النذر لغير الله:
خرج علينا في هذا الزمان بعض النساء - هداهن الله - تنذر لكن لغير الله فتقول إحداهن: (دستة شمع لأم هاشم) أو تقول لو حدث كذا أو شفي الله وحيدي أو جاء فلان من السفر وضعت نقود في صندوق النزور للشيخ الفلان.
* قال الإمام السيوطي - رحمه الله -:
هذا نذر معصية باتفاق العلماء لا يجوز الوفاء به بل عليه كفارة يمين عند كثير من العلماء منهم أحمد وغيره.
* وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- كما في مجموع الفتاوى (24/ 319):
ولهذا لا يشرع باتفاق المسلمين أن ينذر للمشاهد التي علي القبور لا زيت ولا شمع ولا دراهم ولا غير ذلك وللمجاورين عندها وخدام القبور ومن نذر ذلك فقد نذر معصية
فقد أخرج البخاري في كتاب الأيمان والنذور عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
" من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه "
وفي قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " من نذر أن يطيع الله فليطعه "
أي: فليفعل ما نذره من طاعة الله.
وقد أجمع العلماء علي أن من نذر طاعة لشيء يرجوه كأن شفي الله مريض فعليَ أن أتصدق بكذا ونحو ذلك وجب عليه إن حصل له ما علق النذر علي حصوله.
وقد مدح الله الأبرار الذين من وصفهم: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا** (سورة الإنسان: 7)
وقال تعالي: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ** (سورة البقرة: 70)
وقال الشيخ قاسم الحنفي في شرح درر البحار:
النذر الذي ينذره أكثر العوام علي ما هو مشاهد كأن يكون للإنسان غائب أو مريض أو له حاجة فيأتي إلي بعض العلماء أو الأولياء ويقول يا سيدي فلان إن رد الله غائبى وعُوفي مريض أو قضيت حاجتي فلك من الذهب كذا أو الفضة كذا أو من الطعام كذا فهذا النذر باطل بالإجماع لوجوه منها:
أنه نذر لمخلوق، والنذر لمخلوق لا يجوز، وكذلك لأن عبادة العبادة لا تكون لمخلوق، وإذا ظن أن الميت يتفرد بالأمور دون الله واعتقد ذلك فقد كفر.
يقول صاحب سبل السلام: وأما النذور المعروفة في هذه الأزمنة علي القبور والمشاهد والأموات فلا كلام في تحريمها لأن الناذر يعتقد في صاحب القبر أنه ينفع ويضر ويجلب الخير ويدفع الشر ويعافي الأليم ويشفي السقيم وهذا هو الذي كان يفعله عباد الأوثان.