حكم شهادة من لا يصلي على عقد النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[عقدت على زوجتي، ولكن كان أحد الشاهدين على العقد تاركا للصلاة - قد يترك الجمعة أيضا -، كما أن أبا زوجتي لا أعلم هل يصلي أم لا، ولكنه يصلي الجمع ويصوم، وكان الولي في العقد، فهل العقد صحيح؟ وهل علي أن أسأل أبا زوجتي عن صلاته؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يشترط لصحة النكاح: شهادة عدلين من المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) رواه البيهقي من حديث عمران وعائشة، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (7557) .
قال ابن قدامة رحمه الله: " لا ينعقد النكاح إلا بشهادة مسلمين , سواء كان الزوجان مسلمين , أو الزوج وحده. نص عليه أحمد. وهو قول الشافعي.... لقوله عليه السلام: (لا نكاح إلا بولي , وشاهدي عدل) " انتهى من "المغني" (7/7) بتصرف.
ثانياً:
تارك الصلاة المقر بوجوبها فاسق في مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية، وكافر في مذهب أحمد وجمهور السلف من الصحابة والتابعين، وهو القول الذي تدل عليه الأدلة، وينظر جواب السؤال رقم (5208) ورقم (83165) .
وعليه؛ فلا تصح شهادته على النكاح لأنه ليس بعدل، سواء قيل بكفره أو بفسقه.
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: رجل مسلم ملتزم بدينه، محافظ على الصلوات الخمس، تزوج من امرأة مسلمة، فكان أحد الشاهدين على عقد النكاح رجل لا يصلي، وربما وقع في الكبائر كشرب الخمر، فهل عقد النكاح في مثل هذه الحالة صحيح من الناحية الشرعية؟ علما بأنه قد حضر لكتابة العقد عدد كبير من الرجال المسلمين المصلين، وشهدوا بأنفسهم إجراءات الصك للزواج، فما حكم ما وقع بين الزوجين من النكاح، وهل يلزم أن نعيد كتابة العقد؟
فأجاب: "إذا كان عند العقد عند قول الولي: زوجتك، وعند قول الزوج: قبلت، لم يحضرهما إلا شاهدان أحدهما لا يصلي، فيعاد العقد؛ لأنه ليس بعدل؛ لأن العقد لا بد فيه من شاهدي عدل مع الولي، فإذا كان عند إجراء العقد، حين قال الولي: زوجتك، وحين قال الزوج: قبلت، لم يحضرهما إلا شاهدان، أحدهما فاجر معروف الفجور، أو كافر كتارك الصلاة، فإنه يجدد العقد " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (20/45) .
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: شخص أراد الزواج، ولما جاء عند كتابة العقد أتى بشاهدين، ولكن تبين له أن أحدهما لا يصلي، فما حكم العقد؟
فأجاب: عقد غير صحيح؛ لأن الذي لا يصلي لا تصح شهادته، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) ، يشترط بالشاهد أن يكون عدلاً، والذي لا يصلي ليس عدلاً، وليس مسلما فلا تصح شهادته " انتهى من "موقع الشيخ الفوزان".
ثالثاً:
إذا تم إشهار النكاح وعلم به الجمع من الناس، فإن هذا يغني عن حصول الشهادة الخاصة عند جمع من أهل العلم.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وقال بعض العلماء: إنه يشترط إما الإشهاد، وإما الإعلان، أي الإظهار والتبيين، وأنه إذا وجد الإعلان كفى؛ لأنه أبلغ في اشتهار النكاح، وأبلغ في الأمن من اشتباهه بالزنا؛ لأن عدم الإشهاد فيه محظور، وهو أنه قد يزني بامرأة ثم يدعي أنه قد تزوجها وليس الأمر كذلك، فاشتراط الإشهاد لهذا السبب، لكن إذا وجد الإعلان انتفى هذا المحظور من باب أولى، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، بل قال: إن وجود الإشهاد بدون إعلان في النكاح في صحته نظر؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بإعلان النكاح، وقال: (أعلنوا النكاح) ، ولأن نكاح السر يخشى من المفسدة حتى ولو بالشهود؛ لأن الواحد يستطيع أن يزني والعياذ بالله بامرأة، ثم يقول: تزوجتها، ويأتي بشاهدي زور على ذلك ".
ثم قال: " فالأحوال أربعة:
الأول: أن يكون إشهاد وإعلان، وهذا لا شك في صحته ولا أحد يقول بعدم الصحة.
الثانية: أن يكون إشهاد بلا إعلان، ففي صحته نظر؛ لأنه مخالف للأمر: (أعلنوا النكاح) .
الثالثة: أن يكون إعلان بلا إشهاد، وهذا على القول الراجح جائز وصحيح.
الرابعة: ألا يكون إشهاد ولا إعلان، فهذا لا يصح النكاح؛ لأنه فات الإعلان وفات الإشهاد " انتهى من "الشرح الممتع" (12/95) .
وينظر: الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص 177.
وعلى هذا القول، فنكاحك صحيح إن حصل الإعلان والإشهار؛ لأن الإعلان كافٍ إن شاء الله، مع التنبيه على أن الشاهد لا ينحصر فيمن وقّع على العقد، بل كل رجل حضر العقد من كاتبٍ وقريبٍ، كأبيك وغيره، فهو شاهد عليه، إن كان صالحا للشهادة.
وبصحة شهادة والد الزوج قال الشافعية وأحمد في رواية. وينظر: حاشية البجيرمي (3/396) ، والإنصاف (8/105) .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (124678) .
رابعاً:
ينبغي إحسان الظن بالمسلم وحمله على السلامة ما أمكن، وقد ذكرت أن والد الفتاة يصلي الجمعة ويصوم، وأنك لا تعلم هل يصلي الصلوات الخمس أم لا، فإن لم يكن عندك ما يفيد عدم صلاته، فالأصل أنه من أهل الصلاة، وبذلك تصح ولايته في النكاح، وليس عليك أن تسأله عن صلاته، ولا ينبغي ذلك؛ لما فيه من إساءة الظن، وإثارة الشحناء والبغضاء.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب