علاج مداخل الشيطان
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد
فقد ذكرت في مقال سابق أن من مداخل الشيطان :
1.التحريش بين المسلمين وإساءة الظن .
2.تزيين البدعة للإنسان .
3.تضخيم جانب على حساب جانب آخر .
4.التسويف والتأجيل .
5.الكمال الزائف .
6.عدم التقدير الصحيح للذات وقدراتها .
7.التشكيك .
8.التخويف .
9.سوء الظن بالمسلمين .
وهذه المداخل يمكن علاجها عن طريق تطهير القلب من هذه الصفات المذمومة .. فإذا قطعت من القلب أصول هذه الصفات كان للشيطان بالقلب اجتيازات وخطرات ولم يكن له استقرار ، ويمنعه من الاجتياز ذكر الله تعالى لأن حقيقة الذكر لا تتمكن من القلب إلا بعد عمارة القلب بالتقوى وتطهيره من الصفات المذمومة ، وإلا فيكون الذكر حديث نفس لا سلطان له على القلب فلا يدفع سلطان الشيطان ، ولذلك قال تعالى : (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) خصص بذلك المنقى فمثل الشيطان كمثل كلب جائع يقرب منك فإن لم يكن بين يديك خبزا ولحم فإنه ينزجر بأن تقول له : إخسأ فمجرد الصوت يدفعه فإن كان بين يديك لحم وهو جائع فإنه يهجم على اللحم ولا يندفع بمجرد الكلام ..
ومما يعتصم به العبد من الشيطان ويستدفع شره ويحذر منه :
1. الإستعاذة بالله من الشيطان . قال تعالى : ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه هو السميع العليم ) فصلت:36 ، وفي موضع آخر (إنه سميع عليم)الأعراف:200 ، وقد تقدم أن السمع المراد به هنا سمع الإجابة لا مجرد السمع العام ، تأمل سر القرآن كيف أكد الوصف بالسميع العليم بذكر صبغة (هو) الدال على تأكيد النسبة واختصاصها وعرف الوصف بالألف واللام في سورة حم لاقتضاء المقام لهذا التأكيد ، وتركه في سورة الأعراف لاستغناء المقاأأم عنه ، فإن الأمر بالاستعاذة في سورة حم وقع بعد الأمر بأشق الأشياء على النفس وهو مقابلة اساءة المسيء بالإحسان إليه . وهذا الأمر لا يقدر عليه إلا الصابرون ولا يلقاه إلا ذو حظ عظيم كما قال تعالى والشيطان لا يدع العبد يفعل هذا بل يريه أن هذا ذل وعجز ، ويسلط عليه عدوه فيدعوه إلى الانتقام ويزينه له فإن عجز عنه دعاه إلى الإعراض عنه وأن لا يسيء اليه ولا يحسن فلا يؤثر الاحسان الى المسيء الا من خالفه وآثر الله وماعنده على حظه العامل ، فكان المقام مقام تأكيد وتحريض فقال فيه : ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه هو السميع العليم ) فصلت :36 ، وأما في سورة الاعراف فإنه أمره أن يعرض عن الجاهلين وليش فيها الأمر بمقابلة اساءتهم بالإحسان بل بالإعراض وهذا سهل على النفوس غير مستعصي عليها فليس حرص الشيطان وسعيه في دفع هذا كحرصه على دفع المقابلة بالاحسان .
2. قراءة سورة الفلق والناس فإن لهما تأثير عجيبا في الاستعاذة بالله من شر الشطيان ودفعه والتحصن منه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ماتعوذ المتعوذون بمثلهما )
وفي الحديث أن من قرأهما مع سورة الاخلاص ثلاثا حين يمسي وثلاثا حين يصبح كفته من كل شيء
3 .قراءة آية الكرسي ، عن أبي هريرة قال " وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته فقلت والله لأرفعنك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة قال: فخليت عنه فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة قال قلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيال فرحمته فخليت سبيله قال: أما انه قد كذبك وسيعود فعرفت انه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيعود. فرفضته فجاء يحثو الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال لا أعود فرحمته فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة ما فعل أسيرك فقلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيال فرحمته فخليت سبيله قال أما انه قد كذبك وسيعود فرفضته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه آخر ثلاث مرات أنك تزعم ألا تعود ثم تعود قال دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت ما هو قال إذا آويت إلى فراشك فقرأ آية الكرسي (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّوم ) حتى تختم الآية لايزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح فخليت سبيله فأصبحت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك البارحة فقلت يا رسول الله زعم انه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله قال ما هي قلت: قال لي إذا آويت إلى فراشك فقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية ) اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ.( وقال لي لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح وكانوا أحرص شي على الخير فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما انه قد صدقك وهو كذوب تعلم من تخاطب من ثلاث ليال يا أبا هريرة قال : لا قال : ذاك الشيطان " هذا الحديث أخرجه البخاري
4. قراءة سورة البقرة وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر وان البيت الذي تقرأ فيه البقرة لا يدخله الشيطان )
5. قراءة خواتم سورة البقرة . وفي حديث ابو موسى الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه ، وفي الترمذي عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق بألفي عام انزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة فلا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربهم شيطان )
6. قول ( لا إله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مره فهذا حرز عظيم النفع جليل الفائدة يسير سهل على من يسره الله عليه .
