من الواقع المؤلم
القصة الأولى :
دعيت لعلاج إحدى الأخوات بالرقية الشرعية ، فذكرت لي أنها تعاني من صداع شديد جداً منذ عدة شهور ، وأخبرتني أنها قد عرضت نفسها على بعض من الرقاة ، فأخبروها أن بها جنياً متمركزاً في الدماغ ، واستمروا في علاجها ما يقارب الثلاث شهور ولكن دون جدوى ولا فائدة تذكر .
وقد قمت بدوري بطرح مجموعة من الأسئلة التشخيصية لمعرفة حالها ، وبالفعل تبين لي أن الأخت بعيده كل البعد عن المس الشيطاني ، وعن أي إصابة روحية تذكر ، وعلى الفور أمرتها بمراجعة أحد الأطباء المختصين ، وبعد مرور ثلاثة أيام إذ بهذا الطبيب يتصل بي ويخبرني بأن هذه الأخت تم تحويلها إلى مستشفى المدينة الطبية في مدينة عمان ، وبعد إجراء الفحوصات اللازمة لها ثبت أنها تعاني من سرطان في الدماغ .
فقلت : لا حول ولا قوة إلا بالله حسبنا الله ونعم الوكيل ، فجلست أتساءل :
1. من يتحمل مسؤولية تأخر هذه المريضة عن علاجها الحقيقي ؟
2. كيف علم هذا الراقي بأن الجني متمركزا في الدماغ ؟! بالرغم أن الأطباء يستعملون أجهزتهم الحديثة والمتطورة ولكنهم لا يجزمون بنوع الإصابة ، ولكن للأسف نجد بعض الرقاة سرعان ما يجزمون بنوعية المرض من غير بينه .
3. هل يكفي وجود الصداع الشديد في الرأس حتى يقال : هناك جني متمركز في الدماغ ؟! وعجبي من كلمة متمركز !! والتي تعني أن الجني لا يغادر الدماغ ، فعجبت لهذهِ الجرأة في الظن والباطل ، فحسبنا الله ونعم الوكيل .
القصة الثانية :
وهي قصه تتحدث عن أمر غريب حصل من أحد الرقاة ، تلكم قصة رجل وامرأة قد ناهزا الأربعين ، ومشكلتهما عدم الإنجاب ، وقد أخبراني أنهما توجها إلى ذلك الراقي ، فما كان منه إلا أن عالجهما بعلاج لا يصح ديناً ولا عقلاً ، فقد قام هذا المعالج بخنق المرأة من الودجين [1] ، حتى بالت على نفسها أمام زوجها والحضور ، علماً بأن هذا الأمر قد تكرر حدوثه عند بعض المعالجين .
ولما بدأت بعلاجها بالرقية وطلبت منهم بعض الفحوصات والتقارير الطبية ، تبين لي أن حالتهما مرضية عضوية ولا علاقة لهما بالمس الشيطاني ولا بأي إصابة روحية أخرى ، خصوصاً وأن الرجل كان يعاني من ضعف كبير في حركة الحيوانات المنوية وأحياناً انعدامها ،
فقلت :
1. إنه لأمر مخجل أن تبول امرأة على نفسها بهذا السن في حضرة زوجها وبعض الرجال الأجانب !
2. كيف سارع هذا المعالج بإلصاق التهمه للمس الشيطاني ، وتقارير المرضى واضحة وجلية في أن ماء الرجل غير صالح للإنجاب ، ألا يستدعي هذا الأمر من المعالج أن يتقي الله في هؤلاء المرضى فيوجههم نحو علاجهم اللازم .
3. ألا يخشى هذا المعالج أن يقتل هذه المرأة بفعله الشنيع هذا ؟! وكنت قد بينت سابقاً مدى خطورة هذه الطريقة التي قد تؤدي أحياناً إلى الموت ، حتى إنني أعرف أحد المعالجين بالرقية أصبح يمارس هذه الطريقة على جميع المرضى أكثر من رقيتهم ، وسمعته يقول ذات يوم : إذا لم أجد مريضاً أخنقه أقوم بخنق أحد أبنائي ، فقلت : هذا بسبب تعلق المعالج بهذه الطريق ، واعتقاده بها ، وابتعاده عن الرقية الشرعية ، والله المستعان .
