،،،،،،
أولاً بارك الله في جميع الاخوة والأخوات المشاركين في هذا الموضوع ، الأخوة ( أبو فهد ) و ( طلعت ) و ( أبو راشد ) و ( أبو سند ) و ( المشفق ) و ( المتحير ) و ( فاديا ) و ( علينا باليقين ) و ( أم طلال ) ، وقد أثلج صدري ذلك الأسلوب المتزن الذي يعتمد على الطرح والموضوعية والشفافية في أدب الحوار ، علماً بأن المحاور - غفر الله لنا وله - لم يشتم راحة الأدب في ذلك ، ومثل هذا الأسلوب كشف عواره وهتك أستار قلمه ، فبدأ ينعت الآخرين بالجهل وهو إليه أقرب 0
عموماً ، التساؤل الرئيس أجابت عليه الأخت الفاضلة والمشرفة القديرة ( علينا باليقين ) نقلاً عن سماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - حيث قال :
( قد أوضح الله سبحانه أن كتابه شفاء في كتابه العظيم، فقال سبحانه في سورة بني إسرائيل: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا**[4] وقال سبحانه في سورة فصلت: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ**[5] الآية، والآيتان الكريمتان المذكورتان تعمان شفاء القلوب وشفاء الأبدان، ولكن لحصول الشفاء بالقرآن وغيره شروط، وانتفاء موانع في المعاِلج والمعاَلج وفي الدواء، فإذا توفرت الشروط وانتفت الموانع حصل الشفاء بإذن الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله))[6] رواه مسلم. كثير من الناس لا تنفعه الأسباب ولا الرقية بالقرآن ولا غيره؛ لعدم توافر الشروط، وعدم انتفاء الموانع، ولو كان كل مريض يشفى بالرقية أو بالدواء لم يمت أحد، ولكن الله سبحانه هو الذي بيده الشفاء، فإذا أراد ذلك يسر أسبابه، وإذا لم يشأ ذلك لم تنفعه الأسباب، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله عنها أنه كان إذا اشتكى شيئاً قرأ في كفيه عند النوم سورة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ**[7]، وسورة: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ**[8]، وسورة: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ**[9] ثلاث مرات، ثم يمسح بهما على ما استطاع من جسده في كل مرة بادئاً برأسه ووجهه وصدره، وفي مرض موته عليه الصلاة والسلام كانت عائشة رضي الله عنها تقرأ هذه السور الثلاث في يديه عليه الصلاة والسلام، ثم تمسح بهما رأسه ووجهه وصدره رجاء بركتهما، وما حصل فيهما من القراءة، فتوفي صلى الله عليه وسلم في مرضه ذلك؛ لأن الله سبحانه لم يرد شفاءه من ذلك المرض؛ لأنه قد قضى في علمه سبحانه وقدره السابق أنه يموت بمرضه الأخير عليه الصلاة والسلام.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الشفاء في ثلاث شربة عسل، أو شرطة محجم، أو كية نار وما أحب أن أكتوي)) ومعلوم أن كثيراً من الناس قد يعالج بهذه الثلاثة ولا يحصل له الشفاء؛ لأن الله سبحانه لم يقدر له ذلك، وهو سبحانه الحكم العدل ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وفي الصحيحين أنَّ ركباناً من الصحابة رضي الله عنهم مروا على قوم من العرب وقد لُدغ سيدهم، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه، فسألوا الركب - المذكور - هل فيكم راقٍ؟ فقالوا: نعم، وشرطوا لهم جعلاً على ذلك، فرقاه بعضهم بفاتحة الكتاب فشفاه الله في الحال، وقام كأنما نشط من عقال، فقال الذي رقى لأصحابه: لا نفعل شيئاً في الجعل حتى نسأل النبي صلى الله عليه وسلم -، وكان أصحاب اللديغ لم يضيفوهم فلهذا شرطوا عليهم الجعل، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه بما فعلوا، فقال: ((قد أصبتم واضربوا لي معكم بسهم))، ففي هذا الحديث الرقية بالقرآن، وقد شفى الله المريض في الحال، وصوبهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وهذا من الاستشفاء بالقرآن من مرض الأبدان. وقد أخبر الله سبحانه في آية أخرى في سورة يونس أن الوحي شفاء لما في الصدور، وهي قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ**[10]، وكون القرآن شفاء لما في الصدور لا يمنع كونه شفاء لمرض الأبدان، ولكن شفاءه لما في الصدور أعظم الشفائين وأهمهما، ومع ذلك فأكثر الناس لم يشف صدره بالقرآن ولم يوفق للعمل به، كما قال سبحانه في سورة سبحان: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا**[11] وذلك بسبب إعراضهم عنه، وعدم قبول الدعوة إليه .
وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث عشرة سنة يعالج المجتمع بالقرآن، ويتلوه عليهم ويدعوهم إلى العمل به، فلم يقبل ذلك إلا القليل، كما قال الله سبحانه: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ**[12]، وقال سبحانه: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ**[13] فالقرآن شفاء للقلوب والأبدان، ولكن لمن أراد الله هدايته، وأما من أراد الله شقاوته فإنه لا ينتفع بالقرآن ولا بالسنة ولا بالدعاة إلى الله سبحانه؛ لما سبق في علم الله من شقائه وعدم هدايته، كما قال سبحانه: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ**[14] وقال سبحانه: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا**[15] الآية، وقال سبحانه: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ**[16] والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهكذا الأحاديث الصحيحة.
والله أعلم .
[4] سورة الإسراء الآية 82.
[5] سورة فصلت الآية 44.
[6] صحيح مسلم بشرح النووي (14 / 159 ).
[7] سورة الإخلاص 1.
[8] سورة الفلق 1.
[9] سورة الناس 1.
[10] سورة يونس الآية 57.
[11] سورة الإسراء الآية 82.
[12] سورة سبأ الآية 20.
[13] سورة يوسف الآية 103.
[14] سورة الأنعام الآية 35.
[15] سورة يونس الآية 99.
[16] سورة التكوير الايات 26 – 29.
المصدر :
نشرت في صحيفة المسلمون في العدد (549) بتاريخ 15/3/1416 هـ. وفي مجلة الدعوة في العدد (1504) بتاريخ 21/3/1416 هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الثامن [/align][/size]
أما ما ذكر من المذكور فقد بينتم جزاكم الله كل خير القول الماتع الباتع الذي يظهر للقارئ الكريم الحق من الباطل ، وهناك مقولة مأثورة :
[align=center]( من كان رائدة في تقرير المسائل الشرعية عقله وتجربته فقد ضل وأضل )[/align]
وفي خضم هذا الموضوع تذكرت رداً للشيخ ( محمد بن محمد الناجم الشنقيطي ) على صاحب كتاب " الأسطورة التي هوت " كنت ذكرته في كتابي الموسوم ( منهج الشرع في بيان المس والصرع ) وهو على النحو التالي :
( بسم الله الرحمن الرحيم 000 الحمد لله الذي أوجب تبيين الحق من غيرشيء يعطى عليه أو يستحق 000 والصلاة والسلام على من أوحي إليه بالرسالة فبلغ وصدق وعلى آله وصحبه الغر الميامين ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدين 0
وبعد :
لقد اطلعت على ما لخَّصه الأخ الكريم ( أبو البراء ) في الرد على كتاب " الأسطورة التي هوت " واستدلالاته بنصوص الوحي وكلام العلماء ، فوجدته أجاد وأفاد وبين فيه طريق الرشاد فجزاه الله خيراً 0
ولا شك أن كتاب الأسطورة له حظّ من اسمه فهو أسطورة ، فقد كابر كاتبه وجحد المنقول والمعقول ، ولكن نلتمس له العذر لأن من تكلم في غير فنه ولم يكن من أهل العلم أتى بالغرايب والعجايب ، وإنكار المحسوس مكابرة :
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد000وينكر الفـم طعـم الماء من سقم
وقال الشاعر :
ما دل أن الفجر ليس بطالع000بـل أن عيناً أنكرت عمياء
نسأل الله لنا وله الهداية وأن يلهمه الصواب والرشاد ويوفقه لطلب العلم وأن لا يجعل شيخه كتابه فإن من كان شيخه كتابه بعد عن الجادة 0
وصلى الله على نبينا الكريم وعلى آله وصحبه وسلم
العبد الفقير إلى رحمة ربه محمد بن محمد الناجم الشنقيطي
11 من جمادى الآخرة سنة 1420 هـ
عموماً أستسمح الجميع عذراً لاعادة الموضوع لمكانه مع تثبيته حتى نبين للجميع المبدأ الذي نسير عليه في أدب الحوار مع الغير ، وأنا على يقين تام بأن القارئ الكريم سوف يرى فيكم ما رأيته أنا من بعد أفق وأدب رأي وحفاصة لسان من خلال قراءتي للموضوع كاملاً 0
وقبل أن انهي أود الاشارة إلى حديث ضعيف نقل عن المذكور وهو :
[align=center]عن عبداله بن مسعود - رضي اله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ سورة [ الواقعة ] في كل ليلة ، لم تصبه فاقة أبدا )[/align]
[align=center]( حديث ضعيف - الألباني - ضعيف الجامع - برقم 5773 )[/align]
وكل العجب أن يطل علينا من يتلفظ بمثل تلك الألفاظ وهذا البلد الكريم يحوي في جنباته علماء أجلاء وطلبة علم ودعاة ، فنسأل الله ان يحفظ هذا البلد أمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين 0
زادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0