ما حكم قتل السحالي الكبيرة مثل الورل؟ وهل يُثاب على قتلها؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
ما ثبت ضرره من السحالي وسائر الحيوانات فإنه يقتل ، لقطع إيذائها .
وإذا لم يثبت ضررها ، فإنها لا تقتل كبقية الحيوانات التي لا ضرر منها .
دليل ذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الكلاب ، وأمر بقتل الكلب العقور .
فما ثبت ضرره من الحيوانات فهو ملحق بالكلب العقور في مشروعية قتله ، وما لم يكن منه ضرر فهو ملحق بسائر الكلاب في النهي عن قتلها .
قال ابن مفلح :
"ذَكَرَ فِي "الْمُغْنِي" ، فِي مَسْأَلَةِ قَتْلِ الْكَلْبِ : أَنَّ مَا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ : لَا يُبَاحُ قَتْلُهُ . وَاسْتَدَلَّ بِالنَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الْكِلَابِ ؛ فَدَلَّ كَلَامُهُ هَذَا عَلَى التَّسْوِيَةِ، وَأَنَّهُ إنْ أُبِيحَ قَتْلُ مَا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ الْكِلَابِ ، أُبِيحَ قَتْلُ الْكِلَابِ .
وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ .
وَعَلَى هَذَا : يُحْمَلُ تَخْصِيصُ جَوَازِ قَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَالْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَحْ قَتْلُ مَا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ" انتهى من "الآداب الشرعية" (3/355) .
وينظر جواب السؤال(159518) .
والمعروف عن "الورل" أنه غير مؤذ للإنسان في أصل خلقته ، فهو شبيه بالضب ؛ ولذا حُكِي عن بعض أهل العلم حل أكله . ينظر "مصنف عبدالرزاق" (4/529) .
ومن العلماء من حرّم أكله ؛ لأنه معدود في الحشرات .
قال الدميري : ومن هذه القاعدة " يؤخذ تحريم الورل ، لأنه من الحشرات، ولم يستثنوه " انتهى من "حياة الحيوان" (2/542) .
وعلى ذلك ؛ فما دام أن الورل غير مؤذ للإنسان ، فإنه لا يقتل ؛ لما في قتله من إزهاق روحه بغير سبب ، ولا شك أنه لم يخلق إلا لحكمة أرادها الله سبحانه وتعالى .
ومن أظهر الحكم المحافظة على التوازن البيئي ؛ لئلا يطغى بعض الحيوانات على بعض ، والورل معروف بفتكه بالحيات والأفاعي ، فقتله وإبادته في بيئة ، يقوّي انتشار الحيات فيها ، فسبحان الخالق الحكيم .
وينظر جواب السؤال رقم (258988).
ثانيا :
إن وجدت أنواع مؤذية من الورل ، أو خرج بعض أفراده عن طبيعة الورل المسالمة ، وهذا أمر واقع في كثير من الحيوانات ، وحصل منه أذى على الإنسان ، أو خيف ضرره = فله قتله .
وكذا إن كان يصول على غنمه ، أو دواجنه ، أو نحو ذلك ، فله دفعه بقتله حفظا لماله ؛ كما يقتل كل حيوان صائل ، ولو كان مما يحرم قتله في الأصل .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"الحيوانات تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: طبيعته الإيذاء ، فهذا يسن قتله، سواء أكان مما نص عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كالعقرب، والفأرة، والكلب العقور، أو كان مما سواه ممن يشاركه في علة الحكم، وهو الأذية، ولهذا قال العلماء: يسن قتل كل مؤذ، فهذا يقتل إذا كان من عادته الأذى، حتى وإن لم يؤذ؛ لأنه إن لم يؤذ هذه المرة، آذى في المرة الأخرى.
القسم الثاني: ما لا أذية فيه ولا مضرة: فهذا لا يقتل؛ ولكن قتله ليس حراما؛ إلا أن الأولى عدم قتله .
فإن آذاك فلك أن تقتله دفعا لأذاه.
وإنما قلنا: إن الأولى عدم قتله إذا لم يؤذك؛ لأن الحيوانات والحشرات من حيث ورود الشرع في حقها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- قسم أمر بقتله. 2- وقسم نهي عن قتله. 3- وقسم سكت عن قتله.
- فالذي أمر بقتله، مثل: العقرب، والفأرة، والكلب العقور، والحية، والوزغ، وما أشبه ذلك.
والذي نهى عن قتله، مثل: النملة، والنحلة، والهدهد.
والذي سكت عن قتله مثل: بقية الحيوانات والحشرات، فهذه مسكوت عنها، والأولى عدم قتلها؛ لأن قتلها : أقل ما فيه : أنه إزهاق روح بغير سبب.
ثم إن بعض العلماء قال: إنها ما دامت في حياة ، فهي تسبح الله عز وجل، وإذا ماتت انقطع التسبيح، فقتلك إياها يعني: إتلافها بحيث لا تسبح.
وعلى كل حال، فالحكم : أن الأولى عدم قتلها ما لم تؤذك، فإن آذتك فلا بأس أن تقتلها" انتهى من "لقاءات الباب المفتوح" اللقاء 67.
وجاء في "الآداب الشرعية لابن مفلح" (3/355) :
"قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ : فَأَمَّا النَّمْلُ ، وَكُلُّ مَا لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ كَالْخَنَافِسِ، وَالْجُعْلَانِ، وَالدِّيدَانِ، وَالذُّبَابِ، وَالنَّمْلِ غَيْرِ الَّتِي تَلْسَعُ ، فَقَالَ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا آذَتْهُ ، يَعْنِي هَذِهِ الْأَشْيَاءَ : قَتَلَهَا ، وَيُكْرَهُ قَتْلُهَا مِنْ غَيْرِ أَذِيَّةٍ ؛ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ" انتهى .
وينظر جواب السؤال (127221) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب