( && دورة تعليم الرقية الشرعية وتأهيل الرقاة والمعالجين && ) !!!
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون )
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ان الله كان عليكم رقيبا )
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )
أما بعد
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم
وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلالة ، وكل ضلالةٍ في النار
وبعد:
ان تسلط الشياطين في هذا الزمان يستدعي منا التأمل والانتباه .. والوقوف صفا واحدا أمام هذا الهجوم الشيطاني الذي يسعى لاضلال الناس وابعادهم عن كل ما يشد الخير لأنفسهم وغيرهم ..
وقد تصدى الكثيرين من الغيورين على الدين لهذا المد الشيطاني .. فقد دخل هذا المجال ما هو ليس بأهل له ..
وقد يكون بحسن نية أو بسوء نية .. فكل مبتلى بعارض شيطاني يبحث عن علاجه ..
وقد يقع فريسة للسحرة والمشعوذين أو حتى الجهلة بأساسيات الرقية الشرعية
وقد يرجع الأساس الى خلل بالعقيدة أو حتى الجهل الكبير في أساسيات الشرع .. مما يجعل الحاجة ملحة وشديدة الى تنظيم الرقية الشرعية وتأصيل قواعدها وأسسها .. شأنها شأن غيرها من العلوم التي تحتاج الى ضبط وتنظيم
ومن هنا جاءت فكرة هذه الدورة التي باذن الله سنبدأ بها تأصيلا شاملا .. وضبطا لقواعد الرقية الشرعية لكي لا يتسلل الى العقيدة الاسلامية شيء من مداخل الشيطان ... وتبقى العقيدة السمحة المستقاة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما أثر عن سلفنا الصالح صافية بيضاء نقية لا يشوبها شائبة
فلنبدأ معا بوضع القواعد الشرعية لاعتماد اطر عامة في الرقية الشرعية .. دون الخوض وي الكثير من التفاصيل التي تشتت طالب العلم وتبعده عن غايته في امتهان الرقية وتزيد من كفاءة الراقي الممارس وتضبط ممارسته في اطار من الشرع لا نحيد عنه
نسأل الله الهداية والتوفيق لما فيه الخير, كما نسأله أن يعافينا وأن يشفينا من كل داء
أسأل الله أن ينفع بهذه الدورة خلقا كثيرا وأن يتقبل مني عملي هذا وأن يجعله صوابا وخالصا لوجهه الكريم وأن يُثَـقِّل به ميزان حسناتي يوم القيامة
وصل اللهم وسلم على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه وسلم
إن أصبت فمن الله والحمد لله
وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان
أولا : الأجر الكبير الذي يمكن أن يناله الراقي بإذن الله إذا حرص على الصواب والإخلاص أولا
ثم على قدر الجهد والتعب على قدر الأجر إن شاء الله
والراقي في مرتبة المجاهد في سبيل الله كما قال بعض العلماء . هذا إن كان الراقي راقيا بالفعل لأن بعضَ الرقاة ليس لهم من الرقية الشرعية إلا الإسم للأسف الشديد
ثالثا : ومع ذلك فإقبال الناس على العلاج بالقرآن وبالطريقة الشرعية وبدء ابتعادهم عن المعالجة بالطرق غير الشرعية أصبح ظاهرة صحية ملحوظة تظهر أكثر وأكثر مع مرور الأيام والحمد لله وإن كانت المبالغة مذمومة
رابعا: بدأ يظهر كذلك اقتناع الكثير من الأطباء بالرقية الشرعية كوسيلة وحيدة لعلاج السحر أو العين أو الجن
واقتناعهم بأن هذه الأمراض ليست من اختصاصهم
واقتناعهم بأن الرقية الشرعية خط والدجل والسحر والشعوذة خط آخر موازي تماما للخط الأول
خامسا : الرقية الشرعية وسيلة فعالة جدا من وسائل الدعوة إلى الله
سادسا : ومع ذلك فالرقية الشرعية كغيرها من شعائر ديننا التزم بها ناس كما يحب الله ورسوله
وأدخل فيها ناس من البدع والمحرمات ما أدخلواومن جهة أخرى طلب بها قوم وجه الله تعالى وطلب بها آخرون المالَ والهوى والنفس والشيطان والشهوة وعرضَ الحياة الدنيا
سابعا : أهمية علاج أمراض السحر والعين والجن بقدر أهمية علاج الأمراض العضوية وكذا النفسية أو أكثر
لأن السحر أو العين أو الجن قد يصيب البدن بسوء وقد يصيب النفس بسوء وقد يصيبهما معا
وقد تكون الإصابة بسيطة وقد تكون بالغة
ثامنا : من مصادر السعادة الرئيسية خدمةُ الغير مع احتساب الأجر عند الله تعالى
ومنه فإن السعادة التي يحِسُّ بها المرء وهو يرقي المرضى لوجه الله (أي بدون مقابل) أكبر وأعظم بكثير من التي يمكن أن يُحِسَّ بها وهو يرقي بمقابل مادي قليل أو كثير
الرقية الشرعية هي باختصار معالجة أمراض بالقرآن كل القرآن وبالأدعية كل الأدعية
وإن كان بعضُ القرآن أحسنَ من غيره وبعض الذكر والدعاء أفضل من غيره.وكل وسيلة بعد ذلك تُستعمل في الرقية هي وسيلة جائزة إلا ما ثبت بالدليل بُطلانه وإن كانت بركة الرقية أكبر كلما كانت بسيطة وأقرب إلى السنة وأبعد عن الابتداع
بخلاف الطب العضوي أو النفسي الذي تزداد فائدته ونفعه وبركته أكثر كلما أبدع فيه الأطباء واخترعوا واكتشفوا
والرقية تُقرأ-بصفة عامة-على ماء أو زيت أو عسل أو زيت الحبة السوداء
كما تقرأ في أذن المريض اليمنى والراقي يقبض على ناصيته.
