مقدمه
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاه والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين
اما بعد
اقدم لكم هذا البحث المتواضع بعنوان حرق الجان بين المطرقه والسندان ولعل السبب الذي دعاني الى بحث هذه المسأله هو الخلاف الحاصل بين الرقاه حول هذا الموضوع فقمت بالتواصل مع عدد كبير من الرقاه لبحث هذه المسأله وقد تباينت مواقفهم بين من ينفي ومن يثبت ومن يتوقف ايضا قمت بالاطلاع على عدد من منتديات الرقيه لاخذ صوره اكبر وفكره اشمل عن الموضوع كذلك رجعت الى العديد من الكتب والمراجع التي تتحدث عن الجان او عن الرقيه الشرعيه او عن الاعراض النفسيه المرتبطه بهذا الموضوع واطلت النظر في الادله النقليه والحسيه بهذا الخصوص لكي اتمكن من اعداد هذا البحث وتقديمه لكم على هذه الصوره ولعلني استطيع بهذا البحث نزع فتيل الخلاف حول هذه المسأله وضبطها بالضوابط الشرعيه ونبذ الاختلاف عملا بقول الله تعالى
(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم اياته لعلكم تهتدون )
ينقسم الرقاه حول مسألة حرق الجان الى ثلاثة اقسام
1/ قسم يثبت حرق الجان ويؤمن به
2/ قسم ينفي حرق الجان ولايؤمن به
3/ قسم يتوقف عن الخوض في هذه المسأله
أدلة الطرف الذي يؤمن بالحرق
يقولون ان هذا الامر ثبت لدى عدد كبير من الرقاه حيث ان الجن اعترفوا بألسنتهم اثناء الرقيه ان القران يحرقهم ويقولون ايضا من علامات الحرق شعور المريض بحراره في جسده او بعض اجزاء جسده وكذلك يقولون ان المريض يتصبب عرقا اثناء الرقيه وعندما يغمض عينيه فانه يرى نارا او شهبا او يرى الجان يحترق وربما يرى ذلك في منامه ويقولون ايضا ان المريض يشم رائحة اشياء محترقه اثناء الرقيه
وجميع هذه الادله نستطيع ان نضبطها بضابط وهو انها ادله حسيه ليست قطعية الدلاله وانه ليس هناك دليل نقلي من الكتاب والسنه يثبت مسألة حرق الجان
ادلة الطرف الذي لايؤمن بالحرق
يقولون ان الجان مخلوق حي مثل الانسان فلو اننا قرأنا القران على انسان غير مسلم فهل يحترق بالتأكيد فانه لن يحترق اذن فالجان كذلك لايحترق
يقولون ايضا لو كان الجان يحترق داخل جسم الانسان كما تحترق المحسوسات كالخشب مثلا فان هذا سوف يؤذي الانسان وربما يتلف عضو من اعضائه
يقولون ايضا ان اعتراف الجن بذلك ليس حجه لان الكذب في الجن جبله جبلوا عليها
وجميع هذه الادله نستطيع ان نضبطها بضابط وهو انها ادله حسيه وليست قطعية الدلاله وانه ليس هناك دليل نقلي من الكتاب والسنه ينفي مسألة حرق الجان
الحكم على ادلة الفريقين
يتضح مما سبق ان الفريقين يحتجون بأدله حسيه وليس لديهم أي دليل نقلي يثبت المسأله او ينفيها وبناء عليه سوف نقوم بما يسمى في الفقه بالترجيح بين الادله وسوف نضعها في كفتي الميزان للفصل بينها او ترجيح طرف على الطرف الاخر وسوف نضع المشكله برمتها تحت المجهر للبحث عن سبب الإشكال لعلنا نستطيع نزع فتيل الخلاف والله المستعان
قرينه تحت المجهر
إن الاخوه الرقاه الذين يتحسسون من مصطلح حرق الجان يظنون ان المقصود بها الحرق الحقيقي بحيث ان الجان يحترق كما تحترق المحسوسات كالخشب مثلا عندما نعرضه للنار وسبب هذا التحسس هو ان هذا المصطلح غير مقيد بمعنى محدد وانه مطلق فضفاض واسع ربما يدل على عدة احتمالات
قرينه تحت المجهر
هناك بعض الاخوه الرقاه يعتقدون ان حرق الجان مشابه تماما لحرق المحسوسات كالخشب عندما نعرضه للنار وقد اخطأوا في التقدير والإجتهاد والتشبيه فان هذا الامر لايقبله العقل اطلاقا ولو افترضنا ذلك وكان الجان ملابس لجسم الانسان من رأسه الى اخمص قدميه فقرأنا عليه القران واحترق الجان حرقا حقيقيا فان هذا يعني انه من المفروض ان يتحول جسد هذا الانسان الى كتله من اللهب
قرينه تحت المجهر
