السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين
سئل رجل شيخ الاسلام-رحمه الله-ونظم سؤاله في ابيات فقال :
س/
ماذا يقول أهل العلـم فـي رجـل اتاه ذو العرش مالا حج واعتمرا .
فهزه الشوق نحو المصطفى طربـا أترون الحج أفضل أم ايثاره الفقرا.
أم حجه عـن أبيـه ذاك أفضـل أممـاذا الـذي ياسادتـي ظـهـرا.
فافتـوا محبـاً لـكـم فديتكـمـوا وذكركم دأبه ان غاب او حضـرا.
فــــأجـــــابـــــه رحـــــــمــــــــه الله :
ج/
نقول فيه : بأن الحج أفضـل مـن فعل التصـدق والاعطـا للفقـرا.
والحج عـن والديـه فيـه برهمـا والآم أسبق في البر الذي ذكـرا .
لكن اذا الفرض حضر الأب كان اذاً هو المقدم فيمـا يمنـع الضـررا.
كما اذا كان محتاجـا الـى صلـة وأمه قد كفاها من بـرى البشـرا.
هـذا جوابـك يـا هـذا موازنـة وليس مفتيك معدودا من الشعـرا .
مـجـمـوع الـفـتـاوى مـجـلـد 13 طــبــع دار الــوفــاء.
وسأل أحد علماء الذميين شيخ الإسلام عن القدر فقال :
أيـا علمـاء الديـن ذمـي دينكـم تحيـر دلـوه بـأوضـح حـجـة
إذا ما قضى ربي بكفري بزعمكـمو لم يرضه منى فما وجه حيلتـي
دعانى و سد الباب عنى فهل الـى دخولى سبيل بينـوا لـى قضيتـي
قضى بضلالى ثم قال إرض بالقضا فما أنا راض بالذى فيـه شقوتـي
فإن كنت بالمقضى يا قوم راضيـاة فربـى لا يرضـى بشـؤم بليتـي
فهل لى رضا ماليس يرضاه سيدى فقد حرت دلونى على كشف حيرتي
إذا شاء ربى الكفر منـى مشيئـة فهل أنا عاص فى إتبـاع المشيئـة
و هل لى إختيار أن أخالف حكمـه فـبالله فاشفـوا بالبراهيـن غلتـي
فأجابه شيخ الإسلام - رحمه الله - :
سؤالـك يـا هـذا، سـؤال معـانـد مخاصم رب العرش، بـاري البريـة
فهذا سـؤال، خاصـم المـلأ العـلا قديمـا بـه إبليـس، أصـل البليـة
ومن يك خصمـا للمهيمـن يرجعـن على أم رأس هاويـا فـي الحفيـرة
ويدعـى خصـوم الله يـوم معادهـم إلى النـار طـرا، معشـر القدريـة
سواء نفـوه، أو سعـوا ليخاصمـوا بـه الله، أو مـاروا بـه للشريـعـة
وأصل ضلال الخلق من كـل فرقـة هو الخوض في فعـل الإلـه بعلـة
فإنهمـو لـم يفهمـوا حكمـة لــه فصاروا على نـوع مـن الجاهليـة
فـإن جميـع الكـون أوجـب فعلـه مشيئة رب الخلـق بـاري الخليقـة
وذات إلـه الخلـق واجـبـة بـمـا لها مـن صفـات واجبـات قديمـة
مشيئتـه مـع علمـه، ثـم قــدرة لـوازم ذات الله قاضـي القضـيـة
وإبداعـه مـا شـاء مـن مبدعاتـه بهـا حكمـة فيـه وأنـواع رحمـة
ولسنـا إذا قلنـا جـرت بمشيـئـة مـن المنكـري آياتـه المستقيـمـة
بل الحـق أن الحكـم لله وحـده لـه الخلق والأمر الـذي فـي الشريعـة
هو الملك المحمود فـي كـل حالـة له الملك من غير انتقـاص بشركـة
فمـا شـاء مولانـا الإلـه، فـإنـه يكـون ومـا لا لا يكـون بحيـلـة
