إن أسماء الله الحسنى لايجوز لنا الإجتهاد بها
فلا إجتهاد مع نص من القرآن أوالسنة
وهذا هو المنهج الذي
إتبعه الدكتور / محمود عبد الرازق الرضواني
ببحث قام من خلاله بإحصاء أسماء الله الحسنى الثابتة بالأدلة من الكتاب والسنة
بإستعمال وسائل الإحصاء الحديثة ويأتي في مقدمتها الحاسب الآلي
مما أدى إلى عدم ظهور بعض الأسماء المشتقة لله
في الأسماء الحالية والشائعة في عالمنا الإسلامي
مثل الضار ، المذل .. وغير ذلك
والتي لم يسمي الله نفسه بها أو سماه بها رسوله عليه الصلاة والسلام
ولكنها وجدت كصفات وأفعال لله سبحانه وتعالى لاينكرها أحد
ونظراً لذلك ظهرت أسماء حسنى لله ثابتة بالأدلة من القرآن و السنة لم تكن موجودة من قبل
مثل الأعلى والأحد والقدير والشافي والجميل
والطيب والوتر والسبوح والجواد
والمنان والرب والإله ..... إلخ
وتأتي أهمية هذا البحث
في زمن تنتشر فيه بعض الصفات يطلق الناس عليها أسماء لله سبحانه وتعالى
ولم يسمى الله بها نفسه بها أو يسميه بها رسوله صلى الله عليه وسلم
مثل لفظ العال فقط (عبد العال)
بينما سمى الله نفسه سبحانه وتعالى في كتابه الكريم
بثلاث أسماء تدل على علوه سبحانه وتعالى
وهي الأعلى ، العلي ، المتعال
فكيف يسمي الله نفسه بذلك
ونقوم نحن بإشتقاق صفات له من أنفسنا
ونحن عندما ينادينا أحد بغير إسمنا نتأثر بذلك
ولله المثل الأعلى
ومثل لفظ المسهل (يا مسهل الحال)
والتي لا يوجد لها دليل من القرأن والسنة
وأصبحت تذكر في كل موقف وكل وقت
بحيث أنها أدت إلى عدم ذكر أسماء الله الحسنى
التي سمى الله بها نفسه
وسماه بها رسوله عليه الصلاة والسلام
وقد قال لي أحد الأشخاص
أنه لم يجد أي إسم لله يعادل إسم المسهل (حاشى لله)
فقلت له إذا كنت ترغب في رزق فقل يا رازق
أو كانت عندك مشكلة لاتستطيع حلها فقل يا فتاح
وهكذا الرحمن والهادي والوكيل والرقيب ... إلى باقي أسماءه عز وجل.
وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم
(قل أدعو الله أو أدعو الرحمن أياً ما تدعو فله الأسماء الحسنى)
سورة الإسراء - آية 11
ومثل لفظ الساتر (ياساتر يا رب) أو الستار (ياستار)
ورسولنا صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الله إسمه الستير.
وهكذا كثير من الصفات التي يطلقها الناس إجتهاداً
من لهجاتهم المحلية ويدعون أنها أسماء لله وهي ليست كذلك
وقد قال الله في كتابه الكريم
(ولله الأسماء الحسنى فإدعوه بها
وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون)
سورة الأعراف: 180
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(لله تسعة وتسعين إسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة)
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد ذكر أنه من أحصاها
والإحصاء يكون لشيء موجود لايتم إنشاءه أو إشتقاقه
كما أن الإحاطة والعلم والمعرفة يجب أن تأتي بعد الإحصاء
وجزاكم الله خير الجزاء
ووضع كل عمل تقومون به في ميزان حسناتكم
إنه سميع مجيب الدعاء
(ملاحظة هامة: تختلف هذه الأسماء
التي لاتوافق شروط إحصاء أسماء الله الحسنى الثابتة من الكتاب والسنة
في بعض الدول العربية والإسلامية عن الأخرى
نظراً لإعتمادها على الإشتقاق
وليس على نص صريح بالإسم لله سبحانه وتعالى) مثل:
البار
الراشد
البرهان
الواقي
ذو القوة
القائم
الدائم
الحافظ
الفاطر
السامع
الكافي
الأبد
العالم
الصادق
المنير
التام
القديم
الحنان
المغيث
العلام
المدبر
الرفيع
ذو الطول
ذو المعارج
ذو الفضل
الكفيل
البادي
المحيط
وسوف أقوم بإستعراض الأسماء التي لم توافق شروط الإحصاء لأسماء الله الحسنى
وما هو الدليل الذي يجعلنا لانطلق عليها أسماء الله الحسنى
وذلك بعد وضع مقدمة وتمهيد يعرفنا على كيفية التعرف على أسماء الله الحسنى
كما أمرنا الرسول عليه الصلاة والسلام في حديثه الكريم
أما أسماء الله الحسنى الصحيحة والثابتة بالأدلة من الكتاب والسنة
فقد أوضحت كل ما يتعلق بها من أدلة في المرفقات عالية
لا يجوز أن يسمى الله تعالى ولا أن يخبر عنه إلا بما سمى به نفسه
أو أخبر به عن نفسه في كتابه
أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم
أو صح به إجماع جميع أهل الإسلام المتيقن ولا مزيد ،
وحتى وإن كان المعنى صحيحا فلا يجوز أن يطلق عليه تعالى اللفظ
فقد علمنا يقينا أن الله عز وجل بنى السماء ،
قال تعالى : ( وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ) [الذاريات:47] ،
فلا يجوز أن يسمى بناء ،
وأنه تعالى خلق أصباغ النبات والحيوان ،
حيث قال في كتابه الكريم:
( صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ) [البقرة:138] ،
ولا يجوز أن يسمى صباغا
وأيضاً ذكر الله تعالى في كتابه الكريم أنه سقانا الغيث ومياه الأرض
فلا يجوز أن يسمى سقاء ولا ساقيا ،
وهكذا كل شيء لم يسم به نفسه
لكن هنا مسألة تطرح نفسها وينبغي تحرير جوابها
وهي التمييز بين معتقد السلف في حصر أسماء الله الكلية في تسعة وتسعين اسما
ومعنى الإحصاء الذي ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه
والذي فيه النص والتأكيد على ذكر العدد
بقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) ،
لأن بعض المتوسعين في إحصاء الأسماء
تصور أن أسماء الله الحسنى التي وردت في الكتاب والسنة
تزيد عن هذا العدد بكثير
مما أدى إلى تضارب المعاني حول فهم حديث أبي هريرة رضي الله عنه
الأول: ماجاء في حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(إن لله تسعة وتسعين إسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة)
الثاني: ما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في دعاء الكرب
( ..... اللهم إني أسألك بكل إسمٍ هو لك
سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحد من خلقك أو إستأثرت به في علم الغيب عندك
.... إلخ الحديث)
نجد أنه لايوجد تناقض بين كلا الحديثين بل هما مكملين لبعضهما
فالحديث الأول حدد العدد لأسماء الله الحسنى بتسعة وتسعين إسماً
أما الحديث الثاني فحدد مصادر الحصول على تلك الأسماء
والتي تعرف الله بها إلى عباده من أسمائه الحسنى
وذلك في قوله أنزلته في كتابك (القرآن الكريم) ،
وفي قوله علمته أحد من خلقك (الرسول عليه أفضل الصلاة وأحسن السلام)
فعلى الرغم وبلا أدنى شك
في أن جملة أسماء الله سبحانه وتعالى الكلية
تعد من الأمور الغيبية
التي استأثر بها لنفسه في علم الغيب ،
وأنها غير محصورة في عدد معين ،
إلا أن الأسماء التي وصلت إلينا
عن طريق المصادر التشريعية
كتاب الله وسنة رسوله هي تسعة وتسعين إسماً فقط لاغير
حددها الرسول عليها الصلاة والسلام
وحصرها في مائة إلا واحداً إسماً
من قام بإحصاءها دخل الجنة.
ما هي الشروط أو الضوابط
التي تم إنتهاجها لإحصاء أسماء الله الحسنى من القرأن والسنة
والتي لم تنطبق إلا على تسعة وتسعين اسما
وهو ما يتفق مع العدد المذكور في الحديث النبوي
وهي معجزة جديدة تظهر لرسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام
حيث حدد عدد هذه الأسماء بتسعة وتسعين إسماً
وحصرها في مائةً إلا واحداً فنفى الزيادة وأبطلها
منذ ما يناهز الأربعمائة وألف عام هجري
دون توفر أي وسائل إحصائية تذكر
وحدد في حديثه الشريف من أحصاها
ولم يقل من إجتهد في إشتقاقها (وهو ما سأقوم بشرحه عن معنى الإحصاء فيما بعد)
عليك أفضل الصلاة والسلام يا حبيبي يا رسول الله
بينما نجد أن جملة ما ذكره العلماء
قد تجاوز عدده المائتين والثمانين اسما ،
سواء اجتهدوا في جمعها
أخذا من نص مطلق أو مقيد أو الاشتقاق من الصفات والأفعال
قال ابن منظور:
(الإِحْصَاءُ هو العَدُّ والحِفْظ ، وأَحْصَيْت الشيءَ أي عَدَدته ، وأَحْصَى الشيءَ أي أَحاط به).
وقال النووي:
أن العلماء إختلفوا في المراد بأحصاها
في قوله صلى الله عليه وسلم
في صحيح البخاري رحمه الله
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ )
حيث قال البخاري وغيره من المحققين معناه حفظها ،
وهذا هو الأظهر لأنه جاء مفسرا في الرواية الأخرى
لصحيح مسلم رحمه الله ،
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(لله تسعة وتسعون إسماً من حفظها دخل الجنة وإن الله وتر يحب الوتر)
وقيل معنى أحصاها أحسن الدعاء بها والمراعاة لها وصدق بمعانيها