بارك الله فيكم أخي الحبيب ( الحالم 2006 ) ، الشكر موصول أولاً للأخ الحبيب ( أبو موسى الليبي ) على هذه النصيحة القيمة الشاملة الجامعة للعلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - ، بقي أن أقدم لكم المسألة المهمة والتي كان الخلاف مدارها بين الاخوة ، وهي على النحو التالي :
* أدلة اعفاء اللحية من السنة المطهرة :
عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنه أمر بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحية ) ( حديث صحيح - الإمام مسلم - المسند الصحيح - برقم 259 ) 0
* عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عشر من الفطرة : قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص الأظفار ، وغسل البراجم ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وانتقاص الماء . قال زكرياء : قال مصعب : ونسيت العاشرة . إلا أن تكون المضمضة . زاد قتيبة : قال وكيع : انتقاص الماء يعني الاستنجاء ) ( حديث صحيح - الإمام مسلم - المسند الصحيح - برقم 261 ) 0
* ---------- : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فغرف غرفة غسل بها وجهه وكان كث اللحية ) ( حديث صحيح - ابن الملقن - البدر المنير - ( 1 / 667 ) 0
* عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عشر من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك والاستنشاق بالماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء يعني الاستنجاء قال زكريا قال مصعب ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة ) ( حديث حسن - الألباني - صحيح ابن ماجه - برقم 241 ) 0
* ------- عن طلق بن حبيب قال : عشرة من السنة السواك ، وقص الشارب ، والمضمضة والاستنشاق ، وتوفير اللحية ، وقص الأظفار ، ونتف الإبط ، والختان ، وحلق العانة ، وغسل الدبر ) ( إسناده صحيح مقطوع - الألباني - صحيح النسائي - برقم 5057 ) 0
* أقوال العلماء وطلبة العلم في اعفاء اللحية :
وقد سئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - عن موضوع اللحية ، فأجاب :
( من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم. وفقه الله لما فيه رضاه، وزاده من العلم والإيمان وجعله مباركاً أينما كان آمين، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فأرجو أنكم والأولاد ومن لديكم من خواص المسئولين في خير وعافية، أسبغ الله عليكم وافر نعمه، ووفقنا وإياكم لشكرها إنه خير مسئول .
ثم أفيدكم أن مندوبكم ذكر لي أنكم ترغبون أن أكتب لكم في موضوع اللحية، وبناء على ذلك يسرني أن أخبركم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أعفى لحيته، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم، وثبت عنه في الصحيحين أنه قال: ((قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين)) وروى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وفروا اللحى وقصوا الشوارب خالفوا المشركين))، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس))، فهذه الأحاديث الصحيحة وما جاء في معناها كلها تدل على وجوب إعفاء اللحى وإرخائها وتوفيرها، وعلى تحريم حلقها أو قصها. وتعلمون حفظكم الله أن الواجب على المسلم امتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاعته أينما كان ومن أي جنس كان وعلى أي مستوى كان؛ لقوله سبحانه : ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ) ( سورة النساء - الآية 80 ) ، وقوله عز وجل : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ( سورة الحشر - الآية 7 ) ، وقوله عز وجل : ( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ) ( سورة النور - الآية 54 ) ، وقوله سبحانه : ( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) ( سورة النور الآية - 56 ) 0
والآيات في هذا الأمر كثيرة، فالواجب عليكم العناية بتوفير اللحية وإعفائها وإرخائها ونصيحة من حولكم بذلك، وأمرهم بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في كل شيء، وذلك هو طريق العزة والسعادة والنجاة والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة، وفقكم الله لما فيه صلاح دينكم ودنياكم ولما فيه صلاح العباد والبلاد، ونصر بكم دينه وأعانكم على كل خير إنه جواد كريم 0 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) ( موقع العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - :
http://www.binbaz.org.sa/index.php?p...article&id=650
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين السؤال التالي :
ما حكم اللحية في الإسلام نريد من سيادتكم الأحاديث أو بعض الأحاديث التي وردت هنا وتأمر وماذا نفعل حيث أصبح كل ملتحي في المجتمع يُنظر له نظرة غريبة من قبل الناس ويضطهد أيضاً في بعض الأحيان وكي لا يقع الإنسان في حلقها كما يقع كثير من الشباب الذين يطلقونها نريد الطريق وفقكم الله ؟؟؟
فأجاب - رحمه الله - : ( اللحية في الإسلام هي من هدي الرسل عليهم الصلاة والسلام فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم عظيم اللحية وقال الله تعالى عن موسى وهارون قال هارون . . .
