واحد أو حتى عضلة واحدة 0
وقد يترافق الصرع أحيانا مع غياب عن الوعي لفترة محدودة وقصيرة لا تتجاوز الدقيقة الواحدة )( العلاج القرآني والطبي من الصرع الجني والعضوي - ص 79 ) 0
* يقول الدكتور يحيى طاهر أستاذ الأمراض العصبية بطب القاهرة : ( تبلغ نسبة الإصابة بالصرع في جميع الشعوب ما بين 4 إلى 5 في الألف وهي نسبة كبيرة وعالية ولذا يهتم به العالم كله ويزداد الاهتمام به بمضي الوقت وجزء من هذا المرض يرجع للوراثة ، ولكن هناك أسباباً عضوية كثيرة من أهمها : الإصابات أثناء الولادة 0 وأعراض الصرع كثيرة ومتعددة منها : النوبات المعروفة وهي النوبات الكبيرة المسماة نوبات الصرع الكبرى ، وهناك نوبات أخرى تحدث على شكل سرحانات خفيفة وتسمى النوبات الصرعية الصغرى ، وهناك نوع ثالث لا تقل أهميته عن الأنواع السابقة وهي النوبات النفسية المحركة ، كل هذه النوبات ممكن تشخيصها إكلينيكياً بمشاهدة المريض أو وصف حالته وصفاً دقيقاً كما تشخص بواسطة الرسام الكهربائي للمخ 0 ويمكن علاج هذه الحالات وتشفى نسبة كبيرة منها إذا عولجت في بداية ظهورها 0 ولذلك كان من الواجب التشخيص المبكر والملاحظة المستمرة وفي نسبة كبيرة من هذه الحالات يمكن التوصل إلى نتائج جيدة جداً )( طبيبك الخاص - العدد 102 - السنة التاسعة - يوليه 1977 - ص 34 ) 0
2)- كيفية حدوث الصرع العضوي :
يقول الدكتور نبيل بن سليم ماء البارد استشاري جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري عن كيفية حدوث الصرع العضوي :
( هو اضطراب يحدث في الخلايا العقدية العصبية في المخ وهي خلايا تعطي في الحالة الطبيعية شحنات كهربائية معتدلة لا تتجاوز حدودا معينة ، وعن طريق هذه الشحنات يتم بإذن الله تعالى إيصال الأوامر من خلايا المخ المذكورة عبر حزم معينة تمر بأجزاء المخ الهامة ثم إلى النخاع الشوكي ، أما عند حدوث الاضطراب المذكور بهذه الخلايا أو قسم منها فيؤدي ذلك إلى إفراغ شحنات كهربائية نسبيا ، وتكون عالية الشدة 0
وتمر هذه الشحنات عبر المراكز والطرق المذكورة مارة بالنخاع الشوكي إلى الأعضاء التي ستستقبل هذه الإشارات كالأطراف العلوية أو السفلية ، هذه الأعضاء التي نظمها رب العالمين بحكمة ودقة بالغة كي تستقبل الإشارات المنسقة والمتوازنة ، عند وصول الإشارات العالية الشدة فتستجيب هذه الأعضاء بحركات تتناسب مع شدة الإشارات ، وهي حركات إما أن تكون متغيرة فتؤدي إلى انعطاف وانبساط الطرف وهو ما نسميه بالتوتر الاختلاجي ، وإما أن تكون مستمرة بشكل واحد فتؤدي غالبا إلى انبساط وتوتر شديد في الطرف أو الأطراف وهو ما نسميه بالتوتري 0
والجدير بالذكر أن ازدياد الشحنات الكهربائية المذكورة لا يكون فقط في حالات الاضطراب أو التلف غير التام للخلايا الدماغية ولكنه قد يحصل في أي إنسان إذا تعرض لبعض الشروط أو الظروف التي ستذكر فيما بعد )( نفس المصدر السابق - ص 79 - 80 ) 0
