مسألة: أين الفاعل في قراءة أبي جعفر يزيد بن القعقاع المدني1 {بِمَا حَفِظَ اللَّهُ** 2 ينتصب اسم الله عز وجل؟
الجواب: يحتمل وجهين أحدهما: أن يكون اسم الله تعالى [فاعلا] ولكنه نصب لفهم المعنى، فإنه من كلامهم أن الفاعل ربما نصب إذا أمن الإلباس كقولهم: كسر الزجاج الحجر، وخرق الثوب المسمار. رويا برفع الزجاج والثوب ونصب الحجر والمسمار وقال الشاعر:
قد سالم الحيات منه القدما3.
رُوي بنصب الحيات، وعلى هذا فيتحد مع قراءة السبعة. والمعنى عليهما بحفظ الله لهن، والمفعول محذوف كما في قوله تعالى: {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ** 4.
الثاني: أن يكون ضميرا مستترا في حفظ، وفي مرجعه وجهان:
أحدهما: النسوة المذكورات وذلك باعتبار المعنى دون اللفظ، أي بما حفظ هو أي بما حفظ من ذكر كما جاء خبر النساء: ((صوالح نساء قريش أحناه على ولد في صغره، أدعاه على زوج في ذات يده)) أي أحنى من ذكر وأدعى من ذكر.
والثاني: ما على أن تقدر موصولة واقعة على دينهن. أي حافظات للغيب بالذي حفظ الله من دينهن وقد يقدح في الوجه الأول بأن ما اعتمد في إثباته ليس بحجة.
أما البيت فلأن سالم فاعل يقتضي اسمين كل منهما فاعل ومفعول من حيث المعنى، فكذلك صح أن ينصب فاعله لما فيه [3ب] من الفاعلية المعنوية، ولا كذلك هنا.
وأما المثالان فلأنهم نصبوا فيهما الفاعل ورفعوا المفعول، ولا يلزم من جواز ذلك نصب الفاعل إذا انفرد عن المفعول لأن نصبه حينئذ يؤدي إلى خلو الكلام من مرفوع البتة، ولنا أن نقدر في هذا [ما] ينصب
الفاعل والمفعول معا في البيت، فقد خلا الكلام من المرفوع ـ والله أعلم.