،،،،،،
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،
اختلف العلماء في حد الساحر إلى أقوال منها : القتل والحبس والتعزير 0 والاختلاف واقع في نفس الساحر وعمله 00 فإذا كان سحره من الأقسام المكفرة :
* فالنوع الأول : هو حرام وكفر دون شك ، إذ يتضمن التقرب إلى الكواكب السبعة والاعتقاد بأنها المتصرفة في العالم ، وبالتالي فالساحر يخاطبها ويطلب منها أشياء ، وفي ذلك كفر ينافي الإيمان بالله ، فالله سبحانه وتعالى هو المالك المتصرف المحيي المميت 0
* والنوع الثاني : فيه شرك بالله واعتقاد أن لتلك الأرواح القدرة على التصرف في الخلق من دون الله ، فترى الساحر يتقرب إليها ، ويعتقد فيها القدرة والعلم المستوجب لمخاطبتها وسؤالها والاستعانة بها 0 وذلك أيضا ينافي الإيمان بالله ، فمن اعتقد فيها تلك الاعتقادات فهو كافر بالله دون شك 0
* النوع الثالث : يتضمن الاستعانة بالأرواح الأرضية ( الجن ) وسؤالها الحاجات ، والتقرب إليها بالأوراد الكفرية ، وبالذبح لها من دون الله ، وبالبخور وغيره مما هو معلوم ، وكل ذلك شرك بالله يتضمن إخراج فاعله عن الإسلام 0
* وأما الأخذ بالعيون ، وخفة الأيدي ، والحركات الخفية ، والخداع ، والأعمال الهندسية والكيميائية ، فهي لا تخلو من حرمة لما يترتب عليها من أخذ أموال الناس بالباطل ، والاعتقاد في فاعل ذلك أن له من القدرة والتصرف فوق ما يستحقه مما اختص به الله 000 ونحو ذلك من أنواع المحاذير ، ويكفي في حرمة ذلك تسمية الناس له بالساحر أو المشعوذ ونحوها من الأسماء القبيحة التي لا تليق بمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر 0
وفي النميمة والتحريش بين الناس ، واستغفال العامة والدهماء وأخذ أموالهم إثم كبير دون شك ، سواء سمينا فاعل ذلك ساحرا أو لم نسمه 0
فالساحر الذي حاله يندرج على الأحوال الثلاثة الأولى ، يكفر ويقتل ردة لأنه وقع بالكفر ، ومن كفر فحكمه حكم المرتد ، والمرتد يقتل كما قال النبي :
( من بدل دينه فاقتلوه )
( حديث صحيح – أخرجه الإمام البخاري في صحيحه – كتاب الجهاد )
واختلفوا في حكم الساحر المرتد هل يستتاب قبل إقامة الحد عليه ، وفي ذلك قولين :
القول الأول : أنه لا يستتاب بل يتحتم قتله كالزنديق 0
قال الحافظ بن حجر في الفتح أنه لا يستتاب بل يتحتم قتله كالزنديق قاله مالك ، وقال عياض : وبقول مالك قال أحمد وجماعة من الصحابة والتابعين ) ( فتح الباري - 10 / 224 ) 0
وقد ثبت قتل الساحر عن : عمر ، وعثمان ، وابن عمر ، وحفصة بنت عمر بن الخطاب ، وجندب بن عبدالله ، وجندب بن كعب ، وقيس بن سعد ، وعمر بن عبدالعزيز ، وكذا مالك ، وأحمد ، وأبو حنيفة ؛ مطلقاً 0
نقل ذلك صاحب كتاب " فتح المجيد " وأيد ذلك المذهب ، وقال : ( " وهو أولى ؛ للحديث ولأثر عمر ، وعمل به الناس في خلافته من غير نكير " ) ( باب ما جاء في السحر – شرح حديث : " حد الساحر ضربة بالسيف " ) 0
قال الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – في المسألة السابعة في " باب ما جاء في السحر " : ( أنه يقتل – أي : الساحر – ولا يستتاب ) 0
قال الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن قاسم ، بعد أثر عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - : أن " اقتلوا كل ساحر " ، قال : ( ظاهره أنه يقتل من غير استتابة ، وهو المشهور عن أحمد ، وبه قال مالك ، وأبو حنيفة ؛ لأن الصحابة لم يستتيبوهم ، ولأن علم السّحر لا يزول بالتوبة 0
وقال أيضا – بعد أثر حفصة – رضي الله عنها – في أمرها بقتل جارية لها سحرتها : ( وهذا الأثر يؤيد قتل الساحر ) ( حاشية كتاب التوحيد – ص 192 ) 0
يقول فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان : ( ومن ثمَّ اتفق الصحابة – رضي الله عنهم – على قتل الساحرِ والساحرة لعظم شرّهم وكثرة خطرهم وبعدهم عن الإيمان وقُربهم من الشيطان ، فعند أبي داود بسند صحيح من طريق سفيان عن عمرو بن دينار عن بجالة بن عبدة قال : جاءَنا كتاب عمر – رضي الله عنه – قبل موته بسنةٍ : " اقتلوا كل ساحر 00 " 0
وصح عن حفصة – رضي الله عنها – أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها 0 رواه عبدالله بن الإمام أحمد من حديث ابن عمر 0
وصحّ قتل الساحر أيضاً عن جُندب 0
ولا يُعلم لهؤلاء مخالف ، فكان قتل الساحر كالإجماع بين الصحابة – رضي الله عنهم – وقد كثر السحر في هذا العصر ، وتساهل الكثير في الذهاب إليهم وطلب الشفاء على أيديهم ويزعمون أن هذا من فعل الأسباب وهذا منكَر عظيم وخطر مدلهم كبير يخلخل العقائد ويزعزع الإيمان ) ( نشرة لفضيلة الشيخ بتاريخ 21 / 01 / 1417 هـ - ص 2 ) 0
يقول الدكتور عبدالسلام السكري : ( يرى المالكية والحنفية في المشهور عنهم وبعض قليل من الشافعية ورواية عن الحنابلة ومعهم بعض العلماء أن الساحر يقتل ولا يستتاب ولا تقبل توبته لأنه اعتقد ما علم تحريمه ضرورة وكفر بالله العظيم وعظم غير الله كالشياطين والكواكب ونحوها وجمع إلى ذلك السعي بالفساد في الأرض ، ولأن السحر معنى في قلبه لا يزول بالتوبة فهو كالزنديق وهو من يبطن الكفر ويظهر الإسلام 0
وهذا الرأي هو الثابت عن جمع من الصحابة والتابعين فلم ينقل عن أحد منهم أنه استتاب ساحراً فمن الصحابة : عمر وعثمان وعبدالله بن عمر وحفصة أم المؤمنين وأبي موسى الأشعري وقيس بن سعد ومن التابعين : سالم بن عبدالله وعمر بن عبدالعزيز وعبدالرحمن بن زيد بن الخطاب ، وخالد بن المهاجر وجندب بن عبدالله وجندب بن كعب 0 وممن قال بهذا الرأي أيضاً أبو ثور وإسحق والطوسي من الإمامية وهو رواية عن الحسن والشافعي في أحد قوليه وطاووس وعبيد بن عمير وعبدالعزيز بن سلمة الماجشون وبه قال أهل الظاهر ) ( السحر بين الحقيقة والوهم في التصور الإسلامي – ص 239 – 240 ) 0