وقد يُنصَح المريضُ بعد الرقية بالوضوء قبل النوم مع قراءة شيء من القرآن ودهن أجزاء معينة من الجسد بالزيت المنفوث به آيات الرقية الشرعية وبشرب نصيب من الزيت أو العسل أو الماء المرقي في الصباح على الريق, وذلك خلال الأيام التي يُطلبُ منه فيها استعمال الزيت أو الماء أو العسل المنفوث به آيات الرقية الشرعية
تعريف الرقـية:
يفيد لسان العرب بأن أرقاه تعني تهدئة الإنسان لذا فإن الرقية هي التعويذة أو الحماية.
وتقول: اسْتَرْقَـيْتُه فرقَانـي رُقْـية، فهو راقٍ،
ورجل رَقَّاءٌ: صاحبُ رُقًـى.
يقال: رَقَـى الراقـي رُقْـيةً و رُقـيّاً إِذا عَوَّذَ ونفث فـي عُوذَتِه،
قال ابن الأَثـير: الرُّقْـية العُوذة التـي يُرْقـى بها صاحبُ الآفةِ كالـحُمَّى والصَّرَع وغير ذلك من الآفات.
يقول الله سبحانه وتعالى: ( كلا اذا بلغت التراقي وقيل من راق )
وفي سنن ابن ماجة عَنْ أَبِي خزَامَةَ قَال:َ ﴿سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أَرَأَيْتَ أَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا وَرُقًى نَسْتَرْقِي بِهَا وَتُقًى نَتَّقِيهَا هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا قَالَ هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّه﴾ِ.
وفي صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ قَالَ: ﴿نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرُّقَى فَجَاءَ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَتْ عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا مِنَ الْعَقْرَبِ وَإِنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى قَالَ فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ فَقَالَ مَا أَرَى بَأْسًا مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ﴾.
وعند مسلم عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ يَقُول: ﴿رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لآلِ حَزْمٍ فِي رُقْيَةِ الْحَيَّةِ وَقَالَ لأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ مَا لِي أَرَى أَجْسَامَ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً تُصِيبُهُمُ الْحَاجَةُ قَالَتْ لا وَلَكِنِ الْعَيْنُ تُسْرِعُ إِلَيْهِمْ قَالَ ارْقِيهِمْ قَالَتْ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ ارْقِيهِمْ﴾.
وفي سنن الترمذي عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَال:َ ﴿شَهِدْتُ خَيْبَرَ مَعَ سَادَتِي فَكَلَّمُوا فِيَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَلَّمُوهُ أَنِّي مَمْلُوكٌ قَالَ فَأَمَرَ بِي فَقُلِّدْتُ السَّيْفَ فَإِذَا أَنَا أَجُرُّهُ فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ وَعَرَضْتُ عَلَيْهِ رُقْيَةً كُنْتُ أَرْقِي بِهَا الْمَجَانِينَ فَأَمَرَنِي بِطَرْحِ بَعْضِهَا وَحَبْسِ بَعْضِهَا﴾.
يقول ابن حجر العسقلاني: يتخلص من كلام أهل العلم أن الرقية تكون مشروعة إذا تحقق فيها ثلاثة شروط و هي:
1- أن لا يكون فيها شرك ولا محرم.
2- أن تكون بالعربية أو ما يفقه معناه.
3- أن لا يعتقد كونها مؤثرة بذاتها بل بإذن الله تعالى.
يقول الأسيوطي وأجمع العلماء على جواز الرقية عند اجتماع ثلاث شروط:
1- أن لا يكون فيها شرك ولا محرم
2- أن يكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته وبلسان عربي وبما يفقه معناه.
