أقتباس "
ولكي نتوصل لخلاصة هذا البحث ، فلا بد أن أعرج على أمرين هامين :
* الأول : المعنى العام لكلمة الاستعاذة أو التعوذ ، التي دار حولها معظم كلام المفسرين السابق :"
و كما ذكرت سابقا, نحن لا نبحث الاستعاذة او الإلتجاء الى الجن, و لكننا نبحث "العلاقة بالصالحين" و استخدام الجن في الأمور المحمودة.
أقتباس:-
• الثاني : كيفية أو طرق الاتصال بالجن والشياطين :
يقول السحرة : أن هناك ( مقامات ) للاتصال بالجن والشياطين وتسخيرهم ، وهذه المقامات لا تتعدى أمور ثلاثة :"
و أود هنا ان اعترض علة كلمة "السحرة", ان طرق الاتصال بالجن يبينها المتصلون سواء كانوا من مستخدمي الشياطين, أو مستخدمي الصالحينو و كلا منهم يعرض من الطرق التي تناسب الجن المتصل بهم, فالساحر يعرض طرق هي الكفر بعينه لإسترضاء الجني الكافر, و المستخدم للصالحين يعرض طرقا فيها من الصلاح و تهذيب النفس ما فيها, مثل الصيام و قرأة القرآن و التسبيح و غيرها من العبادات التى تسمو بالنفس و تطهرها من الخابئث.
و يعدد الموضوع ثلاثة طرق للاتصال بالجن و هي :-
1-الاستخدام:-
أقتباس:-
"وهو أعلى المراتب ، ويشترط فيه الصيام ، واجتناب أكل لحم الحيوان ، والخلوة ، وتلاوة الأسماء المخصوصة كالجلجلونية ، مع ما يصاحبها من أبخرة ، ويأخذ المعزم العهد عليهم بملازمة الطاعة والخدمة 0"
اولا احب توضيح ما يلي :-
1-بخصوص الصيام و تجنب أكل الحيون:-
ان تجسد الجني لكي تراه (سواء كان صالحا او فاسقا) تستنفذ قدرا كبير من طاقته و قد يأتي بأضرار كبيرة يجدها في جسده و كذلك الانسي, يشعر بتعب شديد بعد مقابلة الجني, و أصعب لقاء هو أول لقاء بينهم, و قد سألت أحد مستخدمي الجن الصالح عن "الصيام" و تجنب أكل الحيوان فقال "ان هذا تجهيز للجسم كي يكون اللقاء الاول سهلا بلا تعب كبير لك و لمن تقابلهم" و أسرار الجسد البشري كبيرة و متشعبة ولا يعلمها الا الله, و لو طلب الجن الصيام قبل اللقاء الأول فهو كالطبيب الذي قد يأمرك بأكلات معينة أو الامتناع عن أخري, ومادام لا يأمر بحرم فهو جائز.
2-تلاة الاسماء المخصوصة كالجلجلونية:-
هذا واضح الحرمة و يستخدمه فقط السحرة و المشعوذون.
3-الأبخرة:-
مستخدمي الجن الصالح يطلقون الأبخرة ذكية الرائحة لان المؤمنين من الجن يحبون الرائحة الطيبة, و ما دام الأمر ليس بحرام فلا مانع من استقبالهم بالطريقة التى يحبون.
4- ويأخذ المعزم العهد عليهم بملازمة الطاعة والخدمة 0"
و أقول:- لو كان ساحر فلا جدال انه يفعل ذلك, و لو كان مستخدما للصالحين, فالأمر غير ذلك, انما يحدث في أول مقابلة ما يسمي بـ "العهد", و هو اتفاق غير مكتوب يلتزم الطرفان به بعد المناقشة و التراضي, و من بنود هذا العهد مثلا الا تفعل الكبائر و لا تذبح لغير الله و الا تترك الصلاة في جماعة و قراءة القران, تلك هي الشروط العامة, و قد يشترط الجني شروطا أخري غيرها مثل "لا تستخدمنا لعلاج فاسق" أو "لا تحملنا ما لا نطيق في العلاج" أو "لا تأمرنا بمواجهة من هم اقوي منا" أو . . . . و غيرها مما يتراضي عليه الطرفان, إذن "العهد" بين الطرفين ليس بحرام, انما هو تفاق أو عقد غير مكتوب يعمل الطرفان بموجبه و لو أخل احدهما به تنتهي العلاقة فورا و حدث هذا كثير و عاينته بنفسي.
