سعيد بن المسيب (4) (94 هـ)
هو سعيد بن المُسَيِّب بن حَزْن بن أبي وَهْب. أبو محمد القرشي المخزومي المدني، سيد التابعين في زمانه، ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر بن الخطاب وقيل لأربع مضين منها بالمدينة. رأى عمر، وسمع عثمان وعليا وزيد ابن ثابت، وعائشة وأبا هريرة وابن عباس وخلقا سواهم. روى عنه إدريس ابن صبيح وأسامة بن زيد الليثي، وإسماعيل بن أمية، وحسان بن عطية، وغيرهم. قال علي بن المديني: لا أعلم في التابعين أحدا أوسع علما من سعيد ابن المسيب، نظرت فيما روى عنه الزهري وقتادة ويحيى بن سعيد
__________
(1) أصول الاعتقاد (2/263/387) والسنة لعبدالله (30) والمنهاج (2/253).
(2) أصول الاعتقاد (2/264/389) والإبانة (2/12/17-18/206).
(3) أصول الاعتقاد (4/758/1621).
(4) طبقات ابن سعد (5/119-143) والبداية والنهاية (9/99-110) ووفيات الأعيان (2/375-378) والوافي بالوفيات (15/262) وسير أعلام النبلاء (4/217-246) وتهذيب الكمال (11/66-75) وتذكرة الحفاظ (1/54-56) وحلية الأولياء (2/161-175) وشذرات الذهب (1/102-103) والمعرفة والتاريخ (1/468-479).
وعبدالرحمن بن حرملة، فإذا كل واحد منهم لا يكاد يروي ما يرويه الآخر ولا يشبهه، فعلمت أن ذلك لسعة علمه، وكثرة روايته، وإذا قال سعيد: مضت السنة، فحسبك به. قال علي: وهو عندي أجل التابعين. وعن مالك عن يحيى بن سعيد، قال: سئل سعيد بن المسيب عن آية، فقال سعيد: لا أقول في القرآن شيئا. قال الذهبي: ولهذا قل ما نقل عنه في التفسير. ومن كلام ابن المسيب قال: لا تملؤوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم؛ لكيلا تحبط أعمالكم. توفي رحمه الله سنة أربع وتسعين.
موقفه من المبتدعة:
- روى الدارمي: عن أبي رباح شيخ من آل عمر قال: رأى سعيد بن المسيب رجلا يصلي بعد العصر الركعتين يكثر، فقال له: يا أبا محمد أيعذبني الله على الصلاة؟ قال: لا ولكن يعذبك الله بخلاف السنة. (1)
" التعليق:
قال الشيخ الألباني رحمه الله: وهذا من بدائع أجوبة سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى، وهو سلاح قوي على المبتدعة الذين يستحسنون كثيرا من البدع باسم أنها ذكر وصلاة، ثم ينكرون على أهل السنة إنكار ذلك عليهم، ويتهمونهم بأنهم ينكرون الذكر والصلاة!! وهو في الحقيقة إنما ينكرون خلافهم للسنة في الذكر والصلاة ونحو ذلك. (2)
- وروى عن عبدالرحمن بن حرملة قال: جاء رجل إلى سعيد بن
__________
(1) الدارمي (1/116) والبيهقي (2/466) والفقيه والمتفقه (1/381) بنحوه.
(2) الإرواء (2/236).
المسيب، يودعه بحج أوعمرة فقال له: لا تبرح حتى تصلي: فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يخرج بعد النداء من المسجد إلا منافق إلا رجل أخرجته حاجة وهو يريد الرجعة إلى المسجد". فقال: إن أصحابي بالحرة، قال: فخرج، قال: فلم يزل سعيد يولع بذكره حتى أخبر أنه وقع من راحلته فانكسرت فخذه. (1)
- وجاء في الاقتضاء: وروى الخلال بإسناد صحيح عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال: أحدث الناس الصوت عند الدعاء. (2)
موقفه من الرافضة:
- جاء في أصول الاعتقاد: عن علي بن زيد أن سعيد بن المسيب قال له: مر غلامك فلينظر إلى وجه هذا الرجل، قلت له: أنت تكفيني أخبرني عنه فقال: إن هذا الرجل قد سود الله وجهه كان يقع في علي وطلحة والزبير فجعلت أنهاه فجعل لا ينتهي فقلت: اللهم إن كنت تعلم أنه قد كانت لهم سوابق وقدم فإن كان مسخطا لك ما يقول، فأرني به آية واجعله آية للناس فسود الله وجهه. (3)
- وروى ابن عبدالبر في جامع بيان العلم بسنده إلى ابن المسيب أنه سئل عن شيء فقال: اختلف فيه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا رأي لي معهم. قال ابن وضاح: هذا هو الحق.
__________
(1) الدارمي (1/118-119) وأبو داود في مراسيله (84/25) والبيهقي (3/56-57) ومالك في الموطأ (1/162) وعبد الرزاق (1/508/1946). قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب (1/224/264): "صحيح لغيره".
(2) اقتضاء الصراط المستقيم (2/639).
(3) أصول الاعتقاد (7/1332/2370) وفي السير (4/242 بنحوه).
قال أبو عمر: معناه أنه ليس له أن يأتي بقول يخالفهم جميعا به؟ (1)
- قال سعيد بن المسيب: لو شهدت لأحد حي أنه من أهل الجنة لشهدت لعبدالله بن عمر. (2)
موقفه من الجهمية:
- جاء في أصول الاعتقاد: عن سعيد بن المسيب في قوله: * لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ (3) قال: أحسنوا: شهادة أن لا إله إلا الله، والحسنى: الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله. (4)
- وقال سعيد: إذا تكلم الناس في ربهم وفي الملائكة ظهر لهم الشيطان فقدمهم إلى عبادة الأوثان. (5)
موقفه من القدرية:
عن قتادة قال: سألت سعيد بن المسيب عن القدر؛ فقال: ما قدره الله؛ فقد قدره. (6)