لموسى (يا ابن أمَّ لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي) فهي من هدي المرسلين وهي أيضاً من سنن الفطرة كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال عشر من الفطرة وذكر منها اللحية وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها وإرخائها وهذا يدل على أن حلقها محرم لمخالفته الفطرة وللوقوع في معصية الرسول صلى الله عليه وسلم وأما كون معفيها ومبقيها ينظر إليه نظرة استغراب واستنكار واستهانة فهذا من البلاء الذي يُبتلى به المرء على دينه هل يصبر عليه أو يراعي فيه غير الله وقد قال الله تعالى ( ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) والواجب على المسلم أن يصبر على طاعة الله وعن معصية الله وعن ما يناله من الأمور المؤذية في جانب الله تبارك وتعالى فنصيحتي للأخ أن يصبر ويحتسب وسوف تنفرج الأمور وسوف تكون العاقبة للمتقين ) ( موثع الشيخ :
http://www.binothaimeen.com/modules....ticle&sid=5964
سئل الشيخ صالح بن محمد الأسمري السؤال التالي :
ما حكم الأخذ من اللحية ؟؟؟
فأجاب - حفظه الله - : ( للأخذ صورتان :
أما الأولى : فأخذُ ما زاد عن قبضة اليد من اللحية ، فهذه جائزة عند الفقهاء ، ووقع بها عمل السلف . خرَّج عبد الرزاق في " المصنف " عن الحسن البصري - يرحمه الله - أنه قال : ( كانوا يُرخصون فيما زاد على القبضة من اللحية أن يؤخذ منها ) . وفيه عن أبي زرعة - يرحمه الله - أنه قال : ( كان أبو هريرة يقبض على لحيته ثم يأخذ ما فَضُل منها ) . وفيه عن نافع عن ابن عمر أنه كان يأخذ ما فوق القبضة . وعند أبي داود عن مروان بن سالم أنه قال : ( رأيت ابن عمر يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكف ) .
غير أنه اختُلف أيهما أولى : الأخذ ، أم عدمه ؟ قولان:
- أولهما : استحباب أخذ ما زاد عن القبضة ، وهو مذهب الحنفية . قال في "البحر الرائق ": ( قال أصحابنا : الإعفاء تركها حتى تكث وتكثر ، والقص سنة فيها ؛ وهو أن يقبض الرجل لحيته ، فما زاد منها على قبضة قطعها . كذلك ذكر محمد في كتاب ( الآثار ) عن أبي حنيفة قال : وبه نأخذ ) أ.ه.
- والثاني : ترك الأخذ أولى : وهو مذهب الحنابلة في آخرين . جاء في مسائل أحمد رواية ابن هانئ : : سألت أبا عبد الله عن الرجل يأخذ من عارضيه ! قال : يأخذ من اللحية ما فضُل عن القبضة ) أ.ه. المراد وفي " المستوعب ": ( ولا يقبض من لحيته إلا ما زاد على القبضة إن أحب ، والأولى ألا يفعله ) أ.ه ، وفي " غاية المنتهى " : « وإعفاء لحية ، وحرَّم الشيخ حلقها ، ولا يُكره أخذ ما زاد على قبضة » أ.ه ، المراد . وبه جزم شيخ الإسلام - يرحمه الله - في " شرح العمدة " حيث قال : « وأما إعفاء اللحية فإنه يترك ، فلو أخذ ما زاد على القبضة لم يكره . نصَّ عليه ». أ.ه .
