تفصيل ابن تيمية في مصطلح (الجسم) ونحوه من المصطلحات الحادثة “والرد على من زعم أنه توقُّفٌ في تنزيه الله عز وجل”
يَعتبر كثيرٌ من الأشاعرة المعاصرين أن توقف ابن تيميَّة أو تفصيله في مصطلح «الجسم» الذي لم يرد في الكتاب والسنة يعني أنه متردّد أو شاكٌّ في تنزيه الله عز وجل. وهذا التصوُّر منهم غير صحيح لمذهبه رحمه الله، ذلك لأن ابن تيميَّة فصّل في المصطلح الكلامي، وأما الجسم المعروف فهو ينزه الله عنه، بل يقول ابن تيمية بشكلٍ صريح: «فالجسم في اللغة هو البدن، والله منزَّه عن ذلك»([1]).
إذن فلماذا فصَّل ابن تيميَّة في المصطلح الكلامي ولم ينفه كليةً؟
وجواب ذلك فيما يلي:
إن مصطلح «الجسم» عند المتكلمين أخذ حيزًا معرفيًّا أوسع بكثير من معناه اللغوي المعروف، وكل طائفة تستخدم هذا المصطلح استخدامًا خاصًّا بها، فبعضهم يجعل الجسم هو كلُّ قائمٍ بذاته، فيجعلون كلَّ موجود حقيقيٍّ خارج الذهن جسمًا، مثل الهواء والروح ونحو ذلك، والمتكلمون ممن ينفون العلوَّ والفوقية يجعلون كلَّ ما يشار إليه جسمًا، ولذلك نفوا العلو والفوقية، والمعتزلة يجعلون كل قابلٍ للرؤية جسمًا، ومعلوم أن أهل السنة يثبتون الرؤية، ومن المعتزلة من يجعل الجسم هو المُكوَّن من الجواهر المفردة، ومنهم من يجعله الجوهر القابل للأعراض كالحركة ونحوها([2]).
ومن جانبٍ آخر نجد الحنابلة والأثرية -ممن نفوا الجسم أيضًا- يقصدون نفي البدن والتركيب، ولا يجعلون من يُشار إليه جسمًا، لأنهم يثبتون العلو… وهكذا فأنت ترى أن كلّ طائفة تجعل مصطلح «الجسم» مختصًّا بمعانٍ دون معانٍ أخرى، ولذلك فصَّل ابن تَيميَّة في المصطلح الكلامي.
أما الجسم بالمصطلح اللغوي المعروف عند الناس، فابن تَيميَّة ينفيه عن الله قطعًا.
يقول شيخ الإسلام ابن تَيميَّة: «فالجسم في اللغة هو: البدن، والله منزَّه عن ذلك، وأهل الكلام قد يريدون بالجسم ما هو مركب من الجواهر المفردة أو من المادة والصورة. وكثير منهم ينازع في كون الأجسام المخلوقة مركبة من هذا وهذا… ومَن قصد نفي هذا التركيب عن الله فقد أصاب في نفيه عن الله، لكن ينبغي أن يَذكر عبارة تبين مقصوده. ولفظ التركيب قد يراد به أنه ركبه مركِّب، أو أنه كانت أجزاؤه متفرّقة فاجتمع، أو أنه يقبل التفريق، والله منزه عن ذلك كله. وقد يراد بلفظ الجسم والمتحيز ما يشار إليه، بمعنى أن الأيدي تُرفع إليه في الدعاء، وأنه يقال: هو هنا وهناك، ويراد به القائم بنفسه، ويراد به الموجود. ولا ريب أن الله موجود قائم بنفسه، وهو عند السلف وأهل السنة تُرفع الأيدي إليه في الدعاء، وهو فوق العرش. فإذا سمى المسمِّي ما يتصف بهذه المعاني جسمًا، كان كتسمية الآخر ما يتصف بأنه حي عالم قادر جسمًا، وتسمية الآخر ما له حياة وعلم وقدرة جسمًا»([3]).