3- أن يعتقد بأن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى
ويمكنكم الاستزادة من موضوع شيخنا أبو البراء ( أسامة بن ياسين المعاني ) فقد كفى ووفى في هذا الموضوع
عبر هذا الرابط
الأصل في الرقية الشرعية أن يعرف كل منا كيف يرقي ويعوذ نفسه وأهله ومحارمه
وسوف أحاول قدر المستطاع أن اختصر الأمر كي نتعلق جميعاً بالله سبحانه وتعالى ونفعل ذلك الأمر دون حاجة أحد إلا في الحالات الخاصة
أولا: الرقية الشرعية أسباب شرعية للعلاج والاستشفاء والشفاء من الله سبحانه وتعالى وحده
ثانيا: لا يملك أحد من الخلق ضراً ولا نفعاً ، ولذلك يجب اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى دون سائر الخلق
ثالثا: لا يجوز التبرك مطلقاً لا بالماء ولا بالزيت ولا بماء زمزم ونحو ذلك من أمور أخرى ، إنما يكون نفع الاستخدام من جراء مباشرة أثر الرقى للماء أو الزيت أو العضو المريض ، كما هو الظاهر من فعله – صلى الله عليه وسلم – وفعل أصحابه – رضي الله عنهم –
رابعا: أن الرقية الشرعية لا تقدح في التوكل على الله سبحانه وتعالى ، والتوفيق بين حديث أنس ( سبعون ألفاً من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب : هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ) ( أخرجه البزار وصححه الألباني ) ، وأحاديث الرقية ( اعرضوا عليّ رقاكم ، لا بأس بالرقية ما لم يكن شرك ) أو ( استرقوا لها فإن بها النظرة ) وتحو ذلك من أحاديث أخرى
كيفية الرقية الشرعية :
أولاً : لا بد للمعالِج أولا من الاهتمام بالنقاط التالية :
1- الاعتقاد الكامل بالله سبحانه وتعالى والتعلق به
2- الحرص على اتباع الطرق الصحيحة للرقية الشرعية
3- الحرص على تجنب اقتراف المعاصي
4-العودة للعلماء وطلبة العلم ، في المسائل المشكلة المتعلقة بالرقية الشرعية
5- الحذر من استخدام الرقى التي لا يعرف لها أصل من الكتاب والسنة
6- الحذر من استخدام الأعشاب المركبة ونحوه
7- الصبر والتحمل
8- الاعتصام بالله من الشيطان ، وذلك باتباع الوسائل المعينة على ذلك
ثانياً : البدء بالحمد والثناء والدعاء بأسماء الله وصفاته
الرقية بكتاب الله عز وجل :
أن يبدأ برقية نفسه بآيات من كتاب الله عز وجل مع التركيز على آيات الرقية الثابتة في السنة المطهرة ، كالفاتحة وأوائل سورة البقرة وآية الكرسي ، وأواخر سورة البقرة ، والإخلاص والكافرون والمعوذتين
نقاط هامة :
1- عدم الاعتقاد بهذه الآيات دون غيرها من كتاب الله عز وجل
2- إن التأثير الواقع من قراءة تلك الآيات بسبب احتوائها على التوحيد والإخلاص لله سبحانه وتعالى ، والترغيب برحمته وجنته ، والترهيب من سخطه وعقوبته
3- الأولى قراءة الآيات آنفة الذكر أو أي آيات من كتاب الله عز وجل مرتبة كما وردت في القرآن الكريم ، وكما هو موضح حسب التسلسل السابق ، وقد بين ذلك علماء الأمة وأئمتها ، فيبدأ المعالِج بقراءة سورة الفاتحة ثم آيات من سورة البقرة ، ثم آيات من سورة آل عمران وهكذا
4- لا بد للمعالِج من محاولة التنويع في اختيار الآيات التي يقرأ بها من قراءة لأخرى ، مع التركيز على آيات الرقية الثابتة ، لعدم زرع اعتقاد لدى العامة بهذه الآيات دون غيرها من كتاب الله عز وجل
5- الأولى الرقية بالمأثور عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كالرقية بفاتحة الكتاب وآية الكرسي وأواخر البقرة والإخلاص والمعوذتين ونحوها
ويمكنك الاستزادة عبر الرابط التالي لأستاذنا أبو البراء ( أسامة بن ياسين المعاني )
عن عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه - أنه اشتكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده منذ أسلم
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل :
بسم الله ثلاثا ، وقل سبع مرات : أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر )
( أخرجه الإمام أحمد والإمام مسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة )
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى مريض أو أتي به قال :
أذهب البأس رب الناس ، اشف وأنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما )
( متفق عليه )
وعنها - رضي الله عنها – قالت : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرقى بهذه الرقية :
( أذهب البأس رب الناس ، بيدك الشفاء ، لا كاشف له إلا أنت )
( متفق عليه )
عن محمد بن سالم عن ثابت البناني قال : يا محمد : إذا اشتكيت فضع يدك حيث تشتكي ثم قل
( بسم الله أعوذ بعزة الله وقدرته ، من شر ما أجد من وجعي هذا )