القول الثاني : أنه يستتاب وتقبل توبته 0
قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( أنه يستتاب فإن تاب قبلت توبته ) ( فتح الباري - 10 / 224 ) 0
وقال - رحمه الله – بعد أن ساق أقوال أهل العلم في هذه المسألة مع ترجيح القول الثاني : ( وهو الراجح عندنا لأن باب التوبة مفتوح ولأن الله قبل توبة سحرة فرعون ، وإذا قالوا : أن سحرة فرعون كانوا بالأصل كفارا ، قلنا : أن ذلك لا يمنع أن تكون التوبة للكافر ، والمسلم من باب أولى 0 وإذا كان سحره من الأقسام غير المكفرة كالشعوذة وغيرها فإنه يعزر ) ( قتح الباري – 10 / 224 ) 0
- أقوال الأئمة الأربعة :
* قال أبو بكر الجصاص : ( قال الإمام أبو حنيفة : الساحر يقتل إذا علم أنه ساحر ولا يستتاب ولا يقبل قوله إني أترك السحر وأتوب منه ، فإذا أقر أنه ساحر فقد حل دمه ، وكذلك العبد المسلم ، والحر الذمي من أقر منهم أنه ساحر فقد حل دمه ) ( تفسير آيات الأحكام – 1 / 85 ) 0
* قال الحافظ بن حجر في الفتح وكذلك البغوي : ( قال الإمام مالك : الساحر كافر يقتل بالسحر ولا يستتاب ، بل يتحتم قتله كالزنديق فلا تقبل توبته ويقتل حدا إذا ثبت عليه ذلك ) ( فتح الباري - 10 / 136 ، شرح السنة - 12 / 184 ) 0
وروى مالك في الموطأ عن محمد بن عبدالرحمن بن سعد بن زراره : ( أنه بلغه أن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قتلت جارية لها سحرتها ، وقد كانت دبرتها ، فأمرت بها فقتلت 0
قال مالك : الساحر الذي يعمل السحر ، ولم يعمل ذلك لـه غيره ، هو مثل الذي قال الله تبارك وتعالى في كتابه : ( وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَراهُ مَا لَهُ فِى الأخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ )( سورة البقرة – الآية 102 ) فأرى أن يقتل ذلك ، إذا عمل ذلك هو نفسه ) ( موطأ الإمام مالك - كتاب العقول - 2 / 871 ) 0
* قال القرطبي : ( واحتج أصحاب مالك بأنه لا تقبل توبته ، لأن السحر باطن لا يظهره صاحبه فلا تعرف توبته كالزنديق ، وإنما يستتاب من أظهر الكفر مرتدا ، قال مالك : فإن جاء الساحر أو الزنديق تائبا قبل أن يشهد عليهما قبلت توبتهما ، والحجة لذلك قوله تعالى : ( فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا 000 )( سورة غافر – الآية 85 ) فدل على أنه كان ينفعهم إيمانهم قبل نزول العذاب فكذلك هذان ) ( الجامع لأحكام القرآن – 2 / 34 ) 0
* قال أبو بكر الجصاص : ( قال الإمام الشافعي : لا يكفر بسحره ، فإن قتل بسحره وقال : سحري ، يقتل مثله وتعمدت ذلك قتل قودا ، وإن قال : قد يقتل ، وقد يخطئ ، لم يقتل وفيه الدية ) ( تفسير آيات الأحكام – 1 / 85 ) 0
* قال الألوسي : ( قال الإمام أحمد : يكفر بسحره قتل به أو لم يقتل ، وهل تقبل توبته ؟ على روايتين ) ( روح المعاني – 1 / 340 ) 0
* قال القاضي ابن أبي العز الدمشقي : ( وجمهور العلماء يوجبون قتل الساحر كما هو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد – رحمهم الله – في المنصوص عنه ، وهذا هو المأثور عن الصحابة ، كعمر وابنه وعثمان ، وغيرهم – رضي الله عنهم - ) ( شرح العقيدة الطحاوية - 598 ) 0
أقوال أهل العلم في تلك المسألة :
* قال الصنعاني : ( عن ابن جريج قال : أخبرني عمرو بن دينار أن عمر بن الخطاب كتب إلى جزء بن معاوية - عم الأحنف بن قيس - وكان عاملا لعمر : أن اقتل كل ساحر ، وكان بجالة كاتب جزء 0 قال بجالة : فأرسلنا فوجدنا ثلاثة سواحر ، فضربنا أعناقهن ) ( المصنف لعبد الرزاق الصنعاني - 10 / 179 ) 0
* وعزاه الحافظ في الفتح إلى أبي يعلى ومسدد في مسنديهما وفيه : ( اقتلوا كل ساحر ، فقتلنا في يوم ثلاث سواحر ) ( غتح الباري - 6 / 261 ) 0
قال الدكتور مسفر بن غرم الله الدميني : ( قلت : وهذا إسناد صحيح - إلى عمر رضي الله عنه - لا مطعن فيه ، وابن جريج قد صرح بالتحديث في طريق عبدالرزاق ، وتابعه عليه معمر وابن عيينة ، وأحسب البخاري اختصره كعادته في ذلك 0 ثم أن فعل عمر إن لم يكن لما يعلمه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أمرنا بالتمسك بما صح لدينا عنه وعن غيره من الخلفاء الراشدين المهديين ، وسنته - رضي الله عنه - واجبة الاتباع بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا باتباعها والأخذ بها ) ( السحر حقيقته وحكمه – ص 38 ) 0
* روى الصنعاني : ( عن عبدالرحمن عن المثنى عن عمرو بن شعيب عن ابن المسيب أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - أخذ ساحرا فدفنه إلى صدره ، ثم تركه حتى مات ) ( المصنف لعبد الرزاق الصنعاني – 10 / 184 ) 0
* وروى أيضا : ( عن عبدالله - أو عبيدالله - بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن جارية لحفصة سحرتها ، واعترفت بذلك ، فأمرت بها عبدالرحمن بن زيد فقتلها ، فأنكر ذلك عليها عثمان ، فقال ابن عمر : ما تنكر على أم المؤمنين من امرأة سحرت واعترفت ، فسكت عثمان ) ( المصنف لعبد الرزاق الصنعاني – 10 / 180 ، 181 ) 0
* وروى الصنعاني أيضا : ( عن معمر عن أيوب عن نافع أن حفصة سحرت فأمرت عبيدالله أخاها فقتل ساحرتين ) ( المصنف لعبد الرزاق الصنعاني – 10 / 184 ) 0
* وروى أيضاً : ( عن سالم عن قيس بن سعد : أنه قتل ساحراً ) ( المصنف لعبد الرزاق الصنعاني – 10 / 183 ) 0
* قال شيخ الإسلام ابن تيميه : ( إجماع الأمة بل أكثر العلماء على أن الساحر كافر ، يجب قتله 0
وقد ثبت قتل الساحر عن عمر بن الخطاب ، وعثمان ، وحفصة بنت عمر ، وعبدالله بن عمر ، وجندب بن عبدالله ، وروي ذلك مرفوعا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن غيرهم من الصحابة - رضي الله عنهم - قتله 0
فقال بعض العلماء : لأجل الكفر 0
وقال بعضهم : لأجل الفساد في الأرض 0
لكن الجمهور هؤلاء يرون قتله حدا 0 وكذلك أبو حنيفة يعزر بالقتل ) ( مجموع الفتاوى – بتصرف – 28 / 346 ، 29 / 384 ) 0
* قال ابن كثير: ( وقد يستدل بقوله : " وَلَوْ أَنَّهُمْ ءامَنُوا وَاتَّقَوْا 000 " ( سورة البقرة – الآية 103 ) من ذهب إلى تكفير الساحر كما هو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل وقول طائفة من السلف 0
وقيل : بل لا يكفر ، ولكن حده ضرب عنقه لما رواه الشافعي وأحمد بن حنبل عن بجالة بن عبده قال : " كتب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن اقتلوا كل ساحر وساحره قال : فقتلنا ثلاث سواحر " ( حديث صحيح – أخرجه الإمام البخاري في صحيحه – كتاب الجزية ) وكذا صح أن حفصة أم المؤمنين سحرتها جارية لها فأمرت بها فقتلت ) ( تفسير القرآن العظيم – 1 / 128 ) 0
* قال النووي : ( وأما ما يتعلق بالمسألة من فروع الفقه فعمل السحر حرام ، وهو من الكبائر بالإجماع، وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات ، وقد يكون كفرا وقد لا يكون كفرا ، بل معصية كبيرة ، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر كفر ، وإلا فلا ، وأما تعلمه وتعليمه فحرام ، فإن تضمن ما يقتضي الكفر كفر ، وإلا فلا ، وإذا لم يكن فيه ما يقتضي الكفر عزر واستتيب منه ، ولا يقتل عندنا ، فإن تاب قبلت توبته ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 347 ) 0
* قال القرطبي : ( وقال ابن المنذر : إذا أقر الرجل أنه سحر بكلام يكون كفرا وجب قتله إن لم يتب ، وكذلك لو ثبت به عليه بينة ، ووصفت البينة كلام يكون كفرا ، وإن كان الكلام الذي سحر به ليس بكفر لم يجز قتله ) ( الجامع لأحكام القرآن - 2 / 34 ) 0
* قال أبو بكر الجصاص : ( اتفق السلف على وجوب قتل الساحر ، ونص بعضهم على كفره لقوله عليه السلام " من أتى كاهنا أو عرافا أو ساحرا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " " حديث صحيح – صحيح الجامع 5939 " ) ( تفسير آيات الأحكام – 1 / 85 ) 0
* قال ابن أبي شيبة : ( عن أبي داوود الطيالسي عن همام عن يحيى أن عامل عمان كتب إلى عمر بن عبد العزيز في ساحرة أخذها ، فكتب إليه عمر : إن اعترفت ، أو قامت عليها البينة فاقتلها ) ( مصنف ابن أبي شيبة – 10 / 136 ) 0
وهذا إسناد صحيح إلى عمر بن عبدالعزيز في قتل الساحرة 0
* وقال أيضا : ( روي عن معاذ قال : أخبرنا أشعث عن الحسن أنه قال : يقتل السحار ولا يستتابوا ) ( مصنف ابن أبي شيبة – 10 / 135 ) 0
وقال – رحمه الله - : ( وروي عن يحيى بن سعيد عن عمرو عن الحسن في الساحر قال : يقتل ) ( مصنف ابن أبي شيبة - 10 / 137 ) 0
وقال : ( عن سعيد بن المسيب في الساحر : إذا اعترف يقتل ) ( مصنف ابن أبي شيبة - 10 / 135 ، 136 ) 0
روى الحاكم في المستدرك عن الحسن : أن أميرا من أمراء الكوفة دعا ساحرا يلعب بين يدي الناس فبلغ جندب فأقبل بسيفه واشتمل عليه ، فلما رآه ضربه بسيفه ، فتفرق الناس عنه فقال : أيها الناس لن تراعوا إنما أردت الساحر ، فأخذه الأمير فحبسه فبلغ ذلك سليمان ، فقال : بئس ما صنعا لم يكن ينبغي لهذا وهو إمام يؤتم به يدعو ساحرا يلعب بين يديه ولا ينبغي لهذا أن يعاتب أميره بالسيف 0
قال الألباني – رحمه الله - : ( هذا إسناد موقوف صحيح إلى الحسن ، وقد توبع : فقال هشيم : أنبأنا خالد الحذاء عن أبي عثمان الهندي : أن ساحرا كان يلعب عند الوليد بن عقبة ، فكان يأخذ سيفه فيذبح نفسه ولا يضره فقام جندب إلى السيف فأخذه فضرب عنقه ثم قرأ : ( أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ )( سورة الأنبياء – الآية 3 ) أخرجه الدارقطني وعنه البيهقي وابن عساكر من (تاريخ دمشق) ( 4 / 19 / 1 و 2 ) والسياق له من طرق عن هشيم به ، وهذا إسناد صحيح موقوف صرح فيه هشيم بالتحديث 0
وله طرق أخرى عند البيهقي عن ابن وهب : أخبرني ابن لهيعة عن أبي الأسود : أن الوليد بن عقبة كان بالعراق يلعب بين يديه ساحر ، وكان يضرب رأس الرجل ثم يصيح به فيقوم خارجا فيرتد إليه رأسه ، فقال الناس : سبحان الله يحيى الموتى ! ورآه رجل من صالح المهاجرين فنظر إليه ، فلما كان من الغد اشتمل على سيفه فذهب يلعب لعبه ذلك ، فاخترط الرجل سيفه فضرب عنقه فقال : إن كان صادقا فليحي نفسه ! وأمر به الوليد دينارا صاحب السجن – وكان رجلا صالحا – فسجنه ، فأعجبه نحو الرجل ، فقال : أتستطيع أن تهرب ؟ قال : نعم 0 قال : فاخرج لا يسألني الله عنك أبدا ) 0
قلت – والكلام للشيخ الألباني – رحمه الله - : ومثل هذا الساحر المقتول هؤلاء الطرقية الذين يتظاهرون بأنهم من أولياء الله ، فيضربون أنفسهم بالسيف والشيش وبعضه سحر وتخييل لا حقيقة له ، وبعضه تجارب وتمارين يستطيعه كل إنسان من مؤمن أو كافر إذا تمرس عليه وكان قوي القلب ، ومن ذلك مسهم النار بأفواههم وأيديهم ودخولهم التنور ، ولي مع أحدهم في حلب موقف ، تظاهر فيه أنه من هؤلاء ، وأنه يطعن نفسه بالشيش ويقبض على الجمر ، فنصحته وكشفت له عن الحقيقة وهددته بالحرق إن لم يرجع عن هذه الدعوى الفارغة فلم يتراجع فقمت إليه وقربت النار من عمامته مهددا ، فلما أصر أحرقتها عليه وهو ينظر ! ثم أطفأتها خشية أن يحترق هو من تحتها معاندا وظني أن جندبا – رضي الله عنه – لو رأى هؤلاء لقتلهم بسيفه كما فعل بذلك الساحر : ( وَلَعَذَابُ الأخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ) " سورة طه – الآية 127 " ) ( سلسلة الأحاديث الضعيفة - 641 ، 643 ) 0