اقتباس:-
قال الدكتور عمر الأشقر : ( والراغبون في بلوغ مرتبة السحر يسلكون طرقا متقاربة لمقابلة الشيطان أو أحد أتباعه ، فيخرج الواحد منهم في ليلة مقمرة في مكان مهجور بعيدا عن العمران في منتصف الليل ، وهناك يقوم بأعمال يحبها الشيطان ويرضاها كأن يخلع ملابسه ، ويحيط نفسه بدائرة يرسم عليها الأشكال والرموز والطلاسم التي يحبها الشيطان ويرضاها ، ثم يأخذ في الإنشاد ممجدا الشيطان ، داعيا إليه 0 وبعضهم يصحب معه بعض الحيوانات ، ويقوم بذبحها وهو يمجد الشيطان ، مهديا هذه الحيوانات له ) ( عالم السحر والشعوذة – ص 173 ) 0
و أقول: ان الدكتور عمر الاشقر يصف وصفا دقيقا أعمال السحرة و المتعاملين مع الشياطين, و ليس الصالحين من الجن المسلم, نعم الصورة التى يتحدث عنها موجودة بكثرة و لا حول ولا اقوة إلا بالله, و لكن للأسف الشديد فإن الجميع يغفل الصورة الحسنة و لا يري الجانب المشرق في العلاقة بالصالحين.
اقتباس:-
يقول الدكتور محمد محمود عبدالله مدرس علوم القرآن بالأزهر : ( والسحر جميعه انعكاس شغل الجن : أي أنه جهد مشترك بين شيطان الإنس " الساحر " وشيطان الجن " الخادم " إذ يقوم الساحر بتسخير ( قلت : الصواب أن يقال استحضار الجن وليس تسخير الجان ، فالتسخير لم يكن إلا لنبي الله سليمان عليه السلام ) الجني بعد تحضيره بعزيمة يتلوها أو اصطلاح لفظي يتم الاتفاق عليه بينهما كلما أراد الساحر إحضار الجني تلا الصيغة المتفق عليها ) ( صفوة البيان في علاج السحر والحسد ومس الشيطان – ص 24 ) 0
و أقول:-
استحضار الجني سواء كان مسلما أو كافرا يتم عن طريق كلمات يتم الاتفاق عليها بين المستخدم و بين الجني, و عندما يكون الجني كافرا فإنه يحدد كلمات وطلاسم شركية تجول قائلها الى كافر, و لكن إذا كنا الجني مسلما فأنه قد يطلب منك ان تقرا سورة من سور القرأن عدد معين من المرات, كأن تقرأ سورة الإخلاص 7 مرات, ليعلم انك في حاجة اليه, أو قد تقول "احضر حالا يا فلان انا احتاجك", أو اي كلمات اخري لا تحتوي من الكفر أو الشرك شيئا, انما هي مجرد شفرة ليعلم انك تريد حضوره ليس أكثر.
أقتباس
• ثانيها : الاستنزال :
ويلي الأول في الرتبة ، ويعمل لاكتشاف الحوادث ، من سرقة أو ضائع أو نحوه ، ويدعون كذبا استنزال أرواح الملائكة ، ومن اعتقد ذلك كفر ، لأنه لا مجال للتأثير على الملائكة فهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون 0
نعم من اعتقد باستنزال الملائكة و معرفة الأمور الغيبية فقد كفر, و لكن الجن بأعمارهم الطويلة و قدرتهم على التنقل بسرعة قد يعلمون من الاخبار ما لا نعلمه نحن, و قد يحبرون بالكثير في الموضوع الذي تطلبه منهم, و عندما يكون المعالج على مستخدما للجن فلن يحتاج الى ما يسمي "استنزال الجن", فإنه يستطيع طلب ذلك بسهولة, ليقوم الجن بالذهاب الى مكان الحاث و سؤال عمار المكان من جنسهم هناك و القيام بـ "تحقيق جنائي" خاص في هذا الموضوع والوصول الى الحقيقة, انهم لا يعلمون الغيب و لكن لهم من الطرق للحصول على المعلومات ما لا نملكه نحن.
اقتباس:-
والذي أعنيه تحت هذا العنوان هو النوع الثالث ، وهو الاستعانة المجردة عن الكفر والشرك ، بسبب أن النوع الأول والثاني يندرج تحت الأعمال السحرية وهذه الأعمال بطبيعتها كفرية بحتة ، حيث يحتوي النوع الأول على عبادة الشيطان بما يحبه من صيام واجتناب أكل لحم الحيوان والخلوة وتلاوة أسماء كفرية ونحوه ، وأما النوع الثاني فيدعي استنزال الملائكة وهذا اعتقاد كفري كما أشرت آنفا 0
و أقول:- اوضحت علة الصيام قبل أول مقابلة للجن, و لا يوجد ما يمنع من القيام بأعمال غير محرمة للاستعداد لأول لقاء, و كما قلت ايضا ان "تلاة اسماء كفرية" هي ما يقوم به السحرة و الدجالون و ليس مستخدمي الصالحين من الجن, والاعتقاد باستنزال الملائكة ايضا كفر, و لكن استنزال "الجن" أو الطلب من عمار المكان فليس بكفر و لا يوجد دليل على حرمته.
أقتباس :-
رابعاً : خلاصة موضوع الاستعانة :
حيث قمت ببحث هذه المسألة بحثاً مفصلاً في كتابي الموسوم ( القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ) ، وقد تم البحث والدراسة وفق مفهوم الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة قديماً وحديثاً ، وإليك التفصيل :
واقول:-
اقدم الموضوع 17 نقطة و قد قمت بالرد عليها في أول موضوع "الرد القاطع . . . . "
اقتباس:-
( نموذج من الاستعانة : خدام السور والآيات )
ناهيك عن مسألة عدم الاعتقاد بخدتم الصور والآيات وقد تم بحث المسألة بحثاً مستفيضاً في موضع آخر ، حيث بعض المعالجين يعمدون إلى ما يسمى باستدعاء خدام الصور والآيات ومنها خدام سورة ياسين ، وهذه أقرب إلى الاستعانة منها إلى الحقيقة ، حيث أنه لا يوجد بالمغهوم العام ( خدام السور والآيات ) 0
ومن هنا تجد أن بعض الفئات من المعالِجين يدّعون الاستعانة بالجن في العلاج ويسلكون في ذلك مسالك بدعية ، كطلب الأثر أو استحضار خدام بعض سور القرآن العظيم وذلك بقراءة تلك السور آلاف المرات بل قد يتعدى الأمر إلى قراءة تلك السور عشرات أو مئات آلاف المرات ، أو حرق البخور كالجاوي ، أو حرق قطع من القماش مكتوب عليها آيات أو سور من كتاب الله عز وجل ونحو ذلك من أمور بدعية مختلفة ، وكافة تلك الاستخدامات ليس لها أصل أو دليل في الكتاب والسنة ، وقد تم الإشارة في ثنايا هذا البحث بأن الرقية الشرعية أمر توقيفي تعبدي ، بمعنى أنها أمور تعبدية مبناها على التوقيف ، فلا يجوز الإخلال بأي جزئية من جزئياتها كما ذهب لذلك بعض أهل العلم وهذا ما أراه وأنتهجه ، ومن يعمد إلى استخدام تلك الأساليب في الرقية والاستشفاء فقد أغوته الشياطين ، ولا بد من اليقين التام بأن الخير كل الخير فيما أخبرنا به الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه أو بينه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة ، ولم نعهد استخدام تلك الكيفيات في العلاج عنه صلى الله عليه وسلم أو خلفائه وصحابته أو التابعين وسلف الأمة وعلمائها 0
و أرد قائلا:-
أولا: لم يرد بالشرع انه "لا يوجد خدام سور و أيات"
ثانيا:مادام لم يرد ما ينفيه فدعونا نبحثه بحثا وافيا لنحدد هل فيه ما يحرمه الشرع؟ هل يحتوي على معصية أو شرك؟ و أبدأ مستعينا بالله:-
ذكرت فيما سبق ان الجن كائن عاقل, و ووجود العقل يثبت وجود حضارة من نوع ما قد تختلف عنا و لكنها تتفق في المبادئ و الأساسيات.
و من مظاهر الحضار وجود القاب اجتماعية تميز الناس بعضهم عن بعض, فهذا عالم, و هذا رئيس و هذا مدير و . . . . . . و كلها ألقاب لا شبهة فيها لتميز الشخص و تحدد وضعه الاجتماعي و القانوني بالنسبة لشخص آخر.
و في حياة الجن "وهذا عن تجربة شخصية", لا توجد القاب عديدة, كما سبق و ذكرت انهم أقل منا ذكاءً, فلا توجد تلك التنويعات في الألقاب مثلما يوجد في حياة البشر, انما يوجد فقط لقبين, لا ثالث لهما و هما لقب "ملك" بكسر اللام, و لقب "خادم" بكسر الدال.
و كل جني هو "ملك بالنسبة لمن اهم اقل منه منزلة او سلطة, و في نفس الوقت هو "خادم" بالنسبة لمن هم أعلى منه منزلة او سلطة او علم, تلك هي طريقة توزيع الألقاب في عالم الجن, و دعوني اضرب مثلا.
ان رأس هذا المنتدي هو المدير العام الأخ "أبو البراء", و اعتقد ان يليه في الترتيب و المنزلة العلمية الأخ "الباحث", المشرف العام, و يلية باقي المشرفين , ثم يأتي في الترتيب الأعضاء المميزون ثم الأعضاء العاديون, و هذا ليس تمييزا و لكنه احقاقا للحق و على أساس العلم و التفقه في الدين ثم المشاركات في المنتدي, لو أردنا ان نصف كل شخص من الأسخاص السابقين بطريقة الجن لقلنا أن "أبو البراء" هو "ملك" بالنسبة لكل من في المنتدي, اي انه أكثرهم علما أو مشاركة في المنتدي, و ان اخونا الباحث هو "ملك" بالنسبة لمن هم دونه في الترتيب و في نفس الوقت هو "خادم" بالنسبة لمدير عام الموقع, اي انه يليه في الترتيب العلمي و الفقهي, و ليعذرني الجميع ان اخطأت في الترتيب.
الآن اخلص الى ما اريد و هو ان الجن يرتبون الأشخاص برتبتين او لقبين فقط و هما "ملك" او "خادم", و ايمانا منهم بأن القرآن الكريم هو من عند الله و انه لا يأته الباطل من بين يديه و لا من خلفه, فقد وضعوا انفسم جميعا "الجن المسلم طبعا", في رتبة "خادم" بالنسبة لسور و آيات القرآن.
إذن فكرة خدام السور و الأيات ليست بحرام, انها جزء من النظام الاجتماعي المتأثر بالقرآن الكريم هناك.
و من الطبيعي جدا بالنسبة للأنس و الجن معا ان تكون هناك احدي سور القرآن اقرب الى قلبك من سورة أخرى و قصة الصحابي الذي كان يصلي دائما بـ "قل هو الله أحد. . . . " معروفة, و عندما سئل عن ذلك قال انه يحب هذه السورة لأن بها صفة الرحمن, فهي أحب اليه مما سواها, و لم ينكر النبي ذلك بل اثني عليه, والجن المسلم أيضا على اختلاف اشكالهم و أطيافهم قد يجد في قلبه حبا لتلك السورة أكثر من غيرها, فيجعل من نفسه "خادما" للسورة التى يحبها, و عندما يجد ان احد من الأنس يقرأ السورة بكثرة, فان هذا يلفت نظرة, لانه يحبها, و يدرك ان ذلك الأنسي "يشاركه" حبه إياها فيحبه, و كما قلت اهم اقل منا ذكاءً و أضيف انهم عاطفيون لدرجة كبيرة, و قد يلازمه دون أن يشعر, بل وقد يأتيه في المنام, بل لا أعلن سرا انه قد يتجسد له علانية ويعرض عليه مساعدته في كافة أموره,و لكن هذا الأمر لا يخضع لإرادة الجني وحدة بل يتطلب صدور الإذن من حاكم القبيلة أو الملك, و قد تطرقت لهذه النقطة من قبل.
اخواني الأعضاء, ان كل ما في الحياة "ما لم يرد نص واضح الدلالة بتحريمة" يمكن استخدامة على كلا الوجهين, الخير و الشر, و اذكر هنا كلمة للدكتور يسوف القرضاوي في كتابه "فتاوي معاصرة" عن الأية الشريفة "و من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله", و أراء المفسرين فيها بأن لهو الحديث هو "الغناء"
قال :- "لو اشتريت مصحفا لإضل عن سبيل الله فهو حرام, فلو اشتريت لهو الحديث لإضل عن سبيل الله فهو ايضا حرام".
انما العبرة في الهدف و الغاية