ثم ارفع يدك ، ثم أعد ذلك وترا ، فإن أنس بن مالك - رضي الله عنه - حدثني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه بذلك )
( أخرجه الترمذي والحاكم وابن حبان وصححه الألباني )
عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله
فيقول سبع مرات : أسأل الله العظيم ، رب العرش العظيم ، أن يشفيك ، إلا عوفي )
( أخرجه الإمام أحمد وأبو داوود والترمذي والنسائي وصححه الألباني )
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه – : ( أن جبريل - عليه السلام - أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ! اشتكيت ؟ فقال : ( نعم ) ، فقال جبريل – عليه السلام - :
(باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شركل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك )
( أخرجه الإمام أحمد والإمام مسلم والترمذي وابن ماجة والنسائي )
وعن ابن عباس -رضي الله عنه- قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم : ( يعوذ الحسن والحسين ويقول : إن أباكما كان يعوّذ بها إسماعيل وإسحاق أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة )
( أخرجه الإمام أحمد والإمام البخاري وأبو داوود والترمذي وابن ماجة والنسائي )
وعن عبدالرحمن بن خنبش - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أتاني جبريل ، فقال : يا محمد ! قل قلت : وما أقول؟ قال : قل :
أعوذ بكلمات الله التامات ، التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر ، من شر ما خلق ، وذرأ ، وبرأ ، ومن شر ما ينزل من السماء ، ومن شر ما يعرج فيها ، ومن شر ما ذرأ في الأرض ، وبرأ ومن شر ما يخرج منها ، ومن شر فتن الليل والنهار ، ومن شر كل طارق يطرق ، إلا طارقا يطرق بخير ، يا رحمن ! )
( أخرجه الإمام أحمد والطبراني والنسائي والهيثمي وصححه الألباني )
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى رقاه جبريل قال :
بسم الله يبريك ، من داء يشفيك ، ومن شر حاسد إذا حسد وشر كل ذي عين )
( أخرجه الإمام أحمد والإمام مسلم )
يقول ابن القيم - رحمه الله – في كتابه ( الطب النبوي – بتصرف ) فالقلب إذا كان ممتلئا من الله مغمورا بذكره وله من التوجهات والدعوات والأذكار والتعوذات ورد لا يخل به يطابق فيه قلبه لسانه كان هذا من أعظم الأسباب التي تمنع إصابة السحر له ومن أعظم العلاجات له بعد ما يصيبه ، وعند السحرة : أن سحرهم إنما يتم تأثيره في القلوب الضعيفة المنفعلة والنفوس الشهوانية ولهذا غالب ما يؤثر فيمن ضعف حظه من الدين والتوكل والتوحيد ومن لا نصيب له من الأوراد الإلهية والدعوات والتعوذات النبوية )
النفث ومسح الرأس وما يلي الجسد :
بعد الانتهاء من الرقية الشرعية بشكل عام ، يجمع كفيه وينفث بهما ، ويمسح وجهه وما يلي جسده ، ويفعل ذلك لأهل بيته للانتفاع بالنفث أو التفل المباشر لكلام الله عز وجل
وضع اليد مكان الألم أو مسحه والدعاء : وضع اليد مكان الألم أو مسحه والدعاء بالأدعية المأثورة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله – في كتاب ( الفتاوى الذهبية ) :
( ولا بأس أيضا بوضع اليد على موضع الألم ومسحه بعد النفث عليه ، كما أنه يجوز القراءة ثم النفث بعدها على البدن كله وعلى موضع الألم للأحاديث المذكورة ، والمسح هو أن ينفث على الجسد المتألم بعد الدعاء أو القراءة ثم يمر بيده على ذلك الموضع مرارا ، ففي ذلك شفاء وتأثير بإذن الله تعالى )
لاشك أن الراقي المخلص تكون رقيته للمريض نافعة، وينفع الله به الناس، وبه يتفاضل الرقاة
وهو المقياس الحقيقي لقوة الرقية، وذلك أن الراقي حين يرقي المريض قد انعقد كل همه في علاج هذا المريض
متوجها ومتضرعا ومحتسبا لله جاعلا نصب عينيه
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نفس عن أخيه كربة، نفس الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة
وقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى
ثانيا: الاتباع وعدم الابتداع
مطلوب من الراقي متابعة هدي النبي صلى الله عليه وسلم، في العلاج ففيه الخير كل الخير،
وعدم التوسع في مجال الرقى خاصة لأن البعض هداهم الله يتوسع ويعلل ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: وما أدراك أنها رقية؟
وكأن هناك رقى لم يوضحها صلى الله عليه وسلم - حاشاه عن ذلك
وهو القائل: تركتكم على بيضاء نقية ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك
وبعض الرقاة: يحاكي بعض المشعوذين في طلاسمهم وأرقامهم وأدعيتهم ووضع الآيات في غير موضعها
والاستعانة بالجن على حد زعمهم؟!