3)- أسباب حدوث الصرع العضوي :
ويقول الدكتور نبيل بن سليم ماء البارد استشاري جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري عن أسباب حدوث الصرع العضوي :
أسباب داء الصرع كثيرة ومنها :
* أسباب الصرع :
أ )- الأورام الدماغية 0
ب)- التهاب السحايا أو ما نسميه بالحمى الشوكية0
ج)- التهاب الدماغ 0
د )- شذوذ الأوعية الدماغية 0
هـ)- تأذي الدماغ عند الولادة بسبب نقص الأوكسجين أو نقص كمية الدم الواردة إلى الدماغ 0
و)- بعض الأمراض الوراثية والاستقلابية 0
* الأسباب التي تؤدي للنوبة الصرعية :
أ )- نقص سكر الدم الشديد 0
ب)- اضطراب شوارد الدم بسبب أمراض معينة 0
ج)- نسبة كبيرة من المرضى الكحوليين يصابون بالصرع في سن متقدمة 0
د )- هناك أنواع من الصرع لا نتمكن فيها من معرفة الأسباب فيسمى الصرع ( مجهول السبب ) 0 وفي بعض حالات هذا النوع رأينا استجابة المصابين به للعلاج القرآني )( نفس المصدر السابق - ص 80 - 81 ) 0
4)- أنواع الصرع العضوي :
ويقول الدكتور نبيل بن سليم ماء البارد استشاري جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري عن أسباب حدوث الصرع العضوي :
أ )- الداء الصرعي الكبير : يصيب جميع الأعمار وهو حالات تناوبية من زيادة توتر وارتجاج في الأطراف تترافق غالبا مع فقد تام للوعي قد يصل إلى دقيقة واحدة ، أو أكثر وقد يكون مصحوبا بزرقة شديدة نتيجة لصعوبة في التنفس 0 وكذلك العض على اللسان والبول اللاإرادي 0
وقد تكون هذه الحالات موضعها في عضو واحد فقط كالذراع أو الساق أو حتى جزء منها كاليد أو الأصابع أو القدم 0 أو حتى عضلة واحدة في الأطراف أو الوجه 0 وفي هذه الحالات الموضحة لا تتوافق الحالة غالبا مع الغياب عن الوعي العام 0
ب )- الداء الصرعي الصغير : وهو يصيب الأطفال خاصة ويتظاهر بحركة عفوية سريعة وغير تشنجية في طرف معين أو الوجه ولا يكون هناك غياب عن الوعي ( إذا وجد فهو لثوان قليلة فقط ) 0
وهناك أنواع كثيرة أخرى ولكن ندرتها تجعلنا نغفل عن ذكرها في مثل هذا المجال 0
ج )- الأنواع الكثيرة التي لم تذكر :
1- اضطراب حسي يفيد الإحساس بأن نوبة التشنج ستأتي كالدوخة المفاجئة أو تغير في طعم الفم أو شم رائحة غير موجودة بالفعل 0
2- اضطراب انباثي : كازدياد في ضربات القلب والغثيان ، وسيلان اللعاب ، أو الإحساس المفاجئ بالجوع الشديد أو الحاجة المفاجئة للتبول ، أو ألم مفاجئ في البطن ( يزول بعد دقائق ) 0
3- اضطراب نفسي : كالتغيير المفاجئ في الوعي ، أو الإحساس المفاجئ بالغضب أو الحزن أو الخوف الشديد أو الهياج المفاجئ )( نفس المصدر السابق - ص 81 - 82 ) 0
5)- كيفية تشخيص الصرع العضوي :
ويقول الدكتور نبيل بن سليم ماء البارد استشاري جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري عن الكيفية التي يتم بواسطتها تشخيص الصرع العضوي :