وقدرتـه لا نقـص فيهـا، وحكمـه يعم.فلا تخصيص فـي ذي القضيـة
أريـد بـذا أن الـحـوادث كلـهـا بقدرتـه كانـت، ومحـض المشيئـة
ومالكنـا فـي كـل مـا قــد أراده له الحمد حمدا يعتلـي كـل مدحـة
فإن له في الخلـق رحمتـه سـرت ومن حكـم فـوق العقـول الحكيمـة
أمورا يحـار العقـل فيهـا إذا رأى مـن الحكـم العليـا وكـل عجيبـة
فنـؤمـن أن الله عــز بـقــدرة وخلـق وإبـرام لحـكـم المشيـئـة
فنثـبـت هــذا كـلـه لإلـهـنـا ونثبت ما في ذاك مـن كـل حكمـة
وهذا مقـام طالمـا عجـز الأولـى نفـوه وكـروا راجعـيـن بحـيـرة
وتحقيـق مـا فيـه بتبييـن غــوره وتحرير حق الحق فـي ذي الحقيقـة
هو المطلب الأقصى لـوراد بحـره وذا عسر في نظـم هـذي القصيـدة
لحاجـتـه إلــى بـيـان محـقـق لأوصـاف مولانـا الإلـه الكريمـة
وأسمائـه الحسنـى، وأحكـام دينـه وأفعالـه فـي كـل هـذي الخليقـة
وهـذا بحمـد الله قـد بـان ظاهـرا وإلهامـه للخلـق أفـضـل نعـمـة
وقد قيـل فـي هـذا وخـط كتابـه بيـان شفـاء للنـفـوس السقيـمـة
فقولك: لم قد شاء ؟ مثل سـؤال مـن يقول: فلم قـد كـان فـي الأزليـة؛
وذاك سـؤال يبطـل العقـل وجهـه وتحريمه قد جاء فـي كـل شرعـة.
وفي الكون تخصيص كثير يدل مـن لـه نـوع عقـل: أنــه بــإرادة
وإصداره عـن واحـد بعـد واحـدأ و القـول بالتجويـز رميـة حيـرة
ولا ريب فـي تعليـق كـل مسبـب بمـا قبلـه مـن عـلـة موجبـيـة
بل الشأن في الأسباب، أسباب ما ترى وإصدارها عن الحكم محض المشيئة
وقولك: لم شاء الإلـه ؟ هـو الـذي أزل عقول الخلق فـي قعـر حفـرة
فـإن المجـوس القائليـن بخـالـق لنـفـع، ورب مـبـدع للمـضـرة
سؤالهم عـن علـة السـر، أوقعـت أوائلهـم فــي شبـهـة الثنـويـة
وإن ملاحيـد الفلاسـفـة الأولــى يقولـون بالفـعـل القـديـم لعـلـة
بغـوا علـة للكـون بعـد انعدامـه فلم يجـدوا ذاكـم، فضلـوا بضلـة
وإن مبـادي الشـر فـي كـل أمـة ذوي مـلـة ميـمـونـة نـبـويـة
بخوضهمو في ذاكم، صـار شركهـم وجــاء دروس البيـنـات بفـتـرة
ويكفيـك نقضـا أن مـا قـد سألتـه من العذر مردود لـدى كـل فطـرة
فأنـت تعيـب الطاعنيـن جميعـهـم عليـك، وترميهـم بـكـل مـذمـة
وتنحـل مـن والاك صفـو مــودةة وتبغض من ناواك مـن كـل فرقـة
ذوحالهـم فـي كـل قـول وفعلـة كحالـك يـا هـذا بأرجـح حـجـة
وهبك كففت اللوم عـن كـل كافـر وكـل غـوي خـارج عـن محبـة
فيلزمك الإعراض عـن كـل ظالـم على الناس في نفس، ومال، وحرمـة
ولا تغضبن يوما علـى سافـك دمـا ولا سـارق مـالا لصاحـب فـاقـة
ولا شاتم عرضا مصونـا، وإن عـلا ولا ناكح فرجـا علـى وجـه غيـة
ولا قاطـع للنـاس نهـج سبيلـهـم ولا مفسد في الأرض في كل وجهـة
ولا شاهـد بالـزور إفكـا وفـريـة ولا قـاذف للمحصـنـات بزنـيـة
