الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الشياطين كالإنس مكلفون بعبادة الله تعالى، ولا تكليف إلا بعقل وإرادة؛ ولذلك فإن لهم عقولا يمكن أن يفكروا بها ويخططوا لإغواء بني آدم لعداوتهم المتأصلة فيهم للإنسان كما أخبر الله عز وجل في محكم كتابه: إنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً {فاطر: من الآية6**.
وقد أخبرنا النبي- صلى الله عليه وسلم- أن الشيطان يبعث أتباعه ومعاونيه لإضلال الناس وإغوائهم فقال: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت، قال الأعمش: أراه قال فيلتزمه. رواه مسلم.فنسأل الله تعالى أن يعيذنا وإياك وجميع المسلمين من غوائل الشيطان وشروره ، وأن يجعلنا من عباده المخلصين الذين لا سبيل له عليهم .
صفة عداوته لبني آدم وتربصه بهم، وهو مع ذلك يجري من أحدهم مجرى الدم، فقد روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم . لكن إذا سمع الشيطان ذكر الله خنس أي : تأخر وابتعد ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة ذهب حتى يكون مكان الروحاء . رواه مسلم . وقال أيضا : إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم ، فإن ذكر الله تعالى خنس ، وإن نسي الله التقم قلبه . أخرجه أبو يعلى في مسنده ، والبيهقي في شعب الإيمان