ويقول: «لفظ الجسم والتشبيه فيه إجمال واشتباه؛ فإن هؤلاء النفاة لا يريدون بالجسم الذي نفوه ما هو المراد بالجسم في اللغة، فإن الموصوف بالصفات لا يجب أن يكون هو الجسم الذي في اللغة كما نقله أهل اللغة باتفاق العقلاء، وسنأتي بذلك؛ وإنما يريدون بالجسم ما اعتقدوه أنه مركَّب من أجزاء، واعتقدوا أن كل ما تقوم به الصفات فهو مركب من أجزاء، وهذا الاعتقاد باطل. بل الرب موصوف بالصفات وليس جسمًا مركَّبًا لا من الجواهر المفردة ولا من المادة والصورة كما يدعون كما سنبينه إن شاء الله تعالى؛ فلا يلزم من ثبوت الصفات لزوم ما ادعوه من المحال، بل غلطوا في هذا التلازم»([4]).
وفي النقل السابق نفي الجسم والتركيب، فماذا بقي؟!
بل إن ابن تيمية ينفي التركيب، ويجعل القائل به من أكفر الناس: «وكذلك إذا قيل: هو مؤلَّف أو مركَّب -بمعنى أنه كانت أجزاؤه متفرقة فجمع بينها كما يجمع بين أجزاء المركبات من الأطعمة والأدوية والثياب والأبنية- فهذا التركيب مَن اعتقده في الله فهو مِن أكفر الناس وأضلّهم؛ ولم يعتقده أحد من الطوائف المشهورة في الأمة، بل أكثر العقلاء عندهم أن مخلوقات الرب ليست مركبة هذا التركيب، وإنما يقول بهذا من يثبت الجواهر المنفردة.
وكذلك من زعم أن الرب مُركب مؤلَّف بمعنى أنه يقبل التفريق والانقسام والتجزئة، فهذا من أكفر الناس وأجهلهم، وقوله شر من قول الذين يقولون: إن لله ولدًا، بمعنى أنه انفصل منه جزء فصار ولدًا له، وقد بسطنا الكلام على هذا في تفسير ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ [سورة الإخلاص] وفي غير ذلك.
وكذلك إذا قيل: هو جسم، بمعنى أنه مركب من الجواهر المنفردة، أو المادة والصورة؛ فهذا باطل، بل هو أيضًا باطل في المخلوقات فكيف في الخالق سبحانه؟!»([5]).
ويوضح ابن تَيميَّة سبب تفصيله في مصطلح الجسم قائلًا: «لفظ الجسم فيه إجمال؛ قد يراد به المركب الذي كانت أجزاؤه مفرَّقة فجمعت، أو ما يقبل التفريق والانفصال، أو المركب من مادة وصورة، أو المركب من الأجزاء المفردة التي تسمى الجواهر الفردة، والله تعالى منزه عن ذلك كله، أو كان متفرقًا فاجتمع، أو أن يقبل التفريق والتجزئة التي هي مفارقة بعض الشيء بعضًا وانفصاله عنه، أو غير ذلك من التركيب الممتنع عليه، وقد يراد بالجسم ما يشار إليه أو ما يُرى أو ما تقوم به الصفات، والله تعالى يُرى في الآخرة وتقوم به الصفات، ويشير إليه الناس عند الدعاء بأيديهم وقلوبهم ووجوههم وأعينهم، فإن أراد بقوله: ليس بجسم هذا المعنى، قيل له: هذا المعنى الذي قصدت نفيه بهذا اللفظ معنى ثابت بصحيح المنقول وصريح المعقول… وإن قال: كل ما يشار إليه ويُرى وترفع إليه الأيدي فإنه لا يكون إلا جسمًا مركبًا من الجواهر الفردة أو من المادة والصورة، قيل له: هذا محل نزاع، فأكثر العقلاء ينفون ذلك، وأنت لم تذكر على ذلك دليلًا»([6]).
وبذلك يتبيَّن بوضوح تفصيل ابن تَيميَّة البديع، وأنه موافق للأثرية الذين نفوا الجسم، إلا أنه لم يُسلِّم لتعريف الجسم بمصطلح المتكلمين أن كل مَن ترفع إليه الأيدي يكون جسمًا مركبًا من الجواهر الفردة، هذا المعنى هو الذي لم يُسلِّم به ابن تَيميَّة -أي: المعنى الكلامي الحادث-. أما في حقيقة مذهبه فهو ينفي الجسم المعروف.
يقول ابن القيم في «النونية»([7]):
واللهِ ما قال امرؤٌ منَّا بأنْ
نَ اللهَ جِسمٌ يا أولي البهتان
واللهُ يعلم أننا في وصفه
لم نَعدُ ما قد قال في القــرآنِ
أو قاله أيضًا رسولُ اللهِ فَهْـ
ـوَ الصادقُ المصدوق بالبرهان
ابن تيمية ينزه الله عن الأوهام التي توهم التجسيم:
يقول شيخ الإسلام: «السلف والأئمة وسائر علماء السنة إذا قالوا: إنه فوق العرش، وإنه في السماء فوق كل شيء لا يقولون: إن هناك شيئا يحويه أو يحصره أو يكون محلًّا له أو ظرفا ووعاء، سبحانه وتعالى عن ذلك، بل هو فوق كل شيء، وهو مستغن عن كل شيء، وكل شيء مفتقر إليه، وهو عالٍ على كل شيء، وهو الحامل للعرش ولحملة العرش بقوته وقدرته، وكل مخلوق مفتقر إليه، وهو غني عن العرش وعن كل مخلوق»([8]).
ويقول في صفة النزول: «والذي يجب القطع به أن الله ليس كمثله شيء في جميع ما يصف به نفسه، فمن وصفه بصفات المخلوقين في شيء من الأشياء فهو مخطئ قطعًا، كمن يظن أنه ينزل فيتحول كما ينزل الإنسان من السطح إلى أسفل الدار، كقول من يقول: إنه يخلو منه العرش، فيكون نزوله تفريغًا لمكان وشغلًا لآخر؟! فهذا باطل يجب تنزيه الرب عنه كما تقدم، وهذا هو الذي تقوم على نفيه وتنزيه الرب عنه الأدلة الشرعية والعقلية»([9]).
ففي النقل السابق نفى ابن تَيميَّة أن يكون النزول ما يتوهَّمه البعض من تفريغ مكان وشغل مكانٍ آخر.
وقال أيضًا: «ولهذا صار للناس فيما ذكر الله في القرآن من الاستواء والمجيء ونحو ذلك ستة أقوال: طائفة يقولون: تجري على ظاهرها، ويجعلون إتيانه من جنس إتيان المخلوق، ونزوله من جنس نزولهم، وهؤلاء المشبهة الممثلة، ومن هؤلاء من يقول: إذا نزل خلا منه العرش، فلم يبق فوق العرش!» ثم ذكر بقية الأقوال.
وفيه جعل ابن تَيميَّة الذين يقولون بخلو العرش من المُشبهة المُمثلة.
وقال: «الظاهر قد صار مشتركًا بين شيئين: أحدهما: أن يقال: إن اليد جارحة مثل جوارح العباد، وظاهر الغضب غليان القلب لطلب الانتقام، وظاهر كونه في السماء أن يكون مثل الماء في الظرف، فلا شك أن من قال: إن هذه المعاني وشبهها من صفات المخلوقين ونعوت المحدَثين غير مراد من الآيات والأحاديث فقد صدق وأحسن؛ إذ لا يختلف أهلُ السُّنة أن الله تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، بل أكثر أهل السنة من أصحابنا وغيرهم يكفِّرون المشبهة والمجسمة»([10]).
ويؤكد أن الصفات ليست أجسامًا فيقول: «فإذا كان الله موصوفًا عند عامة أهل الإثبات بأن له علمًا وقدرة وكلامًا ومشيئة، وإن لم يكن ذلك عرَضًا؛ يجوز عليه ما يجوز على صفات المخلوقين، جاز أن يكون وجه الله ويداه صفاتٍ ليست أجسامًا، يجوز عليها ما يجوز على صفات المخلوقين»([11]).
وكذلك قال شيخ الإسلام في إحدى مناظراته: «قلتُ له: فالقائل إن زعم أنه ليس له يد من جنس أيدي المخلوقين، وأن يده ليست جارحة، فهذا حق، وإن زعم أنه ليس له يد زائدة على الصفات السبع فهو مبطل»([12]).
ومن اللطيف أن الشيخَ سيفًا العصري لما وقف على الكلام السابق لابن تَيميَّة جعل الخلاف معه في التفويض خلافًا لفظيًّا، فقال في كتابه «القول التمام»: «خلاف ابن تَيميَّة في هذه المسألة هو خلاف لغوي لا عقائدي، فإنه ينفي الجارحة عن الله تعالى»([13]).
فإذا كان مؤلف أهم كتاب معاصر في التفويض يعتمد عليه المخالفون ويمدحونه في كل محفِل يقول بأن الخلاف لغوي مع ابن تَيميَّة، فهو بذلك -على الأقل- يعترف بوسطية ابن تَيميَّة في هذه الأبواب، ويقطع الطريق على أي منتقدٍ على كلامنا الآن.
بل إننا نقول -بكل ثقة وبقلب مطمئن-: إن الذي أعاد للمذهب الحنبلي وسطيته ورونقه هو شيخ الإسلام ابن تَيميَّة، ونلمس ذلك من خلال موقفه الوسطي من الأشاعرة -الذين كانوا زنادقةً عند الحنابلة- أو مِن موقفه الوسطي من الصفات بإثباته الصفات التي صحت فقط، مع عدم إثبات ما لم يرد به نص.
الحنابلة يوافقون ابنَ تَيميَّة:
مما يجدر التنبيه إليه أن هذا المعنى الذي نفاه ابن تَيميَّة هو الذي نص عليه الحنابلة في معنى الجسم المنفي عن الله، فقد قال أبو الفَضلِ التَّمِيميُّ رئيسُ الحنابلة ببغدادَ وابنُ رئيسِها: «إنَّ الأسماءَ مأخُوذةٌ مِنَ الشَّريعةِ واللُّغة، وأهلُ اللُّغةِ وضَعُوا هذا الاسمَ -أي: الجسم- على ذِي طُولٍ وعَرْضٍ وسُمكٍ وتَركِيبٍ وصُورَةٍ وتَأليفٍ، واللهُ تَعالى خارجٌ عن ذلكَ كُلِّهِ، فلَم يَجُز أن يُسَمَّى جِسمًا لخرُوجِه عن معنى الجِسمِيَّة، ولم يجِئْ في الشَّريعةِ ذلكَ، فبَطَل»([14]).
بينما يرى القاضي أبو يعلى أن الجسم هو المؤلف من الجواهر، ويرد على تعريف المعتزلة والفلاسفة، فقال: «وأما الجسم فهو المؤلف من الجوهر، وكل مؤلَّف جسم، وكل جسم مؤلف، خلافًا للفلاسفة والمعتزلة في قولهم: حدُّ الجسم أنه الطويل العريض العمي » ([15]).
وكلا التعريفين السابقين -سواء تعريف التميمي وتعريف القاضي- قد نفاهما ابن تَيميَّة كما في النقولات السابقة([16])، فخلافه في هذه المسألة ليس مع الحنابلة أصالةً، إنما خلافه مع متأخري الأشاعرة حيث يضيفون لمعنى الجسم الذي يُشار إليه، من جنس قول المعتزلة: كل ما يقبل الرؤية فهو جسم. حيث يستطرد الأشاعرة في إيراد شبههم العقلية على نصوص الكتاب والسنة، فقالوا: إثبات علو الله تعالى واستوائه على عرشه إثبات للمكان له، وكل ما كان له مكان فإما أن يكون أكبر منه، أو أصغر منه، أو مساويًا له؛ فيكون جسمًا([17]).
ابن تَيميَّة مسبوق بالتوقف في «الجسم» بمفهومه الكلامي:
على أننا ذكرنا مراد ابن تَيميَّة من التفصيل في الجسم، وأجبنا على ذلك بجوابٍ شافٍ، إلا أنه يجدر الإشارة إلى أن ابن تَيميَّة مسبوق بمن توقفوا في «المصطلح الكلامي» للجسم أيضًا.
فمن ذلك إجابة أبي حنيفة فيما ذكره الهروي عن نوح الجامع قال: «سألتَ أبا حنيفة عما أحدثه الناس من الكلام في الأعراض والأجسام، فقال: مقالات الفلاسفة، عليك بالأثر وطريقة السلف، وإياك وكل محدثة؛ فإنها بدعة»([18]).
وجاء في المحنة برواية حنبل: «قال أبو عبد الله: وقد احتجوا عليَّ بشيءٍ ما يقوى قلبي ولا ينطق لساني أن أحكيه.. وما ظننتهم على هذا، جعل برغوث يقول: الجسم وكذا وكذا، وكلامًا هو الكفر بالله العظيم، فجعلتُ أقول: ما أدري ما هذا، إلا أنني أعلم أنه صمد لا شبه له ولا عدل»([19]).
وذكره الحافظ ابن كثير، قال: «وقال أحمد بن حنبل: سمعت منهم مقالات لم أكن أظن أن أحدًا يقولها، وقد تكلم معي برغوث بكلام طويل ذكر فيه الجسم وغيره بما لا فائدة فيه، فقلت: لا أدري ما تقول، إلا أني أعلم أن الله أحد صمد، ليس كمثله شيء، فسكت عني»([20]).
فقول الإمام أحمد: (لا أدري ما تقول) فيه توقف في المصطلح، فتأمل !
والقصد مما سبق أن الإمام أحمد بن حنبل لما وجد أنهم استخدموا مصطلح “الجسم” استخدامًا سيئًا ليردّوا به الآثار، وألزموه أن صفة الكلام من صفات الحوادث والأجسام، حينئذٍ توقف في المصطلح الكلامي، إذ لم يأتنا خبر به؛ لأنه لو نفاه لظهر أمامهم متناقضًا جاحدًا للضروريات، وإن أثبته فقد تقوَّل على الله بغير علم، فلما ألزموه الحجة العقلية ليردوا الآثار توقف في مصطلحهم، فتأمل.
يقول الحافظ ابن عبد البر: «الذي أقول: إنه من نظر إلى إسلام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وسعد وعبد الرحمن وسائر المهاجرين والأنصار وجميع الوفود الذين دخلوا في دين الله أفواجًا علم أن الله تعالى لم يَعرفه واحد منهم إلا بتصديق النبيين بأعلام النبوة ودلائل الرسالة، لا مِن قبل حركة، ولا من باب الكل والبعض، ولا من باب كان ويكون، ولو كان النظر في الحركة والسكون عليهم واجبًا وفي الجسم ونفيه والتشبيه ونفيه لازمًا ما أضاعوه، ولو أضاعوا الواجب ما نطق القرآن بتزكيتهم وتقديمهم، ولا أطنب في مدحهم وتعظيمهم»([21]).
وفي النقل السابق يؤكّد ابن عبد البر أن هذه المصطلحات الكلامية ليس بلازم نفيها، ومنه مصطلح الجسم، وهو ما يؤكّد أن ابن تيمية مسبوق بهذا.
وفي الجملة: الخلاف في هذه المسألة يسيرٌ بين أهل السنة؛ فإن نفي الجسم أو التوقف فيه بحسب مراد المُتكلم هي مسألة فرعيّة لا علاقة لها بمسألة التفويض، ولا يلزم أن نافيه يكون مفوضًا بالضرورة.