القصة الثالثة :
في بداية عهدي بالعلاج بالرقية الشرعية ، كنت قد حضرت عدة جلسات عند بعض الرقاة المعالجين ، فكان منهم من يستعمل الكهرباء في العلاج ، وأذكر بأن امرأة منهن قد أصابها تقرحات وحروق في رجليها ورقبتها بسبب الصعق الكهربائي وقد شاهدت ذلك بعيني ، وكان منهم أيضاً من يستعمل طريقة الضغط على المعدة والبطن ضغطاً شديداً مما أدى إلى تبول إحدى الفتيات على نفسها ، وقد شاهدت إحدى الأخوات قد استفرغت دماً من معدتها أثناء ضغط المعالج الشديد على معدتها ، وبعضهن خرج الريح من أدبارهن !
ولما سألت المعالجين عن هذه الأمور ، أجابوا بأن الجني يٌخرج صوت الريح من الدبر إحراجاً للمعالج ! وأن الدم الخارج هو سحر خرج من المعدة ، ومثل هذه الأقوال والتعليلات العليلة الباطلة .
قلت : وبعد خبرتي الطويلة في مجال الرقية الشرعية تبين لي سخف هذه التعليلات ، وسوء هذه المسلكيات ، وأن المعالج بالرقية الشرعية لا يجوز له مس العورات ، ولا أن يتسبب في مثل هذه المشقات ، ولا يزيد أمراض الناس أمراضاً .
القصة الرابعة :
وهذه قصه تتحدث عن غرائب وعجائب أحد المعالجين بالرقية ، حيث ذكرت لي امرأة عن معالج طلب منها لتنظيف دارها من الجن وطردهم منه مبلغ ( 300 ) دينار أردني فقط لا غير !! ليخلصهم من ذلك الجني المختبئ في زوايا البيت وكانت تلك المرأة قد أحضرت ذلك المعالج ليفسر لها أسباب مشاكل عائلية .
قلت :
1. أية سذاجة وصل لها العامة حتى يصدقوا ذلك !!
2. أي مكرِ استعمله هذا المعالج لسلب الناس أموالهم ، والنصب عليهم حتى صوّر لهم الجن بمثابة الحشرات المختبئة في زوايا البيوت !!
3. أي نهب لأموال المسلمين مثل هذا النهب حتى يؤخذ على القراءة مثل هذا المبلغ الباهض .
4. ألا ينبغي للمعالج أن يتقي الله في نفسه وفي الناس ، وأن يوصيهم بتقوى الله تعالى ، وأن يرشدهم إلى حل مشكلاتهم العائلية بالعقل والروية ، وقبل ذلك كله بإتباع الشرع والدوام على الدعاء .
القصة الخامسة :
وهذه قصه مريرة أيضاً مقيتة ، رجل فرنسي من أصل جزائري ، كان يعاني من بعض الأمراض النفسجسمانيه [2] ، حيث قدر الله له أن يذهب لبعض المعالجين بل لبعض المحتالين ، فأخبره ذلك المعالج من خلال المراسلة عن طريق الشبكة العنكبوتية بأن به مس شيطاني ، وأن العلاج سيكلفه مبلغ ( 2000 ) يورو ، وعندما حضر هذا الشخص بعد عناء ومشقة السفر فما كان من المعالج إلا أن وقعه على أوراق بالمبلغ مقابل العلاج ، فما هي إلا ساعة أو أقل من ذلك بكثير انتهى فيها المعالج من وصفته السحرية ، وقال لمريضه : اذهب إن وضعك الآن أصبح جيداَ وممتازاَ والحمد لله على الشفاء ، وفي اليوم التالي عاد ذلك الرجل للشيخ وقال له : يا شيخ أنا وضعي كما هو لم أشعر بأي تحسن يذكر ، فقال الشيخ : أنت الآن ما فيك شيء وإن لم تذهب سأطلب لك الشرطة وأشتكي عليك ، فخرج ذلك الرجل من عنده وهو لا يملك أجرة الطريق ، يحمل مرضه وهمه وضياع ماله .
قلت :
أبعد هذا الاحتيال احتيال ، فالغريب العجيب لو أن هذه القصة تتحدث عن رجل ساحر أو مشعوذ لهان الأمر ، ولكنها تتحدث عن معالج بالرقية الشرعية ، لا يستعمل إلا القرآن يخرج من فمه ، وإلى الله المشتكى والله المستعان .
وحتى لا يظن الأخ القارئ الحبيب أنني أنفي دخول المس الشيطاني ، أو دخول الجني في بدن الممسوس ، فإني أسوق للقارئ الكريم قصة حقيقية حصلت معي دالة على المس الشيطاني الحقيقي ، بعيدة كل البعد عن الأباطيل والظنون وأساليب الإيحاء .
تلكم قصة امرأة ممسوسة جاءتني وزوجها ، فكان من أحوالها أنها لم تنجب منذ سنتين مع صحة الفحوصات الطبية وسلامة النتائج المخبرية ، وعندها أيضاً ورم بالعمود الفقري عجز الأطباء عن تشخيصه وعلاجه ، وكانت تشتكي من وجود مشاكل كثيرة جداً بينها وبين زوجها على أتفه الأسباب .
فما أن شرعت بقراءة الرقية الشرعية عليها مع وجود محرمها ، فقد أغمي عليها وفقدت وعيها تماماً ، وقد نطق بلسانها جني وأخبر بأنه قد جاء عن طريق سحر مشروب ، وأنا طبعاً لم أصدقه في كل ما قال من أقاويل فالجن فيهم كذب كثير ، ولكنني صدقته في بعض الأمور التي ظهرت أدلتها الحسية فيما بعد ، فمما أخبرني به أنه إذا خرج من جسدها سيزول ألمها ويذهب ورمها ، وقد كان كذلك كما سيتبين من القصة .
وبعد القراءة المتواصلة على المريضة خرج الجني من جسدها ، ومن الأمور الدالة على صدق المس الشيطاني وصدق خروجه بعيداً عن الظنون والإيحاءات التي يتوهما المرضى والرقاة ، نعم يدل على صدق ما ذكرت أمور منها :
1. لقد صاحب خروج الجني من بدن الممسوس خروج العمل ، وهو عبارة عن تقيؤ ماء كالصديد أو كنقع الحناء الأحمر بكميات كبيرة علماً بأن هذه الأخت لم تأكل منذ أكثر من يومين .
2. لقد ظهرت علامات الشفاء حال خروج الجني من المريضة ، فقد ذهبت آلامها على الفور ، كما قد زال ذلك الورم الموجود في منطقة الظهر بشكل نهائي وقد كان من قبل ظاهراَ للعيان .
3. زالت أسباب العجب في قضية عدم الإنجاب مع صحة الفحوصات المخبرية ، فقد حملت المرأة بعد ذلك بحمد الله تعالى .
[1]. طريقة الخنق من الودجين : وهذه الطريقة يستعملها بعض المعالجين ظناً منهم أنهم يضيقون على الجني المتمركز في الدماغ ، وكنت قد بينت مدى خطورتها في الفصل الثالث " نصائح وإرشادات للمعالجين والمعالجات " .
[2]. هي أمراض تظهر على الجسم نتيجة بعض المشاكل النفسية ، ومثال ذلك صاحب الاكتئاب بداية تجده يشتكي من أعراض جسمانية وأهمها الصداع وبعد مراجعة الطبيب المختص يتبين أن سبب الصداع هو الاكتئاب ولذلك يطلق عليها الأطباء أمراضاً نفسجسمانية .
من كتاب الردود المنتقاه على شبهات الأخوة الرقاة/عمرابوجربوع