إما بالتبخير أو بالتختم مما يؤدي إلى الشرك، عياذا بالله من ذلك، فالحذر الحذر، وكما قال صلى الله عليه وسلم: شر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة
ثالثا: القدوة
حينما ينعم الله على الراقي فيكون سببا لشفاء الناس يتساءل هؤلاء الناس بماذا استحق هذه المنزلة؟
وقد تجد القارئ الراقي أبعد الناس عن تطبيق السنن!
وأغلب الرقاة اليوم لو وضعوا في ميزان الجرح والتعديل لوجدتهم من مستوري الحال!
فالواجب على الراقي أن يكون قدوة لمرضاه في عبادته ومعاملته، وفي شأنه كله،
وهذه التزكية مطلب شرعي قال تعالى: (قد أفلح من زكاها)
ويقول النبي، صلى الله عليه وسلم: اتق المحارم تكن أعبد الناس
وتكون بداية خلل الراقي: إذا تعلق بالدنيا وصار بدلا من أن ينظر إلى قلب المرقي عليه ينظر إلى جيبه،
وتكون الرقية حينئذ عرضا من أعراض الدنيا ومطمحا للمنتفعين،
وعلاج هذا الخلل: هو التجرد من الدنيا وطلب العلم الشرعي حتى يكون قدوة لمرضاه.
يقول الماوردي: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنما زهد الناس في طلب العلم لما يرون من قلة انتفاع من علم بما علم،
وكان يقال: خير من القول فاعله، وخير من الصواب قائله، وخير من العلم حامله
وحياة الراقي وسلوكه الخاص والعام موضع ملاحظة، فحين يكون بعيدا عن الالتزام بالسنن والنوافل فضلا عن الواجبات فإنه يكون فتنة للناس، حيث يصرفهم بسلوكه عن دين الله
رابعا: زرع الثقة في مريضك
إذا داهمت المريض شدة، فإن الشيطان يحرص على ترويعه ثم احتوائه،
فتراه زائغ النظرات، متعثر الخطى، مستغربا لحاله !
فواجب الراقي تهدئة أعصابه المضطربة، وزرع الطمأنينة والثقة بربه أولا ونفسه ثانيا، أن ما أصابه لم يكن ليخطئه،
وهذا الأمر من الابتلاء من محبة الله له، وسوف يزول قريبا بمشيئة الله،
خامسا: المستقبل بيد الله فلا تفكر فيه
المريض حين يفكر في غده، ويؤمل يعيش في أحلام يقظة وفي تفكير غير منتج، فتسرع له الأوهام والوساوس الشيطانية والهواجس المقلقة،،
فلا يقتنع بما لديه من نعمة، ولا يرضى بعيشه، فيورثه ذلك غبشا وشكا في عقيدة القضاء والقدر فيضعف إيمانه بالله - عز وجل -
فيتطور الأمر سوءا إلى نزعة حسد وحقد -
فواجب الراقي توضيح الأمر للمريض، وأين هو من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( من أصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها )
فالأمن والعافية وقوت يوم واحد: قوام الحياة الكاملة، فاستعجاله شئون المستقبل ضعف يقين.
روي أن رجلا سأل عبد الله بن عمرو بن العاص: ألست من فقراء المهاجرين، فقال له عبد الله: ألك امرأة تأوي إليها؟
قال: نعم، قال: ألك مسكن تسكنه؟
قال: نعم،
قال: فأنت من الأغنياء !
قال: فإن لي خادما ! قال: فأنت من الملوك
رواه ابن جرير في تفسير قوله تعالى: ( وجعلكم ملوكا ) في سورة المائدة
وهذا لا يعني أن لا نعد للمستقبل عدته، فإن اهتمام المرء بغده دليل عقل،
ولكن فارق بين الاهتمام بالمستقبل وجمع الهم له والحيرة فيه،
وقد يسألك مريضك: متى أشفى؟ لماذا غيري يتمتع بالصحة والعافية؟!
فأخبره أن الابتلاء سنة الله في خلقه: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كُتبت له درجة ومحيت عنه بها خطيئة )
وفي رواية ( إلا رفعه الله بها درجة أو حط عنه بها خطيئة )
وليس بأفضل حال من رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( ما رأيت رجلا أشد عليه الوجع من رسول الله )
سادسا: لا توهم مريضك أثناء تشخيصك
إن الأوهام والظنون هي التي تعصف بالناس ولو بحثت عن الحق لأعياك طلبه !
