وتعودُ على ما بقي مِن طَلَاقِها، ولو نَكَحَتْ غيره ) .
أي : إذا طلق الرجل زوجته دون ما يملك من العدد ، بأن طلقها واحدة أو اثنتين ، فإذا راجعها في أثناء العدة ، أو أن العدة انتهت وتزوجها بعقد جديد ، فإنه يعود على ما بقي من طلاقها ، ولا تلتغي الطلقات السابقة .
( ولو نَكَحَتْ غيره ) .
أي : حتى ولو تزوجت .
فلو أنه طلقها طلقتين ، ثم انتهت عدتها ، ثم تزوجت رجلاً ثم طلقها ، ثم عاد الزوج الأول وعقد عليها ، فإنه يعود على ما بقي له ، وهنا بقي له طلقة واحدة .
الخلاصة :
أولاً : لا خلاف بين الفقهاء أن الرجل إذا طلق زوجته ثلاثاً ثم تزوجت غيره بعد انتهاء عدتها من الأول ، ثم طلقها الثاني بعد الدخول بها أنها ترجع إلى الأول بعد انتهاء عدتها من الثاني بثلاث تطليقات .
وحكم الإجماع ابن المنذر وغيره .
ثانياً : لا خلاف بين الفقهاء أن الرجل إذا طلق زوجته بما دون الثلاث ثم عادت إليه برجعة أو نكاح جديد قبل زوج ثانٍ فإنها ترجع إليه على ما بقي من طلاقها .
قال ابن قدامة : وَإِنْ رَغِبَ مُطَلِّقُهَا فِيهَا فَهُوَ خَاطِبٌ مِنْ الْخُطَّابِ يَتَزَوَّجُهَا بِرِضَاهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَتَرْجِعُ إلَيْهِ بِطَلْقَتَيْنِ وَإِنْ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا رَجَعَتْ إلَيْهِ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِغَيْرِ خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْم .
ثالثاً : وقع الخلاف بين الفقهاء : فيما إذا طلق الرجل زوجته بأقل من ثلاث ، وانتهت عدتها منه ، ثم تزوجت غيره ودخل بها ، ثم طلقها أو مات عنها ، وانتهت عدتها من الثاني ، ثم تزوجها الأول ، فهل يستأنف الأول ثلاث طلقات أو تكون عنده على ما بقي من الثلاث على قولين :
القول الأول :
أنها تكون عنده على ما بقي من الثلاث ، فإن طلقها واحدة بقي له طلقتان ، وإن طلقها اثنتين بقي له واحدة .
وهذا قول الجمهور .
قال ابن قدامة : وَهَذَا قَوْلُ الْأَكَابِرِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ e عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأُبَيٍّ وَمُعَاذٍ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ .
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ .
وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُبَيْدَةُ وَالْحَسَنُ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَابْنُ الْمُنْذِر .
أ- لأنه الوارد عن كبار الصحابة كعمر وعلي وعمران .
عن عمر بن الخطاب قال ( أيما امرأة طلقها زوجها تطليقة أو تطليقتين ثم تركها حتى تحل وتنكح زوجا غيره فيموت عنها أو يطلقها ثم ينكحها زوجها الأول فإنها تكون عنده على ما بقي من طلاقها ) رواه مالك في الموطأ .
قال مالك : وعلى ذلك السنة عندنا التي لا اختلاف فيها .
ب- ولأَنَّ وَطْءَ الثَّانِي لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْإِحْلَالِ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَلَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الطَّلَاقِ كَوَطْءِ .
ج- وَلِأَنَّهُ تَزْوِيجٌ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الثَّلَاثِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَجَعَتْ إلَيْهِ قَبْلَ وَطْءِ الثَّانِي .
القول الثاني :
أنه يستأنف ثلاث طلقات .
وهذا مذهب الحنفية .