( وَيُسنّ الإِشهاد ) .
أي : يسن للزوج إذا أراد أن يرجع زوجته في العدة أن يشهد على ذلك .
وقد اتفق العلماء على استحباب الإشهاد .
قال ابن قدامة : ولا خلاف بين أهل العلم في أن السنة الإشهاد .
لكن اختلف العلماء هل هو واجب أم لا على قولين :
القول الأول : أنه واجب .
وهو قول الشافعي في القديم وابن حزم ونقله ابن كثير عن عطاء .
أ- لقوله تعالى (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ) والضمير يعود على الطلاق والرجعة.
ب- أثر عمران بن الحصين ( أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ اَلرَّجُلِ يُطَلِّقُ, ثُمَّ يُرَاجِعُ, وَلَا يُشْهِدُ? فَقَالَ: أَشْهِدْ عَلَى طَلَاقِهَا, وَعَلَى رَجْعَتِهَا ) .
ج- ولما يترتب على ذلك من المصلحة، من عدم الإنكار، فإذا كان الزوج قد أشهــــد على الرجعة فلا تستطيع الزوجة أن تنكر .
القول الثاني : أنه مستحب .
وهذا مذهب الحنفية في المشهور عنهم ، والشافعي في قوله الجديد ، ومالك ، وأحمد في أشهر الروايتين عنه .
أ- لحديث ابن عمر ( مره فليراجعها ) ولم يذكر الإشهاد والمقام مقام بيان .
ب-ولأنها لا تفتقر إلى قبول فلم تفتقر إلى شهادة .
قال ابن قدامة : وهي اختيار أبي بكر , وقول مالك , وأبي حنيفة ; لأنها لا تفتقر إلى قبول , فلم تفتقر إلى شهادة , كسائر حقوق الزوج , ولأن ما لا يشترط فيه الولي لا يشترط فيه الإشهاد , كالبيع ، وعند ذلك يحمل الأمر على الاستحباب ، ولا خلاف بين أهل العلم , في أن السنة الإشهاد . ( المغني ) .
والراجح القول بالاستحباب ، والقول بالوجوب قول قوي :
أ-لأن فيه قطعاً للنزاع فيما لو ادعت الزوجة أنه لم يراجع .
ب-ولأن فيه احتياطاً والنكاح ينبغي فيه الاحتياط .
وأما أثر عمران بن حصين فلا يدل على الوجوب لأمور :
أولاً : أنه من قول الصحابي واجتهاده .
ثانياً : مما يؤكد تضعيف هذا الاستدلال ، أن عمران بن حصين قد أمر السائل بأن يشهد على أمرين : الطلاق والرجعة ، والإجماع منعقد على عدم وجوب الإشهاد في الطلاق .
ثالثاً : أن الأمر الوارد في أثر عمران قد خرج مخرج الحث والتشديد ، وذلك أن المقام مقام إفتاء ، وإلا فقد ثبت عن عمران – في الخبر نفسه – أنه أجاب السائل بقوله : طلقت لغير السنة ، ورجعت لغير السنة ، فهذا اللفظ مفهومه أن الإشهاد على الطلاق والرجعة سنة . (أحكام الرجعة) .