إستقبال شهر رمضان
لفضيلة الشيخ الدكتور صالح السحيمي حفظه الله تعالى..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنامن يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد فأيها الإخوة في الله :
فإن المؤمن الحريص على تقوية إيمانه وزيادته يحرص كل الحرص على اغتنام كل فرصة تعرض له لا يفوتها بل يحرص إلى أن يضيف إلى رصيد حسناته من الأعمال الصالحة ما ينفعه الله به في تثقيل موازينه يوم توزن الأعمال{فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ**والهاوية هي النار والعياذ بالله.
ويقول تبارك وتعالى **فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ**.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم "الطهور شطر الإيمان,والحمد لله تملأ الميزان,وسبحان الله والحمد لله تملأن أو تملأ ما بين السماء والأرض" كما ثبت من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه.
وأخر حديث في صحيح الإمام البخاري وهو متفق عليه أيضا حديث" كلمتان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم"
ففي مثل هذه الأيام المباركة التي يُضُلنا فيها هذا الشهر الكريم بضلاله الوارثة يغتنم المسلم كل فرصة تعرض له فلا يفوتها دون أن يودع فيها عملا صالحا يدخره عند مولاه كي يكون ذخر له يوم الحاجة إلى مثقال ذرة من الحسنات **فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ**.
فنستغل يرعاك الله أخي المسلم تصفيد الشياطين وفتح أبواب الجنة وإغلاق أبواب النار حتى نحصل على الخير الموعود من رب العالمين والله تبارك وتعالى لا يخلف الميعاد.
تكثروا من الأعمال الصالحة من الصيام والقيام وإطعام الطعام وتفطير الصائم وإعانة ذوي الحاجات وإغاثة الملهوف,ومساعدة إخوانك الفقراء والمساكين ومد يد العون لهم بقدر ما تستطيع اتقي النار ولو بشق ثمرة,لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق.
ففي مثل هذه الأيام المباركة التي تضاعف فيها الحسنات وتقال فيها العثرات وترفع فيها الدرجات,إلجأ إلى ربك سبحانه وتعالى وتزود من الأعمال الصالحة التي تقربك إلى الله تبارك وتعالى على أن تكون هذه الأعمال خالصة لوجه الله لا يخالطها رياء ولا سُمعة ولا إرادة لأغراض الدنيا وأعراضها وحُطامها الزائل وإنما نبتغي بذلك وجه الله جلا وعلا, وكذلك لابد أن يكون العمل مطابقا لهدي رسول الله فصلى الله عليه وسلم بأن يكون عليه دليل ثابت في كتاب الله جلا وعلا أو في سُنة رسوله صلى اله عليه وسلم,وأن يكون وفق فهم سلفنا الصالح ,نتزود من الأعمال التي تقربنا إلى الله عز وجل كما قال الله تبارك وتعالى حاثا المؤمنين على أن يجتهدوا في الأعمال الصالحة وكل وسيلة تقربهم إلى الله جلا وعلا قال سبحانه وتعالى **يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ**والوسيلة هنا هي الأعمال الصالحة التي أخلص فيها صاحبها عمله لله ووافق هدي النبي صلى الله عليه وسلم ,ولذلك يقول الإمام جرير الطبري رحمه الله تبارك وتعالى في معنى هذه الآية أجيبوا الله فيما أمركم ونهاكم واطلبوا إليه القربة بالعمل بما يرضيه وروى عن هذا المعنى عن غير واحد من السلف , وليس المراد شخصا تتخذه وسيلة بينك وبين الله,فإن الوسيلة هي الإسلام وهي الأعمال الصالحة التي بنيت على هذين الأصلين إخلاص العمل لله وحده,والإقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في أقوله وأفعاله وتقريرا ته.
فلنتزود إخواني بالأعمال الصالحة التي تقرب إلى الله جلا وعلا ما دمنا في دار التزود وما دنا قادرين على التزود قبل أن يأتي يوم **وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًايَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا**.
فإياك يا عبد الله أن ترتكس في حبائل الشيطان فتعرض عن الأعمال الصالحة التي تقربك إلى الله تبارك وتعالى وتكون حصنا حصينا لك بإذن الله عز وجل من حبائل الشيطان وألاعيبه وأراجيفه ونزغاته وتوهيمه "لمثل هذا فليعمل العاملون وفي مثل هذا فليتنافس المتنافسون ويشمر الجادون عن سواعدهم طلبا لمرضاة الله سبحانه وتعالى,طمعا من العتق من النار في هذا الشهر المبارك طمعا في مغفرة الله جلا وعلا طمعا في الجنة ورضوانه وخوفا من النيران والعياذ بالله.