شعور المريض بحراره في جسده او في احد اطرافه وتصببه عرقا اثناء الرقيه هذا من الامور التي ثبتت عند الرقاه ولاننفيها ولكنها تحتمل عدة احتمالات بل انني لا ابالغ لو قلت لكم ان هذا الامر ربما يكون له اكثر من مئة احتمال من ابسطها شعور الانسان بالخوف والرهبه او بالاحراج تجعله يتصبب عرقا فلا نريد ان نجعل من هذا الامر حجه نحتج بها على حرق الجان وهناك احتمال اخر وهو ان هذا الامر ربما يكون ردة فعل من الجان وربما يكون هذا الامر من الفأل الطيب الذي يدل على ضعف الجان ضعفا شديدا ولعل الله اذن بقتله وهلاكه ويظل الباب مفتوحا لاحتمالات كثيره لانستطيع ان نجزم جزما قاطعا على أي منها لان المخلوق الذي نتعامل معه مخلوق غير مرئي لانستطيع ان نخضعه للتجربه او نضعه تحت المجهر ونراقب ماذا يحدث له
قرينه تحت المجهر
هناك قله قليله جدا من الرقاه والحمد لله انهم قله يقولون ان المريض يشم رائحة حريق اثناء الرقيه وهذا دليل على حرق الجان وهؤلاء سيطرت عليهم فكرة حرق الجان وآمنوا بان الحرق حرق حقيقي ونقلوا هذه الفكره الى المرضى عن طريق الايحاء فأصبح المريض لديه استعداد ذهني لهذا الامر واصبح يترقب متى سيحترق هذا الجان وهذا يجعله معرض للانسياق خلف الهواجس سواء كانت سمعيه او بصريه او ان يشم رائحه وربما لو اغمض عينيه لرأى نارا تشتعل وربما ايضا يرى الجان يحترق وربما يرى ذلك في منامه ولعلي اضرب مثال على هذه المسأله وهي مسأله نفسيه عصبيه بحته فلو اننا قبضنا على انسان وقمنا بتكتيفه ووضعنا على رأسه من الخلف قطعة حديد وقلنا له هذا مسدس وسوف نفجر رأسك الان فمالذي سيحدث له سوف تطرأ عليه امور كثيره نفسيه وعصبيه وانفعاليه وفكريه وربما يرى شريط حياته يمر من أمام عينيه وربما يتعرق وربما يشعر بحراره وربما يشم رائحة الدماء التي سوف تنفجر من رأسه بعد قليل والسبب في ذلك كله هو الايحاء بفكره معينه ولعلي استرسل في شرح هذا الامر لانني اجد عدد من الاخوه الرقاه هدانا الله واياهم لديهم جهل بالجوانب النفسيه والعصبيه والانفعاليه , قام الالمان في عهد هتلر بإجراء تجربه على عدد من الاسرى حيث اوهموهم بأنهم سوف يحقنونهم بحقنه سامه تقضي عليهم وقاموا بحقنهم بحقن تحتوي على فيتامينات ومواد مغذيه وفي خلال ثلاثة ايام توفي اربعه من هؤلاء الاسرى بسبب فكرة الايحاء فاذا كانت فكرة الايحاء لها هذا المفعول القوي الذي قد يؤدي الى الوفاه فإنه من باب اولى ان يكون لها تأثير على الحواس كالسمع والبصر والشم
قرينه تحت المجهر
قول الجان اثناء الرقيه لبعض الرقاه احرقتنا يحتمل عدة وجوه فربما يكون هذا القول منهم ردة فعل عندما يقول له الراقي سوف احرقك فيرد عليه ويقول لاتحرقني وربما يكون معنى ذلك لاتهلكني او لاتقتلني او لاتعذبني وربما يكون ذلك من تلاعب الابالسه والجن وتلبيسهم وربما يكون بسبب العقل الباطن والفعل وردة الفعل وهذا لايعتبر دليلا قطعيا على حرق الجان حرقا حقيقيا بل انه ثبت لدينا بعدة تجارب من رقاة ثقات ان المريض كان يصرخ ويقول انا جني واسمي فلان ويطلب من الشيخ ان لايحرقه وهذا المعالج قد فتح الله عليه وهداه الى الاعتدال وقوة الفراسه فاكتشف انه لايعاني من المس اطلاقا وان كل هذه الامور التي يتفوه بها ليست صحيحه وان الذي يتحدث معه هو العقل الباطن فتم توجيهه الى العلاج النفسي فتحسنت اموره وذهبت عنه كل تلك الاعراض التي كان يشكو منها
وانا من خلال هذه الجزيئه اطلب من الرقاه ان لايتحدثوا مع المريض وان لايحرصوا على استنطاق الجان لانهم بهذه الطريقه يستدرجون العقل الباطن للمريض من حيث لايشعرون ويعززون فكرة الإيحاء
القول الفصل في المسأله
نقول ان حرق الجان هو مصطلح لغوي يحتاج الى ضبط ولابد ان نعرفه بتعريف دقيق يتوافق مع الادله النقليه والحسيه ولعلي اصيغ هذا التعريف فأقول مستعينا بالله
حرق الجان المقصود به / قراءة القرآن على الجان الملابس لجسم الانسان بقصد إلحاق الاذى به او إيقاع الضرر عليه لطرده خارج الجسم او اضعافه ضعفا شديدا او قتله واهلاكه باذن الله وليس لدينا تصور كامل عن كيفية حدوث هذا الامر لان الجان مخلوق غير مرئي .