ولا مهلك للحـرث والنسـل عامـدا ولا حـاكـم للعالمـيـن بـرشـوة
وكف لسان اللـوم عـن كـل مفسـد ولا تأخـذن ذا جـرمـة بعقـوبـة
وسهـل سبيـل الكاذبـيـن تعـمـدا على ربهم، مـن كـل جـاء بفريـة
وإن قصدوا إضلال مـن يستجيبهـم بروم فسـاد النـوع، ثـم الرياسـة
وجادل عن الملعون، فرعون، إذ طغى فأغرق فـي اليـم انتقامـا بغضبـة
وكـل كـفـور مـشـرك بإلـهـه وآخــر طــاغ كـافـر بنـبـوة
كعـاد، ونمـروذ، وقـوم لصـالـح وقوم لنـوح، ثـم أصحـاب الأيكـة
وخاصم لموسى، ثم سائر مـن أتـى مـن الأنبيـاء محيـيـا للشريـعـة
على كونهم قد جاهدوا الناس إذ بغـوا ونالوا من المعاصـي بليـغ العقوبـة
وإلا فكـل الخلـق فـي كـل لفظـة ولحظـة عيـن، أو تحـرك شعـرة
وبطشـة كـف، أو تخطـي قديمـة وكـل حـراك، بـل وكـل سكينـة
همو تحـت أقـدار الإلـه وحكمـه كما أنـت فيمـا قـد أتيـت بحجـة
وهبك رفعت اللوم عـن كـل فاعـل فعال ردى، طـردا لهـذي المقيسـة
فهـل يمكـن رفـع المـلام جميعـه عن الناس طرا عنـد كـل قبيحـة ؟
وترك عقوبـات الذيـن قـد اعتـدوا وترك الورى الإنصاف بين الرعيـة
فـلا تضمنـن نفـس ومـال بمثلـه ولا يعقبـن عـاد بمثـل الجريـمـة
وهل في عقول الناس، أو في طباعهم قبول لقول النذل: ما وجـه حيلتـي ؟
ويكفيك نقضا: مـا بجسـم ابـن آدم صبـي، ومجنـون، وكـل بهيمـة :
من الألم المقضي فـي غيـر حيلـة وفيمـا يشـاء الله أكـمـل حكـمـة
إذا كان في هـذا لـه حكمـة، فمـا يظن بخلـق الفعـل، ثـم العقوبـة ؟
وكيـف، ومـن هـذا عـذاب مولـدعن الفعل، فعل العبد عند الطبيعـة ؟
كآكل سـم، أوجـب المـوت أكلـه وكـل بتقـديـر لــرب البـريـة
فكفـرك يـا هـذا؛ كسـم أكلـتـه وتعذيب نار. مثـل جرعـة غصـة
ألست ترى في هذه الدار مـن جنـى يعاقب. إمـا بالقضـا. أو بشرعـة ؟
ولا عـذر للجانـي بتقديـر خـالـق كذلـك فـي الأخـرى بـلا مثنويـة
وتقدير رب الخلـق للذنـب موجـبل تقديـر عقبـى الذنـب إلا بتـوبـة
وما كان من جنـس المتـاب لرفعـه عواقـب أفعـال العـبـاد الخبيـثـة
كخير به تمحـى الذنـوب. ودعـوة تجاب مـن الجانـي. ورب شفاعـة
وقول حليـف الشـر: إنـي مقـدر علي. كقول الذئـب: هـذي طبيعتـي
وتقديـره للفعـل يجـلـب نقـمـة كتقديـره الأشيـاء طــرا بعـلـة
فهـل ينفعـن عـذر الملـوم. بأنـه كذا طبعـه. أم هـل يقـال لعثـرة ؟
أم الـذم والتعذيـب أوكـد لـلـذي طبيعتـه فعـل الشـرور الشنيعـة ؟
فإن كنت ترجو أن تجاب بما عسـى ينجيـك مـن نـار الإلـه العظيمـة
فدونك رب الخلق، فاقصده ضارعـا مريـدا لأن يهديـك نحـو الحقيقـة
وذلل قياد النفـس للحـق، واسمعـن ولا تعرضـن عـن فكـرة مستقيمـة
وما بـان مـن حـق فـلا تتركنـه ولا تعص من يدعو لأقـوم شرعـة
ودع ديـن ذا العـادات، لا تتبعـنـه وعج عـن سبيـل الأمـة الغضبيـة