قال شارح " الطحاوية " : ( والواجب على من ولي الأمر ، وكل قادر : أن يسعى في إزالة هؤلاء المنجمين والكهان والعرافين ، وأصحاب الضرب بالرمل والحصى ، والقرع والقالات ، ومنعهم من الجلوس في الحوانيت والطرقات ، أو يدخلوا على الناس في منازلهم لذلك ، ويكفي من يعلم تحريم ذلك ، ولا يسعى في إزالته ، مع قدرته على ذلك : قوله – تعالى - : ( كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )( سورة المائدة – الآية 79 ) 0
وهؤلاء الملاعين يقولون الإثم ويأكلون السحت بإجماع المسلمين 0
وثبت في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم برواية الصديق - رضي الله عنه - أنه قال : " إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه ؛ أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه " ( حديث صحيح – صحيح ابن ماجة 3236 ) 0
وجمهور العلماء يوجبون قتل الساحر ، كما هو مذهب أبي حنيفة ، ومالك ، وأحمد في المنصوص عنه ؛ وهذا هو المأثور عن الصحابة ، كعمر وابنه ، وعثمان ، وغيرهم ) ( شرح العقيدة الطحاوية – تخريج العلامة الألباني – ص 504 ، 505 ) 0
قال الخلال : ( أخبرني عبدالله – يعني ابن الإمام أحمد - ، قال : سمعت أبي يقول : " إذا عرف ذلك وأقر يقتل – يعني الساحر - ) ( أحكام أهلل الملل – الردة – أحكام السحرة – ص 466 ) 0
وقال : ( وأخبرني جعفر بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم : أن أبا عبدالله سئل عن الزنديق والساحر ؟ ، فرأى قتلهما ) ( أحكام أهلل الملل – الردة – أحكام السحرة – ص 465 ) 0
وقال أيضا : ( أخبرني محمد بن أبي هارون ، أن أبا الصقر الوراق حدثهم ، قال : سألت أبا عبدالله ما الحكم في السحر ومن سحر ؟ ، قال : الحكم في الساحر إذا عرف السحر القتل 0
وقال : أخبرني أحمد بن محمد بن حازم ، قال : حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال لأبي عبدالله : الساحر والساحرة ؟ ، قال : يقتلان ) ( أحكام أهلل الملل – الردة – أحكام السحرة – ص 466 ) 0
وزاد في القول : ( أخبرني حرب ، قال : سألت أحمد ، قلت : الساحر إذا أخذ ما يصنعه ؟ ، قال : " يقتل " ؛ قلت : كيف نعلم أنه ساحر ؟ ، قال : " الشأن في هذا أن يعلم أنه ساحر ، وكان علم هذا عنده شديد " ) ( أحكام أهلل الملل – الردة – أحكام السحرة – ص 466 ) 0
قال المرداوي : ( والساحر الذي يركب المكنسة ، فتسير به في الهواء ، ونحوه ، كالذي يدّعي أن الكواكب تخاطبه ؛ يكفر ويقتل 0
هذا المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب 0
قال المصنف والشارح : قاله أصحابنا 0
وجزم به في " الهداية " و " المذهب " ، و " الخلاصة " ، و " الهادي " ، و " المحرر " ، و " الوجيز " ، و " المنور " ، و " منتخب الأدمي " ، وغيرهم ؛ وقدمه في " الفروع " وغيره ) ( الإنصاف – 10 / 349 ) 0
جاء في " كشاف القناع " : ( ويكفر الساحر بتعلّمه وفعله ، سواء اعتقد تحريمه أو إباحته ، ويقتل الساحر إن كان مسلماً بالسيف لما روي عن جندب 0
وذكر حديث : " حد الساحر ضربة بالسيف " ( حديث ضعيف – ضعيف الجامع 2698 ) ، وأثر عمر : " اقتلوا كل ساحر وساحرة " ، وذكر أثر حفصة الذي فيه : قتلها جاريتها التي سحرتها ) ( كشاف القناع – 6 / 186 ، 188 ) 0
قال ابن كثير في تفسيره : ( قال ابن هبيرة : هل يقتل – أي الساحر – بمجرد فعله واستعماله ؟ ، فقال مالك وأحمد : نعم ، وقال الشافعي وأبو حنيفة : لا ؛ وهل إذا تاب الساحر تقبل توبته ؟ ، فقال مالك وأبو حنيفة وأحمد في المشهور عنهم : لا تقبل ) ( تفسير القرآن العظيم – 1 / 141 ) 0
قال الشوكاني : ( باب من يستحق القتل حداً : هو الحربي ، والمرتد ، والساحر ، والكاهن 000 ) الخ 0 إلى أن قال : ( وأما الساحر فلكون عمل السحر نوعاُ من الكفر ، ففاعله مرتد يستحق ما يستحق المرتد 0
وقد روى الترمذي والدارقطني والبيهقي والحاكم ، من حديث جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حد الساحر ضربة بالسيف " ( سبق تخريجه ) 0
قال الترمذي : " والصحيح عن جندب موقوفاً " ثم قال : " والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، وهو قول مالك بن أنس " 0
وقال الشافعي : " إنما يقتل الساحر إذا كان يعمل في سحره ما يبلغ الكفر " 0
وأخرج أحمد وعبدالرزاق والبيهقي : أن عمر بن الخطاب كتب قبل موته بشهر : أن " اقتلوا كل ساحر وساحرة " 0
والأرجح : ما قاله الشافعي ؛ لأن الساحر إنما يقتل لكفره ، فلا بد أن يكون ما عمله من السحر موجبا للكفر 0
وأما الكاهن فلكون الكهانة نوعاً من الكفر ، فلا بد أن يعمل من كهانته ما يوجب الكفر 0 وقد ورد أن تصديق الكاهن كفر ، فبالأولى الساحر إذا كان معتقداً لصحة الكهانة ) ( الدراري المضية شرح الدرر البهية – 2 / 240 ) 0
وقال – رحمه الله – نقلا عن الإمام مالك : ( وقال مالك : الساحر كافر يقتل ، ولا يستتاب ، ولا تقبل توبته ، بل يتحتم قتله ) ( نيل الأوطار - 7 / 177 ) 0
سئل الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي - رحمه الله - عن ذلك فأجاب : ( روى الترمذي عن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حد الساحر ضربة بالسيف " ( سبق تخريجه ) ، قال : والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، وهو قول مالك بن أنس 0
وقال الشافعي - رحمه الله - : إنما يقتل الساحر إذا كان يعمل من سحره ما يبلغ الكفر ، فأما إذا عمل دون الكفر فلم ير عليه قتلا 0
وقد ثبت قتل الساحر عن عمر ، وابنه عبدالله ، وابنته حفصة ، وعثمان بن عفان ، وجندب بن عبدالله ، وجندب بن كعب بن قيس بن سعد ، وعمر بن عبدالعزيز ، وأحمد ، وأبي حنيفة ، وغيرهم رحمهم الله ) ( أعلام السنة المنشودة – ص 154 ، 155 ) 0
يعقب المحقق فيقول : ( وفي صحيح البخاري عن بجالة بن عبده قال كتب عمر بن الخطاب أن اقتلوا كل ساحر وساحره 0 وذكر الإمام أحمد في المسند أن الخبر صح عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الساحر وهم ( عمر وحفصة وجندب ) وذكر مالك في الموطأ ص ( 487 ) أن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أمرت بقتل جارية سحرتها فقتلت ) ( أعلام السنة المشهورة – ص 154 ) 0
* قال الشنقيطي : ( والأظهر عندي أن الساحر الذي لم يبلغ به سحره الكفر ، ولم يقتل به إنساناً أنه لا يقتل ؛ لدلالة النصوص القطعية والإجماع على عصمة دماء المسلمين عامة إلا بدليل واضح ، وقتل الساحر الذي لم يكفر بسحره ، لم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والتجرؤ على دم مسلم من غير دليل صحيح من كتاب أو سنة مرفوعة غير ظاهر عندي ، والعلم عند الله تعالى - ، مع أن القول بقتله مطلقاً قوي جداً ، لفعل الصحابة له من غير نكير ) ( أضواء البيان - 4 / 462 ) 0
سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن الحد المستحق على الساحر ؟؟؟
فأجابت : ( إذا أتى الساحر في سحره بمكفر قتل لردته حدا ، وإن ثبت أنه قتل بسحره نفسا معصومة قتل قصاصا ، وإن لم يأت في سحره بمكفر ولم يقتل نفسا ففي قتله بسحره خلاف ، والصحيح أنه يقتل حدا لردته ، وهذا هو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد - رحمهم الله - لكفره بسحره مطلقا لدلالة آية : ( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ )( سورة البقرة – الآية 102 ) الآية ، على كفر الساحر مطلقا 0 ولما ثبت في صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة أنه قال : ( كتب عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أن اقتلوا كل ساحر وساحرة فقتلنا ثلاث سواحر ) ( حديث صحيح – أخرجه الإمام البخاري في صحيحه – كتاب الجزية ) ، ولما صح عن حفصة أم المؤمنين – رضي الله عنها – : ( أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها ) فقتلت 0 رواه مالك في الموطأ ، ولما ثبت عن جندب أنه قال : ( حد الساحر ضربة بالسيف ) ( سبق تخريجه ) رواه الترمذي وقال الصحيح أنه موقوف ، وعلى هذا فحكم الساحر المسؤول عنه في الاستفتاء أنه يقتل على الصحيح من أقوال العلماء ، والذي يتولى إثبات السحر وتلك العقوبة هو الحاكم المتولي شؤون المسلمين درءا للمفسدة وسدا لباب الفوضى 0 وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ) ( فتاوى اللجنة الدائمة – 1 / 368 ، 369 ) 0
سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عن حكم توبة الساحر ، وهل يقام عليه الحد بعدها ؟؟؟
فأجاب – رحمه الله – : ( إذا تاب الساحر توبة صادقة فيما بينه وبين الله نفعه ذلك عند الله ، فالله يقبل التوبة من المشركين وغيرهم ، كما قال جل وعلا : ( وَهُوَ الَّذِى يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ )( سورة الشورى – الآية 25 ) وقال جل وعلا : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )( سورة النور – الآية 31 ) 0
لكن في الدنيا لا تقبل 0
الصحيح : أنه يقتل ، فإذا ثبت عند حاكم المحكمة أنه ساحر يقتل ، ولو قال : إنه تائب ، فالتوبة فيما بينه وبين الله صحيحه إن كان صادقا تنفعه عند الله ، أما في الحكم الشرعي فيقتل ، كما أمر عمر بقتل السحرة ؛ لأن شرهم عظيم ، قد يقولون : تبنا ، وهم يكذبون ، يضرون الناس ، فلا يسلم من شرهم بتوبتهم التي أظهروها ولكن يقتلون ، وتوبتهم إن كانوا صادقين تنفعهم عند الله ) ( مجموع فتاوى ومقالات متنوعة – فتاوى العلماء – ص 58 – 59 ) 0
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن السحر وحكم تعلمه فأجاب - رحمه الله - وتعلم السحر محرم ، بل هو كفر إذا كانت وسيلته الإشراك بالشياطين قال الله تبارك وتعالى : ( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا 000 الآية )( سورة البقرة – الآية 102 ) ، فتعلم هذا النوع من السحر وهو الذي يكون بواسطة الإشراك بالشياطين كفر ، واستعماله أيضا كفر وظلم وعدوان على الخلق ، ولهذا يقتل الساحر إما ردة وإما حدا فإن كان سحره على وجه يكفر به فإنه يقتل ردة وكفرا ، وإن كان سحره لا يصل إلى درجة الكفر فإنه يقتل حدا دفعا لشره وأذاه عن المسلمين ) ( مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - 2 / 174- 175 ) 0
يقول فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله – في حكم الساحر : ( أنه كافر كما قال تعالى : ( وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ 000 )( سورة البقرة – الآية 102 ) ، وهو دليل على أن سليمان لو كان استعمل السحر لكان كافراً وأن الشياطين كفروا ، ومن أسباب كفرهم تعليم السحر ، وقال تعالى : ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ) ، قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية : وقد استدل بهذه الآية على تكفير من تعلم السحر ، واستشهد بالحديث الذي رواه الحافظ البزار : حديث محمد بن المثنى ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن ابراهيم ، عن همام ، عن عبدالله قال : " من أتى كاهناً أو ساحراً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم " ( حديث صحيح – صحيح الجامع 5939 ) 0 وهذا إسناد صحيح وله شواهد ، وقال تعالى : ( وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِى الأخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ) ، قال ابن كثير : أي ولقد علم اليهود الذين استبدلوا بالسحر عن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم لمن فعل فعلهم ذلك أنه ما له في الآخرة من خلاق0قال ابن عباس ومجاهد والسدي : من نصيب 0 وقال عبدالرزاق ، عن معمر ، عن قتادة : ما له في الآخرة من جهة عند الله 0 وقال الحسن : ليس له دين 0 وقال سعيد عن قتادة : ولقد علم أهل الكتاب فيما عهد إليهم أن الساحر لا خلاق له في الآخرة 0 وقال في تيسير العزيز الحميد : وقد نص أصحاب أحمد على أنه يكفر بتعلمه وتعليمه 0 وروى عبد الرزاق عن صفوان بن سليم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من تعلم شيئاً من السحر قليلاً كان أو كثيراً كان آخر عهده من الله " ( أخرجه السيوطي في " الدر المنثور " - 1 / 103 ، والهندي في " كنز العمال " - برقم ( 17653 ، 18753 ) - ولم أقف على درجة الحديث من خلال ما توفر لي من مراجع في هذا العلم ، علماً بأنني قد استعنت بـ ( موسوعة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ) الإصدار الأول - 1419 هـ - 1998 م - الصادرة عن " مركز التراث لأبحاث الحاسب الآلي " ) وهذا مرسل ، قال : واختلفوا هل يكفر الساحر أو لا ، فذهب طائفة من السلف إلى أنه يكفر ، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد ، قال أصحابه : إلا أن يكون سحره بأدوية وتدخين ، وسقي شيء يضر فلا يكفر ، وقيل : لا يكفر إلا أن يكون في سحره شرك فيكفر ، وهذا قول الشافعي وجماعته ، قال الشافعي - رحمه الله - : إذا تعلم السحر قلنا له : صف لنا سحرك ، فإن وصف ما يوجب الكفر ، مثل ما اعتقده أهل بابل من التقرب إلى الكواكب السبعة ، وأنها تفعل ما يلتمس منها فهو كافر ، وإن كان لا يوجب الكفر ، فإن اعتقد إباحته كفر 0 قال : وعند التحقيق ليس بين القولين اختلاف ، فإن من لم يكفره لظنه أنه يتأتى بدون الشرك ، وليس كذلك ، بل لا يتأتى السحر الذي من قبل الشياطين إلا بالشرك وعبادة الشيطان والكواكب 0 وفي حديث مرفوع رواه رزين " الساحر كافر " ، وقال أبو العالية : السحر من الكفر 0 وقال ابن عباس في قوله : ( إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ )( سورة البقرة – الآية 102 ) وذلك أنهما علماه الخير والشر والكفر والإيمان ، فعرف أن السحر من الكفر ؛ وقال ابن جريج في الآية : لا يجترئ على السحر إلا الكافر 0 وأما سحر الأدوية والتدخين ونحوه فليس بسحر ، وإن سمي سحراً فعلى سبيل المجاز ، ولكنه يكون حراماً لمضرته ، ويعزر من يفعله تعزيراً بليغاً ا هـ ) ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة – ص ) 0
وقال – حفظه الله – عن حد الساحر : ( الحدود هي العقوبات التي شرعت على الذنوب زجراً لمن اقترفها 0 كحد الزنى الذي هو الرجم أو الجلد 0 وحد القذف وهو رد الشهادة مع الجلد 0 وحد السرقة وما أشبهه 0
كذلك حد الساحر أي عقوبة الساحر وكذلك حد المرتد في قوله : " من بدل دينه فاقتلوه " ( سبق تخريجه ) 0
فالساحر له حد ويدخل في الساحر كل من يتعاطى علم الغيب من الكهنة والعرافين والمنجمين ونحوهم 0 لأن عملهم هذا يتوقف على الطاعة واستخدام الشياطين ، والشياطين لا تخدمهم إلا إذا تقربوا إليها بالعبادة لهم والسجود والذبح وغير ذلك ، فأصبحوا بذلك كفاراً عقوبتهم القتل 0
وعندما دخل جندب على الوليد بن عقبة وبين يديه ساحر يعبث ، وهذا الساحر كأنه يخيل إلى أعين الناس فعمد إلى إنسان وقطع رأسه والناس ينظرون ثم أعاده كما كان في موضعه 0 فتعجبوا وقالوا : كيف أماته ثم أحياه ، فعرف جندب أنه ساحر ، عند ذلك دخل مرة أخرى ومعه السيف قد أخفاه في ثوبه أو في ردائه فلما قرب منه ضربه بالسيف فقطع رأسه وقال : " حد الساحر ضربة بالسيف " ، ثم قال له : " أحي نفسك إن كنت صادقاً " ، حيث أنهم يقولون إنه قتل أو قطع رأس إنسان ثم رده ، وإنما ذلك خيال أو أنه من الشيطان ، يعني شيطان تمثل له في صورة إنسان ليقطع رأسه ، وليس هذا حقيقة 0 فعلى كل تقدير هذا صحابي ، لا يقدم على قتل إنسان إلا وعنده دليل على أنه يجب قتله 0
كذلك قوله : " حد الساحر ضربة بالسيف " إما أن يكون موقوفاً من كلام جندب أو مرفوعاً ، وإذا كان موقوفاً فله حكم الرفع 0 لأنه لا يتجرأ أن يقوله من قبل نفسه ، فلا بد أن عنده إيقاف من الرسول عليه الصلاة والسلام 0 ولا يتجرأ على أن يهرق دم إنسان بغير دليل 0
كذلك عمر بن الخطاب وهو خليفة راشد وثاني الخلفاء أمر بقتل السواحر ، فكتب إلى بجالة بن عبده : " أن اقتلوا كل ساحر وساحرة " وكان بجالة على بعض الولايات فتتبعوا السحرة 0 يقول بجالة : " فقتلنا ثلاث سواحر " 0
كذلك أيضاً صح عن حفصة بنت عمر بن الخطاب أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت ، وكانت قد دبرتها أي علقت عتقها بموتها 0 قالت : " إذا مت فجاريتي هذه – يعني مملوكتها حرة – " فكأن تلك الجارية استبطأت موتها ، فعملت لها عملاً شيطانياً تريد أن تميتها ، فاطلعت عليها حفصة وعلى عملها فأمرت بها فقتلت 0 فدل ذلك على أنه متفق على هذا الأمر عند الصحابة أن قتل الساحر لازم ، لكونه من المفسدين في الأرض ولكونه من المشركين 0