لذلك ذم الله - عز وجل - الظن، فقال: (وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون)
وقال : (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا)
فليستخدم الراقي فكره وتجربته بعيدا عن الظنون والتخرصات فيستخلص الحقائق عن هذا المريض
ثم يحلل هذه الحقائق على بصيرة ثم يستخدم عقله وتفكيره وبعدها يتخذ قرارا حاسما مبنيا على علم وبصيرة،
وبعض الرقاة - هداهم الله - يبتعد عن حقيقة الشخص من أجل عرف سائد أو وهم سابق عندئذ لا يوفق إلى حل مشكلة هذا المريض، وذلك أن الراقي حين يستخلص الحقائق فإنه يتصيد منها ما يعضد الفكرة الراسخة في ذهنه، ولا يبالي بما ينقضها، فتكون حلوله سطحية ارتجالية، فلابد من الفصل بين عواطفنا وتفكيرنا حتى تكون الحقائق المطلوبة مجردة لا تشوبها الأوهام العاطفية
فالواجب على الراقي أن تكون لديه مذكرة تحدد:
ما هي مشكلة المريض؟
فقد تنشأ مناقشة حامية بين الراقي والمرقي عليه في جدل لا طائل تحته دون معرفة المشكلة أصلا !
فينشأ الغموض، وتخبط الآراء والتشخيص العقيم، ويخرج من هذا التخبط بتوضيح المشكلة، ويقصد بها أعراض المرض.
بعد ذلك منشأ المشكلة وهو ما أسميه - تاريخ المرض - وهي الأسباب التي دفعت المشكلة إلى حيز الظهور،
ويرجع بذاكرة المريض إلى تاريخ المشكلة حتى تحدد معالمها بعد ذلك:
ما هي الحلول الممكنة :
هل هو مرض نفسي أم هو مرض عضوي معه تسلط شيطاني؟ وهكذا وحتى لا تكثر الاقتراحات فيتخبط هذا المسكين عند مجموعة من الرقاة كل يشخص مرضه فمن قائل: عين. ومن قائل: سحر. وآخر: عشق، وهكذا .
وأفضل الحلول تستخلص من الحقائق المحيطة بهذا المرض.
فإن كان مرض عضوي مرتبط بشيطاني - وهذا هو الغالب فواجبك طرد هذا الشيطان بالطرق المناسبة وفي نفس الوقت يكون العلاج الطبي فيجمع بين القرآن الذي هو الأصل في العلاج، والعلاج المتوفر وهي الأسباب الدوائية كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع سعد
قال: مرضت مرضا فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعودني فوضع يده بين ثديي حتى وجدت بردها على فؤادي - حيث طرد الشيطان المتسلط -
وقال لي: إنك رجل مفؤود، فأت الحارث بن كلدة من ثقيف، فإنه رجل يتطبب فليأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة فليجأهن ثم ليلدك بهن
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ )
ففي الفراغ تنشأ الأمراض النفسية، وتكثر فيه التسلطات الشيطانية، وتكون مأوى صالحا للرذيلة والأمراض الخطيرة
قال الإمام الشافعي : إذا لم تشغل نفسك بالحق شغلتك بالرذيلة
فمشاعر القلق والحسد والخوف لا تستيقظ إلا في الفراغ
فعلاج هذا الأمر أن توصي مريضك بأن يشحن وقته كله بذكر الله، حتى تطمئن هذه القلوب الحائرة
وإعلامه أنه محاسب في كل وقت ضيعه في غير ذكر الله،
فقد أثنى الله - عز وجل - على الذاكرين : ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم . )
فإذا حصل الربط بذكر الله استقامت أمور هذا المريض،
اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت
قال تعالى: (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)
فلا مجال للقلق والوساوس. وعلماء النفس يقررون بالإجماع، وهي من البديهيات عندهم،
(من المحال لأي ذهن بشري مهما كان خارقا أن ينشغل بأكثر من أمر واحد في وقت واحد)
أي: أن تجمع بين إحساسين متناقضين، وقد سبقهم بذلك كتاب الله عزوجل بقوله تعالى : ( ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه )
ثامنا: تضخيم التوافه تدع الحليم حيرانا
ويحصل هذا في الغالب بين الزوجين من التوافه ما يعرقل حياتهما، فيستغل ذلك الشيطان جهده كله، وقد يؤدي بهما إلى الطلاق
ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفرك - لا يكره - مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر
وفي صعيد آخر تجد الخصام والمنازعات بين أقرب الناس لأمور صغيرة تافهة، ضخمها الشيطان، وجعل سدة ذلك كرامة الشخص وكبرياءه المزعوم،
والغريب أن هؤلاء الناس لهم من قوة التحمل على المصائب الكبيرة شجاعة عظيمة، أما التوافه الصغيرة فهي غالبة على أمورهم
والله عز وجل يقول: ( وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم )
علاج الأمر الأول: وهي نصيحة لكل من الزوجين - أن لا يبيت الخصام معهما ليلتهما ، وأن يجعل للصلح موضعا فالشيطان غايته التفريق ولاسيما بين الزوجين
وعلاج الأمر الثاني: حسن الخلق والإنصاف وعذر الإخوان وعدم تسقط الزلات، ومهما بلغ أخوك من سوء الخلق فادفع بالتي هي أحسن، وادع له بظاهر الغيب
تاسعا: ذكر الموت المنتج لا الموت المثبط
يأتي الشيطان هذا المريض مذكرا له بالموت المثبط الذي لا عمل معه،
وهدف الشيطان في ذلك تحطيم هذا المريض وحرمانه من التلذذ بعيشه وتشريد أسرته،
وإلا تذكر الموت المنتج الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثروا من ذكر هادم اللذات
وهو المؤدي إلى كثرة العمل الصالح والتزود للآخرة، فهو مطلوب
روي عن امير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال:
أي يومي من الموت أفر؟ يوم لا يقدر؟! أو يوم قدر؟
يوم لا يقدر لا أحذره ! ومن المقدور لا ينجي الحذر !!
