غاية ما يطمح اليه بعض الناس هو .....
الوصول الى الاسرار التي يحملها الآخرون.....
ويختلف البعض في اهدافهم ورغباتهم حيال ذلك....
في بعض الاحيان ..... السبب وراء ذلك الفضول،
و الذي هو في معظم الحالات مرحلة مبدأية ، يليها وضع هذا الشخص على .........
(طاولة العمليات ) والبدء في ( تشريحه ).... إما حسدا، أو غيرة ، أو حقدا !!!!
وفي بعض الحالات....
يكون هذا امتدادا للعديد من الامراض النفسية لدى أصحاب الشخصيات المخلخلة...
فالفضول بداخلهم فقط !!! يحبون كشف هذا الشخص ومعرفة أسراره...
لنفس أسباب الحسد والحقد ...
إلا أنهم.... لا يفكرون بنشرها... لانهم لا يحبون أن يقال عنهم..... ( ثرثارين ومغتابين ) !!!
ولا يرغبون أن يصفهم البعض بأي من الصفات القبيحة والتي تتعارض مع المثالية !
بل يريدون أن يبقوا ضمن إطار المثالية.....أمام الناس...
وهي مثالية منفصمة...وهم يعلمون هذا ..
لذلك تتصف اساليبهم بالخشونة في التعامل والكراهية العامة لمن حولهم،
لأن نظرتهم الى حقيقتهم البشعة.....انعكست على نظرتهم الى ما حولهم....
ومثل هؤلاء... يموتون داخل أنفسهم غما وهما ونكدا.
وفي أحيان أخرى... يكون الغرض فقط .... النميمة والثرثرة....
لا شك ان هناك أناسا.... هوايتهم فقط ( النميمة والثرثرة )
وهم يسعون الى ( تسعير وتنشيط ) هذه الموهبة....!!
فيستمتعون بسرد أسرار الناس على شكل ( حكايات ) ،
ويعتبرهم البعض ان الجلسة – أي جلسة – لا تتم الا بوجودهم...
ويشعر هؤلاء الاشخاص بالرضا التام عن النفس وعن ما يقدمونه من ( خدمات !)
جعلتهم في مرتبة أقرب الى الجميع.....
فيستمتعون في إثارة المشاكل والاحقاد بين الناس...
وترتبط هذه العادة عند هؤلاء... بجذور نفسية عميقة وقديمة...
تتعلق بحبهم للفت النظر ، و رغبتهم بأن ينصب الاهتمام عليهم فقط ...
كتعويض لإهمال طفولي كانوا يعانون منه في الماضي......
لذا ... عادة ما تكون أخبارهم وأحاديثهم مرتبطة بالكذب والافتراء والخيال المرضي، بالدرجة الاولى...
سواء أكان ذلك في حديثهم عن الآخرين... أو حتى في حديثهم عن أنفسهم....
وهؤلاء ... التعرف اليهم والى حقيقتهم........ تحيرك فعلا !!!!
فهم يتبعون وسائل وأساليب مختلفة... قد لا يقودك فهمك الى تبين حقيقتها والسر الكامن ورائها...
فهم احيانا يلجأون الى الاستدراج ......
الى تقديم أسرارهم وبث شكواهم الى من حولهم....( كطعم )..
وعادة ما تكون هذه القصص( من صنع خيالهم ).....
حتى اذا مال أحدهم الى البوح عما يعتمل في داخله...
انقضوا انقضاض الاسد على كل كلمة يسمعونها... ثم ينشرونها..
بعد اضافة كميات كبيرة من ( الملح والتوابل !!) كأنواع من النكهات ، لصنع قصة وراء كل كلمة يسمعونها....
ليضمنوا انجذاب الناس اليهم اطول فترة ممكنة.....
وانتهاك خصوصية الآخرين بهذه الطريقة.... مكر وخداع وعدوان وقسوة وطمع، فيما ليس لهم
فهم يسعون الى التقاط صور للآخر .....وتسجيل قصص حولها لا تليق به ..
واختراع ( الفيديو كليب ) المناسب .....كوسيلة منهم لفضحه.........
وفي أحيان أخرى ......يتبعون اسلوب ( فكري ) أرقى نوع ما....
يقتحمون حوارا ( لا علاقة لهم به ولا بأشخاصه من قريب ولا من بعيد )....
وغاية ما يريدون الوصول اليه .. ما الذي يتحدث به الاخرون،
وهل من الممكن ان يصلح موضوع لقصة يتداولونها في جلساتهم.....
ومن هم هؤلاء الاشخاص المتحدثين....
ومن منهم...سيكون جسدا لعملية تشريح على طاولة النميمة......
فيدلون بدلوهم... الذي يكون في أغلب الاحيان ...
دلوا من الورق... !
أو يكون دلوا سلبوه من غيرهم ونسبوه اليهم !!...
وقد يكون حجم هذا ( الدلو ) وشكله ، غير مناسبا أبدا ( للبئر ) ....!
وفي كل الحالات فإن نقاشهم ، يكون أبعد ما يكون عن لب الحوار..... وأصل الموضوع...
وغاية ما يخيل الى الآخرين.....ان هذا الشخص يحاول فرض شخصيته واظهار نفسه...
