رمضان شهر الجود
أخي المسلم: هل تذكرت الجود وأنت تعيش نفحات رمضان؟!
هل تذكرت بر المساكين وأنت في شهر الجود؟!
هل تذكرت الإحسان إلى الضعفاء وأنت في شهر الرحمة؟!
سُئل بعض السلف: لم شُرع الصيام؟ قال: «ليذوق الغني طعم الجوع، فلا ينسى الجائع».
فيا من أظلك شهر الجُود ... تذكر الجُود ...
ويا من أظلك شهر القرآن تذكر الإحسان.
قل لي - أيها الموفق - ألا ترى كيف يقلق الجوع الحشى؟!
ألا ترى كيف ييبس الظمأ العروق؟!
فإن كان هذا حالك شهرًا واحدًا، فكيف بمن هذا حاله عامه كله!
ولكن هنالك من أهل الجود والإحسان من لا يهنأ لهم عيش إلا ببذل المعروف للضعفاء وأهل الحاجة.
قال حكيم بن حزام رضي الله عنه: «ما أصبحت صباحًا قط، فرأيت بفنائي طالب حاجة، قد ضاق بها ذرعًا فقضيتها؛ إلا كانت من النعم التي أحمد الله عليها، ولا أصبحت صباحًا لم أر بفنائي طالب حاجة، إلا كان ذلك من المصائب التي أسأل الله عز وجل الأجر عليها»!
وعن عروة بن الزبير قال: «لقد رأيت عائشة - رضي الله عنها - تصدقت بسبعين ألف درهم، وإنها لترقع جانب درعها»!
وذكر أن مالك بن دينار كان جالسًا ذات يوم، فجاءه سائل وسأله شيئًا، وكان عنده سلة تمر، فقال لامرأته: ائتيني بها.
فجاءت به، فأخذها مالك فأعطى نصفها السائل،
ورد نصفها إلى امرأته.
فقالت له امرأته: مثلك يسمى زاهدًا! هل رأيت أحدًا يبعث إلى الملك هدية مكسرة؟!
فدعا مالك بالسائل، وأعطاه البقية، ثم أقبل على امرأته، فقال لها: يا هذه، اجتهدي ثم اجتهدي، فإن الله تعالى قال: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ** [الحاقة: 30 - 32].
فيُقال: من أين هذه الشدة؟! قال: {إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ** [الحاقة: 33، 34].
اعلمي أيتها المرأة إنا قد طرحنا من أعناقنا نصفه بالإيمان، فينبغي لنا أن نطرح النصف الآخر بالصدقة!
وكان أبو القاسم الجنيد لا يمنع قط أحدًا سأله شيئًا، ويقول: «أتخلق بأخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -».
وكان حماد بن أبي سليمان - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لولا سؤال المحتاجين لي ما اتجرت في شيء أبدًا»!
وكان السري السقطي يقول: «ذهب المعروف، وبقيت التجارة، يعطي أحدهم لأخيه الشيء لأجل أن يعطيه نظيره»!