الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،
بخصوص سؤالك أختي الفاضلة ( فداء الإسلام ) حول موضوع الطهارة وهل هي شرط لصجة الطواف ، فاعلمي رعاك الله أن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم ، فالأئمة الثلاثة ( الحنابلة والشافعية والمالكية ) يرون أن الطهارة من الحدث والخبث في الثوب والبدن والمكان شرط لصحة الطواف ، أما الحنفية فيرون أن الطهارة واجبة وليست شرطاً 0
* قول من يرون بأن الطهارة شرط لصحة الطواف :
فالقائلين بأن الطهارة شرط لصحة الطواف استندوا إلى إدلة من كتاب الله وسنة رسوله ، ومنها : ( أن أول شيء بدأ به النبي حين قدم مكة أنه توضأ ، ثم طاف ) ( متفق عليه ) 0
وبذلك قال الشيخ العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله - : ( تلزم الطهارة في الطواف فقط، أما السعي فالأفضل أن يكون عن طهارة، وإن سعى بدون طهارة أجزأ ذلك ) ( كتاب الحج والعمرة والزيارة – ص 78 ، وأنظر فتاوى مهمة تتعلق بالحج والعمرة – ص 31 ) 0
* قول من يرون بأن الطهارة ليست شرطاً لصحة الطواف :
وممن يرى أن الطهارة ليست شرطاً للطواف شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – وجمع من العلماء قديماً وحديثاً 0
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( والذين أوجبوا الوضوء للطواف ليس معهم حجة أصلاً ، فإنه لم ينقل أحد عن النبي بإسناد ضعيف ولا صحيح أنه أمر بالوضوء للطواف ، مع العلم بأنه قد حج معه خلائق عظيمة ، وقد اعتمر عمراً متعددة ، والناس يعتمرون معه ، ولو كان الوضوء فرضاً للطواف لبينه النبي بياناً عاماً ، ولو بينه لنقل ذلك المسلمون عنه ولم يهملوه ، ولكن ثبت في الصحيح أنه لما طاف توضأ ، وهذا وحده لا يدل على وجوب ، فإنه كان يتوضأ لكل صلاة ، وقد قال : إني كرهت أن أذكر الله على غير طهر فتيمم لرد السلام ) ( مجموع الفتاوى - 21 / 273 ) 0
قال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – بعد أن أورد كافة الأدلة التي اعتمد عليها القائلون بشرط الوضوء لصحة الطواف في الشرح الممتع ( 7 / 296 – 300 ) : ( وعليه فالقول الراجح الذي تطمئن إليه النفس : أنه لا يشترط في الطواف الطهارة من الحدث الأصغر ، لكنها بلا شك أفضل وأكمل واتباعاً للنبي ، ولا ينبغي أن يخل بها الإنسان لمخالفة جمهور العلماء في ذلك ، لكن أحياناً يضطر الإنسان إلى القول بما ذهب إليه شيخ الإسلام ، مثل : لو أحدث أثناء طوافه في زحام شديد فالقول بأنه يلزمه أن يذهب ويتوضأ ثم يأتي في هذا الزحام الشديد لا سيما إذا لم يبق عليه إلا بعض شوط ففيه مشقة شديدة ، وما كان فيه مشقة شديدة ولم يظهر فيه النص ظهوراً بيناً فإنه لا ينبغي أن نلزم الناس به ، بل نتبع ما هو الأسهل والأيسر ؛ لأن إلزام الناس بما فيه مشقة بغير دليل واضح مناف لقوله تعالى : " يريد الله بكم اليسر ، ولا يريد بكم العسر " " سورة البقرة – الآية 185 " ) ( الشرح الممتع على زاد المستقنع – 7 / 300 ) 0
* الجمع بين قولي العلماء في هذه المسألة :
قلت : أما الجمع بين قولي العلماء في هذه المسألة فهو سهل ميسر إن شاء الله تعالى ، فإن لم يكن في الأمر مشقة أو تعب فالأولى للمعتمر أو الحاج أن يطوف على طهارة اتباعاً للنبي وهو الأفضل والأكمل ، أما إن كان الأمر فيه مشقة وتعب وبخاصة في المواسم التي يكثر فيها المعتمرون والحجاج ، كشهر رمضان أو موسم الحج ، فالأولى أن يدخل المسلم في الطواف وهو على طهارة فيكون متوضِئً فإن أحدث أثناء طوافه فليتابع ، ولا يمكننا أن نلزمه بإعادة الوضوء والطواف دون نص بيّن على ذلك ، والمشقة تجلب التيسير ، وهذا ما أشار إليه العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - ، والله تعالى أعلم 0
سائلاً المولى عز وجل أن يبارك فيك ، وأن يرزقنا وإياك والقراء الأعزاء الإخلاص في القول والعمل 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0
أخوكم / أبو البراء أسامه بن ياسين المعاني 0