من ذا الذي غالب القدر؟ ومن ذا الذي بلغ من الدنيا جسيماً من الأمور فلم يبطر؟ ومن ذا الذي بلغ مناه فلم يغتر؟ ومن ذا الذي تبع هواه فلم يخسر؟ ومن ذا الذي حادث النساء فلم يُصَب؟ ومن ذا الذي طلب من اللئام فلم يحرم؟ ومن ذا الذي خالط الأشرار فسلم؟ ومن ذا الذي صحب السلطان فدام له منه الأمن والإحسان؟.
العاقل لا يأمن عدوه على كل حال، إن كان بعيداً لم يأمن مغادرته، وإن كان قريباً لم يأمن مواثبته،والعاقل لا يخاطر بنفسه في الانتقام من عدوه، لأنه إن هلك في قصده قيل: أضاع نفسه، وإن ظفر قيل: القضاء فعله، والمعاداة بعد الخُلّة فاحشة عظيمة، لا يليق بالعاقل ارتكابها، فإن دفعه الوقت إلى ركوبها ترك للصلح موضعاً.