بهذه الشجاعة يخسأ الشيطان، وترتاح النفس المجهدة
(قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون)
هذا إذا حدثت مصيبة، بيد أن الشيطان لا يفتر ولا يمل، بل يجعل المرضى يجزعون من أحزان يتوقعونها في المستقبل!
وكل ذلك ناتج من التفكير والخيال المدعوم بوساوس الشيطان عن المستقبل الذي أمره إلى الله تعالى :
(الشيطان يعدكم الفقر)
فتجد الكفرة يلجؤون إلى شركات التأمين،
أما المؤمنون فتأمينهم: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)
ويجب أن تكون هناك مرونة في مجابهة المصائب والرضا بها كعلامة رضا بالقدر خيره وشره،
لا لأنك تود بقاء هذه المصيبة، بل تخفيفا من شدتها، وابتغاء ما عند الله من الأجر في ذلك، فتسلم نفسك من الأمراض،
ولا تكن بهيمة الأنعام أفضل من الإنسان، فهي لا تصاب بقرحة في المعدة أو قولون عصبي، أو انهيار عصبي لأنها لا تفكر في مستقبلها: (وما من دابة إلا على الله رزقها)
عاشرا: أغرق مريضك في التفاؤل
مما لاشك فيه أن مشاعر الإنسان وعواطفه هي من صنع أفكاره، فإن ساورته أفكار سعيدة أصبح سعيدا،
وإن كانت مزعجة أزعجته وأمرضته.
والشيطان له جهوده في ذلك، ولذلك. إشاعة روح المحبة والسلام والابتسامة، هي من أخلاق المسلم الذي يثاب عليها،
وإفشاء السلام دليل المحبة: ألا أدلكم على شيء اذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم
والحزن على ما فات دليل عجز. وتستطيع أن تحكم على الشخص بمجرد تفكيره،
والشيطان يحرص كل الحرص على تذكيرك بالمعاصي السابقة فيثبطك عن الطاعة،
ولقد كان يمكن بشيء من الحيطة والحذر أن تتلافى درب المعصية، ولكن فات الوقت، فهل بمقدورك إعادة ما فات،
بالطبع لا وكل ما نستطيعه أن نمحو أثرها، وننساها بالتوبة النصوح حتى نعود إلى حياتنا بهمة ونشاط،
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: استعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل. فإن لو تفتح الشيطان
وللاستزادة أرجو مراجعة الرابط التالي لأستاذنا أبو البراء ( أسامة بن ياسين المعاني )
عالم الجن والشياطين عالم مجهول بالنسبة لنا ولكن ورد الخبر السمعي القطعي بوجودهم ، فكان الايمان بهم من لوازم الإيمان بالغيب .. فكان لا بد في هذه الدورة من القاء الضوء على هذا العالم خصوصا أن من هذا الباب بالذات قد زلت فيه أقلام كثيرة ، وابتعدت عن هدي الكتاب والسنة وأقوال الأئمة السابقين المعتبرين وسلف الأمة
التعريف بهذا العالم:
الجن عالم مستقل وهو غير عالمنا وعالم الملائكة .. فالاختلاف في الأصل .. الا أن بينهم وبين الإنسان قدر مشترك من حيث الاتصاف بصفة العقل والإدراك ..