ومن ضل عـن حـق فـلا تقفونـه وزن مـا عليـه النـاس بالمعدلـيـة
هنالك تبـدو طالعـات مـن الهـدى تبشـر مـن قـد جـاء بالحنيفـيـة
بمـلـة إبراهـيـم. ذاك إمـامـنـا وديـن رسـول الله خيـر البـريـة
فلا يقبل الرحمن دينـا سـوى الـذي به جاءت الرسـل الكـرام السجيـة
وقد جاء هذا الحاشر الخاتـم الـذي حوى كل خير في عمـوم الرسالـة
وأخبر عـن رب العبـاد بـأن مـن غدا عنه في الأخـرى بأقبـح خيبـة
فـهـذي دلالات العـبـاد لحـائـر وأمـا هـداه فهـو فعـل الربوبيـة
وفقد الهدى عند الورى لا يفيـد مـن غدا عنه، بل يجري بلا وجـه حجـة
وحجـة محـتـج بتقـديـر ربــه تزيـد عذابـا، كاحتجـاج مريضـة
وأمـا رضانـا بالقـضـاء فإنـمـا أمرنا بأن نرضـى بمثـل المصيبـة
كسقـم، وفقـر، ثـم ذل، وغـربـة وما كان من مـؤذ، بـدون جريمـة
فأمـا الأفاعيـل التـي كرهـت لنـا فـلا ترتضـى، مسخوطـة لمشيئـة
وقد قال قوم من أولي العلم: لا رضابفعل المعاصـي والذنـوب الكبيـرة
وقـال فريـق: نرتضـي بقضـائـه ولا نرتضي المقضي أقبـح خصلـة
وقـال فريـق نرتضـي بإضـافـة إليـه. ومـا فينـا فنلقـي بسخطـة
كمـا أنهـا للـرب خلـق، وأنـهـا لمخلوقـه، ليسـت كفعـل الغريـزة
فنرضى من الوجه الذي هـو خلقـه ونسخط من وجه اكتسـاب الخطيئـة
ومعصيـة العبـد المكلـف تـركـه لمـا أمـر المولـى، وإن بمشيـئـة
فـإن إلـه الخلـق حــق مقـالـه بـأن العبـاد فـي جحيـم وجـنـة
كما أنهـم فـي هـذه الـدار هكـذا بل البهـم فـي الآلام أيضـا ونعمـة
وحكمته العليا اقتضت مـا اقتضـت من الفروق بعلـم ثـم أيـد ورحمـة
يسوق أولي التعذيب بالسبـب الـذي يقـدره نـحـو الـعـذاب بـعـزة
ويهدي أولي التنعيـم نحـو نعيمهـم بأعمال صدق، فـي رجـاء وخشيـة
وأمـر إلـه الخلـق بيـن مـا بـه يسوق أولي التنعيـم نحـو السعـادة
فمن كان من أهـل السعـادة أثـرت أوامـره فـيـه بتيسـيـر صنـعـة
ومن كان من أهل الشقـاوة لـم ينـل بأمـر ولا نهـي بتقـديـر شـقـوة
ولا مخرج للعبـد عمـا بـه قضـي ولكنـه مختـار حـسـن وســوأة
فلـيـس بمجـبـور عـديـم الإرادة ولكـنـه شــاء بـخـلـق الإرادة
ومن أعجب الأشيـاء: خلـق مشيئـة بها صار مختـار الهـدى بالضلالـة
فقولك: هل اختـار تركـا لحكمـة ؟\ كقولك: هل اختار ترك المشيئـة ؟
وأختار أن لا اختـار فعـل ضلالـة ولو نلت هذا التـرك فـزت بتوبـة
وذا ممـكـن، لكـنـه مـتـوقـف على ما يشـاء الله مـن ذي المشيئـة
فدونك فافهم ما به قـد أجبـت مـن معـان إذا انحلـت بفهـم غـريـزة
أشارت إلى أصل يشير إلـى الهـدى ولله رب الخلـق أكـمـل مـدحـة
وصلـى إلـه الخلـق جـل جلالـه على المصطفى المختار خير البريـة
اللهم لك الحمد لانحصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك