الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،
بخصوص سؤالك أختي الفاضلة ( fifi ) حول موضوع الأكل والشرب مع الإقامة لصلاة الفجر ، فاعلمي رعاك الله أن هذه المسألة فيه خلاف بين أهل العلم ، ففقهاء الحنبلة يرون أنه إذا معتقداً أنه ليل واتضح له بعد ذلك أنه نهار فعليه أن يعيد ، أما شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – فيرى أن ليس في حقه إعادة ، لأنه اعتقد أن الأكل مباح في حقه فهو أولى بالعذر من الناسي 0
والضابط في هذه المسألة أنه إن حصل هناك أكل من غير تفريط فإنه لا يعيد صيامه ، أما إن كان أكله عن تفريط ولم يتأكد ولم يتحرى دخول الوقت بالساعة أو المنبه ونحوه ، فالأحوط له أن يعيد صيامه ، والله تعالى أعلم 0
سئل العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عمن شرب جاهلاً بطلوع الفجر ؟
فأجاب – رحمه الله - : ( إذا كان أكلك وشربك بعد طلوع الفجر ، جاهلاً بطلوع الفجر فإنه لا إثم عليك ولا قضاء ، لعموم الأدلة الدالة على أن الإنسان لا يؤاخذ بجهله ونسيانه ، وقد ثبت في صحيح البخاري أنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِي اللَّه عَنْهمَا - قَالَتْ : " أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ " ] قِيلَ لِهِشَامٍ فَأُمِرُوا بِالْقَضَاءِ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ قَضَاءٍ وَقَالَ مَعْمَرٌ سَمِعْتُ هِشَامًا لَا أَدْرِي أَقَضَوْا أَمْ لَا [ " " حديث صحيح – أخرجه الإمام البخاري – كتاب الصيام " " ما بين المعكوفتين زيادة من حديث البخاري لم يذكره العلامة ابن عثيمين " ولم يؤمروا بقضاء ، ولو كان القضاء واجباً لبلغه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ، ولنقل إلينا ، فإنه يكون حينئذ من شريعة الله ، وشريعة الله تعالى محفوظة ولا بد أن تنقل وتفهم 0
كذلك لو أكل الإنسان وهو صائم ناسياً فإنه لا قضاء عليه لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِي اللَّه عَنْه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ " " متفق عليه " ) ( كتاب الدعوة ( 5 ) – ابن عثيمين – 2 / 162 ، 163 ) 0
سئل العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عمن أكل معتقداً بأن الفجر لم يطلع ، وبعد انتهاءه من الأكل إذا به يسمع الإقامة لصلاة الفجر ، فهل يلزمه إعادة صيام هذا اليوم ؟
فإجاب – حفظه الله - : ( هذه المسألة فيها خلاف : وهي من أكل شاكاً في طلوع الفجر ثم تبين له أنه طلع ، ففقهاء الحنابلة يقولون : إذا أكل معتقداً أنه ليل فبان نهاراً فإنه يعيد 0
ويختار بعض العلماء كابن تيمية – رحمه الله – أنه لا إعادة عليه ؛ لأنه أكل يعتقد أن الأكل مباح في حقه فهو أولى بالعذر من الناسي 0
ونقول : إن على الصائم أن يحتاط لصومه فإذا كان أكله هذا عن غير تفريط فإنه لا يعيد ، أما إن كان أكله عن تفريط فإن الأحوط أن يعيد ) ( فتاوى الصيام – جمع راشد الزهراني – ص 14 ) 0
سئل العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عن حكم الذي يريد الصيام ويشك في طلوع الفجر ؟
فأجاب – حفظه الله - : ( على الإنسان أن يحتاط في مثل هذا الأمر ؛ فإذا شك في طلوع الفجر ؛ فعليه أن يتأكد وينظر في العلامات ؛ فإذا رأى أن العلامات تدل على طلوع الفجر ؛ فإنه لا يأكل ؛ مثل أن يسمع المؤذنين ، أو ينظر التقويم والتوقيت ويعرف موعد الفجر قد حان في التقويم ؛ فلا يأكل 0
والذي يجب عليه في مثل هذا الأمر التثبت ؛ لأنه على بداية الصيام ، ويخشى أن يكون قد طلع الفجر ؛ فإذا غلب على ظنه أن الفجر لم يظهر ؛ فإنه يأكل ويشرب ، وإذا غلب على ظنه العكس أن الفجر قد ظهر ؛ فإنه يمتنع ؛ فغلبة الظن تنزل منزلة اليقين ، وإذا شك ؛ فإن الأحسن أن لا يأكل ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ 000 " " متفق عليه " ) ( المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – ص 117 ) 0
ومن هنا أخية ( fifi ) إن كان هناك تقصير منك في تحري وقت الإمساك ، فالأولى لك أن تقومي بقضاء هذا اليوم ، وأما إن كنت قد اتخذت الأسباب المتاحة لذلك أو حصل الأمر نسياناً أو خطأ فلا تثريب عليك وهذا خلاصة أقوال أهل العلم في هذه المسألة 0
سائلاً المولى عز وجل أن يبارك فيك ، وأن يرزقنا وإياك والقراء الأعزاء الإخلاص في القول والعمل 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0
أخوكم / أبو البراء أسامه بن ياسين المعاني