( من المهم أن نعلم أن تخطيط المخ الكهربائي أو رسم الدماغ بالكمبيوتر " وليس تصويره بالكمبيوتر " هما الوسيلتان الفعالتان لإظهار أي تغير في المخطط الكهربائي الطبيعي للمخ 0
ولكن هناك حوالي 25 % من حالات الصرع السريري يكون فيها تخطيط الدماغ الكهربائي طبيعيا والسبب غير معروف ، وربما يدخل في بعضها ما يسمى بالصرع الجني )( نفس المصدر السابق - ص 82 ) 0
6)- معالجة الصرع العضوي من الناحية الطبية :
ويقول الدكتور نبيل بن سليم ماء البارد استشاري جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري عن معالجة الصرع من الناحية الطبية :
أ )- إزالة السبب إن أمكن كما في أورام الدماغ أو معالجة الآفات الالتهابية الدماغية ، أو تصحيح الشذوذات الوعائية الدماغية 0
ب)- العلاج الدوائي وهناك أدوية كثيرة تفيد في السيطرة على التشنجات ولكن وللأسف فمعظم المرضى يجب أن يستمروا بأخذ هذه الأدوية لسنوات عديدة إن لم يكن طيلة الحياة ، ولا يمكن التوقف عن أخذها بناء على دراسات متعددة للتخطيط الدماغي الكهربائي )( نفس المصدر السابق - ص 82 ) 0
يقول الدكتور أحمد حسين علي سالم : ( وأما صرع الأخلاط فهو الذي يتكلم فيه الأطباء القدماء والمعاصرون ، ونلخصه فيما يلي :
أ - إن المعالجة السببية هي المعالجة الأساسية في حالة معرفة السبب ولكن اكتشاف السبب ليس بالأمر اليسير 0
ب- والأدوية المفيدة في الصرع كثيرة ، ولكل منها استطباباتها الخاصة بحسب الأشكال السريرية المختلفة للمرض 0
ج - يوصي الطبيب المريض بتغيير وظيفته أو صنعته إن كان فيها خطر على حياته عند حدوث النوبة ، كأن يتجنب قيادة السيارات أو الاقتراب من المكائن الضخمة أو الوقوف على المرتفعات عند مزاولة أعمال البناء أو الهندسة وما شابه ذلك )( المرض والشفاء في القرآن الكريم – ص 364 ) 0
7- الإسعاف الأولي للنوبة الصرعية :
* الكبار :
يقول صاحبا كتاب " طارد الجن " : ( إذا أبصرت بشخص مصاب بنوبة صرع فلا تنفعل بل ابق هادئاً " فنوبة الصرع في حد ذاتها ليست من الطوارئ الطبية رغم ما تبديه من منظر يدعو إلى الرهبة " 0
وطمئن من حولك من الناس ، ثم :
* حاول البحث عن تعريف طبي مثبت بالمصاب ( كأسورة أو قلادة مدلاّة أو بطاقة في المحفظة 0
* أبعد الأشياء الحادة عن متناول يد المصاب 0
* في حالة الصرع الكبير 0 مدد المصاب بهدوء على الأرض وحوّله إلى أحد جنبيه وضع شيئاً طرياً تحت رأسه 0
* لا تضع أي شيء عنوة في فم المصاب 0
* لا تقيد حركاته 0
* عندما يفيق المصاب من نوبته ابق على مقربة منه وحادثه بهدوء ولا تعطه شيئاً ليأكله أو يشربه )( طارد الجان – ص 95 ) 0
الأطفال :
الأكثرية الساحقة من المصابين بالصرع قلما تفاجئهم النوبة متى كان العلاج جيداً والدواء مناسباً لحالتهم ، ورغم ذلك فقد يتعرضون للنوبة ، فإذا أصيب طفل من رفاق ابنك بنوبة تشنجية في منزلك ، فإليك ما ينبغي وما لا ينبغي عمله :
* لا تضعي شيئاً بين أسنانه لأن هذا العمل يضر بأسنانه ، وفمه وحنكه ، وقد يبتلع قطعاً من الشيء 0
* لا تحاولي فتح فمه أو تمسكي بلسانه فهو لن يبتلع لسانه كما يزعمون ، وإن كان مجرى الهواء يتعرض للانسداد إن استرخى اللسان وانحسر قليلاً إلى الخلف 0
* لا تقيدوا حركته خلال النوبة ، فالكبح قد يسبب إصابة له وعطباً 0
* لا تحاولي تجريعه أي سائل خلال النوبة أو بعدها مباشرة 0
* ضعي شيئاً ليناً ومنبسطاً تحت رأسه 0
* فككي الأزرار وأرخي كل شيء ضاغط يلبسه 0
* ارفعي نظارتيه عن عينيه أو أي شيء صلب خطر يمكن أن يلحق به الأذى 0
* حافظي على هدوئك وساعديه عندما تزول النوبة يفقد الصغير قوته ، ويرتبك ، وتختلط عليه الأمور ، أتيحي له الراحة وأظهري محبتك له بما تبذلينه من عناية 0 ( نقلاً عن طرد وعلاج الجن بالقرآن – ص 51 ) 0
8- الفرق بين الصرع الطبي ( صرع الأخلاط ) ، وصرع الأرواح الخبيثة :
إن تحديد الفروقات بين الصرع الطبي وصرع الأرواح الخبيثة أمر في غاية الأهمية ، ومن أجل ذلك فقد تم البحث الدقيق في مسألة الصرع العضوي والعودة لمصادرها المتخصصة ، لتحديد مرجعية العلاج المتعلق بالحالات المرضية واتخاذ الأسباب الداعية للشفاء بإذن الله تعالى ، وهذا الموضوع في غاية الأهمية بالنسبة للمعالج ، لكي يستطيع التفريق بين هذين النوعين ، دون التسبب بأية مضاعفات للحالة المرضية ، ولا يعني ذلك الاكتفاء بالأسباب الحسية الطبية دون الاعتماد والاستشفاء بكتاب الله عز وجل لمرضى الصرع العضوي ، والمقصود من هذا الكلام توجيه المرضى باتخاذ كافة الأسباب الشرعية والحسية الموجبة للشفاء بإذن الله تعالى 0
وبناء على المراجع الطبية المتخصصة وأقوال الأطباء الاستشاريين في النواحي الطبية للصرع العضوي ، وخبرتي العملية في مجال الرقية الشرعية بشكل عام وصرع الأرواح الخبيثة بشكل خاص ، فإن أهم الفروقات بين النوعين الأمور الآتية :
أ)- إن الصرع العضوي العام مرض عصبي يحدث على شكل نوبات من التشنج والاختلاج القوي ، يتبعها استرخاء عام قد يؤدي إلى النوم العميق ، بينما صرع الأرواح الخبيثة يعزى لتسلط شيطاني على جسد الإنسان 0
ب)- إن الصرع العضوي غالبا ما يتم اكتشافه عن طريق تخطيط الدماغ الكهربائي ، وكما أشار الدكتور نبيل ماء البارد استشاري جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري ، بأن نسبة 25 % من حالات الصرع السريري يكون فيها تخطيط الدماغ طبيعيا والسبب غير معروف ، وربما يدخل في بعضها ما يسمى بالصرع الجني ، بينما صرع الأرواح الخبيثة يتم الكشف عنه بالرقية الشرعية عن طريق بعض الاخوة المعالجين 0
ج)- إن النوبات التي تواكب مرضى الصرع العضوي قد تصل إلى دقيقة واحدة أو أكثر بقليل ، بينما صرع الأرواح الخبيثة قد يستمر الأمر لعدة ساعات وقد يتعدى ذلك في بعض الحالات ليوم أو أيام 0