ومعظمهم يغيب عن باله.... انه قد حكم على الموضوع، من القشور فقط...
وان لهذا التصرف جذور واهداف أخرى.......
وقد تكون الرغبة في الوصول الى أسرار الناس...
أو بتعبير أوضح ( تعريتهم وتجريدهم )
هو تقصير المسافة ، والاحتفاظ بقرب هذا الشخص لهم..!
ويكون ذلك مرتبطا بالاعجاب..... وهو ( اعجاب مرضي )!
يعود الى شعور الشخص، بعدم قدرته على تكوين صداقات، او علاقات مع الناس ،
أو الاحتفاظ بهم .. دون ( ان يسجل عليهم ملاحظات) ..
أو بتعبير أوضح ... دون ( أن يمسك عليهم مذلات )...!
ويرتبط ذلك أيضا ( بشعور السادية المرضي ) ، و بشعور ( النرجسية وحب الذات ).
فهو يحاول ان ( يفتح دماغ الشخص الآخر ) لمعرفة ما فيه...
يحاول ( اختراق قلبه )...
هذه الانانية المفرطة ..ليست اعجابا....!
بل استهلاك للشخص الآخر ..واستنفاده.. والقضاء عليه.
ان العلاقات بين الناس ( على اختلاف انواعها وأشكالها ) ...
ليست.. هتك أسرار وتجريد وانكشاف،
والا ........... جفت ، وذبلت ، وتكسرت..، وتحطمت .
ففي معظم الحالات... الشيوع والانكشاف ، من صفات الابتذال...
بل هو تلامس للأفكار..
وقد تكون هذه الفكرة .. شعورا، أو رأيا، أو حديثا، أو حوارا.....
وتلامس هذه الافكار... هي عطاء اختياري..
وليس مصادرة قهرية وسلبا واغتصابا...!!
ولكل إنسان جزء شفاف داخل نفسيته... ولكل خصوصيته.....
فلا يجوز لأحد ان يطمح في دخوله وهتكه....
قال تعالى :
( ولا تجسسوا )
هذه المسافة بينك وبين الآخرين هي ..الاحترام..
فيحترم كل واحد سر الاخر.. ولا يحاول ان يتجسس عليه،
يحترم ماضيه .. وما يخفيه في جوانحه... ويحترم خصوصيته وخلوته وصمته،
مهما كانت درجة العلاقة أو القرب بين الشخصين..
والمؤمن ستر وغطاء لاخيه المؤمن ،
لا هتكا وتلصصا ونشلا.....!
وكما لا تحب ان يغتصب أحدهم خصوصيتك .. أو أن ينتهك أسرارك،
فلا تفكر في انتهاك سر أحد.. أو اغتصابه..
ودع ما للآخرين لهم .....
يعطون من أسرارهم ما شاءوا.. ولمن شاءوا...
فلن تعلم عن الآخرين ... الا ما شاء الله لك أن تعلم....
( ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء )
دع الصناديق المقفلة... مقفلة ،
ولا تحاول كسرها واقتحامها ، اذا لم يأذن لك أحدهم.. ويناولك المفتاح !!!
فالنتيجة ستكون .. مثل ما يحدث ، إذا قضمت تفاحة ثم تركتها فترة،
أو ... كلون الموزة، بعد تقشيرها وتركها ....
دع ما له حجاب بحجابه.. ولا تحاول ان تمزقه وتخترقه.....
ألا تعلم أن الحجاب حماية لكل شيء .......
فالسيف.. يتحجب فيحفظ داخل غمده..
والقلم.. بدون غطائه يجف حبره، ويصبح عديم الفائدة
ويلقى ذليلاً مهاناً تدوسه الأقدام ، لأنه فقد مصدر حمايته وهو الغطاء ، ولذا فإنه يتحجب بغطائه..
وأوراق النباتات .... تحميها طبقة شمعية تزيد وتنقص سماكتها حسب بيئتها ،
أو تكون مغطاة بطبقة مخملية أو وبرية.
والزهرة .. تحيط بها الأوراق الزهرية تحميها.
و الفراشة......... في -إحدى أطوارها-.. تفرز خيوطاً لزجة كأنها تغزلها ، ثم تنسجها حجاباً ترتديه لتنتقل للطور الذي يليه ..
والزواحف ، لها حراشف..
والقنفذ ..ذو أشواك..
والسلحفاة ، لها درقة كبيرة ثقيلة تحملها على ظهرها طوال عمرها ..
لذلك.. يطلق عليها علمياً تكريماً لصبرها ....لقب صاحبة أثقل حجاب..
والبذرة ....حجابها التربة.. تمنع عنها أشعة الشمس.. فتعيش في ظلام ليبدأ الإنبات..
فالبذرة باطن الأرض خير لها من ظاهرها
وكذلك المرأة، أمرها الله عز وجل بالحجاب ، لانها الاجدر والاولى بهذه الحماية...
وإن هي لم تتحجب .....تجلب السوء لنفسها والعار لأهلها.. ويسود الفساد في الأمة..
ويصبح....
باطن الأرض ....... خير لها من ظاهرها.