والقول الثاني هو المختار وعليه الجمهور ، قال العراقي في " طرح التثريب ": (( الجمهور على أن الأولى ترك اللحية على حالها . وأن لا يُقطع منها شيء . وهو قول الشافعي وأصحابه )) أ.ه. وقال النووي في " شرح مسلم ": (( والمختار ترك اللحية على حالها ، وألا يُتعرض لها بتقصير شيء أصلاًَ )) أ.ه. وفي " الإنصاف ": (( ولا يكره أخذ ما زاد على القبضة . ونصُّه - أي : أحمد - : لا بأس بأخذ ذلك ، وأخذ ما تحت حلقه . وقال في " المستوعب " : (( وتركه أولى ، وقيل : يكره . وأطلقها ابن عبيدان )) أ.ه .وبمثله في " شرح المنتهى " لابن النجار . وفي " التوضيح": (( وله أخذ ما زاد على قبضة وما تحت حنك وتركه أولى )) أ.ه .
والدليل في ذلك أحاديث ، ومنها ما جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( خالفوا المشركين ، أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى )) .
تنبيه :
جاء في " الإحياء " للإمام أبي حامد الغزالي قوله : « وقد اختلفوا فيما طال منها ، فقيل : إن قبض الرجل على لحيته وأخذ ما فضل عن القبضة فلا بأس . فقد فعله ابن عمر وجماعة من التابعين ، واستحسنه الشعبي وابن سيرين . وكرهه الحسن وقتادة وقالا : تركها عافية أحب ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (( أعفوا اللحى )) والأمر في هذا قريب إن لم ينته إلى تقصيص اللحية وتدويرها على الجوانب ، فإن الطول المُفرط يُشوِّه الخِلقة ، ويطلق ألسنة المغتابين بالنبذ إليه ، فلا بأس بالاحتراز عنه على هذه النية . وقال النخعي : عجبتُ لرجل عاقل طويل اللحية كيف لا يأخذ من لحيته ويجعلها من لحيتين ، فإن التوسط في كل شيء حسن ؛ ولذلك قيل : كلما طالت اللحية تشمر العدل )) أ.ه .
إلا أنه يُشكل على عزو الكراهة إلى الحسن وابن سيرين : ما أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " حيث فيه : حدثنا وكيع عن أبي هلال قال : سألت الحسن وابن سيرين فقالا : ( لا بأس أن تأخذ من طول لحيتك ) . وقال ابن عبد البر في " التمهيد " : (( وكان الحسن يأخذ من طول لحيته ، وكان ابن سيرين لا يرى بذلك بأساً )) . أ.ه. وتقدُّم ابن عبد البر في معرفة الآثار والخلاف في الفقه مشهور يقول الحافظ الحميدي في " جذوة المقتبس ": (( أبو عمر - أي : ابن عبد البر - فقيه حافظ مكثر ، عالم بالقراءات وبالخلاف في الفقه ، وبعلوم الحديث والرجال )) أ.ه المراد .
وكراهة أخذ ما زاد عن القبضة حكاه بن أبي عمر في " الشرح الكبير " وجهاً عند الحنابلة ، حيث قال : (( وهل يُكره أخذُ ما زاد على القبضة ؟ فيه وجهان : أحدهما : يكره ، لما روى ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خالفوا المشركين ، أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى » متفق عليه والثاني : لا يُكره ، يُروى ذلك عن عبد الله بن عمر . فروى البخاري قال : (( كان عبد الله بن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه ))أ.ه. والمعتمد أنه قول في المذهب وليس وجهاً قرره جماعة ، ومنهم المرداوي في " الإنصاف " وابن النجار في " شرح المنتهى ". وحكاه الطبري قولاً إلا في حج وعمرة ، قال ابن حجر في " فتح الباري " : (( حكى الطبري اختلافاً فيما يؤخذ من اللحية : هل له حدٌّ أم لا؟ قال : وكره آخرون التعرض لها إلا في حج أو عمرة )) أ.ه. المراد .
وقال عياض في " شرح مسلم ": (( ومنهم من حدَّدَ ، فما زاد على القبضة فيزال ، ومنهم من كره الأخذ إلا في حج أو عمرة )) أ.ه.
ويستدل لذلك بنحو ما جاء عن ابن عمر ، حيث خرَّج البيهقي في " شعب الإيمان " من طريق ابن أبي رواد عن نافع أن ابن عمر كان إذا حلق في الحج أو العمرة قبض على لحيته ثم أمر فسوى بين أطراف لحيته فيقطع ما زاد على الكف . وفي "البخاري " عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( خالفوا المشركين ، وفّروا اللحى ، وأحفوا الشوارب )) وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه ولكن يجاب عن ذلك بما ذكره ابن حجر في "الفتح " بقوله : (( والذي يظهر أن ابن عمر كان لا يخص هذا التخصيص بالنسك ، بل كان يحمل الأمر بالإعفاء على غير الحالة التي تتشوه فيها الصورة بإفراط طول شعر اللحية أو عرضه )) أ.ه.
ويؤكد ذلك ويُفسّره ما خرجه مالك في "الموطأ" عن نافع عن ابن عمر كان إذا أفطر عن رمضان وهو يريد الحج لم يأخذ من رأسه ولا من لحيته شيئاً حتى يحج .
تنبيه :
قال عياض في " شرح مسلم ": (( ويكره الشهرة في تعظيمها وتحليتها كما تُكره في قصها وجزها )) أ.ه .ويؤخذ من اللحية عند طول مُستهجن ، وهو مذهب مالك - كما في " التمهيد " وفي " المنتقى " للباجي . ومذهب أحمد في آخرين كذلك - كما في " الإنصاف" ، وفي "كشاف القناع" - قال الطبري - كما في " الفتح ": (( إن الرجل لو ترك لحيته لا يتعرض لها حتى أفحش طولها وعرضها لعرض نفسه لمن يسخر به )) أ.ه. وفي " عمدة القاري ": (( ورُوي عن عمر - رضي الله عنه - أنه رأى رجلاً قد ترك لحيته حتى كبرت ، فأخذ يجذبها ثم قال : ائتوني بجلمتين ، ثم أمر رجلاً فجزّ ما تحت يده . ثم قال : اذهب فأصلح شعرك أو أفسده ؛ يترك أحدكم نفسه حتى كأنه سبع من السباع )) أ.ه. المراد . وخرّج أبو داود في " المراسيل " عن عثمان بن الأسود أنه سمع مجاهداً يقول : (( رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً طويل اللحية ، فقال : لم يُشوه أحدكم نفسه ؟!)) .
وأما الثانية : فأخذ ما دون القبضة وأقل . فهذه تأتي على صورتين أيضاً :
أما الأولى : فأخذ ما تطاير من شعر اللحية وشذ ،فهذه جوّزها مالك وغيره . قال القرطبي في " المفهم ": (( لا يجوز حلق اللحية ولا نتفها ولا قص الكثير منها . فأما أخذ ما تطاير منها وما يُشوه ويدعو إلى الشهرة طولاً وعرضاً فحسنٌ عند مالك وغيره من السلف )) أ.ه.
وقال عياض : في " شرح مسلم ": (( وأما الأخذ من طولها وعرضها فحسن ، ويكره الشهرة في تعظيمها وتحليتها كما تُكره في قصها وجزها )) أ.ه.
والرواية عن مالك في ذلك مشهورة ، قال الباجي في " المنتقى ": (( روى ابن القاسم عن مالك ( لا بأس أن يؤخذ ما تطاير من اللحية ) قيل لمالك فإذا طالت جداً ؟ قال : أرى أن يؤخذ منها وتقص )) أ.ه.
وفسَّر ذلك صاحب " الفواكه الدواني " بقوله : (( وحكم الأخذ الندب ؛ ( فلا بأس ) هنا - أي الرواية - هو خير من غيره ، والمعروف لا حدَّ للمأخوذ ، وينبغي الاقتصار على ما تحسن به الهيئة )) أ.ه.
ومما يُستدل به على ذلك ما خرّجه البيهقي في " شعب الإيمان " من حديث جابر بن عبد الله أنه قال : رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً مجفل الرأس واللحية ، فقال: (( علام شوَّه أحدكم أمس )) قال : وأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى لحيته ورأسه . يقول : خذ من لحيتك ورأسك ) وذكر ابن عبد البر في " التمهيد " عن إبراهيم قوله : ( كانوا يأخذون من جوانب اللحية ) .
وأما الثانية : فالأخذ مطلقاً دون حلق ، ففيه قولان مشهوران للفقهاء حكاهما جماعة ، ومنهم ابن عبد البر في " التمهيد " حيث قال : (( واختلف أهل العلم في الأخذ من اللحية ، فكره ذلك قوم وأجازه آخرون )) أ. ه . المراد .
ومما يُستدل لجواز الأخذ ما خرّجه الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها . وخرّج ابن أبي شيبة في " المصنف " من طريق ابن طاووس عن سماك بن زيد أنه قال : (( كان علي يأخذ من لحيته مما يلي وجهه )) .
تنبيه :
لهذه الصورة من مسألة الأخذ تعلق بفروع سبقت ، لخَّصها ابن حجر في " الفتح "بقوله : (( حكى الطبري اختلافاً فيما يؤخذ من اللحية : هل له حد أم لا ؟ فأسند عن جماعة الاقتصار على أخذ الذي يزيد منها على قدر الكف , وعن الحسن البصري أنه يؤخذ من طولها وعرضها ما لم يفحش . وعن عطاء نحوه قال: وحمل هؤلاء النهي على منع ما كانت الأعاجم تفعله من قصها وتخفيفها . قال : وكره آخرون التعرض لها إلا في حج أو عمرة . وأسند عن جماعة واختار قول عطاء )) أ.ه . المراد .
فائدة :
ذهب الطبري إلى وجوب قص اللحية والأخذ منها حكاه عنه العيني في " عمدة القاري " ، وفيه قول الطبري : (( أن اللحية محظور إعفاؤها ، وواجب قصها على اختلاف من السلف في قدر ذلك وحده )) . ويؤيد مذهب الطبري ظاهر ما أخرجه الخلال في : " الترجل " من طريق سفيان أنه قال : حدثنا ابن طاووس أنه قال : (( كان أبي يأمرني أن آخذ من هذا - وأشار إلى بطن لحيته - )) إلا أن المعروف عن طاووس عدم الوجوب ، فقد خرّج ابن أبي شيبة في : " المصنف " عن ابن جريج عن ابن طاووس عن أبيه أنه كان يأخذ من لحيته ولا يوجبه .
وصلٌ : مضى أن المختار عدم الأخذ . وإبقاء اللحية كثة كثيرة هو سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد خرّج مسلم في " الصحيح " من حديث سماك أنه سمع جابر بن سمرة يقول : (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شمط مقدم رأسه ولحيته ، وكان إذا ادَّهن لم يتبين ، وإذا شعث رأسه تبين ، وكان كثير شعر اللحية )) الحديث . وعند النسائي من حديث أبي إسحاق عن البراء قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً مربوعاً ، عريض ما بين المنكبين ، كث اللحية ) الحديث .
فائدة :
قال الطيبي في " شرح المشكاة " عن الأخذ من اللحية : (( هذا لا ينافي قوله صلى الله عليه وسلم : (( أعفوا اللحى )) ؛ لأن المنهي هو قصُّها كفعل الأعاجم ، أو جعلها كذنب الحمام ، فالمراد بالإعفاء التوفير منه ، كما في الرواية الأخرى - أي رواية : (( وفروا اللحى )) والأخذ من الأطراف قليلاً لا يكون من القص في شيء )) أ.ه . وقال السندي في " حاشية على النسائي " : (( المنهي قصها - أي : اللحية - كصنع الأعاجم ، وشعار كثير من الكفرة ، فلا ينافيه ما جاء من أخذها طولاً وعرضاً للإصلاح )) أ.ه. وقال أبو الوليد الباجي في : " المنتقى ": (( ويحتمل عندي أنه يريد أن تعفى من الإحفاء ؛ لأن كثرتها ليس بمأمور بتركه )) أ.ه. تمت ) ( موقع صيد الفوائد - http://saaid.net/Doat/asmari/fatwa/5.htm )
* بحث قيم في حكم اللحية في الإسلام :
( حكم اللحية في الإسلام )
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما وغيرهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله : " خالفوا المشركين ، وفروا اللحى وأحفوا الشوارب " ولهما عنه أيضا " أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى " ، وفي رواية " أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى " واللحية اسم للشعر النابت على الخدين والذقن ، قال ابن حجر :
( وفروا بتشديد الفاء من التوفير وهو الإبقاء أي اتركوها وافرة ، وإعفاء اللحية تركها على حالها ) .
ومخالفة المشركين يفسره حديث أبي هريرة رضي الله عنه : " إن أهل الشرك يعفون شواربهم ويحفون لحاهم فخالفوهم فاعفوا اللحى واحفوا الشوارب " رواه البزار بسند صحيح ، ولمسلم عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خالفوا المجوس لأنهم كانوا يقصرون لحاهم ويطولون الشوارب " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( يحرم حلق اللحية ) وقال القرطبي : ( لا يجوز حلقها ، ولا نتفها ولا قصها ) ، وحكي ابن حزم الإجماع على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض واستدل بحديث ابن عمر " خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى " ، وبحديث زيد بن أرقم المرفوع : " من لم يأخذ شاربه فليس منا " صححه الترمذي .
والله تبارك وتعالى جمل الرجال باللحى ، ويروى من تسبيح الملائكة : سبحان من زين الرجال باللحى ، وقال في التمهيد : ويحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال . اهـ .
فاللحية زينة الرجال ، ومن تمام الخلق وبها ميز الله الرجال من النساء . ومن علامات الكمال ، ونتفها في أول نباتها تشبه بالمرد ومن المنكرات الكبار وكذلك حلقها أو قصها أو إزالتها بالنورة من أشد المنكرات ، ومعصية ظاهرة ومخالفة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقوع فيما نهى عنه .
قال الإمام أبو شامة : وقد حدث قوم يحلقون لحاهم وهو أشد مما نقل عن المجوس من أنهم كانوا يقصونها . وهذا في زمانه رحمه الله فكيف لو رأى كثرة من يفعله اليوم ؟؟ وما لهم هداهم الله أنى يؤفكون ؟ أمرهم الله بالتأسي برسوله صلى الله عليه وسلم فخالفوه وعصوه وتأسوا بالمجوس والكفرة ، وأمرهم بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد قال صلى الله عليه وسلم " اعفوا اللحى ، أوفوا اللحى ، أرخوا اللحى ، أرجوا اللحى ، وفروا اللحى " فعصوه وعمدوا إلى لحاهم فحلقوها ، وأمرهم بحلق الشوارب فأطالوها فعكسوا القضية وعصوا الله جهارا بتشويه ما جمل الله به أشرف شيء من ابن آدم وأجمله ] أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ [ (فاطر:8) ، اللهم إنا نعوذ بك من عمى القلوب وزين الذنوب وخزي الدنيا وعذاب الآخرة . وإعفاء اللحية من ملة إبراهيم الخليل التي لا يرغب عنها إلا من سفه نفسه ، ومن سنة محمد صلى الله عليه وسلم التي تبرأ ممن رغب عنها بقوله : " فمن رغب عن سنتي فليس مني " متفق عليه .
فالواجب على كل مسلم أن يسمع ويطيع لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يتبع ولا يبتدع ، وأن لا يكون من الذين قالوا سمعنا وعصينا ، إن جمال الرجولة وكمالها في إعفاء اللحية ، والهيبة والوقار هما وشاح الملتحي والمحلوق ليس له منها نصيب ..
أيها المسلم :
إن اللحى جمال الرجال وشعار المسلمين وحلقها شعار الكفار والمشركين ، وتوفيرها من سنن الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين وقد ميز الله بها بين الذكور والإناث وأكرم بها الرجال ، وقد نص العلماء على أن من جنى على لحية أخيه فأزالها على وجه لا يعود فعليه الدية كاملة ثم هو بعد ذلك يجني على نفسه ويذهب جمال وجهه .. وقد يكون إعفاء اللحية في هذا الوقت شاقا على كثير من الناس لمخالفته عادات المجتمع وعلى الأخص الزملاء والنظراء ، ولكن الأمر يسهل إذا قارن بين مصلحة إعفائها ومضرة حلقها ..
