بارك الله فيك أيها الشيخ الكريم وسدد الله قلمك لما يحب ويرضى ..
ولكن لا زال الإشكال قائما أيها المبارك
فأولا: لقد قررتم ـ أحسن الله إليكم ـ في أصل الموضوع بأن طلب العون لا يجوز إلا ماكان للضرورة ، فإن وجد استعانة وطلب في غير الضرورة فهو محرم عند شيخ الإسلام .
وهذا يختلف عن قولكم الثاني في فهم كلام شيخ الإسلام :
أن الأصل التحريم ويباح ما تم استثناؤه بأدلة خاصة .
فعلى الكلام الثاني سيأتي لك المخالف بأمور كثيرة ليست من باب الضرورة قطعا ، وعند ذلمك لا يصح إلزامك إياه بأن كذا وكذا ليس من باب الضرورات وأنه ينبغي عليك أن تثبت أنه ضرورة ...ويكفي أن يقول لك أنه من غير الضرورة الذي استثناه شيخ الإسلام في موضع آخر .
ولكي أوضح لك الصورة أقول : حتى المستعين بالجان يستطيع أن يقول لك : وأنا أستعين بالجن للإحسان للخلق وهذا مستنثى من التحريم في كلام شيخ الإسلام .
وأستعين به لوجود الحاجة وهذا أيضا مستثنى ،
وكل هذا وإن لم يكن من باب الضرورات إلا أنه مستنثى من كلامه الآخر فيجب فهم كلامه رحمه الله بمجموع كلامه .
وهذا أنا لا أقول به ولكن توضيحا للمسألة .
وإلا فيكفيني أن أقول لمن فتن بكلام شيخ الإسلام : من تتبع زلات العلماء تزندق !
وثانيا : أيها الكريم من باب التحري والتدقيق في نسبة الأقوال لأصحابها ومن باب : لا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى ..
فإن فهمي القاصر أولا: لم يستوعب اشتراط شيخ الإسلام الاستعانة بالجان في تام العلم .
بل هذا الاشتراط لم يكن حول مسألة الاستعانة بل كان في مسألة أخرى فراجعها ودقق النظر فيها ، بل جاءت متأخرة عن مسألة الاستعانة في المباحات
ومما يدلك على ذلك أنه جعل الاستعانة بالجان في الأمور المباحة كالاستعانة بالإنس في الأمور المباحة . ولا أحد يجعل الثاني خاصا لتام العلم.
وهكذا كلام شيخ الإسلام : أنه ليس من هدي السلف الاستعانة بالجن
فالاستدلال بمثل هذا الكلام فيه نظر حول المسألة المطروحة حول مذهب شيخ الإسلام :
فأولا : قد شكك شيخنا أبو البراء في صحة نسبة هذا الكلام إلى شيخ الإسلام في بعض مقالاته .
ولو زودتمونا بالمرجع ونص كلامه كان تكرما منكم .
وثانيا : وحتى لو ثبت فلا يصح الاستدلال بمثل هذا الكلام على أن شيخ الإسلام يحرم الاستعانة ؛ لأن المسألة من مسائل المعاملات التي لاتستلزم عدم وجودها في السلف تحرميها على الخلف .
ونحن عندما نحرم ليس لأنه بدعة وزيادة في الدين ولكن لأمور أخرى لا تخفى عليك .
و [color="red"]أكرر أن هذا الكلام مني من حيث البحث العلمي والتحري في نسبة الأقوال لأصحابها ، وليس أنني أجوز الاستعانة بالجان ، بل أنا من أشد الناس حربا وتشنيعا على من زل في هذه المسألة من الرقاة في هذا الزمان وخطرها على الدين والعقيدة والمريض ظاهر وواضح .
فهو نوع استمتاع بين الجن والانس والله حرم ذلك .
وهو نوع استعاذة وهو أيضا محرم .
وفيه الذريعة للتجسس على عورات المسلمين ومعرفة أسرارهم .
وفيه الذريعة لفتح باب السحر والشعوذة والانحرافات العقدية الكثيرة .
وفيه التشبه بأهل السحر والدجل ولا يليق بصاحب سنة أن يفعلها . [/color
محبكم :
الراقي الصغير
غفر الله له ولوالديه . ]
اخي الراقي الكبير
وعدتك بان اتي لك بنصوص شيخ الاسلام في تحريم الاستعانة مع ذكره لبعض الادلة ومواطنها ولكن اعذرني للتاخر فقد جهزت الادلة وكلام شيخ الاسم الصريح في هذه المسئلة ولكن هي الظروف ولعلي اكتبها لك قريبا ان شاء الله
ههذه بعض نصوص من كلام شيخ الاسلام فيما يختص بالمسألة
قال رحمه الله في رده على البكري
و أما قوله المراد بالخبر التنبيه على الرجوع إلى الله تعالى بالقلب لا ترك السبب بل أن يذكر الله تعالى في ذلك السبب
فيقال الأسباب نوعان :
سبب مأمور به فهذا طاعة و عبادة لله كطلب الرزق بالصناعة و التجارة 2و كدفع العدو بالقتال و الأكل عن الجوع و اللباس عند البرد فهذا ليس فيه إنزال الفاقة بهم ولا شكوى إليهم
و أما نفس سؤال الناس فسؤالهم في الأصل محرم بالنصوص المحرمة له و إنما يباح عند الضرورة و تنازع العلماء هل يجب سؤالهم عند الضرورة
فالمنصوص عن أحمد أنه لا يجب سؤال الخلق مع إيجابه مع غيره من الأئمة الأربعة و غيرهم الأكل من الميتة عن الضرورة فإن الله سبحانه و تعالى لم يوجب سؤال الخلق بل قد وصى النبي صلى الله عليه و سلم طائفة من أصحابه أن لا يسألوا الناس شيئا وكان أحدهم إذا سقط سوطه لا يقول لأحد ناولني إياه منهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه
ثم قال رحمه الله
فإن النصوص تقتضي أن ترك سؤال الخلق أفضل مطلقا
وقال في موطن اخر
وهذا كله يدل على أن سؤال الخلق والاستغاثة بهم حرام في الأصل لا يباح إلا لضرورة وهو في الأظهر أشد تحريما من الميتة فكيف يقال إنه مأمور به فيما لا يقدر عليه الخلق وهو قال أحد إن سؤال المخلوق والاستغاثة به فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى مأمور به أو مباح
وقال في موطن اخر
وقد تقدمت النصوص عن النبي صلى الله عليه و سلم بأنه كان يمدح من لا يسأله مطلقا ويذم من يسأله ما لا يحب أن يعطيه ويذم من يسأله ما لا يقدر عليه فسؤاله والاستغاثة في ذلك أذى وعدوان عليه يحرم فعله معه صلى الله عليه و سلم أعظم مما يحرم أذى غيره والعدوان عليه مع ما فيه من الشرك والجزع
وفي موضع اخر
وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم نهوا أن يسألوه كما ثبت في الصحيح عن أنس رضي الله عنه قال نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع وقد قال تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم
هذا وإن كان في سؤال العلم أحيانا فسؤال الدنيا أولى
وقال في مجموع الفتاوى عند قصد الصالحين قبور الصالحين
وقال في موضع اخر وفي العبودية وتحت عنوان
لا تحل المسألة إلا لذى غرم مفظع أو دم موجع أو فقر مدقع
فالعبد لا بد له من رزق وهو محتاج إلى ذلك فإذا طلب رزقه من الله صار عبدا لله فقيرا له وإذا طلبه من مخلوق صار عبدا لذلك المخلوق فقيرا له ولهذا كانت مسألة المخلوق محرمة في الأصل وإنما أبيحت للضرورة وفي النهى عنها أحاديث كثيرة في الصحاح والسنن والمسانيد كقوله صلى الله عليه وسلم : [ لا تزال المسألة بأحدكم حتى يأتى يوم القيامة وليس في وجهه مزعه لحم ] وقوله : [ من سأل الناس وله ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة خدوشا أو خموشا أو كدوحا في وجهه ] وقوله : [ لا تحل المسألة إلا لذى غرم مفظع أو دم موجع أو فقر مدقع ] وهذا المعنى في الصحيح وفيه أيضا : [ لأن يأخذ أحدكم حبله فيذهب فيحتطب خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه ] وقال : [ ما أتاك من هذا المال وأنت غير سائل ولا مستشرف فخذه ومالا فلا تتبعه نفسك ] فكره أخذه من سؤال اللسان واستشراف القلب وقال في الحديث الصحيح : [ من يستغن يغنه الله ومن يستعفف يعفه الله ومن يتصبر يصبره الله وما أعطى أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر ] وأوصى خواص أصحابه أن لا يسألوا الناس شيئا أصلا
بارك الله فيكم الأخ الفاضل الخزيمة ونفع الله بعلمكم وحسن قصدكم في بيانكم وتصحيح الفهم لما يقال عن العلماء من فتاوى وخاصة في مسألة كهذه التي يتشبت بها من لم يدركوا حقيقتها ولم يجمعوا أقوال هذا الإمام الهمام ودون تحقيق للمناط
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله وآله وصحبه أجمعين أما بعد
الحمد لله رب العالمين الذي من استعان به وتوكل عليه كفاه والذي لا يقدر على الشفاء سواه
فالجن قدرته محدوده والله عز في علاه لا حدود لقدرته –فمن ستختار أيها الراقي- ولو افترضنا أن الراقي أخذ بالفتوى واستعان بالجن لترتب على ذلك أشياء
1-أنه منافي لكمال التوحيد
2-الجن قدرته محدود فمثلاً لو أمرته بإحضار السحر المدفون واعتبرت ذلك من الإستعانة الجائزة
لفعل الخير فهل سيقدر على ذلك –قد يكون السحر في مكان لا يستطيع الجن المستعان به الوصول إليه كالبحر والجن ليس غواص- على سبيل المثال لا الحصر
أو يكون السحر عليه حراسه وكما هو معلوم تفاوت قدرات الجن فلا يستطيع الجن المستعان به تلك الخدمه لعدم تكافئ القدرات
3-قد يكون سبب في عدم مواصلة الراقي للرقية لعدم تمكن من استعان به من الجن في بعض الأمور وهذا له أثره في توكله على الله وتوحيده
4-أنه سيتعود على الإستعانه بالجن ومن ثم سيعتمد ومن ثم سيتوكل عليه
وقد سمعت أحد الأفاضل يقال له الشيخ أبو ياسر الغنامي وكنا في اجتماع للرقاة وصار حديث حول فتوى الإستعانة بالجن فقال الشيخ الغنامي فتوى شيخ الإسلام ضبطها بضابط (العلم التام ) فمن هو صاحب العلم التام!!!
وأيضاً للضرورة !!!!
وقال الشيخ الغنامي ولم يقصد شيخ الإسلام الإستعانة بالجن في الرقية الشرعية لأن المسألة إسْتِشْفاء والشافي هو الله!!!!
ثم ختم الشيخ بكلام مؤثر في قوله الإستعانة بالجن تؤدي إلى التعود ثم الإعتماد فالتوكل عليهم وهذه خطوات