د)- من الملاحظ أن نوبات التشنج التي تصاحب مرضى الصرع العضوي لها نمط وطبيعة وشكل معين ، وأما بالنسبة لمرضى صرع الأرواح الخبيثة ، فليس لها طبيعة أو شكل معين ، ويعود الأمر إلى طبيعة وتصرف الروح الشيطانية الصارعة 0
هـ)- لا يستطيع مرضى الصرع العضوي من التكلم أو الحديث أثناء نوبات الصرع ، بينما صرعى الأرواح الخبيثة ، قد تنطق تلك الأرواح الشيطانية وتتحدث على لسان المصروع 0
و)- غالبا ما يصاحب مرضى الصرع العضوي زرقة شديدة نتيجة لصعوبة التنفس ، ويندر حصول ذلك مع صرعى الأرواح الخبيثة 0
ز)- يصاحب مرضى الصرع العضوي بول لاإرادي ، ويندر حصول ذلك مع مرضى صرع الأرواح الخبيثة 0
ح)- إن التشنج العصبي الخاص بمرضى الصرع الطبي يحول دون تمكن المريض من الناحية الطبية بالتحكم بأطرافه وتحريكها دون مانع أو عائق ، بينما مرضى صرع الأرواح الخبيثة يستطيعون ذلك دون أية عوائق تذكر 0
ط)- غالبا ما يصاحب مرضى الصرع الطبي ظهور زبد من الفم ( رغوة بيضاء ) ، ويندر حصول تلك الأعراض مع مرضى صرع الأرواح الخبيثة ، وفي حالة حصول ذلك فلا بد للمعالج من الأخذ بكافة النواحي الأخرى المتعلقة بالحالة لتحديد الفرق بين النوعين 0
ي)- يصاحب مرضى الصرع الطبي ومن خلال التوترات والتشنجات العصبية ضغط شديد للفكين والعض على اللسان ، بحيث يستخدم
الأطباء في هذه الحالة حافظا مطاطيا لوقاية اللسان من الإيذاء والضرر ، ويندر حصول مثل ذلك مع صرعى الأرواح الخبيثة 0
ك)- يصاحب مرضى الصرع الطبي طرف بالعينين – الرأرأة - ، وقد يشاهد ذلك لدى صرعى الأرواح الخبيثة ، ولتحديد المرض لا بد للمعالج من الربط بين كافة الأعراض الأخرى المتعلقة بالحالة المرضية ، لكي يقف على طبيعة المرض ، وتوجيه المريض الوجهة الصحيحة بناء على تلك المعطيات 0
ل)- إن تسليط مؤثر ضوئي على حدقتي مرضى الصرع العضوي ، غالباً ما يؤدي للاستجابة مع تلك المؤثرات بحيث تضيق حدقتا العين ، وأما بالنسبة لصرعى الأرواح الخبيثة ، فغالبا لا تكون هناك أي استجابة لحدقتي العين مع تلك المؤثرات الضوئية 0
م)- لا يصاحب مرضى الصرع الطبي أثناء الرقية الشرعية أية أعراض أو استجابات أو تأثيرات حقيقية تظهر على المريض ، بينما يحصل عكس ذلك تماما مع مرضى صرع الأرواح الخبيثة ، كالصراخ أو الضحك أو البكاء ، وتزداد تلك المؤثرات بزيادة الرقية واستمرارها 0
ن)- حدوث نوبات الصرع العضوي في أي وقت من ليل أو نهار ، ويكثر حصول ذلك عند النوم ، وأما صرعى الأرواح الخبيثة فلا يحصل ذلك إلا في حالة الرقية الشرعية ، أو الضيق أو الغضب أو الفرح أو الحزن أو الانبهار الشديد والذي يؤدي إلى ظهور تلك الأرواح كي تصرع المريض 0
س )- إن المصاب بالصرع العضوي يمكنه الشعور بقرب حالة النوبة الصرعية بدقائق ، وأما صرعى الأرواح الخبيثة فلا يشعرون بالنوبة إلا في حالة الرقية أو الضيق والغضب أو الفرح أو الحزن أو الانبهار 0
2)- صرع الجن للإنس :
إن الله سبحانه وتعالى جعل قدرة للجن والشياطين يستخدمونها في التسلط على الإنس بالإغواء والإضلال والوسوسة ، وكذلك فإن لهم القدرة على التسلط على جسد الإنسان بإمراضه بأنواع من الأمراض كالصرع والصداع ونحوه ، فتجد المصاب بالصرع يتخبط في حركاته وتصرفاته ، ولا يعقل من ذلك شيئا ، وسبب ذلك تسلط الكفرة والفسقة والعصاة من الجن على عقله وجسمه بحيث يصل إلى هذا الحال ، وما كان ذلك التسلط إلا بسبب العداوة المتأصلة بينهما 0
يقول الحافظ بن حجر في الفتح : ( وقد يكون الصرع من الجن ولا يقع إلا من النفوس الخبيثة منهم ، إما لاستحسان بعض الصور الإنسية ، وإما لإيقاع الأذية به 0 والأول هو الذي يثبته جميع الأطباء ويذكرون علاجه 0 والثاني يجحده كثير منهم ، وبعضهم يثبته ولا يعرف له علاج إلا بمقاومة الأرواح الخيرة العلوية ليندفع آثـار الأرواح الشريرة السفلية ، وتبطل أفعالها 0 وممن نص منهم على ذلك أبقراط ، فقال لما ذكر علاج المصروع هذا : إنما ينفع في الذي سببه أخلاط ، وأما الذي يكون من الأرواح فلا )( فتح الباري – 10 / 101 ) 0
وقد أشار إلى ذلك المفهوم الأستاذ سيد عبدالله حسين حيث يقول :
( فالجن بطبيعته متكبر يرى أنه أفضل من آدم وبنيه ، فيحتقرهم ، وذلك منذ الوجود ، ومنذ أمر الله له بالسجود لآدم وإبائه واستكباره ، فالعداوة متأصلة بينهما ، عميقة الجذور ، لهذا كان إبليس وأعوانه وذريته من الشياطين والمردة يبحثون دائما عن أذى بني آدم ، سواء كان الأذى في أجسامهم ، أو في أعمالهم ، أو بينهم وبين بعضهم ، أو بينهم وبين ربهم )( الجن في ذكر أحوال الجن – ص 80 – 81 ) 0
وهذه المسألة - صرع الجن للإنس - كانت مدار بحث من المتقدمين والمتأخرين في إمكانية حدوث ذلك فعلا ، والمتتبع للحق يجزم بأن المسألة قد تم إيضاحها في الكتاب والسنة ، وأن الأدلة القطعية قد جزمت بإمكانية ذلك ووقوعه فعلا ، ومن أنكر تلك الحقيقة اعتمد في قوله على أن عدم الوجدان يستلزم عدم الوجود ، وما من عاقل فهم معنى العلم إلا وعلم أن القاعدة العلمية المشهورة تقول : عدم الوجدان لا يستلزم عدم الوجود ، أي : عدم رؤيتك للشيء الذي تبحث عنه لا يستلزم أن يكون بحد ذاته مفقودا ، إذ أن الموجودات أعم من المشاهدات 0
سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن العلاقة بين الصرع وتلبس الجني للإنسي ؟؟؟
فأجاب – رحمه الله - : ( الصرع غشية وإغماء يعتري بعض الناس أحياناً ، وقد تطول مدته أياماً ، وقد يفيق بعد دقائق ، وسببه صداع في الرأس ، أو وهن في البدن ، أو إرهاق وتعب شديد يحصل منـه هذا الإغماء ، وقد يكون سببه تلبس الجني بالإنسي الذي هو ملاطفته وغلبة الجني على روح الإنسي ، بحيث يداخله جميعه ثم يحصل منه عند ملابسته أن يصرع الإنسي حتى يغلب على عقله ويتكلم بما لا يقصده ، وينطق الجني على لسانه ، وعلاجه أن يرقى رقية شرعية بالقراءة وتكرار القراءة بقوة ونشاط ، وقد لا يخرج إلا بالضرب الشديد ويقع على الجني ولا يحس به الإنسي بعد إفاقته ، والحصن من الجن بذكر الله ، ودعائه ، وتلاوة كلامه ، والاستعاذة من شر الشياطين ، والله أعلم )( مخطوطة بخط الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – بحوزة الشيخ علي بن حسين أبو لوز – ص 295 ) 0
قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – حفظه الله - : ( والصرع نعوذ بالله منه نوعان :
1- صرع بسبب تشنج الأعصاب : وهذا مرض عضوي يمكن أن يعالج من قبل الأطباء الماديين بإعطاء العقاقير التي تسكنه أو تزيله بالمرة 0
2- وقسم آخر بسبب الشياطين والجن : يتسلط الجني على الإنسي فيصرعه ويدخل فيه ويضرب به على الأرض ويغمى عليه من شدة الصرع ولا يحس 0
ويتلبس الشيطان أو الجني بنفس الإنسان ويبدأ يتكلم على لسانه ، والذي يسمع الكلام يقول أن الذي يتكلم الإنسي ولكنه الجني ! ولهذا تجد في بعض كلامه الاختلاف لا يكون ككلامه وهو مستيقظ لأنه يتغير بسبب نطق الجني 0
هذا النوع من الصرع - نسأل الله أن يعيذنا وإياكم منه ومن غيره من الآفات - هذا النوع علاجه بالقراءة من أهل العلم والخير 0
أحيانا يخاطبهم الجني ويتكلم معهم ويبين السبب الذي جعله يصرع هذا الإنسي 0 وأحيانا لا يتكلم وقد ثبت هذا !! أعني صرع الجني للإنسي بالقرآن والسنة والواقع )( شرح رياض الصالحين - 1 / 177 ، 178 )
قال الشيخ أبو بكر الجزائري - رحمه الله - : ( ونعني بالصرع الدال على وجود الجن والشياطين ، الصرع الذي سببه الأرواح الخبيثة ، ذاك الصرع الذي وقف الطب حتى في أيام تقدمه ، وقف حياله لا يبدي ، ولا يعيد ، فإنه من آثار الجان والشياطين ، ودليل قاطع على وجودهم )( عقيدة المؤمن – ص 210 ) 0
وقال - رحمه الله - : ( واعلم أن المس قد يصيب الإنسان بأذى لا سيما الظلمة منهم والكفار وشرارهم ، والعلاج مكتوب بقراءة الفاتحة وآية الكرسي والحمد والمعوذتين ، إلا أن الشفاء يتوقف على قوة إيمان الراقي وطهارة نفسه وأنه قد يؤثر على الجن 0
وأما حل المعصوب فقد ذكر القرطبي في تفسيره عند آية " ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم " من الجزء الأول من سورة البقرة ذكر طريقة لحل المعصوب ( أي المربوط ) عن زوجته 0
وأمامك الإطلاع عليها واستعمالها لمعصوب إن كان ، والشفاء من الله تعالى والرقيا سبب والله المستعان )( نقلاً عن مرجع المعالجين من القرآن الكريم والحديث الشريف – ص 250 ) 0
قلت : عدت لتفسير القرطبي كما أشار فضيلة الشيخ أبو بكر الجزائري إيضاح الطريقة التي ذكرها في حل المعصوب فلم أجد كلاماً بخصوص ذلك ، وربما قصد الشيخ طريقة استخدام السدر وهي مدونة في تفسير ابن كثير في شرح الآية السابقة والله تعالى أعلم 0
هذا ما تيسر لي أخيتي الفاضلة ( أم غادة ) ، زادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0