،،،،،،
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله 0
( ياأَيُّهَا الَّذِينءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
( سورة آل عمران - الآية 102 )
(يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تََسَاءَلونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
( سورة النساء - الآية 1 )
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَولا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )
( سورة الأحزاب - الآية 70 – 71 )
أما بعد :
يسأل بعض الناس عن حكم استخدام الصعق الكهربائي في علاج الصرع الشيطاني ( الاقتران الشيطاني ) وبخاصة استخدام التيار المتردد ( 110 - 220 ) ، ولا بد أن أشير تحت هذا العنوان إلى خطورة استخدام هذا النوع من أنواع الكهرباء ، حيث تكمن خطورة هذا الاستخدام في إحداث سريان للتيار الكهربائي في الدورة الدموية لجسم الإنسان ، وقد يؤدي سوء الاستخدام لمضاعفات خطيرة خاصة لمن يشكو من أعراض أمراض أو هبوط القلب أو يعاني من اضطرابات في الدورة الدموية ، وقد يترتب عن استخدام هذا الأسلوب بشكل خاطئ وفاة المريض 0
سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – عن استخدام الكهرباء في علاج المس فقال : ( لا أعلم له أصلاً ) ( من تعليقات سماحته على محاضرة " الرقى وأحكامها " لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ – حفظه الله - / نقلاً عن كتاب " مهلاً أيها الرقاة " – ص 79 ) 0
سئل فضيلة الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله - : هل يجوز ضرب الذي فيه جن أو استعمال الكهرباء معه ؟؟؟
فأجاب رحمه الله : ( هذه الحقيقة في رأيي له علاقة بالوسائل التي ليس فيها نهي مباشر وأذى مباشر، هذه ما تحتاج الى دليل شرعي لتجويزها ، إذا كان لا يقصد منها إلا الفائدة ، فنحن لما نقول: زيدٌ ضرب عمرواً فهذا ضرب مؤذي ، لكن في هذه الحالة الظاهر أنه غير مؤذي ، وحين ذاك ما دام أن هذا الضرب لا يؤذي بل يفيد ، فنحن في هذه الحالة نقول بالجواز ولسنا بحاجة الى أن يكون عندنا دليل شرعي خاص يدل على إباحة استعمال هذا الأمر 0
نحن نقرب ذلك بمثال وارد في الشرع بل بمثالين: أحدهما الحجامة والآخر الفصد 0
تعرفون الحجامة تعرفون هي عبارة عن جرح في البدن في مكان يعرفه أيضا الحجام المختص... وليس للحجامة مكان خاص وإنما يختلف المكان بإختلاف نوعية الشكوى والمرض ، لكن الذي أريد أن أقوله في هذه المناسبة: أن هذه الجرح هو عادة مؤذي فلا يجوز لمسلم أن يجرح أخاه... لكن هذه الحجامة الذي ثبت جوازها شرعا بل والحض عليها حتى قال عليه السلام : (( ما مررت ليلة أسري بي بملأ من الملائكة إلا قالوا مر أمتك بالحجامة )) فنحن بنشوف[ نرى ] أن هذه الحجامة وسيلة تجريح وهذا التجريح عادة مؤذي، لكن لما كان هذا المؤذي عادة خرج عن إذاءه الى الفائدة أباح الشارع هذه الوسيلة، دائما الوسائل لا ينظر إليها بمنظار الغايات والمقاصد ، كذلك ما هو ربما يكون أهم من الحجامة هو الفصد وهو قطع عرق في البدن هذه يمكن يعرض المقطوع عرقه للخطر أكثر من الحجامة ، لكن الذي يفصد يكون عادة على معرفة أين يكون مكان الفصد كما انه يكون على معرفة أين يكون الحجامة )( سلسلة الهدى والنور شريط رقم " 171 " ) 0
يقول الأستاذ علي بن محمد ياسين : ( الكهرباء خطرها عظيم ، فإن أثرها وضررها قد يعم البدن جميعه أو معظمه ، ولا تقاس على الضرب المحدود الأثر والأذى ، واستخدام الكهرباء ضرره متحقق الوقوع أكثر من ضرر وجود الجن ، ولو ثبت أن هناك جناً في جسد المريض ، فلا يدفع الضرر الأعظم المتحقق الوقوع ، بالضرر الأقل الذي في وقوعه نظر ) ( مهلاً أيها الرقاة – باختصار – ص 78 ، 79 ) 0
يقول الدكتور حلمي عبدالحافظ داود استشاري الأمراض العصبية في مجمع الرياض الطبي : ( التيار الكهربائي عند مروره في جسم الإنسان يمكن أن يؤدي إلى نوبات صرع متكررة ، وأيضاً إلى توقف عمل القلب وضخ الدم إلى الجسم ، وبعد انتهاء التيار قد يحدث موتٌ مفاجئ ناتج عن عدم انتظام ضربات القلب ، ويمكن حدوث شلل في الأعصاب الخارجية في الأطراف العلوية والسفلية ) ( مهلاً أيها الرقاة – ص 79 ) 0
مع أنه قد ثبت بالخبرة والتجربة والممارسة العملية بأن أسلوب استخدام الصعق الكهربائي يؤثر تأثيرا إيجابيا على الأرواح الخبيثة ، فيضعفها ويؤدي إلى إيذائها إيذاء شديدا ، ومن هنا كان لا بد من تكاتف جهود الأطباء النفسيين والمعالِجين بالكتاب والسنة ، بحيث يتم تحويل بعض الحالات المرضية التي تعاني من صرع الأرواح الخبيثة للطبيب النفسي المسلم الحاذق الذي يقوم بدوره بتعريضها لصدمات كهربائية تحت إشرافه ومسؤوليته وبحضور المعالِج المتمرس ، واستخدام هذا الأسلوب بالكيفية السابقة يضمن السلامة الطبية للحالة المرضية ، بسبب الإجراءات الوقائية المتبعة تحت الإشراف الطبي ومسؤولية الطبيب النفسي ، وبذلك نجمع ما بين اتخاذ الأسباب المباحة والنافعة بإذن الله تعالى وبين توفر القدر الكافي من إجراءات السلامة للمريض 0
يقول الدكتور عبدالرزاق نوفل : ( يرى بعض الأطباء كالدكتور : ( كارل ويكلاند ) : ( أن الجنون قد ينشأ من استحواذ روح خبيث على الشخص المريض ، فيحدث اضطرابا واختلالا في اهتزازاته ، وأنه بالكهربائية الاستاتيكية تنظم الاهتزازات وتطرد الشخصية المستحوذة ، ويعود العقل إلى حالته الطبيعية دون تأثير شخصية ماسة له ) ( عالم الجن والملائكة – ص 84 ) 0
وهناك فئة من المعالِجين قد يستخدمون بعض الأجهزة الكهربائية الصغيرة التي تؤثر تأثيرا موضعيا دون إحداث تردد وسريان للتيار الكهربائي في جسد المريض ، وقد ثبت فاعلية في استخدام هذا الأسلوب لطرد الأرواح الخبيثة ، ولا يمنع استخدامه شريطة توفر إجراءات السلامة الكافية للحالة المرضية 0
قصة واقعية :
وأذكر هنا قصة واقعية عشت أحداثها واعتصر قلبي أسى وحرقة لما آلت إليه نتيجتها ، تلك قصة فتاة في عقدها الثاني ، دخلت تصرخ بأعلى صوتها ( لا أريد الكهرباء ) ، فذكرتها بالله سبحانه وتعالى وهدأت من روعها ، وقبل معاينة الحالة لاحظت وجود لفاف أبيض على إبهامي أصابع قدميها ، فعجبت لذلك الأمر ، وأمرتها بإزالة اللفافة فتبين أنها تعاني من حرق شديد أدى إلى تفحم في تلك المنطقة ، فنصحت والد الفتاة بمراجعة المستشفى فورا لإجراء المعاينة والفحص الطبي اللازم ، وبعد الاستفسار عن سبب ذلك أخبرني والدها بذهابها لمعالِج بالرقية الشرعية ، وقام من فوره بصعقها بتيار متردد قوته ( 220 ) فولت ، لطرد جني متمرد من جسدها – مع أن الفتاة أصلا لا تعاني من صرع الأرواح الخبيثة – وبعد ذلك علمت بأن الأطباء قرروا إجراء عملية جراحية لبتر الاصبعين نتيجة حصول تسمم ( غرغرينا ) لتلك الفتاة المسكينة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله
ومن هنا يلاحظ عدم جواز استخدام هذا الأسلوب في العلاج والاستشفاء ، ويكفي القاعدة الفقهية ( المصالح والمفاسد ) في تحريم استخدام هذا الأسلوب ، حيث أن المفسدة المترتبة على ذلك عظيمة جداً ، والله تعالى أعلم 0
إلا من معالج صاحب علم شرعي حاذق متمرس دون أن يؤدي استخدام هذا الأسلوب إلى أية مفاسد شرعية على صحة وسلامة الحالات المرضية ، والله تعالى أعلم وأحكم 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0
كتبه
الفقير الى عفة ربه القدير
أبو البراء أسامه بن ياسين المعاني
مؤلف كتاب ( نحو موسوعة شرعية في علم الرقى - تأصيل وتقعيد في ضوء الكتاب والسنة والأثر – اربعة عشر مجلدا )
بتاريخ 7 رجب 1442 هـ
الموافق 19 من فبراير 2021 م
المراجع :
* الموسوعة الشرعية في علم الرقى - تأصيل وتقعيد في ضوء الكتاب والسنة والأثر – اربعة عشر مجلدا – أبو البراء أسامه بن ياسين المعاني
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني