وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الرُّقى والتمائم والتِّوَلة شرك" رواه أحمد وأبو داود"1".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيأتي شرح المفردات في كلام المصنف رحمه الله.
المعنى الإجمالي للحديث: أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- يخبر أن استعمال هذه الأشياء لقصد دفع المضار وجلب المصالح من عند غير الله شركٌ بالله لأنه لا يملك دفع الضر وجلب الخير إلا الله سبحانه، وهذا الخبر معناه النهيُ عن هذا الفعل.
مناسبة الحديث للباب: أن فيه بيانَ أن استعمال هذه الأشياء المذكورة شركٌ يخل بالتوحيد.
ما يستفاد من الحديث:1- الحث على صيانة العقيدة عما يخل بها وإن كان يتعاطاه كثيرٌ من الناس.
2- تحريم استعمال هذه الأشياء المذكورة فيه.
3- أن هذه الثلاث المذكورة شركٌ من غير استثناء.
* * *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"1" أخرجه أحمد "1/381"، وأبو داود برقم "3883" وابن ماجه برقم "3530"، والحاكم في المستدرك "4/418"، وصححه ووافقه الذهبي.
ص -80- التمائم: شيء يُعلَّق على الأولاد من العين. لكن إذا كان المعلَّق من القرآن فرخَّص فيه بعضُ السلف وبعضهم لم يرخِّص فيه، ويجعله من المنهي عنه، منهم ابن مسعود رضي الله عنه.
والرُّقى"1": هي التي تسمى العزائم. وخَصَّ منه الدليلُ ما خلا من الشرك. فقد رخص فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من العين والحُمَة"2". والتِّوَلة: شيء يصنعونه يزعمون أنه يُحبِّب المرأة إلى زوجها، والرجلَ إلى امرأته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعلق على الأولاد: أي بأعناق الصبيان.
من العين؛ أي لدفع الإصابة بالعين.
العزائم: جمع عزيمة، قيل هي آياتٌ من القرآن تقرأُ على ذوي العاهات أو تقرأُ في ماءٍ ويُسقاه المريض. أو تكتب في صحن ونحوه وتمحى الكتابة بماء ونحوه ويسقاه المريض.
وخص منه: أي أخرج من عمومه.
الدليل: وهو قوله –صلى الله عليه وسلم-: "لا رقية إلا من عين أو حُمَة" كما سبق في باب: "من حقق التوحيد".
ما خلا من الشرك: أي الاستعانة بغير الله بأن كانت بأسماء الله وصفاته وآياته والمأثورُ عن النبي – صلى الله عليه وسلم-.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"1" سبق بيان معناها في باب "من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب".
"2" سبق بيان معناها في باب "من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب".
ص -81- وحاصل ما ذكره المصنف رحمه الله في حكم هذه الأشياء المذكورة ما يلي:
1- أن الرقية تنقسم إلى قسمين: قسم مشروع وقسم ممنوع: فالمشروع ما خلا من الشرك، والممنوع ما كان فيه شرك.
2- أن التمائم تنقسم إلى قسمين:
قسم ممنوع بالإجماع: وهو ما كان يشتمل على شرك، وقسم مختلف فيه وهو ما كان من القرآن. قيل: إنه جائز، وقيل: إنه ممنوع، والصحيح أنه ممنوع سداً للذريعة وصيانة للقرآن.
3- التولة ممنوعة من غير خلافٍ، لأنها نوع من السحر.