ولم يذكر أنهم يستتيبونهم وأنهم كل ما قبضوا على ساحر قالوا له : إما أن تتوب وإلا قتلناك ، بل يقتلونه متى عرفوا أنه ساحر ولو أظهر الندم والتوبة ، وذلك لأنه يظهر دائماً أنه مع المسلمين ، وأنه ليس من عمله ما يخفي ، فهو يظهر دائماً خلاف ما يبطن ، ولو قيل له تب لأظهر التوبة ، ولكن يظهرها ثم يعود إلى ما كان عليه ، فلا تقبل توبته ظاهراً ، ولا يستتاب بل يقتل بكل حال ، وهذا هو قول جمهور الأمة 0 ولا حاجة إلى أن يؤخذ ولا يستتاب ولا يقال له : صف لنا سحرك وما أشبه ذلك ، بل يحكم بكفره ، وعلى كل حال حيث قد ثبت أن حكمه الكفر وأن حده القتل فإن على المسلم أن يحذر من القرب من أؤلئك المشعوذين والسحرة ، ولا ينخدع بأقوالهم وإفكهم وما يظهرونه من البهرجة ومن الخيالات ، فإنها كلها أعمال شيطانية 0 نسأل الله أن يعيذنا والمسلمين من الشرور كلها والله أعلم ) ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة – ص ) 0
يقول الدكتور عبدالله الطيار الأستاذ بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تحت عنوان " حكم توبة الساحر " : ( خلاف بين أهل العلم 0
المشهور فيه من مذهب الإمام أحمد أنه يقتل من غير استتابة ، وبه قال مالك 0 لأن الصحابة لم يستتيبوا السحرة الذين حكموا بقتلهم 0
وعن أحمد أنه يستتاب فإن تاب قبلت توبته ، وخُلي سبيله وبه قال الشافعي 0 لأن ذنبه لا يزيد على الشرك ، والمشرك يستتاب وتقبل توبته ، فكذلك الساحر 0
وهذا الخلاف إنما هو في إسقاط الحد عند التوبة 0 أما فيما بينه وبين الله سبحانه وتعالى فلا أحد يحول بينه وبين التوبة ، بل إن كانت صادقة قبلت إن شاء الله ) ( بلاد الحرمين الشريفين والموقف الصارم من السحر والسحرة – ص 31 ) 0
قال الدكتور مسفر بن غرم الله الدميني فإذا كان من تعلم السحر كافرا - فمعلوم أن حد من كفر بعد إسلامه القتل ، وهذا ما صنعه كبار الصحابة ، وعمر بن الخطاب أحد أئمة الهدى وثاني الخلفاء الراشدين المهديين الذين أمرنا بالاقتداء بهم والتمسك بسنتهم ، فقد أمر أحد عماله بقتل كل ساحر ، ولا يمكن أن يأمر بقتل أحد إلا وعنده البرهان والدليل ، إما من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أنه قتل أحدهم حيث أمر به أن يدفن في الأرض إلى نصفه حتى يموت ، وأقر عثمان بن عفان وحفصة وعبدالله بن عمر وعبدالرحمن بن زيد على قتل الساحرة ، وإنـما أنكر عليهم افتياتهم عليه وعدم استئذانه في تنفيذ حد القتل عليها ، وكذلك صنع خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبدالعزيز ، وهو ما صح من فعل جندب بين يدي الوليد بن عقبة ، وإقرار عثمان لعمله ، كل ذلك يؤكد أن حكم الساحر القتل 0 لكن هناك بعض الوقائع الصحيحة المأثورة تتضمن عدم قتل الساحر ، فمن ذلك عدم قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم للبيد بن الأعصم الذي سحره ، وكذلك عائشة - رضي الله عنها - حيث باعت جارية لها سحرتها قالوا : فلو كان حد الساحر القتل لفعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين من بعده ، ونجيب عن هاتين الواقعتين ، من عدة وجوه :
1- إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك قتله لأنه كان بينه وبين اليهود عهد ، وفي قتله واحدا منهم نقض للعهد الذي أبرمه معهم 0
2- إن لبيد بن الأعصم لم يعمل السحر بنفسه ، إنما صنعه غيره له 0
3- إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل المنافقين مع ما أظهروه من كيد للمسلمين وطعن فيهم حتى لا يتحدث الناس أن محمداً صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه ، وكذلك لبيد بن الأعصم قيل أنه كان يهوديا فأظهر الإسلام نفاقا ) ( السحر، حقيقته ، وحكمه ، والعلاج منه - ص 41 - 42 ) 0
تقول الدكتورة آمال يس عبدالمعطي البنداري المدرسة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر بالقاهرة : ( يترجح لدي مذهب الجمهور القائل بقتل الساحر وذلك للأسباب التالية :
1)- عند تحقيق هذه المسألة نجد أن الخلاف بين الفقهاء لفظي لا جوهري ، لأن الفقهاء قد فرقوا في أنواع السحر بين ما يقتضي التكفير وبين ما لا يقتضي ولا يقتل فاعله ، وقد سبق الحديث عن موقف الفقهاء من أنواع السحر 0 إذا ثبت لنا ما تقدم يمكن حمل الأدلة الواردة في قتل الساحر على من يكون سحره كفراً والأدلة الواردة في عدم قتله تكون فيمن لا يكون سحره كفراً لأن إعمال الأدلة كلها خير من إبطالها أو إبطال بعضها 0
2)- إن من قال بعدم قتل الساحر ، ظن أن السحر يتأتى بدون الشرك وليس الأمر كذلك ، بل لا يتأتى السحر الذي من قبل الشياطين إلا بالشرك وعبادة الشياطين والكواكب ولهذا سماه الله كفراً 0
3)- صح قتل الساحر عن كثير من الصحابة والتابعين استئصالاً لشره وفساده 0
4)- إن أدلة الجمهور أدلة قوية ، وقد خلت من المعارضة 0
5)- طبقت المملكة العربية السعودية حكم الإعدام في السحرة ، ففي صحيفة البلاد الصادرة في 10 شوال سنة 1415 هـ ، العدد 11190 ص 1 ، 2 ، أصدرت وزارة الداخلية البيان التالي : قال تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فى الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِى الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )( سورة المائدة – الآية – 33 ) 0
تم تنفيذ حكم القتل تعزيراً بالمدعو 000 سعودي الجنسية لإقدامه على استعمال السحر والدجل والشعوذة مما نتج عنه إصابة أشخاص كثيرين بأمراض جسدية وعقلية ، وتمكن من الخلوة بعدد كثير من النساء وعمل الفاحشة بهن تحت تأثير ما يقوم به من أعمال سحرية ، وصار ينتقل إلى البيوت لإفساد الأسر 0
وقد صدق هذا الحكم من هيئة التمييز ومن مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة 0
وصدر الأمر السامي رقم 4/1387 م في 18/8/1415 هـ بإنفاذ ما تقرر شرعاً وتم تنفيذ القتل في الساحر يوم الجمعة 9/10/1415 هـ بمدينة الرياض 0