فالملائكة مخلوقات نورانية خلقت من نور
والجن مخلوقات نارية خلقت من نار
والانس مخلوق من تراب أو طين
فعن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خلقتْ الملائكة من نور ، وخلق الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم )
سبب تسميتهم بالجن :
وسمو جنّاً لاجتنانهم ، أي : استتارهم عن العيون
قال تعالى: ( إنَّه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم )
وقد خلق الجان قبل الانسان وهذا من قوله تعالى ( ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مَّسنون والجآن خلقناه من قبل من نار السموم )
أسماء الجن في لغة العرب وأصنافهم
قال ابن عبد البر : ( الجن عند أهل الكلام والعلم باللسان على مراتب :
1- فإذا ذكروا الجن خالصاً قالوا : جنّي
2- فإذا أرادوا أنه مما يسكن مع الناس ، قالوا : عامر ، والجمع : عمّار
3- فإن كان مما يعرض للصبيان قالوا : أرواح
4- فإن خبث وتعرض ، قالوا : شيطان
5- فإن زاد على ذلك ، فهو مارد
6- فإن زاد على ذلك وقوي أمره ، قالوا : عفريت ، والجمع : عفاريت )
وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ ( الجن ثلاثة أصناف : فصنف يطير في الهواء ، وصنف حيّات وكلاب ، وصنف يحلون ويظعنون )
صفة خلقهم:
نحن لا نعرف من خلقتهم وصورهم وحواسهم إلا ما عرفنا الله منها ، فنعلم أن لهم قلوبا وأعين وآذان
قال تعالى : ( ولقد ذرأنا لجهنّم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل )
وكذلك للشيطان صوتا ، قال تعالى : ( واستفزز من استطعت منهم بصوتك )
كما أنهم يأكلون ويشربون
صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( وإنّه أتاني وفد جن نصيبين فسألوني الزاد ، فدعوت الله لهم : أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعماً )
وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تستنجوا بالروث ، ولا بالعظام ، فإنّه زاد إخوانكم من الجن )
عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أكل فليأكل بيمينه ، وإذا شرب فليشرب بيمينه ، فإن الشيطان يأكل بشماله ، ويشرب بشماله )
والأدلة في هذا الباب كثيرة
تزاوج الجن وتكاثرهم
الذي يظهر أن الجن يقع منهم النكاح
قال تعالى : ( لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان )
والطمث في لغة العرب : الجماع
كما أن للشيطان ذرية نص عليها القرآن الكريم بقوله تعالى ( أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو )
أعمار الجن وموتهم
قال تعالى : ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام )
أما مقدار أعمارهم فلا نعلمها ، إلا ما أخبرنا الله عن إبليس اللعين ، أنه سيبقى حيا إلى أن تقوم الساعة :
( قال أنظرني إلى يوم يبعثون قال إنَّك من المنظرين )
أما غيره فلا ندري مقدار أعمارهم
ومما يدّل على أنهم يموتون أن خالد بن الوليد قتل شيطانة العزى ( الشجرة التي كانت تعبدها العرب ) ، وأن صحابياً قتل الجني الذي تمثل بأفعى
مساكن الجن ومجالسهم وأماكنهم
الجن يسكنون هذه الأرض التي نعيش فوقها ، ويكثر تجمعهم في الخراب والفلوات ، ومواضع النجاسات كالحمامات والحشوش والمزابل والمقابر
وكما يقول ابن تيمية يأوي إلى كثير من هذه الأماكن ، التي هي مأوى الشياطين : الشيوخ الذين تقترن بهم الشياطين . وقد جاءت الأحاديث ناهية عن الصلاة في الحمام ؛ لأجل ما فيها من نجاسة ، ولأنها مأوى الشياطين ، وفي المقبرة ؛ لأنها ذريعة إلى الشرك
ويكثر تجمعهم في الأماكن التي يستطيعون أن يفسدوا فيها كالأسواق
فقد أوصى سلمان أصحابه قائلاً : ( لا تكونن ، إن استطعت ، أول من يدخل السوق ، ولا آخر من يخرج منها ، فإنها معركة الشياطين ، وبها ينصب رايته )
والشياطين تبيت في البيوت التي يسكنها الناس ، وتطردها التسمية ، وذكر الله ، وقراءة القرآن ،
خاصة سورة البقرة ، وآية الكرسي منها ،
وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الشياطين تنتشر ، وتكثر بحلول الظلام ، ولذا أمرنا أن نكف صبياننا في هذه الفترة
والشياطين تهرب من الأذان ، وفي رمضان تصَفد الشياطين
والشياطين تحب الجلوس بين الظل والشمس ؛ ولذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجلوس بينهما في الحديث الصحيح
دواب الجن ومراكبهم
للجن دواب علفها بعر دواب الانس فقد جاء في صحيح مسلم أن الجن سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم الزاد
فقال : ( لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه ، يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما ، وكل بعرة علف لدوابكم )
فأخبر أن لهم دوابّ ، وأن علف دوابهم بعر دواب الإنس
وأخبرنا ربنا أن للشيطان خيلاً يجلب بها على أعدائه من بني آدم قال تعالى : ( واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك )