يحرص الكثير من الأشخاص على تناول الخضر والفواكه الطازجة بغرض الحصول على الفيتامينات المختلفة مثل فيتامين “أ”، “ب” و”ج” والضرورية لإتمام العمليات الحيوية في الجسم، كما يلجأ بعضهم إلى تناول “أقراص الفيتامين” لضمان الحصول على الحصص اليومية من تلك العناصر، والتي تحظى بشهرة واسعة في مجال الوقاية من الأمراض. وعلى الرغم من تزايد الوعي بين الأفراد فيما يتعلق بأهمية الفيتامينات، إلا أن باحثين هولنديين يؤكدون أن العديد من الأشخاص محرومون من أحد الفيتامينات الضرورية لسلامة صحتهم النفسية والبدنية وهو فيتامين “الخضرة”.
طبقاً لما أوضحوا فإن “فيتامين الخضرة” يرمز إلى أهمية وجود العنصر الأخضر والمساحات المزروعة في البيئة التي يعيش فيها الفرد، والتي تلعب دوراً مهماً في تمتعه بصحة عقلية وجسدية جيدة، كما يسهم هذا الفيتامين في تعزيز الشعور بالأمان عند سكان تلك المناطق.
وينوي الباحثون وهم مختصون من “معهد نيذرلاندز لبحوث الخدمات الصحية” إجراء دراسات بهدف تحديد نوعية ومقدار “المساحات الخضراء” اللازم وجودها للمساهمة في تحسين صحة الفرد، وتقييم أثرها في التخفيف من توتر الأفراد وزيادة الاندماج الاجتماعي بين السكان، ساعين بذلك إلى رصد التأثيرات الإيجابية للبيئة في صحة الأفراد، بعيداً عن الطرح التقليدي الذي تنتهجه العديد من البحوث، والتي تركز على تقييم الأثر السلبي للعوامل البيئية في هذا الجانب. وبحسب رأيهم فإن الأشخاص الذين يقطنون المناطق ذات المساحات الخضراء الواسعة، يدركون بأنهم أوفر حظاً من سكان المناطق التي تحوي مساحات محدودة من “الخضرة، وذلك من جهة تمتعهم بصحة أفضل من الناحيتين البدنية والعقلية.
كما بين الباحثون أن النتائج الأولية للدراسات أشارت إلى أهمية المساحات الخضراء في تعزيز الشعور بالأمان عند الأفراد باستثناء المراهقين، حيث ظهرت المساحات الخضراء في المناطق الحضرية كعامل يقلل من الشعور بالأمان عند أفراد هذه الفئة من السكان.
ووفقاً لقول الباحثين من المعهد فإن العديد من الدراسات السابقة أظهرت التأثيرات الإيجابية لتوافر المساحات الخضراء في صحة الأفراد من السكان، كما أظهر بعضها أن توافر الخضرة له تأثير واضح في التقليل من عدائية الفرد، وتراجع معدلات الجريمة. وفي تعليق له على أهمية فيتامين “الخضرة” يوضح البروفيسور “بيتر جروينيويجن”، المختص من المعهد وعضو فريق البحث، أن واضعي السياسات عموماً يميلون إلى اعتبار المساحات الخضراء أحد عناصر الترف في المناطق الحضرية، ولا ينظرون إلى أن وجودها يوفر حاجة أساسية للأفراد، مغفلين بذلك التأثيرات الإيجابية لهذا العنصر في الصحة النفسية والعقلية للفرد.
كما يضيف “جروينيويجن” أن انتشار التمدن يؤدي إلى تزايد أعداد الأشخاص الذين يعيشون في بيئة لا تتوافر فيها “الخضرة” بشكل جيد، خصوصاً ممن لا يستطيعون الانتقال للعيش في المناطق الخضراء التي نجدها خارج المدن بسبب محدودية مواردهم، الأمر الذي قد يؤدي إلى عدم تحقيق عدالة بيئية فيما يتعلق بسهولة الوصول إلى الأماكن العامة ذات الخضرة.
المصدر : مجلة الصحة والطب .