إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره, و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضلّ له و من يضلل فلا هادي له , و اشهد أن لا اله الاّ الله وحده لا شريك له و اشهد أن محمدا" عبده و رسوله.
(يايها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه حقّ تقاته و لا تموتنّ الاّ و انتم مسلمون)
(يايها النّاس اتّقوا ربّكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثّ منهما رجالا" كثيرا" و نساء" و اتّقوا الله الذي تتساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا" )
(يايها الذين آمنوا اتّقوا الله و قولوا قولا" سديدا", يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا" عظيما" )
أما بعد:
ذهبت النبوة و لم يبق الا المبشرات و جزء من ستة و اربعين جزءا من النبوة و هي الرؤيا الصادقة الصالحة يراها المسلم و المؤمن او تُرى له و هي على رجل طائر تقع على اول تفسير صحيح لها فقالوا اضغاث احلام ثم كانت سبع سنين جدب كما في سورة يوسف...
و لها ثلاثة احوال اما تحديث نفس فتحدّثه نفسه بما يتمناه و يرجوه او بما هو من دأب ليله و نهاره و هذه كالسراب يحسبه المؤمن الظمئان رؤيا حتى اذا جاء المعبر وجده اضغاث احلام او حديث نفس....كمثل من يسعى وراء هدف ما فيراه في منامه.
و منها تخويف من الشيطان و تحزين و انما هي حقيقة اضغاث احلام لا تضر صاحبها فان كان على جنبه الايمن فلينتقل الى الايسر و العكس عين الصواب و ليتفل عن يساره ثلاثا و ليتعوذ بالله من الشيطان و لا يحدّث بها احدا فانها لن تضره و لا ينبغي للمؤمن ان يحدث بما هو لعب الشيطان فان كان جاهلا فليعلم و ان كان عالما فليمسك....كمثل من يرى نفسه على غير حقيقتها مما تنفر منه طبائع البشر او يرها على غير المألوف....
و منها رؤيا صادقة صالحة لها امارات و علامات يستبشر بها المؤمن خيرا و لا يحدّث بها حاسدا او ماكرا و انما لمن احبّ او لاهل الاختصاص....
و للرائي اما ان ينقل رؤياه بنفسه او يرسلها مع الاخرين كما هو حال عزيز مصر مع يوسف عليه السلام فلا يضير في هذا....
ثم منها أي الرؤيا يشترك بمضمون تفسيرها المؤمن و الكافر و منها لا يستويان....
و رؤيا من عليه سمة صلاح ليس كمن عليه سمات الفجور و حتى لو كانت الرؤيا مشتركة بينهما فنفرّق بين قلبها كما انه قالبهما مفترقان....
و نلتمس فك الرموز من الكتاب و السنة و لغتنا الاصيلة و غير هذا.....
ثم أي التفسير هو سنة خاتم الرسل فقد ثبت عنه صلى الله عليه و سلم من قوله و فعله ثم صحابته الذي عاينوا التنزيل و فقهوا التأويل وخطوا اثر رسولهم صلى الله عليه و سلم.
و تفسيرها ظن و اجتهاد كما هو الحال مع كثير من احكام ديننا فهي ظنية الثبوت و الدلالة و هي مرتع للرعاة و لا ينبغي ان يلعب بالنبوة من صغار القوم فالكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة....
و اما ان تصدق الرؤيا او تكذب و يعود هذا الى ثلاثة اشياء لا رابع لها:
اما مجانبة المعبر للصواب و هو بين الاجر و الاجرين ان اجتهد في تحقيق الحق...
و اما ان يكذب صاحب الرؤيا فيرتكب كبيرة من كبائر الذنوب....
.
و اما ان يكون الغالب على صاحب الرؤيا الكذب في يقظته فمن صدق صدقت رؤياه و من كذب كذبت رؤياه.....
و لا بدّ لصاحب الرؤيا ان يسرد رؤياه عند اول غفلته من النوم فانه احضر للذهن كما هو حال الصحابة مع رسولهم عقب صلاة الفجر....
و لا ضير لصاحب الرؤيا ان يوهم في رؤياه بمعنى ان يقول رأى رجلا بينما هو الرائي كما كانت تفعل عائشة رضي الله عنها....
و ينبغي لصاحب الرؤيا ان يذكر الاعداد و الالوان و زمن رؤياه و الاوصاف من قبح و حسن و طول و .....
و ينبغي للمعبر ان يقول بداية التفسير (خيرا رأيت) كفعل رسولنا صلى الله عليه و سلم...
هذا...على عجالة ارجو الله تعالى ان يلهمني الصواب و السداد و يعفو عن الخطأ و الطغيان......
اخوكم: علي سليم