ومجاملة المخلوقين في معصية الخالق استسلام للهوى والنفس الأمارة بالسوء وضعف في الإيمان والعزيمة وسوف يموت الإنسان فينفرد في قبره بعمله ولا ينفعه أحد ، فكن أخي المسلم قدوة حسنة لأبنائك وغيرهم وكن عبدا لله لا عبدا للهوى .
وقد يظن بعض الناس أن إعفاء اللحية وحلقها من الأمور العادية التي يتبع فيها عادات المجتمع والبيئة التي يعيش الإنسان فيها وليس الأمر كذلك فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم للوجوب ونهيه للتحريم ، وصفوة القول : أن الوقوف عند حد الأمر والنهي هو وصف المسلم المؤمن الراضي بأحكام الله الراجي رحمته الخائف من عذابه ، وبالله التوفيق وصلى الله على محمد .
أيها المسلم :
إن توفير اللحية وحرمة حلقها من دين الله وشرعه الذي لم يشرع لخلقه سواه والعمل على غير ذلك سفه وضلالة وفسق وجهالة وغفلة عن هدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، على أن هناك فوائد صحية في إعفاء اللحية فإن هذا الشعر تجري فيه مفرزات دهنية من الجسد يلين بها الجلد ويبقى مشرقا نضرا تلوح عليه حيوية الحياة وطراوتها وإشراقها ونضرتها كالأرض الخضراء ، وحلق اللحية يفوت هذه الوظائف الإفرازية على الوجه فيبدو قاحلا يابسا ..
وفيها فائدة صحية أخرى وهي حماية لثة الأسنان من العوارض الطبيعية فهي لها وقاء منها كشعر الرأس للرأس ، والإسلام يريد أن يجعل لأتباعه كيانا خاصا وعلامة فارقة تميزهم عن سائر الناس فلا يذوبون في غيرهم اضمحلالا وتقليدا وتبعية فيكون ( إمعة ) فكيف يسوغ لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يخالف سنة نبيه وهو يتلو ويسمع الأوامر والنواهي القرآنية والنبوية وكيف يجترئ المسلم على ارتكاب ما نهي عنه وهو يقرأ ويسمع قول الله تعالى ] وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [ (الأحزاب:36) فليس المؤمن مخيراً بين الفعل والترك ] .
فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [ (النور: 63) وفي إعفاء اللحية طاعة لله واقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومخالفة لهدي الكفار والمشركين والمجوس ، وفي حلقها معصية لله ومخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشبه بالنساء الملعون فاعله وتشبه بأعداء الله من الكفرة والمشركين ، وقد نهينا عن مشابهتهم وأمرنا بمخالفتهم ، هذا وقد اتفق العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم على وجوب توفير اللحية وحرمة حلقها عملا بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله ، فكيف تطمئن نفس مسلم بمخالفة أمر الله ورسوله وهو يزعم أنه يؤمن بالله وأمره ونهيه ووعده ووعيده وثوابه وعقابه ويؤمن بالبعث بعد الموت والجزاء والحساب والجنة والنار ..
فالعجب كل العجب ممن ينتسب إلى العلم والدين كيف يخالف سنة نبيه صلى الله عليه وسلم بحلق لحيته بلا مبالاة بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم تقليدا وتبعية لأهل الأهواء أين الإسلام وأين الإيمان وأين الحياء وأين العقول وأين الخوف والرجاء وأين المحبة لله ورسوله المقتضية للطاعة والاستسلام وأين تحقيق لا إله إلا الله محمد رسول الله بالمحبة وامتثال الأوامر واجتناب النواهي .
أيها المسلم :
أن التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم هو الصراط المستقيم الذي صار عليه سلفنا الصالح وتمسك به المؤمنون وإن خالفهم الأكثرون ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ) ( سورة الأحزاب - الآية 21 ) 0
________________________
المراجع :
1 - شمس الضحى في إعفاء اللحى .
2 - تحريم حلق اللحى .
3 - دلائل الأثر على تحريم التمثيل بالشعر 0
هذا ما تيسر لي أخي الحبيب ( أبو موسى الليبي ) ، بارك الله فيكم وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0