الإخوة أعضاء وزوار ( منتدى الرقية الشرعية ) حفظهم الله ورعاهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
( ليلة القدر )
الحمد لله رب العالمين ، مفضل الأماكن والأزمان على بعضها بعضا ،الذي أنزل القرآن في الليلة المباركة ، والصلاة والسلام على من شد المئزر في تلك الليالي العظيمة المباركة ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه الغر الميامين .. أما بعد ،،،
* اختصاص هذه الأمة بليلة القدر :
لقد اختص الله تبارك وتعالى هذه الأمة المحمدية على غيرها من الأمم بخصائص ، وفضلها على غيرها من الأمم بأن أرسل إليها الرسل وأنزل لها الكتاب المبين كتاب الله العظيم ، كلام رب العالمين في ليلة مباركة هي خير الليالي ، ليلة اختصها الله عز وجل من بين الليالي ، ليلة العبادة فيها هي خير من عبادة ألف شهر ، وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر .. ألا وهي ليلة القدر مبيناً لنا إياها في سورتين :
* قال تعالى في محكم كتابه : ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) ( سورة القدر ) .
* وقال سبحانه وتعالى في محكم كتابه : ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فيها يُفرَقُ كلُ أمرٍ حكيم ) ( سورة الدخان – الآية 3 ، 4 ) .
* سبب تسميتها بليلة القدر :
يقول العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - :
أولا : سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم ، أي ذو شرف .
ثانيا : أنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة ، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام ، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه .
ثالثا : وقيل لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) ( متفق عليه ) .
- لشرفها وعظيم قدرها عند الله .
- وقيل لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، لقوله تعالى: "فيها يفرق كل أمر حكيم" .
- وقيل لأنه ينزل فيها ملائكة ذوات قدر .
- وقيل لأنها نزل فيها كتاب ذو قدر، بواسطة ملك ذي قدر، على رسول ذي قدر، وأمة ذات قدر .
- وقيل لأن للطاعات فيها قدراً عظيماً .
- وقيل لأن من أقامها وأحياها صار ذا قدر.
والراجح أنها سميت بذلك لجميع هذه المعاني مجتمعة وغيرها، والله أعلم .
* علامات ليلة القدر :
يقول العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - أن لليلة القدر علامات مقارنة وعلامات لاحقة :
* العلامات المقارنة :
أولاً : قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة ، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني كنت أُريت ليلة القدر ثم نسيتها ، وهي في العشر الأواخر، وهي طلقة بلجة لا حارة ولا باردة، كأن فيها قمرا يفضح كواكبها ، لا يخرج شيطانها حتى يخرج فجرها ) ( رواه ابن حبان .
ثانياً : الطمأنينة ، أي طمأنينة القلب ، وانشراح الصدر من المؤمن ، فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر من مما يجده في بقية الليالي .
ثالثاً : أن الرياح تكون فيها ساكنة أي لا تأتي فيها عواصف أو قواصف ، بل بكون الجو مناسبا .
رابعاً : أنه قد يُري الله الإنسان الليلة في المنام ، كما حصل ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم .
خامساً : أن الانسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي .
* العلامات اللاحقة :
أولاً : أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع ، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام ، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنها تطلع يومئذ ٍ لا شعاع لها ) (رواه الإمام مسلم ) .
ومنها كذلك :
- أن تكون لا حارة ولا باردة : لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ليلة القدر ليلة طلقة لا حارة ولا باردة ، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة ( رواه ابن خزيمة وصححه الألباني ) .
وهناك علامات أخرى لكنها لا تثبت مثل : أنه لا تنبح فيها الكلاب ، ولا يُرمى فيها بنجم ، أو أن ينزل فيها مطر .
* فضائل ليلة القدر :
أولاً : أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن ، قال تعالى في محكم كتابه ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ( سورة القدر ) .
ثانياً : أنها ليلة مباركة ، قال تعالى في محكم كتابه : ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ) ( سورة الدخان – الآية 3 ) .
ثالثاً : يكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام ، قال تعالى في محكم كتابه : ( فيها يُفرَقُ كلُ أمرٍ حكيم ) ( سورة الدخان – الآية 4 ) .
رابعاً : فضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي ، قال تعالى في محكم كتابه : ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) ( سورة القدر - الآية 3 ) .
خامسأ : تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة ، قال تعالى في محكم كتابه : ( تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ) ( سورة القدر – الآية 4 ) .
ثبت في الصحيح : ( ليلة القدر ليلة سابعة أو تاسعة وعشرين ، إن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى ) ( حديث حسن – السلسلة الصحيحة 2205 ) .
سادساً : ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر ، وتكثر فيها السلامة من العذاب ولا يخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها فهي سلام كلها ، قال تعالى في محكم كتابه : ( سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) ( سورة القدر – الآية 5 ) .
سابعاً : فيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) ( متفق عليه ) .
* فضائل ليلة القدر :
تلتمس ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، خاصة في الوتر منها، سيما ليلتي إحدى وعشرين وسبع وعشرين، وأرجحها ليلة سبع وعشرين.
فقد ثبت عن عمر رضي الله عنهما أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر ) ( متفق عليه ) .
وعند مسلم : ( التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أوعجز فلا يغلبن على السبع البواقي ) ( السلسلة الصحيحة 1471 ) .
وعن عائشة رضي الله عنها كذلك : ( تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ) ( متفق عليه ) .
ذهب علي، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة من الصحابة، والشافعي وأهل المدينة ومكة من الأئمة إلى أن أرجى لياليها ليلتا إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، وقد رجح ذلك ابن القيم - رحمه الله - .
* هل هناك عمل أفضل من ليلة القدر :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود ) ( حديث صحيح – السلسلة الصحيحة 1068 ) .
عن أبي هريرة أنه : كان في الرباط ، ففزعوا ، فخرجوا إلى الساحل ، ثم قيل : لا بأس ، فانصرف الناس ، وأبو هريرة واقف ، فمر به إنسان ، فقال : ما يوقفك يا أبا هريرة ؟ فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .
* ما أفضل ما ندعو به في ليلة القدر :
عن عائشة – رضي الله عنها - أنها قالت : يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أدعو قال : تقولين " اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني : ) ( حديث صحيح - المشكاة 2091 ) .
وأخيراً احذري أخيتي الصائمة أن ينسلخ رمضان ولم تكن من المغفور لهم، فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال : ( آمين، آمين، آمين!"، قيل: يا رسول الله، إنك صعدت المنبر فقلت "آمين، آمين، آمين"، قال: "إن جبريل أتاني، فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له، فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين؛ فقلت: آمين؛ ومن أدرك أبويه أوأحدهما فلم يبرهما، فمات، فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين؛ فقلت: آمين؛ ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك، فمات، فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين؛ فقلت: آمين ) ( حديث صحيح ) 0
واعلمي أن الأعمال بخواتيمها، فإذا فاتك الاجتهاد في أول الشهر فلا تغلب على آخره، ففيه العوض عن أوله .
هذا ما تيسر لي بخصوص هذا الموضوع ، سائلاً المولى ىعز و جل أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0