7. كثرة ذكر الله وفي الحديث ( ... وأمركم أن تذكروا الله فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا حتى اتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله ...) الحديث ، فقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ان العبد لا يحرز نفسه من الشيطان الا بذكر الله وهذا بعينه هو الذي دلت عليه سورة الناس ، فإنه وصف الشيطان فيها بأنه الخناس والخناس الذي اذا ذكر العبد انخنس وتجمع وانقبض واذا غفل عن ذكر الله التقم القلب والقى اليه الوساوس التي هي وساوس الشر كله فما احرز العبد نفسه من الشيطان بمثل ذكر الله عز وجل .
8. الوضوء والصلاة ، وهذا من أعظم مايتحرز منه ، ولا سيما عند توارد قوة الغضب والشهوة ، فإنها نار تغلي في قلب ابن ادم ، كما في الترمذي من حديث ابي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : ( الا وان الغضب حمرة في قلب ابن ادم اما رأيتم الى حمرة عينيه وانتفاخ اوداجه فمن احس بشيء من ذلك فليلصق بالارض ) وفي اثر اخر ( ان الشيطان خلق من نار وإنما تطفأ النار بالماء )
9. امساك فضول النظر والكلام والطعام والمخالطه فان الشيطان انما يتسلط على ابن ادم وينال منه غرضه من هذه الأبواب الاربعة ( النظرة سهم مسموم من سهام ابليس) واما فضول الكلام فانها تفتح بالعبد ابوابا من الشر كلها مداخل للشيطان فامساك فضول الكلام يصد عنه تلك الابواب كلها وكم من حرب جرتها كلمه واحده . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ : ( وهل يكب الناس على مناخرهم في النار الا حصائد السنتهم ) وفي الترمذي ان رجلا من الانصار توفي فقال بعض الصحابة : طوبى له قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فما يدريك فلعله تكلم بما لا يعنيه او بخل بملا ينقصه )وأكثر المعاصي انما تولدت من فضول الكلام والنظر وهما اوسع مداخل الشيطان فان جارحتيهما لا يملان ولا يسئمان بخلاف شهوة البطن فانه اذا امتلأ لم يبق فيه ارادة للطاعم واما العين واللسان فلو تركا لم يفترا من النظر والكلام فجنايتهما متسعة الأطراف كثرية الشعب وعظيمة الأفات واما فضول الطعام فهو داعي إلى انواع كثيرة من الشر فأنه يحرك الجوراح الى المعاصي ويثقلها على الطاعات وحسبك بهذين شراً فكم من معصية جلبها الشبع وفضول الطعام وكم من طاعة حال دونها فمن وقي شر بطنه فقد وقي شراً عظيما والشيطان أعظم مايتحكم من الإنسان اذا ملا بطنه من الطعام ولهذا جاء في بعض الأثار ضيق مجاري الشيطان بالصوم وقال النبي صلى الله عليه وسلم.. (ماملا ادمي وعاء شراً من بطنه) ولولم يكن في الامتلاء من الطعام الا أنه يدعوا إلى الغفلة عن ذكر الله عز وجل وإذا غفل القلب عن الذكر ساعة واحده جثم عليه الشيطان ووعده ومناه وشهاه وهم به في كل وادي فأن النفس إذا شبعت تحركت وجالت وطافت على أبواب الشهوات وإذا جاعت سكنت وخشعت وذلت وأما فضول المخالطة فهي الداء العضال الجانب لكل شر وكم سلبت المخالطة والمعاشرة من نعمه وكم زرعت من عداوة وكم غرزت من حزازات تزول الجبال الراسيات وهي في القلب لاتزول وإنما ينبغي للعبد ان يأخذ من المخالطة بمقدار الحاجة ويجعل الناس فيها أربعة أقسام متى خلط احد الأقسام بالأخر ولم يميز بينها دخل عليه الشر.
احدهما من مخالطته كالغذاء وهؤلاء هم العلماء بالله وأمره ومكايد عدوه وامراض القلوب الناصحون لله ولكتابه ولرسوله ولخلقه فهذا الضرب مخالطتهم هي الربح كله
الثاني: من مخالطته كالدواء يحتاج إليه عند المرض فمادمت صحيحا فلا حاجة لك في خلطته وهم مالا يستغنى عن مخالطتهم في مصلحة المعاش وقيام ماأنت محتاج إليه من أنواع المعاملات والمشاركات والاستشارة والعلاج للأدواء ونحوها.
الثالث: وهم من مخالطته كالداء على اختلاف مراتبه وأنواعه وقته وضعفه فمنهم من مخالطته كالداء العضال والمرض المزمن وهوا من لا تربح عليه في دين ولا دنيا ومع ذالك فلابد من ان تخسر عليه الدين والدنيا او احدهما فهذا ان تمكنت مخالطته واتصلت فهي مرض الموت المخوف ، ومنهم من مخالطته كوجع الضرس يشتد ضرباً عليك فإذا فارقك سكن الألم ومنهم من مخالطته حمى الروح وهوا الثقيل البغيض العقل الذي لايحسن أن يتكلم فيفدك ولا يحسن أن ينصت فيستفيد منك ولا يعرف نفسه فيضعها في من زلتها بل أن تكلم فكلامه كالعصي تنزل على قلوب السامعين مع إعجابه.
الرابع: من مخالطته الهلك كله ومخالطته كمنزلة أكل السم لا كثرهم الله وهم أهل البدع والضلالة الصادون عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الداعون الى خلافها الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا.
أعاذنا الله واياكم من شر الشيطان وشركه ..
منقول من موقع : روح الإسلام
أخوكم / المشفق