ألا يجدر بنا ونحن نتفيء ضلال هذه الأيام المباركة أن نغير من حالنا وأن نصلح ما بيننا وبين خالقنا سبحانه وتعالى مما أفسدته الشياطين و..... الأمة وبعدت بهم عن سواء السبيل,ألا يجدر بنا أخي المسلم أن نتذكر ونعتبر وأن نحمد الله عز وجل ونشكره على ما من به علينا حيث مكننا من إدراك هذه الأيام المباركة ,نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لإدراكها والعمل الصالح بها والقبول إنه ولي ذلك والقادر عليه,فهذه نعمة كبرى لا حصر لها أن يوفقك الله عز وجل للعمل الصالح الذي تتقرب به إلى ربك وتلجأ به إليه وتنطرح بين يديه تسأله سبحانه وتعالى أن يوفقك للعمل الصالح وأن يتقبل منك ذلك العمل ,ثم تجتهد في مضاعفة الجهد من الصيام والقيام وأداء العمرةِ في مثل هذا الشهر المبارك التي أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم "أنها تعدلُ عمرة معه صلى الله عليه وسلم " تعدل عمرة كما وجه النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بذلك ,فهل لك في عمرة تعدل حجةً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وليس المراد يا عبد الله أنها تغني عن أداء فريضة الحج ولكن يكتب لك من الأجرِ مقدار أجر حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ,ولا ينبغي أن تخصص يوم بعينه وإن كان ولا شك معلوم أن العشر الأواخر أفضل من غيرها.
ولكن بالنسبة لأرباب عائلات الذين معهم أطفال ونساء حبذا لو اعتمروا أو أعمروا نسائهم وأولادهم في الأيام الأولى وذلك لأمرين الأمر الأول يتفادوا الزحام الذي قد يعرض نسائهم وأطفالهم لشيء من التعب,والأمر الثاني أنك تتيح لإخوانك المسلمين الآخرين فرصة المجيء والذهاب إلى تلك البقاع المقدسة لأداء مناسك العمرة.
أما الذين يتركون العمرة بل يتركون كثيرا من الأعمال في هذا الشهر المبارك ويتأخرون عن الصلوات ولا يحافظون فيه على الأعمال الصالحة فإذا ما جاء اليوم السابع والعشرون من شهر رمضان أو ليلته جاءوا بقبضهم وقبيضهم وتجمعوا وتجمهروا وتكاثروا إلى درجة لا يتمكنون معها لا من أداء الصلاة على الوجه الصحيح ولا من أداء العمرة على الوجه الصحيح,فتخصيص هذا اليوم للعمرة ليس عليه دليل يا عبد الله من جهة ,يعني من جهة ليس عليه دليل ومن جهة أخرى يا عبد الله أنك تعرض نفسك لمضايقة قد تذهب عنك الخشوع ولا تتمكن من الدعاء ولا أداء عمرتك على الوجه المطلوب ,فتخصيص اليوم السابع والعشرين لأداء العمرة ليس عليه دليل يا عبد الله.
نعم كما قلت قبل قليل أن العشر الأواخر لا شك أنها أفضل من غيرها ولكن ينبغي أن تحرص أيضا على مصلحتك ومصلحة أولادك وأهلك ومصلحة إخوانك المسلمين فتنبهوا لهذا إخواني واغتنموا هذه الأيام المباركة ,وخذوا من يومكم لغدكم ومن حياتكم لموتكم ومن غناكم لفقركم ومن شبابكم لهرمكم ومن فراغكم لشغلكم واجتهدوا فيما يقربكم إلى الله تبارك وتعالى في هذا الشهر المبارك الذي هو شهر البر والإحسان والمغفرة والرضوان والعتق من النيران والفوز برضا الرحمن لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو سديد.
أقول في هذه الأيام المباركة الناس فريقان:: ,فريق اشتغل بذكر الله عز وجل وعبادته واشتغل بتلاوة القرآن يتلوه أناء الليل وأطراف النهار يتحرى الفضل من الله تبارك وتعالى والخير والأجر والتواب يتلوه مترتلا متمهلا يقف عند رأس كل آية إن مر بآية رحمة سأل الله من فضله وإن مر بآيات عذاب استعاذ بالله والتجأ إليه واعتصم به ولاذ به ,يقرأ القرآن متأملا معانيه عالما بمعناه وعاملا بمقتضاه يأتمر بأوامره وينتهي عن نواهيه ويقف عند حدوده يجتهد في إقامة حدوده وحروفه ولا يكون نصيبه منه مجرد القراءة باللسان فحسب بل يجتهد في فهمه وفي فهم معناه بقدر ما يوفقه الله له من خير ويتحرى الأجر العظيم الذي وعد به أهل القرآن حيث إن صاحب القرآن يرتقي مع سُلما عظيم يوصله إلى رضوان الله في الجنة إلى أخر آية قرأها بعدد ما قرأ من الآيات ,ولذلك بشر الله أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته ببشائر عظيمة ,فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة ,والذي يقرأه وهو شاق عليه ويتعتع فيه وهو شاق عليه فله أجران"
يقول عبد الرحمن السُلمي رحمه الله تعالى أحد كبار التابعين كان الذين يقرئوننا القرآن عثمان ابن عفان وأُبي ابن كعب وزيد ابن ثابت لا يجاوزن بنا عشر آيات حتى نعلمهن ونعمل بهن ,فتعلمن العلم والعمل جميعا.
فلا يكن نصيبك من القراءة يا عبد الله هي مجرد الترداد لحروف لا تفقهها ثم إن كثير من الناس يُسرع بطريقة ليست على هدي النبوة حتى إنه يكاد لا يقيم حرفا واحدا من السرعة ويهمه أن يختم القرآن في أقصر وقت ,حرصه على الختم في أقصر وقت هذا أمر طيب ,ولكن يا عبد الله لا يكون على حساب التلاعب بالقرآن فلابد أن تظهر كل حرف وتعطيه حقه من المخارج مع التأمل والتدبر والتنبه لمدلول ما تقرأ والخشوع والخضوع لما تسمع ولما تقرأ ,فليس المهم أن تختمه في ليلة بطريقةٍ لا تفهم ولكن المهم أن تقرءاه بترسل وتمعن ويستحيل أن يختم بطريقة صحيحة في أقل من ثلاث ليالي ما دون ذلك لا يمكن أن تكون قراءة سليمة مستقيمة وهذا هو الثابت عن السلف أن كثيرا منهم يختم في ثلاث ليالي.
والمهم يا عبد الله أن تجتهد في يعني أن تعطي القرآن حقه اجتهد في تلاوته ولكن يا عبد الله بطريقة يعني لا تجعلك تخرج بلا فائدة من هذه التلاوة,بل اجتهد يا عبد الله في تلاوة القرآن والذكر والتسبيح والتهليل والتحميد في هذه الأيام المباركة حتى تجعل لك رصيدا جيدا يقربك إلى الله جلا وعلا من الأعمال الصالحة التي تقربك إلى الله وتدنيك إليه وتقربك منه **يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ**
**يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا**
**يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ**
فاجتهد يا عبد الله في ما يقربك إلى الله بالأعمال الصالحة وإياك ثم إياك أن تكون من الصنف الثاني الذين إذا بدأ شهر رمضان اشتروا ما يستطيعون وما لا يستطيعون من أنواع الملاهي والمغريات وما يضيعون به أوقاتهم عن الصلوات أولئك الذين يتبعون الشهوات ويضيعون الصلوات ويفرطون في الأوقات ويشتغلون بالملذات من طريق صحيح أو غير صحيح من حلال وحرام لا يعبئون فيما يأكلون وما يشربون وما يشاهدون وما يسمعون لا يهتمون بالأوقات التي تذهب سُدى في المحرمات نظرا وسماعا وجلوسا وإضاعتا للأوقات.
واعلم يا عبد الله أنك مسئول عن كل ذرة من ذرات وقتك وبخاصة في مثل هذه الأيام المباركة **ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ**ستسأل والله عن كل وقت يا عبد الله تضيعه فيما لا ينفع والوقت الذي يذهب لا يعود ونحن لا ندري ماذا يعرض لنا إذ أن الموت أقرب لنا من شراك نعله **وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ**ويقول تبارك وتعالى **فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ**جعلني الله وإياكم منهم.
**فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ**
اجتهد يا عبد الله في التزود في هذه الأيام المباركة بالأعمال الصالحة التي تعود عليك بالخير وإياك أن تضيع أوقاتك في السهر المحرم والجلسات المحرمة وإضاعة الأوقات التي ستسأل عنها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
احرص على مصلحتك وتقرب إلى ربك وأدي صيامك وقيامك على الوجه الصحيح
وإياك أن تطلق لسانك في أعراض المسلمين وفي البذاءة والسفاهة من لم يذع عمل الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه هكذا يقول صلى الله عليه وسلم ,ولذلك إذا سابك أحد أو أراد أن يؤذيك بالكلام فلا تشاركه بذلك وقل له إني صائم,والجأ إلى ربك وأدع كلامه في فمه فإنه يخرج منه ويعود إليه, فاجتهد يا عبد الله في هذه الأيام إذا أنت لم ترحل بزاد من التٌقى وألفية يوم الحشر من قد تزود,,, ندمت على ألا تكون كمثله وأنك لم ترصد كما كان أرصدا,,,لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت بانيها ,,فإن بناها بخير فهذا مسكنه,,,وإن بناها بشر خاب بانيها,,,فأغرس أصول التقى ما كنت مقتدرا ,,وأعلم أنك بعد اليوم لاقيها.
واجتهد يا عبد الله على توثيق صلتك بالله بتحقيق التوحيد والبعد عن كل ما يناقضه أو ينقصه فعندما تنطق بالشهادتين تعلم بأنه لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله كما قال الله سبحانه وتعالى في البراءة من المشركين **قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ** وإذا شهدت أن محمدا رسول الله فاعلم أن هذا يلزمك بالإقتداء به قولا وعملا واعتقادا والتأسي به في جميع ما أمر به والبعد عن كل ما نهى عنه كما قال عليه الصلاة والسلام "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن أمر فاجتنبوه"
فتنبه يا عبد الله إلى تأسيس أعمالك كلها على توحيد الله وبخاصة في هذه الأيام المباركة التي هي مظهر من مظاهر توحيد الله سبحانه وتعالى,حيث يصوم المسلمون في شهر واحد وفي وقت واحد ويمسكون في وقت واحد ويفطرون في وقت واحد وهذا من أعظم دلائل وحدتهم ووحدة كلمتهم المبنية على توحيد الله سبحانه وتعالى وإتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم,فأحرص على تصفية ذلك وضاعف الأعمال الصالحة في هذه الأيام المباركة وإياك أن تكون ن المحرومين,.
فقد سُمع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو يقول "أميـن ,أميـن,أميـن" قالوا على ما أمنت يا رسول الله قال أتاني جبريل أنفا فقال رغم أنف إمرء ذكرت عنده فلم يصلِ عليك قل أميـن فقلت أميـن "ثم رغم أنف امرء أدرك والداه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة قل أميـن فقلت أميـن "ورغم أنف امرء دخل عليه شهر رمضان فخرج ولم يغفر له قل أميـن فقلت أميـن ".
أولئك هم المحرمون الذين حرموا لذة العمل الصالح ويترتب عليه حرمانهم من الفوز بالأجر والثواب عند الله سبحانه وتعالى فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ويا باغي العتق من النار أقبل على ما يقربك للعزيز الغفار ,واجتهد فيما يحول بينك وبين عذاب النار وأقبل على مرضاة الله سبحانه وتعالى الملك الجبار واجتهد في طاعة ربك حتى يأتيك اليقين لأنك لا تدري ماذا يعرض لك كل امرء مصبحٌ في آله والموت أدنى من شراك نعله ,تقرب إلى الله يا عبد الله تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ,الجأ إلى الله تبارك وتعالى بالأعمال الصالحة الخالصة والسالمة من كل كدر والتي قصدت بها وجه الله سبحانه وتعالى والدار الآخرة واقتفيت في عملها هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي تركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
أيها الأخوة في الله استقيموا على طاعة الله وأقبلوا على مرضاة الله واجتهدوا فيما يقربكم إلى الله وضاعفوا الأعمال الصالحة في هذه الأيام المباركة تضاعف لكم الأجور عند الله **مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ**. ...
منقول