وكما يقول الفقهاء لامشاحة في الاصطلاح أي لاحرج في الاصطلاح انما المهم هو المضمون الذي نعنيه بهذا الاصطلاح ويجب ان يكون المضمون صريحا ودقيقا يدل على امر معين مثلما نقول مكه او بكه او ام القرى هذه الثلاثه كلها مصطلحات لغويه تدل على مضمون واحد وهو البلد الحرام الذي يوجد فيه البيت الحرام الكعبه المشرفه
وهذا المصطلح له اشباه مثل مايسمى بحرق الدهون فهو مصطلح يدل على العمليات الحيويه التي تتم داخل جسم الانسان عند ممارسته للتمارين الرياضيه بهدف تفكيك الدهون واذابتها وتحويلها الى جزيئات صغيره ليسهل طردها خارج الجسم
اننا عندما نستخدم مصطلح حرق الدهون لانقصد به اطلاقا ان هذا الحرق حرق حقيقي مشابه لحرق المحسوسات كالخشب عند تعريضه للهب النار انما هو مصطلح لغوي يدل على مضمون محدد ومقيد
ايضا عندما يقول الشخص احرقتني اشعة الشمس هذا مصطلح لغوي يعبر عن حالة الالم التي يشعر بها نتيجة تعرضه لاشعة الشمس ولايقصد اطلاقا انه احترق كما يحترق الخشب
وبهذه الطريقه نستطيع ان نضبط مصطلح حرق الجان بمضمون وتعريف يتفق عليه الجميع حيث ان الكل يؤمنون بأن للقران تأثيرا كبيرا على الجان الملابس لجسم الانسان , ولعلنا نعيد كتابة هذا التعريف فيكون كالتالي
حرق الجان المقصود به / قراءة القرآن على الجان الملابس لجسم الانسان بقصد إلحاق الاذى به او إيقاع الضرر عليه لطرده خارج الجسم او اضعافه ضعفا شديدا او قتله واهلاكه باذن الله وليس لدينا تصور كامل عن كيفية حدوث هذا الامر لان الجان مخلوق غير مرئي .
الخاتمه
اسأل الله ان يتقبل هذا الجهد المتواضع وان يجعل فيه الفائده لكل من يقرأه او يطلع عليه.
ولعلي اتوجه الى الرقاه بكلمه
فأقول ارجو ان يكون لديكم اهتمام وعنايه شديدين بالادله والحجج والبراهين فمن كان معه دليلا نقليا من الكتاب والسنه قطعي الدلاله
فلا يسعنا ان نقول له الا السمع والطاعه لله ولرسوله
ومن كانت ادلته حسيه فإنني اقول له لاتجزم في المسأله فان ادلتك ليست قطعية الدلاله انما هي اجتهادات قد تكون صائبه موفقه وقد تكون خاطئه فعليك ان تأخذ بالاحوط والاسلم فتقول اظن واالله اعلم ان الامر كذا وكذا وادلتي هي كذا وكذا فيتم عرض الادله وترجيحها مع الادله التي تضادها ثم يؤخذ بالارجح مع تغليب الظن ورد العلم الى الله من باب الاحتياط في الاجتهاد وارجو من الرقاه جميعا عدم القفز بالجزئيات لاطلاق الحكم على الكليات والله الهادي الى سواء السبيل
الفقير الى الله
باحث في الاعجاز العلمي في الكريم والسنه النبويه المطهره
1 / 2 / 1433