دفاعه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والقيام بنصرته:
عن عروة بن الزبير - رضي الله عنه - قال: قلت لعبد اللَّه بن عمرو بن العاص: أخبرني بأشد ما صنع المشركون برسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: بينما رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يصلي في حجر الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبي مُعيط، فأخذ بمنكب رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقاً شديداً، فأقبل أبو بكر، فأخذ بمنكبه ودفعه عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وقال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ** (1).
وهو أشجع الصحابة - رضي الله عنه - فقد رُوي عن علي - رضي الله عنه - أنه خطب، فقال: أيها الناس أخبروني من أشجع الناس؟ قالوا: أنت يا أمير المؤمنين! قال: أما إني ما بارزت أحداً إلا انتصفت منه، ولكن أخبروني بأشجع الناس! قالوا: لا نعلم، فمن؟ قال: أبو بكر. إنه لما كان يوم بدر، جعلنا لرسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عريشاً، فقلنا: من يكون مع
_________
(1) سورة غافر، الآية: 28.
والحديث في البخاري مع الفتح، كتاب المناقب، باب ما لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من المشركين بمكة، 7/ 165، 7/ 22، 8/ 533 (رقم 3856).
الرسول - صلى الله عليه وسلم - لئلا يهوي عليه أحد من المشركين، فواللَّه ما دنا منه أحد إلا أبو بكر، شاهراً بالسيف على رأس رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - لا يهوي إليه أحد إلا أهوى إليه، فهذا أشجع الناس.
قال علي - رضي الله عنه -: ولقد رأيت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وأخذته قريش، فهذا يحاده، وهذا يتلتله (1)، وهم يقولون: أنت الذي جعلت الآلهة إلهاً واحداً، فواللَّه ما دنا منا أحد إلا أبو بكر، يضرب هذا، ويُجاهد هذا، ويتلتل هذا، وهو يقول: ويلكم، {أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ**، ثم رفع عليٌّ بردةً كانت عليه، ثم بكى حتى اخضلت لحيته، ثم قال علي: أنشدكم اللَّه، أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر؟ فسكت القوم. ثم قال: ألا تجيبوني؟ فواللَّه لساعة من أبي بكر خير من ملء الأرض من مثل مؤمن آل فرعون، ذاك رجل يكتم إيمانه، وهذا رجل أعلن إيمانه