تقول عند نية النسك، لبيك اللهم بعمرة، أو بحج، أو بعمرة وحج، وفق النسك الذي تختاره، وهي ثلاثة أنواع:
أحدها: التمتع وهو أفضلها، وهو الذي تقول فيه لبيك اللهم بعمرة، وصفته أنك تأتي بعمرة كاملة وتتحلل منها، تماما كما لو ذهبت إلى عمرة في غير أشهر الحج، ثم تبقى غير محرم، حتى إذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة، تحرم بالحج وتذهب إلى منى، وعلى المتمتع ـ إن كان من غير حاضري المسجد الحرام أي من غير ساكني مكة أو حدود الحرم ـ أن يذبح هديا كم سيأتي بيانه.
والثاني: الإفراد، وهو الذي تقول فيه لبيك اللهم بحج، وهو أن تنوي الحج مفردا ليس معه عمرة، وفي هذه الحالة تبقى على إحرامك حتى تتحلل يوم النحر كما سيأتي بيانه.
والثالث القران: وهو الذي تقول فيه لبيك اللهم بعمرة وحج، ولافرق بين الإفراد والقران في أعمال الحج، وإنما يفترقان في أمرين:
أحدهما: النية، فالقارن ينوى الحج مع العمرة، إن طاف نوى أن يكون طوافه طواف حج وفي نفس الوقت هو طواف عمرة، وإن سعى نوى بسعيه سعي حج وهو في نفس الوقت سعي عمرة، كما ينوي داخل المسجد تحيته وركعتي الفجر في نفس الوقت على سبيل المثال.
الثاني: أن القارن عليه هدي، والمفرد لاهدي عليه.
فإن اخترت أحد هذه الانساك، ولبيت به، فإن كنت مريضا أو تخشى من حدوث طارئ يمنعك من إتمام الحج، فاشترط قائلا (لبيك اللهم بعمرة ــ أو حج أو عمرة وحج ــ ومحلي حيث حبستني) لقوله صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير (حجي واشترطي وقولي: اللهم إن محلي حيث حبستني) متفق عليه.
وفائدة هذا الشرط أنك إذا حال بينك وبين إتمام الحج عذر شرعي، خارج عن إرادتك، مثل مرض أقعدك عن إتمام العج، أو حادث سيارة على سبيل المثال، أو منعك مانع من إتمامه بعدما دخلت في الإحرام، فإنك تتحلل من إحرامك وتلبس ثيابك ولاشيء عليك، وترجع إلى بلدك، حتى يتيسر لك الحج مرة أخرى.
والدليل على أن الحاج مخير بين الانساك الثلاثة قول عائشة رضي الله عنها (فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج ومنا من أهل بهما) متفق عليه.
والدليل على أفضلية التمتع أمر النبي صلى الله عليه وسلم لاصحابه بذلك، وقوله (لولا أني سقت الهدي لفعلت مثل ما آمركم به) متفق عليه من حديث جابر رضي الله عنهما.
وكان صلى الله عليه وسلم قارنا، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أتاني آت من ربي، فقال صل في هذا الوادي المبارك، وقل عمرة في حجة) رواه احمد والبخاري وغيرهما.
وذلك أنه كان قد ساق الهدي معه ــ أي جاء به معه من خارج الحرم والهدي هي الأنعام التي تجلب للحرم، سميت بذلك لأنها تهدى إلى الحرم لفقرائه ــ فمنعه ذلك من أن يكون متمتعا، وكذلك يستحب لمن جاء بهديه من خارج الحرم أن يكون قارنا.
والأفضل لمن حج مفردا أو قارنا أن يتحلل بعد طواف القدوم والسعي وينوي أن ما فعله عمرة، ويتحول إلى التمتع لان النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بذلك متفق عليه.
الكتاب: تيسير أحكام الحج والعمرة
المؤلف: حامد بن عبد الله أحمد العلي
المصدر: الشاملة الذهبية