السلطان محمد بن عبدالله (2) (1204 هـ)
محمد (المتوكل على الله، المعتصم بالله) بن عبدالله بن إسماعيل بن الشريف الحسني، المالكي مذهبا الحنبلي اعتقادا. ويعتبر الأمير من ملوك الدولة السجلماسية العلوية بالمغرب، ولد سنة أربع وثلاثين ومائة وألف، وبويع رحمه الله بعد وفاة أبيه سنة إحدى وسبعين ومائة وألف للهجرة.
قال صاحب 'الاستقصا': كان السلطان محمد بن عبدالله رحمه الله محبا للعلماء وأهل الخير مقربا لهم، لا يغيبون عن مجلسه في أكثر الأوقات. ثم قال: وجلب من بلاد المشرق كتبا نفسية من كتب الحديث لم تكن بالمغرب، مثل مسند الإمام أحمد، ومسند أبي حنيفة وغيرهما. وقال: ولما ولاه الله أمر المسلمين بعد وفاة والده زهد في التاريخ والأدب بعد التضلع منهما وأقبل على سرد كتب الحديث والبحث عن غريبها وجلبها من أماكنها.
وقال صاحب 'نشر المثاني': وهو نصره الله وأيده في العلم بحر لا يجارى، وفي التحقيق والمعارف لا يمارى، وقد جمع من دراية العلم ما تقف العلماء دونه، وتود زواهر الأفق أن تكونه، فكملت بذلك سنة الله على العباد، وأحيا
__________
(1) الصاعقة المحرقة (ص.17).
(2) الفكر السامي (2/293-294) والاستقصا (8/3-72) والأعلام (6/241-242) وهدية العارفين (2/347) والإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام (6/109-133).
به الله الدين في كل الأرض والبلاد، مع فرط الكرم والجود. وكان رحمه الله له هيبة عظيمة في مشوره وموكبه، وهابته ملوك الإفرنج، ووفدت عليه رسلهم بالهدايا والتحف، وقام بمجموعة من الإصلاحات الداخلية كبناء المدن والمساجد والمدارس. توفي رحمه الله سنة أربع ومائتين وألف، بالقرب من رباط الفتح.
وقال صاحب 'الفكر السامي': عالم السلاطين، وسلطان العلماء في وقته، إمام جليل، وجهبذ نبيل، أحيا من العلم مآثره وجدد الدولة العلوية بعد أن كانت داثرة، جال بنفسه في المغرب، وتقرى قبائله، وعرف دخائله، وأيقن أن الدين قد كان أن يذهب من أهله باستيلاء الجهل على بطونه وقبائله، فألف لهم تأليفا على نسق رسالة ابن أبي زيد تسهيلا على العوام، ليصلوا من ضروريات دينهم إلى المرام.