وعلى هذا فالساحر لو لم يقتل لردته لاستحق القتل لسعيه في الأرض بالفساد لهذه الأسباب كان رأي القائلين بقتل الساحر أولى بالاعتبار 000 والله أعلم ) ( السحر- أحكامه - الوقاية منه - علاجه - في ضوء الفقه الإسلامي - ص 130 ، 131 )0
قلت : والراجح من أقوال أهل العلم وما تطمئن له النفس وتستكين ، أن الساحر الذي يتعاطى الأنواع الكفرية ، كافر يقتل بفعله ولا يستتاب ، لما حوته نفسه الشريرة من خبث ومكر ، ولما يترتب على نفث سمومه الخبيثة من تقويض للمجتمعات ، وهـدم للعقائد ، فكم من أسر شتتت ، وكم من أعراض هتكت ، وكم من بيوت دمرت !! وكم 00 وكم 00 فطبيعة تلك النفوس جبلت على الشر وتفاعلت معه ، فانساقت وراء الشيطان وتجرعت من سمومه ، فالأولى اجتثاثها واستئصال جذورها حتى تصلح تلك المجتمعات ، وتكون تلك الفئة عبرة لكل من تسول له نفسه القيام بمثل تلك الأفعال الخبيثة ، واستتابتهم تعني أن نقدم لهم منفذا ومخرجا شرعيا يستطيعون من خلاله دفع القتل عن أنفسهم حال إلقاء القبض عليهم متلبسين باقتراف تلك الأفعال الخبيثة والدنيئة ، وهذا الصنف من الناس لا يتوانى عن الكذب مرات ومرات في سبيل البقاء والنجاة من الموت ، لما جبلت عليه نفسه ، ولتعلقه بالحياة وحبه لها ، وهذه النفوس بمكان يستحيل فيه أن توافق الخير وتدانيه وتتقرب إليه ، وبذلك يكون فتح هذا الباب طريقا لهم لدخول عالم السحر والشعوذة دون خوف أو وجل ، لمعرفتهم بطريقة الخلاص والنجاة حال الكشف عنهم وعن أفعالهم ، خاصة أن النصوص الثابتة التي أوردها أهل العلم آنفا تؤكد ذلك وتؤيده 0
ومن أراد الاستزادة في هذا الموضوع فبالإمكان العودة إلى كتاب ( موقف الإسلام من السحر – دراسة نقدية على ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة – للباحثة حياة سعيد عمر با أخضر ، وهذا الكتاب أطروحة علمية لنيل درجة الماجستير ، وقد جمعت جمعا طيبا بخصوص هذه المسألة في كتابها هذا في الفصل العاشر تحت عنوان ( عقوبة الساحر وتوبته ) 0
* والسؤال الذي يطرح نفسه تحت هذا العنوان : ما هو حد المرأة الساحرة ؟؟؟
للفقهاء في عقوبة الساحرة قولان :
( الأول ) القتل وبهذا قال الأحناف في أصح ( أنظر حاشية الطحطاوي – 2/485 ، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي - 3/293 ) الروايتين والمالكية ( أنظر الكافي في فقه أهل المدينة لإبن عبدالبر – 1 / 1091 ، وشرح الزرقاني على مختصر خليل – 8 / 63 ) فيمن عقدت زوجها عن نفسها أو غيرها وكان ذلك بفعلها لا بفعل غيرها 0
( الثاني ) لا تقتل وبهذا قال الحنفية ( أنظر حاشية الطجطاوي – 2 / 485 ) في رواية ثانية ، وبه قال المالكية فيمن دفعت دراهم لمن يعمل لها السحر 0
وقد استدل أصحاب القول الأول على قتل الساحرة بما ورد من آثار قد سبق ذكرها عن عمر وحفصة - رضي الله عنهما - 0
قد سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله - عن حكم المرأة الساحرة وحدها ؟؟؟
فأجاب – حفظه الله - : ( حكمها كحكم الساحر وأولى ، وذلك لأن عمل السحر يكثر في النساء ، كما تقدم في حديث بجالة بن عبدة ، الذي رواه البخاري وفيه : " فقتلنا ثلاث سواحر " ، وكذلك في حديث حفصة أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت ، وقد روى مالك في الموطأ رواية محمد بن الحسن في باب المدبر عن عمرة عن عائشة أنها دبرت جارية لها ، ثم إن الجارية عملت لها سحراً واعترفت بأنها تريد العتق ، فأبطلت عائشة التدبير وباعتها ولعل عائشة لم تتأثر بالسحر كتأثر حفصة ، أو لم تر أن عملها يوجب القتل ، ولا شك أن السحر يختلف ، فإن كان باستخدام الشياطين والشرك بهم فإنه كفر ، وإن كـان بأدوية وتدخين ونحوه فهو محرم ، لكن لا يصل إلى الكفر ، وقد كثر في هذه الأزمنة عمل السحر من الخادمات اللاتي يتعاقد معهن للخدمة ، ويقدمن من بلاد تدعي الإسلام ، لكن تكثر فيها الشعوذة وعمل السحر والكهانة ، والواجب الاحتياط من مثل هؤلاء ، وأخذ الحيطة ، ومتى عثر على عملها أو عمل السحر وجب إبعادها ، أما العمل الذي هو عقد وخيوط وشعر وقطع من حديد وخرق فإنها تحرق أو تغمس في الماء حتى يبطل مفعولها ) ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة – ص ) 0
* وقد سئل فضيلته عن الواجب فعله تجاه امرأة ساحرة ؟ فأجاب – حفظه الله - :
( إن السحر عمل شيطاني ، حيث يتقرب الساحر إلى الجن بالذبح لهم ، أو دعائهم من دون الله ، أو ترك الصلاة أ أو أكل النجاسات ونحو ذلك ، حتى تخدمه الشياطين ومردة الجن ، فيلابسون من يريده ، ويقتلون ويعوقون ويعقدون الرجل عن امرأته ويصرفون أحدهما عن الآخر ونحو ذلك 0
وعلى هذا فالساحر مشرك كافر ، لأجل تقربه إلى غير الله بهذه الأعمال الكفرية ، فلذلك ورد الأمر بقتله ، وثبت ذلك عن عمر بن الخطاب ، وبنته حفصة ، وجندب - رضي الله عنهم - ) ( الكنز الثمين – 1 / 224 ) 0
تقول الدكتورة آمال يس عبدالمعطي البنداري المدرسة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر بالقاهرة : ( والذي يترجح ما ذهب إليه من قال بقتل الساحرة وذلك لأنه لا فرق بين الرجل والمرأة فيما كلفنا به الشرع من الأوامر والنواهي ، والساحرة قد استحقت من الإثم ما استحق الرجل فهما في الإثم سواء ، فكذلك يكونان في العقوبة سواء هذا والله أعلم ) ( السحر - أحكامه - الوقاية منه - علاجه - في ضوء الفقه الإسلامي - 138 ) 0
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أنم يقينا شرور السحرة ، وأن يرد كيدهم إلى نحورهم ، إنه سميع مجيب الدعاء 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0
بارك الله في الجميع ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0