بارك الله في شيخي الحبيب ، قد أجدتم وأفدتم وأهطلتم علينا بسيل من الدرر والفوائد فلله دركم وبورك في ردكم .
ولكن كما قيل : لا ينال العلم مستحي ولا متكبر ، وإنما شفاء العي السؤال ..
فالإشكال لا زال عندي قائما وصدركم له وسع في كل ذلك إن شاء الله ..
فقولكم ــ سددكم الله وأحسن إليكم ـ : (قلت وبالله التوفيق :
أولاً : لا بد أن نحدد معنى الاستعانة بالجن حتى نقف على حقيقة ذلك 0
الِاسْتِعَانَةُ : مَصْدَرُ اسْتَعَانَ , وَهِيَ : طَلَبُ الْعَوْنِ , يُقَالُ : اسْتَعَنْته وَاسْتَعَنْت بِهِ فَأَعَانَنِيوَالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ . )
أقول :
وسؤال الجني عن مكان السحر اختبارا هو طلب للعون منه
فالسؤال هو الطلب كما هو معلوم ، والاختبار لا يغير حقيقة الأمر شيئا بل ما اختبره إلا لطلب العون بهذا السؤال .
@@@
وأما قولكم ــ حفظكم الباري عن العوذ ـ (وهنا يتجلى المفهوم بأنه التجاء وركون مستمر وليس منقطع)
أقول :
وإذا كان منقطعا فما هو مفهومه وحكمه عندكم بارك الله في علمكم ؟؟
@@@
وأما نقلكم ـ حفظكم لكلام شيخ الإسلام فواضح أنكم لا تؤيدونه في مذهبه ـ رحمه الله ـ في استخدام الجن في الأمور المباحة ، وحبذا لو أنكم صرحتم بمثل هذا ، ولا يكفي نقل الأقوال المخالفة لأني أخشى أن يظن أن الممنوع هو استخدام الجن في العلاج فحسب ، وأما غير ذلك فمباح لكلام شيخ الإسلام .
وذلك أن شيخ الإسلام له المكانة العالية في قلوب الناس ، و قد لا يظن أنه قد خالف في مثل هذه المسألة .
@@@
وأما قولكم ـ وفقكم الله ـ (قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( وأما سؤال الجن وسؤال من يسألهم فهذا :
أ)- على وجه التصديق :
إنكان على وجه التصديق لهم في كل ما يخبرون به والتعظيم للمسؤول فهو حرام 0
ب)- على وجه الامتحان :
وأما إن كان يسأل المسؤولليمتحن حاله ويختبر باطن أمره وعنده ما يميز به صدقه من كذبه ؛ فهذا جائز كما ثبتفي الصحيحين : ( أن النبيسأل ابن صياد فقال : ما يأتيك ؟فقال : يأتيني صادق وكاذب ، قال ما ترى ؟ قال : أرى عرشا على الماء ، قال : فإني قدخبأت لك خبيئا ، قال : الدخ الدخ قال : اخسأ فلن تعدو قدرك أنت من إخوان الكهان ) ( متفق عليه ) 0)
أقول :
لينتبه لقوله رحمه الله (وعنده ما يميز به صدقه من كذبه )
فالنبي صلى الله عليه وسلم سأل عن شيء عنده علمه وخبره وتمييزه فلا يوجد فيه أي معنى لطلب العون لحصول أمر مفقود ، بخلاف سؤال خادم السحر فإن السائل لا يتحقق له هذا التمييز إلا بعد أن يجيب وثم يتأكد من جوابه .
وهنا يجعلني أطرح مسألة وسؤالا وهو : هل يعلم في سؤال الاختبار من لغة العرب أنه في شيء مفقود لا يعلم السائل حقيقة الأمر أم هو في شيء يعلم السائل الحقيقة والجواب وعنده التمييز قبل أن يطرح السؤال ؟؟ وما هو الفرق بين سؤال الاستفسار وطلب الدلالة وسؤال الاختبار؟
ومنكم نستفيد أيها الشيخ الكريم
محبكم .